سلمان العودة… الشيخ المكلوم!!

26 يناير 2017 14:32
سلمان العودة... الشيخ المكلوم!!

هوية بريس – لطيفة أسير

وكأنّ الطرق تتربّص بأحبائه، وكأن قدره أن يفقد قرة عيونه على حين غفلة في الطرقات.

ودّع الشيخ سلمان العودة من سنوات ابنه عبد الرحمن وبعض أهله في حادثة سير، ولم يشهد موتهم بسبب اعتقاله (ثمانية زهر كما الأنجم الزهر) طمس الموت توهجهم، وترك في القلب ذكريات أليمة، لكن الشيخ بما عُرف عنه من إيمان وجلَد وقوة تلقى الخبر بنفس راضية ومحتسبة، وما انكسر وهو القائل: (الانكسار عكازة الآخرين للمرور بترفع على جراحك)، ولكن حين آبَ لوحدته بعد أن غادره الجميع عاد (تيار الحزن والرحمة يدمدم في صدره) كما حكى ذلك في “خريف العصافير”، وكتب قصيدة تقطر ألما وشوقا لاحتضان ذاك العصفور المسجى فوق السرير مطلعها:

وداعـاً حبيبـي لا لقـاء إلى الحشــر…وإن كـان في قلـبي عليـك لظى الجمـر

اليوم وبعد فيديو تمّ بثّه عبر مواقع التواصل كان الشيخ سلمان العودة يتحدث عن الجفاف العاطفي داخل الأسرة، وحاجة الأبناء للشعور بالحب والدفء في مملكتهم الصغيرة، وكانت فرصة ليكشف عن تجربته الشخصية فأشار عرضا لأسرته، وتحدث عن تغييره لأسلوبه التربوي حيالهم، وقاده الكلام لذكر رفيقة دربه، ونبّه الأزواج إلى ضرورة التلطف في معاملتهن والرفق بهن، فهن القوارير.. فرفقا بالقوارير.

– أقول: بعد هذه الحلقة شاءت أقدار الله أن تكون فاجعة الشيخ المكلوم في أسرته مجددا، بعيدا عن أحضانه، وبين طرقات الرياض. حيث تعرضت السيارة التي تُقل زوجته هيا السياري وثلاثة من أبنائه لحادثة أدت لوفاة الزوجة وأحد الأبناء فيما تم نقل المصابين الآخرين للمستشفى.

مؤلم هو فراق من نحبهم، والأشد ألما أن لا نجد سبيلا لتوديعهم أو سماع وصاياهم أو تدارك ما كان منّا من تفريط في حقهم، الشيخ سلمان بعد ثلاث ساعات من الفاجعة، غرّد بشجن عن رفيقة دربه الفقيدة قائلا: (حين رحلتِ أدركت أني لا أستحقك اللهم في ضيافتك وجوارك).

شخصيا آلمني الحدث، فقد قرأت للشيخ كثيرا من كتاباته، وأحببت أسلوبه، وراقني منهجه في الكتابة، لذا حين سمعت الخبر، شعرت كأن العودة أحد أفراد أسرتي، وأن الخطب قد مسّني، وأنّ القلم حتما يجب أن يخرج عن صمته مواسيا ومعزيا.

أن نتحدث عن الفقد شيء، وأن نعيشه ونقوى على التعايش معه شيء آخر، لذا فلن يشعر بحجم المصيبة غير صاحبها، ومهما حاولنا تقمص دور الفاقد فلن نبلغ معشار ما يتأجج في صدره الآن من ألم وحزن، لكن حسبه أنْ تقبل كعادته مصابه بنفس راضية مذعنة لقضاء ربها. و(إنا لله وإنا إليه راجعون).

ربط الله على قلبكم شيخنا الفاضل وأديبنا الكريم.

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. من كان يتخيل أن رحمة الله تنزل في كهف،فأووا إلى الكهف ينشرلكم ربكم من رحمته،والزمان لايقهر لو كان يقهر لقهرأهل الكهف،ثلاث قرون وتسع سنين بلاماء ولاطعام ولم يقهروا،القهارهو الله تعالى،وبكل يقين لن يصيب الله عبده المسلم المؤمن المحسن لينال منه بل ليرقّيه وليرفع درجاته،فصبرا يامن أصابك الله فإن أجرك بغير حساب.

  2. رحم الله الفقيدة و ابنها و أسكنهما فسيح جناته و لا شماتة في أمر الموت لكن نتمنى أن تكون هذه اللوعة بفراق الزوجة و الابن باعثا لسلمان العودة لأن يشعر بشئ مما يشعر به آلاف الأباء و الأمهات المكلومين بفقد أولادهم في الثورات و المظاهرات و الحروب التي لا زمام لها و لا خطام بسبب فتاوى سلمان ومن سار في فلكه ممن زجوا بأبناء المسلمين في هاته الساحات بدعوى أن الجهاد فرض عين في سوريا و غيرها و هم جالسون يتنعمون مع أولادهم و لا حول و لا قوة إلا بالله

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M