شيطنة العلماء

24 أبريل 2020 17:45
د.بنكيران يكتب: حادثة "فقيه بادية طنجة".. مقرئ القرآن وتهمة الاغتصاب

هوية بريس – د.رشيد بنكيران

المراد بشيطنة العلماء هو السعي إلى تشويهم من أجل إبعادهم وإقصائهم ودفع الناس عن الاستفادة من علمهم. وقد يُوظف لتحقيق ذلك أمور، من أهمها:

ـ أن يُطعن في أمانة العالم ومصداقيته حتى يُنفر منه، كوصفه بخيانة الأمة والعمل لصالح أعدائها مثلا، أو رمي العالم بتزيين الباطل لفائدة السلاطين، أو التشهير به باستغلال الدين لأجل تحصيل المال والجاه، والعالم بريء من هذه الأوصاف؛

ـ أن ينسب للعالم أقوال شنيعة ليست من قوله ولا من مذهبه، وغالبا ما يُشنع عليه بلازم القول، فيقال مثلا فلان العالم أباح الربا، أو قال بالتجسيم، وحينما يحقق العقلاء فيما نسب إلى ذلك العالم، يجدونه لم يحلل الربا، ولم يقل بالتجسيم، وإنما من خالفه ورماه بذلك فهم من كلامه أنه يجوز معاملة يظن أن فيها ربا أو مقالة فيها تجسيم، فينسب إلى ذلك العالم فهمه أو لازم قوله، وقد تقرر عند العلماء أن لازم القول ليس بلازم إلا إذا التزمه صاحبه.

ـ أن يتم البحث عن خطأ العالم -إن وجد- وتضخيمه وتشهيره والدندنة عليه، كأنه لا صواب لدى العالم ولا حسنات لديه، ولو سلكنا منهج الإنصاف وقمنا بالموازنة بين أخطاء العالم وصوابه، وبين سيئاته وحسناته، لوجدنا لا مجال للمقارنة بين صوابه الكبير والكثير وبين خطئه الصغير القليل. وتجدر الإشارة في هذا المقام أن الرد على خطأ العالم مطلوب شرعا ومحمود، وصدق الإمام مالك رحمه الله لما قال: ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر وأشار إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن هناك فرق واضح بين رد خطأ العالم وبين السعي لإقصاء العالم ونفيه، فالأول يتجه نحو الخطأ ويبين وجه مخالفته للشرع، والثاني يتجه نحو شخص العالم ويشهر به فيصير حديث المجالس.

لكن، جرت سنة الله فيمن يشيطن العلماء أنهم يجزون من جنس عملهم، فالجزاء من جنس العمل، فيكونون هم المبعدون المقصيون المنسيون الأبترون، يشهد لذلك قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}، فشانئ النبي عليه الصلاة والسلام ومبغضه هو الأبتر المقطوع الأثر، وكذلك شانئ ورثة الأنبياء؛ الذين هم العلماء، فالعلماء ورثة الأنبياء كما جاء في الحديث النبوي الشريف، فشانئهم هو الأبتر المقطوع الأثر. وللأسف، من الناس لا معلم لهم إلا الدهر بعد فوات الأوان.

اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا من عبادك الصالحين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M