“صانداي تلغراف”: رحلات ماكرون المتكررة إلى الشرق الأوسط.. علاقة خاصة أم غرور؟

07 سبتمبر 2020 22:31
ماكرون: أتعهد بخوض معركة بلا هوادة ضد "الإرهاب الإسلامي" وساعدوني لمكافحة "الشر الإسلامي"!!

هوية بريس – متابعات
ماذا يريد الرئيس الفرنسي من الشرق الأوسط؟ هل يريد إيمانويل ماكرون إظهار النبل أم الفخامة؟ تجيب صحيفة “صانداي تلغراف” في تقرير لمراسلها في باريس هنري صمويل أن رحلات ماكرون المتكررة إلى لبنان والعراق أثارت شكوكاً من محاولة فرنسا إحياء “السياسة العربية” أو العلاقة الخاصة مع العالم العربي.

ففي الوقت الذي بدأت فيه محاكمات المتواطئين في هجوم “شارلي إيبدو”، عام 2015، طار ماكرون إلى بيروت، في زيارة ثانية للعاصمة اللبنانية التي شهدت انفجاراً ضخماً قتل فيه 190 شخصاً ودمر نصف المدينة، وحصل على وعد من النخبة السياسية التي فقدت مصداقيتها لإجراء إصلاحات سريعة أو مواجهة جفاف في الأموال، وأسوأ من هذه العقوبات.

ثم طار الرئيس البالغ 42 عاماً إلى بغداد حيث شدد على سيادة العراق على أراضيه وسط التوتر الأمريكي- الإيراني وزيادة التدخلات التركية، وقادت زيارات ماكرون المتتالية صحيفة “لاباريسيان” لكي تختار عنوان “ماكرون يبدأ سياسة فرنسا العربية”.

وكان الرئيس الراحل شارل ديجول أول من أقام علاقات خاصة مع الدول العربية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، خاصة بعد نهاية الحرب الجزائرية، في محاولة منه لمواجهة ثقل ألمانيا والمحور الأمريكي- البريطاني العابر للأطلنطي.

واعتُبرت المنطقة، كما تقول دوروثي شميد، الخبيرة في معهد العلاقات الدولية: “لعبة الرئيس الفرنسي”، وكان جاك شيراك من أهم من دعموا وعززوا العلاقات مع الدول العربية، خاصة صدام حسين، وأغضب بذلك الولايات المتحدة بمعارضته للغزو عام 2003، وكان نيكولاي ساركوزي منخرطاً في علاقات مع الدول العربية على خلاف خليفته فرانسوا هولاند.

وفي ظل تراجع التأثير الأمريكي في المنطقة وتركيز بريطانيا على مشكلاتها الداخلية وملف الخروج من الاتحاد الأوروبي، قدّم ماكرون نفسه على أنه القيادي الحامل للمشعل في المنطقة.

ويبدو أن رهانه الخطير نجح في لبنان، ففي زيارته الأولى التي جاءت عقب انفجار مرفأ بيروت، في 4 أغسطس، استُقبل الرئيس الفرنسي استقبال الأبطال، وبعريضة وقّعها 60 ألف لبناني تطالب بعودة الانتداب الفرنسي على بلدهم، وهو الدور الذي تخلت عنه فرنسا عام 1943.

وفي عودته الثانية لم تكن زيارته ناجحة كما توقع، ورأى الكثيرون أن زيارته التي تزامنت مع توافق النخبة السياسية على رئيس وزراء جديد هي موافقة على هذه النخبة المتهمة بالفساد الكبير.

وأكد ماكرون أن لا عودة إلى الوضع الراهن؛ أي نظام المحاصصة الطائفية، والتقى معظم القادة اللبنانيين بمن فيهم ممثلون عن “حزب الله”، المليشيا التي تدعمها إيران الذي يعتبر القوة السياسية المؤثرة وصنفته بريطانيا كحركة إرهابية.

واستطاع ماكرون الحصول على تعهدات بتشكيل حكومة فاعلة والقيام بإصلاحات شفافة خلال شهرين، وذلك حتى يقدم صندوق النقد الدولي حزمة إنقاذ للبلد، وإجراء انتخابات في غضون عام، ومع أن هذه التعهدات تعتبر واعدة، فإن أغنيس لافلوا، نائب مديرة المعهد المتوسطي، قالت: إن النخبة السياسية هي قضية خاسرة.

وأضافت: يرغب القادة اللبنانيون بإظهار أدنى قدر من حسن النية حتى يبدأ الدعم بالتدفق مرة أخرى ثم يعودوا للمخادعة، ولكنها أضافت أن هذه المرة لن يكون هناك صك مفتوح، وربما فرضت عقوبات على عدد من الأفراد.

ومن المتوقع أن يعود ماكرون مرة ثالثة في ديسمبر المقبل، ثم طار الرئيس الفرنسي إلى العراق في أول زيارة له إلى هذا البلد، حيث أقامت باريس علاقات طويلة لكنها خسرت كل التأثير بعد الغزو الأنجلوأمريكي، وهو أول زعيم كبير يزور العراق منذ تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء، في مايو الماضي، وأكد أهمية دفاع العراق عن سيادته، وهاجم تركيا وتدخلها المتكرر فيه.

وكشفت استطلاعات الرأي أن مغامرات ماكرون في الشرق الأوسط أسهمت في زيادة شعبيته، إلى جانب نجاحه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بتمرير حزمة بـ750 مليار يورو لتعافي الاقتصاد الأوروبي من تداعيات “كوفيد-19″.

وعادة لا تترك السياسة الخارجية أثراً على شعبية الرئيس في فرنسا، لكن التفجيرات والعمليات الإرهابية التي نفذت في فرنسا وتم التخطيط لها في العراق وسورية، أكدت أهمية الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط على الأمن القومي الفرنسي.

وهناك حوالي 150 فرنسياً انضموا لـ”تنظيم الدولة” في سجون الأكراد، لكن السؤال حول سياسة ماكرون الخارجية وإن كانت ستفضي لنتائج.

وقال مارك سيمو، المحرر الدبلوماسي في “لوموند”: إن “خبطات” ماكرون الخارجية أثارت انتباه الرأي العام الفرنسي لكنها لم تحقق الكثير، وأضاف: لديه حدس قوي وقدرة على التواصل، ولكن علينا الاعتراف أن لديه القليل ليظهره، وبالغ في صداقته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي لم يتوقف عن سياسة أمريكا أولاً والتقارب من فلاديمير بوتين، كما أن ماكرون عالق في الساحل الأفريقي، ولا قوة له في العراق وخارج اللعبة في سورية.

وهناك ما أنجز الرئيس الفرنسي داخل الاتحاد الأوروبي، إلا أنه معزول داخل الكتلة في مواجهته مع تركيا، فهو في خلاف معها في ليبيا ومنطقة شرق المتوسط.

وقال سيمو: يوبخ ماكرون الرئيس أردوغان وتبنى لهجة عسكرية، ولكن الذي يقوم في النهاية بالعمل الشاق هم الألمان، ويرى الخبراء أن محاولات ماكرون تبني موقف “ديجولي” لن ينجح وربما ارتدت سلباً.

ويقول السفير الفرنسي السابق في تونس إيفو بانديلا ماسوزييه: يقرع ماكرون طبل التعددية، ولكنه يتصرف بطريقة فردية، وهو معزول على المسرح الدولي اليوم.

وحتى في لبنان الذي تتمتع فيه فرنسا بتأثير، قال: لا شيء يمكن عمله بدون الأمريكيين، ولا نتصور تحرك “حزب الله” في وقت تتعرض فيه إيران للعقوبات الأمريكية، ولهذا علينا انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية.

ويقول ديديه بيليون، مدير معهد “أيريس”: إن ماكرون قد يطلق النار على قدمه لو لم يكن قادراً على التحكم بأسوأ خصاله؛ “الغرور”. (القدس العربي)

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M