طالبان.. من الجهاد الأصغر إلى الأكبر

18 أغسطس 2021 18:30
ثالوث انحطاط المسلمين

هوية بريس – سفيان أبوزيد

بغض النظر عن اسرار الاحداث وخباياها، وما ورائياتها وما نعلمه ولا نعلمه، وما يراد لنا ان نعلمه..

هل ما جرى في أفغانستان انتصار؟

هل طال.بان إسلامية ام عميلة أم مستعملة؟

هل هزم التحالف الذي قادته أمريكا، بالفعل أم أنها مناورة امريكية، كمناوراتها السابقة؟

هل تسارع الاحداث بهذا الشكل بريئ أم له ما بعده؟

بغض النظر عن كل هذا او غيره مما يذكر هنا وهناك في التحليلات والمنصات، الحقائق المجمع عليها هي ما يلي:

طال.بان حركة إسلامية في الجانب العسكري والجهادي والنظري..

وصول طال.بان إلى الحكم، وسيطرتها على البلاد..

إعلانها مراجعات وتطلعات ومبشرات ما كانت لتعلنها من قبل

هذه فرصة اخرى اتيحت لطالبان بعد فشلها وتهورها في الفرصة السابقة..

هذه الفرصة لا شك انها نتجت عن صبر ومصابرة وجهاد واخذ بالأسباب..

أمريكا والتحالف ما زالت حاضرة قوية ناظرة مراقبة ممسكة بزمام الأمور، حريصة على مصالحها الحاضرة والمستقبلية..

ما زال الدهاء الأمريكي جاهزا مناورا يقظا..

هذا الكون له رب وقوة هي أعلى من كل القوى، وله مدبر ومتصرف قلوب العباد بين أصابعه..

في ظل تلك الخفايا وهذه الحقائق، لابد من النظر والتركيز على الواجب المطلوب في هذه المرحلة الخطيرة..
وهذا هو ما يمكن أن نسميته بالجهاد الأكبر..

لقد أثبتت طال.بان براعتها القتالية وإبداعها المقاوم والمكافح، وهذا أمر يشهد به العدو قبل الصديق، ويمكن ان تستفيد منه افغانستان عسكريا..

وطال.بان حركة إسلامية تنطق بالإسلام، وتنادي بتحكيم الإسلام والعمل بالإسلام، بل منطلقها مدارس شرعية إسلامية..

ولكن من أبدع في المجال العسكري لا يمكن أن يبدع في أي مجال آخر إلا إذا درسه وفقهه وتعلمه وقصد اهل التخصص والنظرية والخبرة فيه، ومارسه واحتك به..

وهذا يحتاج إلى تنازل وتواضع وقصد وفتح باب وإقبال وتريث وتؤدة وحكمة وبعد نظر..

وإشكالية كثير من الحركات الإسلامية وحركات المقاومة او الحركات الجهادية، أن الاولى تظن بأنها بمجرد حملها لراية الإسلام، وحفظها لوحيه، وأوامره ونواهيه، وبعض تعاليمه وإرشاداته، ويقينها بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وأنه كفيل بمعالجة كل الإشكالات، ومجيب على أسئلة كل الظروف، وشامل لكل الحياة، تتوهم قدرتها على الحكم والتسيير والتنزيل والتفعيل..

لا شك ولا ريب في هذا لكن، الممارسة غير المدارسة، والشمول يحثنا على تعلم ما يحققه ويحقق تلك الصلاحية.
وأن الأخرى – الحركات الجهادية – تظن وتتوهم، أنها إن نجحت في المجال العسكري فهي قادرة على الإنتاج والإبداع في المجال السياسي والدعوي والاجتماعي والاقتصادي والإعلامي والإداري، بل يقتحم قادتها والمنخرطون فيها، ميادين التنظير والإفتاء والقضاء والحكم والدعوة والتربية والتعليم، وشهادته في ذلك حسن استخدامه للسلاح، وما حققه على المستوى العسكري والجهادي، وهذا لعمري جهل وضلال وإضلال وتخلف وليس من الإسلامية في شيء..

لذلك لابد من ان تفهم طالبان هذه الحقيقة، وهي في امس الحاجة إليها، آنيا ومآليا، حاضرا ومستقبلا..
عليها أن تقصد مدارس السياسة والمتخصصين من السياسيين وعلماء العلوم السياسية، مسلمين كانوا او غير مسلمين، لتتعلم وتكون وتستفيد، وإن كانت غير جاهزة الآن للسياسية فلتتركها، لمن يمكن ان يقوم بها..
عليها أن تقصد مدارس الاجتماع والمجتمع والمتخصصين في هذا المجال وعلماءه، لتستقطبهم وتتعلم منهم استشارة وتخطيطا وتكوينا وإعدادا، من الافغانيين وغيرهم، من المسلمين وغيرهم..

عليها أن تقصد مدارس الاقتصاد ومعالمه وعلماءه، والمتخصصين فيه لتتعلم وتستشير وتكون وتعلم..
عليها أن تقصد مدارس الفقه والإفتاء والمقاصد والدعوة والتربية لتستفيد من خبرات خبراءها والممارسين لها، والمنظرين لها، والعاملين في شأنها، من كل التيارات والمذاهب لتاخذ الخبرة وتكتمل الصورة، وتتجنب الهفوات والأخطاء والزلات.. وتحسن التعامل مع القضايا والملمات..

كما أن عليها أن تنهج نهج التدرج، والتريث والاعتراف بالخطإ والاستفادة منه، والأولوية والمرحلية، والحكمة وطول النفس، والمرونة والصدق والإخلاص والربانية والتضرع، ونكران الذات، وتعاون على الخير مع الغير، والصبر والمصابرة، والتخطيط والدراسة..

وعليها ان تتجنب الاستعجال، وحرق المراحل، والعنترية، والتهور والتعنت، والجمود، والاعجاب بالكثرة، والتعالم، والتعسكر..

وعليها ان تهتم بشأنها الداخلي، فهي حركة أفغانية للافغان، وأن تخرج من ثوب الحركة إلى رحاب الدولة..

وعليها أن تبتعد كل الابتعاد من اي فكر متطرف ديني او علماني كائنا من كان، وان تنتهج وسطية الإسلام واعتداله..
وهكذا الأمر في جميع التخصصات والمجالات والسياسات، إن ارادت أن تستفيد من هذه الفرصة، وألا تقود نفسها والشعب الافغاني إلى حتفه، وأن تروغ عن المقصلة والفخ الذي من المحتمل انه قد أعد لها..

وإلا فما حصل في أفغانستان، هو عبارة عن نشوة سرعان ما يُستفاق منها، على واقع كئيب، ومآل محبط أليم..
او انه محطة من محطة استعمال المحتل، مناطها في هذه المرحلة هو طالبان..

هذا وطال.بان ليست هي الإسلام، إن سقطت سقط، وليست الممثل الوحيد له..وليست المحطة الأخيرة أو المنتهية..

لذلك لابد من ان تدرك أنها مقبلة على جهاد أكبر وأخطر من ذلك الجهاد السابق..

من النظرية إلى الممارسة ومن الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر..

وكلما كانت الممارسة أكثر فعالية وحكمة وشمولية وصلاحية ونفعا وعدلا، كان الحكم إسلاميا في كل تلك المراحل..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M