“طيب” الأزهر… الرئاسة من أمامه والإعلام من خلفه

19 أبريل 2017 23:35
الأزهر يصدر بيانا شديد اللهجة ردا على ساويرس بشأن قضية الحجاب

هوية بريس – الأناضول

يلتفت الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، للخلف موجها حديثه لرئيس حكومته، شريف إسماعيل، قائلا بحدة: “وتجديد الخطاب الديني”، كإحدى مهام “المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب”، رغم أنه أمر يخص المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي للسيسي في أعقاب تفجيرين كبيرين طالا كنيستين شمالي البلاد، 9 أبريل الجاري أسفرا عن مقتل وإصابة العشرات، تضمن الإعلان عن حالة طوارئ بكافة أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر وتشكيل مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف.

ومن حينها لا تمر ساعة دون هجوم إعلامي من مؤيدين للنظام ضد الأزهر وشيخه أحمد الطيب، بعضهم دعاه للتنحي وآخرين أعلنوا وفاة المؤسسة الدينية الأبرز بمصر والعالم، ما عده خبير إعلامي مصري “تطوعًا بالوكالة من جانب إعلاميين يحاولون خطب ود السلطة”.

والطيب (71 عاما) هو الإمام الأكبر للأزهر رقم 48، ويعرف ببعده الصوفي البارز، عُين 19 مارس 2010 بقرار من الرئيس حينها حسني مبارك، ووفق الدستور تنتهي خدمة شيخ الأزهر – الذي يعامل إداريا بدرجة رئيس وزراء – عند سن الثمانين، مكتسبا خلالها حصانة تجعله غير قابل للعزل من منصبه من رئيس الجمهورية.

ومنذ 4 شهور والطيب بين مطرقة الرئاسة وسندان الإعلام اعتبرها معنيون، وفق رصد وأحاديث للأناضول، حملة إعلامية تستهدف الأزهر وشيخه لأسباب عديدة منها “إجباره على الاستقالة، وإشغال الرأي العام بقضايا ليست رئيسية، ولي ذراع كل من يبدو مستقلا عن النظام ولا يطيعه”، مستبعدين خطوة عزله.

وقال مصدر مسؤول بمشيخة الأزهر، للأناضول، إن المؤسسة “لن تعلق على الهجوم الشرس ضدها”، معتبرا إياه “زوبعة وستنتهي مثل غيرها”، مؤكدا عدم وجود توجه لشيخ الأزهر للاستقالة إلا إذ أرغم على ذلك.

هجوم متكرر

الهجوم الإعلامي ضد الأزهر وشيخه ليس الأول بل هو تكرار لهجمات إعلامية، سابقة، انطلقت بشكل بارز عقب عبارة “أتعبتني يا فضيلة الإمام”، والتي أطلقها السيسي، في حفل أقيم يناير الماضي، بحضور شيخ الأزهر، أحمد الطيب، بالتزامن مع طلب الرئيس بتقييد الطلاق الشفوي.

غير أنه مطلب رفضته في الشهر التالي بالإجماع هيئة كبار العلماء، أعلى هيئة دينية بمصر، برئاسة الطيب.

وعقب الرفض الأزهري، في فبراير الماضي، اتُهم الأزهر بأنه “معارض للنظام ويسعي للصدام والمواجهة مع الدولة” في أغلب التقارير الصحفية المحلية، الذي يعد الثاني من نوعه وقتها بعد رفض مؤسسة الأزهر، وشيخها الطيب، الموافقة على خطبة الجمعة المكتوبة، التي تبنتها وزارة الأوقاف المصرية وتراجعت عنها منذ أشهر قليلة.

ووفق رصد مراسل الأناضول، كان أبرز انتقادات للأزهر ما أثير عقب التفجيرين وكلمة السيسي، إعلان الإعلامي المؤيد للنظام المصري، أحمد موسي، عبر برنامجه بفضائية مصرية خاصة، وفاة الأزهر عقب ما أسماه “فشلا في مواجهة الإرهاب” وتنقيح الخطاب الديني من التشدد.

وطالب الإعلامي المؤيد للنظام المصري، عمرو أديب الثلاثاء قبل الماضي ببرنامجه بفضائية مصرية خاصة أحمد الطيب، شيخ الأزهر بالتنحي، وتركها لآخر (لم يسمه) ودعوة السيسي لمطالبة الطيب بتقديم استقالته.

وفي هذه الآونة، أعدت صحيفة “اليوم السابع” الخاصة بمصر، ملفا بعناوين كالتالي “لماذا يخشى الأزهر من الحرب على الإرهاب وتجديد الخطاب الدينى؟ .. الأمام الاكبر الخائف من مواجهة التطرف يهرب من الأزمات لساحة الدراويش..”الطيب”يرفض جرائم”داعش”ويأبى تكفيرهم.. والإخوان والتكفيريون يستوطنون الأزهر”.

تعديلات تشريعية

بالتزامن، أكد البرلماني المصري المؤيد للنظام، محمد أبو حامد في تصريحات صحفية عديدة، السير قدما في تعديلات تشريعية قدمها حول قانون الأزهر، بتعديل في هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة دينية) التي بالأساس تنتخب شيخ الأزهر بما يسمح لرئيس البلاد بتعيين أعضائها وليس الشيخ.

غياب الأذرع وإشغال الرأي العام يواجهان الطيب

صفوت العالم، أستاذ الإعلام السياسى والرأى العام بمصر والرئيس السابق للجنة تقييم الأداء الإعلامى (حكومية)، رأى، في حديث للأناضول، أن استمرار الحملات الإعلامية ضد الأزهر وشيخه “هو تطوع بالوكالة من جانب إعلاميين يحاولون خطب ود السلطة”، موضحا أنه “ما يلبث أن يلمح أو يشير الرئيس لأي شيء حتى يتحرك إعلاميون إما تبريرا أو هجوما”.

سبب ثان لاستمرار تلك الحملات، وفق العالم، يعود لعدم وجود أذرع إعلامية للأزهر، مؤكدا أنه لو كان رجل أعمال هوجم من وسائل الإعلام كان سيرد عبر ما يملكه من قنوات إعلامية أو علاقاته مع وسائل الإعلام مستدركا “لكن الأزهر لا يملك ذلك”.

وأشار إلى أن تلك الحملات “وقتية” لافتا إلى سبب ثالث لظهورها مرتبط بإشغال الرأي العام عن قضايا رئيسية، متسائلا “أين الحديث عن ارتفاع الأسعار؟”.

على مسافة قريبة من الطرح السابق، يرى كمال حبيب المفكر الإسلامي، في حديث للأناضول، أن ما يحدث هو “محاولة من أبواق إعلامية للي ذراع الشيخ وعقاب للمؤسسة من نظام يعاقب كل من يبدو مستقلا عنه ولا يطيعه فيما يريد وكان هذا واضحا في ضوء رفض الأزهر مطلب الرئاسة الخاص بتقييد الطلاق الشفوي”

وأوضح أن “الحملات الليلية والنهارية في الصحف ووسائل الإعلام لن تجبر شيخ الأزهر على الاستقالة مهما حاولت، غير أنها قد تبعد ملف تجديد الخطاب الديني قليلا من يد المؤسسة وسط محاولات من السلطات لعدم جعل الأزهر مستقلا”.

الشيخ عبد العزيز رجب، أحد خطباء الأوقاف السابقين، وعضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، اعتبر في حديث للأناضول أن “الحملة الإعلامية لها أهداف كثيرة منها الضغط علي الطيب لمجاراة السيسى فى طلباته من تجديد الدين أو الاستقالة، والتغطية على الأزمات الكبرى جراء تدهور الاقتصاد بصورة جنونية”.

محاولة تأميم وشماعة أزمات

هذا التحليل اتفق مع ما ذكره رئيسا حزبين وإعلاميان بارزان بمصر الأيام الماضية، حيث وصف عبدالمنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية (معارض) الهجوم علي الأزهر، بأنه “سعار أطلقته السلطة”، في تغريدة عبر حسابه ب”تويتر”، الخميس الماضي.

والسبت الماضي، أكد السيد البدوي، رئيس حزب الوفد (ليبرالي/ مؤيد للنظام)، في تصريحات صحفية أن هناك “حملة شرسة وممنهجة هدفها تأميم الأزهر”، مؤكدًا رفض الحزب المساس باستقلال المؤسسة.

فيما كشف الإعلامي المصري، وائل الإبراشي عبر برنامجه بفضائية خاصة، مساء السبت الماضي، أن ما يواجهه الأزهر وشيخه “حملات ممنهجة مدفوعة ربما من بعض الجهات (لم يسمها) في الدولة التي تريد إخفاء فشلها (..) وتسعى أنها تشّيل الليلة (تحمل المسؤولية منفردا) لشيخ الأزهر”.

وقبلها بيوم، قال الإعلامي المصري حمدي زرق، إن “استباحة الأزهر وسلق الشيخ بألسنة حداد وتحميله وزر الإرهاب وجرم الإرهابيين يخاصم المنطق والحكم السليم”.

اعتزال واستقالة إجبارية طرحان محتملان

وفي مقال الجمعة الماضي بصحيفة المصري اليوم الخاصة، أضاف رزق: “أعلم أن الإمام قد ضاق صدره، وحدّثته نفسه باعتزال الإمامة”.

فيما استبعد الخبير الإعلامي البارز صفوت العالم، في حديثه للأناضول، أن يتجه النظام لعزل شيخ الأزهر او إجباره على استقالة، مؤكدا أن منصبه محصن دستوريا والأزهر له مكانة لا يستطيع أحد المساس بها، وهو ما يؤيده فيه المفكر الإسلامي كمال حبيب.

فيما توقع الشيخ عبد العزيز رجب، المقيم بالخارج، والذي يرأس حركة “أبناء الأزهر الأحرار” (غير حكومية) أن “يستمر السيسي في الضغط على الطيب (الصوفي البارز) حتى يقدم استقالته حتى لا يحرك العامة وخاصة صوفية الصعيد”، مشيرا إلى أن هناك تمهيدا مستمرا لإعداد بديل لتولي منصب شيخ الأزهر.

زوبعة بلا استقالة والبديل محتمل

فيما قال مصدر مسؤول بالأزهر الشريف، للأناضول، رافضا ذكر اسمه لحساسيه موقفه، إن المؤسسة لن ترد على الهجوم الإعلامي الشرس متجاوزة عن كل تلك الإساءات حرصا على مصلحة الوطن العليا، مؤكدا قيام قيام الأزهر بدوره في تجديد الخطاب الديني.

وتوقع المصدر ذاته أن تكون تلك الحملات زوبعة وستنتهي مثل غيرها سابقا، مشيرا إلى أن شيخ الأزهر أصابه ضيق شديد من تلك الحملة وليس لديه نية لتقديم استقالة حتى الآن.

وأوضح المصدر ذاته أنه في حالة رحيل شيخ الأزهر لأي سبب رغما عنه، فالبديل الأقرب وفق القانون الحالي لهيئة كبار العلماء التي يحق لها فقط انتخاب الإمام الأكبر من بين أعضائها، إما على جمعة مفتي البلاد السابق، أو وزير الأوقاف الأسبق عبد الفضيل القوصي لقرب الأول من الدولة والثاني من الشيخ.

ومع ما أثير من هجوم إعلامي على شيخ الأزهر في فبراير الماضي، إلا أن السيسي ظهر في مؤتمر صحفي بالخارج بالتزامن يشيد بالمؤسسة وأنها منبر للإسلام المعتدل والتقي بعدها شيخها في لقاء بالرئاسة المصرية.

أول رد.. عبث وتدليس

اعتبرت هيئة كبار العلما بمصر (أعلى هيئة دينية) برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب، أمس الثلاثاء أن “العَبَثَ بالأزهر عَبَثٌ بحاضر مصر وتاريخها وريادتها، وخِيانةً لضمير شعبها وضمير الأمة كُلها”، مؤكدة أنه “من التدليس الفاضح وتزييف وعي الناس وخيانة الموروث تشويه مناهج الأزهر واتهامها بأنها تفرخ الإرهابيين”..في أول تعليق رسمي على للهجوم الأخير.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M