عبد الإله ابن كيران: الشباب والشرائح الأربع

26 مارس 2016 14:54
عبد الإله ابن كيران: الشباب والشرائح الأربع

هوية بريس – متابعة

السبت 26 مارس 2016

أيها الشباب

إنكم تتحملون مسؤولية كبيرة: قبل اليوم وبصفة عامة كان ولي الأمر سواء كان في البيت أو في الدولة أو في مستويات أدنى يتحمل المسؤولية الأساسية والناس الآخرون هم مجرد رعايا تابعون، اليوم لم يبق هذا الأمر بهذا الشكل. اليوم أصبحتم فاعلين من خلال رأيكم ومن خلال الأنترنيت والفايسبوك ومن خلال العمل السياسي الذي أصبح مفتوحا ومن خلال العمل الاجتماعي والميداني ومن خلال ممارسة الحياة. ولهذا عندما ينخرط إنسان في المسؤولية لا بد أن يفهم الوضع الذي دخل عليه.

أيها الشباب

أمامكم أربع طرق، الأولى ألا تهتموا بالسياسة وأن تعيشوا لأنفسكم، حيث إن منكم من سيلتحق بالوظيفة العمومية ومنكم من سيذهب للقطاع الخاص أو السفر للخارج. هذه الطريق لا أراها لكم. أول ما يجب أن تؤمنوا به وتظلوا على ذلك هو أن تثقوا في الله وفي أنفسكم بأنه إذا بذلتم المجهود اللازم وكانت عندكم أفكار وكنتم مستقيمين يمكنكم إذا اشتغلتم لأنفسكم أن تكسبوا أكثر مما يمكن أن تكسبوه إذا اشتغلتم مع الآخرين. من يرفض الدخول للسياسة فالسياسة سوف تقتحم عليه حياته. السياسة اليوم هي التي تحدد كل شيئ، من ثمن الخبز إلى ثمن الحافلة إلى الطريق التي ستسلك هذه الحافلة، كل شيء مرتبط بالسياسة، لذلك فأنتم إذن عندما ترفضون الدخول للسياسة تسلمون حياتكم للآخرين، وفي هذه الحالة سيعمل هؤلاء أمورا لن تكون في صالحكم ولن تَسُرَّكم نتائجها.

الطريق الثانية: أن تكونوا من ضمن شريحة أناس ولجوا السياسة بمنطق الاستفادة والذين باعوا خدماتهم منذ الاستقلال إلى اليوم مقابل الامتيازات والسلطة والمال، هؤلاء لا يمكن أن يكون همهم مصلحتكم ولا مصلحة الوطن. هؤلاء شريحة موجودة، مرة تعبر عن نفسها بحزب ومرة بأحزاب ومرة يقال عنها إنها حزب سري. لا يشرفكم أيها الشباب أن تنتسبوا لهذه الشريحة فهي شريحة خطيرة لأن لها القدرة على امتصاص الشرائح الأخرى.

لقد عانينا من هذه الشريحة وعانى عدد من المناضلين وشخصيات ذهبت للسجن وعُذِّبَت في وقت النضال، لكن لما دخلوا للمسؤولية أغوتهم هذه الشريحة وأغواهم وضعها فالتحقوا بها وأصبحوا في بعض الأحيان من أشرس عناصرها. الذي يقوم على الشأن العام لا يمكنه إطلاقا أن يكون نافعا إن كان غرضه الأول هو مصالحه الشخصية ولو كانت عنده أفكار إنشتاين، هؤلاء أعاذكم الله أن تكونوا منهم.

الشريحة الثالثة التي لا أدعوكم أيضا إلى الالتحاق بها، هي التي لا يرضيها هذا الوضع وترى ألا حَلَّ إلا بقلب هذا الوضع رأسا على عقب وإحداث ثورة وإسقاط كل شيء. هذه الشريحة موجودة اليوم ووجدت بعد الاستقلال مثَّلَها أشخاص معينون وكان عندها نفوذ قوي واستطاعت أن تقلب المعادلة في المغرب، وكان فيها أناس لا شك أنهم شرفاء لكن مشاريعهم وأفكارهم كانت ستخرب الأمور.

لنكن واضحين: إن المغرب اليوم رأسه مرفوع وهو الدولة العربية الوحيدة التي استطاعت أن تزاوج بين الأمن والاستقرار وبين الديمقراطية وحقوق الإنسان. هذه الشريحة لو قدر لها أن تصل إلى ما أرادت الوصول إليه لسقط هذا النظام ولو سقط هذا النظام لكنا اليوم في حالة فوضى كما هو حال بعض الدول المجاورة لنا. لذلك أنا مُصِرٌ في كل مرة أن أقول لكم: تمسكوا بملكيتكم، لا أتحدث معكم عن اليوم، اليوم المغاربة مجمعون على ملكيتهم إلا من أبى ولكن أتحدث معكم عن المستقبل لأن تمسكنا بملكيتنا في الظروف الصعبة هو الذي سمح أن نكون اليوم الدولة العربية التي تنظر إليها باقي الدول العربية على أنها نموذج يمكن الاحتداء به ويمكن أن يمثل مخرجا للأزمة التي تعيشها الأمة العربية قاطبة تقريبا.

الشريحة الرابعة هي شريحة تشتغل في إطار المشروعية وفي إطار المؤسسات بنفس ديمقراطي يقبل الفكر الآخر، يتنافس سياسيا في المجتمع، يريد الإصلاح. هذه الشريحة جَسَّدَها تاريخيا أشخاص أمثال علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد ومحمد بن الحسن الوزاني وعلي يعتة وعبد الكريم الخطيب رحمهم الله وغيرهم. أدعوكم إلى فهم منهج هذه الشريحة الذي هو المطالبة بالإصلاح وأن نجسد نموذج الدولة الخادمة للمجتمع وليس العكس.

أيها الشباب

هذه مسؤوليتكم في المستقبل، كيف ستؤثرون في شؤون بلدكم بحيث معكم يتقدم خطوات إلى الأمام ولو كانت محدودة. هذا هو السؤال..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمته في وجدة للشباب.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M