عدم مشروعية العمل المسلح داخل بلاد المسلمين

01 ديسمبر 2015 11:41

الشيخ الحسن الكتاني

هوية بريس – الثلاثاء 01 دجنبر 2015

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:

فموضوع العمل المسلح داخل بلاد المسلمين من المواضيع التي كتب فيها الكثير وتجادل فيها العديد من الشباب منذ حوالي نصف قرن وهي بحمد الله بينة واضحة لمن تمعن كلام الأئمة وأنزلها على الواقع، بل لمن قرأ كلام العلماء المعاصرين، غير أن الصورة الآن هي في عمل مسلح ضد دولة علمانية ليس فيها احتلال ولا ثورة شعبية كما في أحداث الربيع العربي وجدوى هذا العمل المسلح.

ولقد جردت الخروج المسلح ضد أئمة الجور سواء أبقوا مسلمين أم ارتدوا عن الدين فوجدتها في غالبيتها العظمى أعمالا فاشلة ونتائجها وخيمة عكس ما يصبوا إليه المصلحون الخارجون على أمراء الجور. ولم ينجح من تلك الثورات إلا ما كان من ضمن جهاد ضد عدو محتل أو في منطقة فراغ وتسيب أو ثورة عارمة يشارك فيها الشعب كله. ولأجل هذا ذهب جمهور العلماء لمنع الخروج المسلح على أمراء الجور واستشهدوا بأحاديث صحيحة واضحة في الباب.

ولا يعني كلامهم ترك الإنكار بالفم والدعوة إلى الله تعالى والوقوف في وجه الظالمين، فلأئمتنا قصب السبق في ذلك وقصصهم أشهر من نار على علم. والكلام في الأمراء المعطلين للشرع لا يكاد يخرج عن ذلك لأنهم في نظر الكثير مسلمون جائرون وقد يعدونهم غير جائرين أصلا، فتكون النتيجة تكرار مآسي الخارجين على ولاة الجور مما يجعلنا نصنف كتابا جديدا يشبه كتاب أبي الفرج الأصفهاني (مقاتل الطالبيين) باسم: (مقاتل الإسلاميين).

ومن نظر للتجارب الإسلامية المعاصرة منذ سقوط الخلافة العثمانية إلى اليوم سيجد كلامي صحيحا، بدأ بالجناح العسكري للإخوان المسلمين، مرورا بحركة التحرير الإسلامي لصالح سرية في مصر إلى ثورة الجماعة الإسلامية والجهاد ضد السادات ومبارك والعمل المسلح في الشام بقيادة الطليعة المقاتلة، إلى العمل في الجزائر بقيادة مصطفى بن أبي يعلى ثم الجبهة الإسلامية للإنقاذ والعمل المسلح في تونس إبان الزين بن علي، وآخرها عمل القاعدة المسلح ضد المملكة السعودية سيجد النتيجة كالتالي:

أ- فشل العمل المسلح تماما.

ب- امتلاء السجون بالشباب المتدين.

ج- تراجع الدعوة الإسلامية وتشديد القيود عليها.

د- انتكاس الكثير من القيادات والشباب إما عن منهجهم الواضح أو عن الاستقامة كلها.

هـ- هروب الناس من أصحاب الدعوة الإسلامية الصافية ووصمهم بشتى التهم الباطلة.

وبالجملة فالشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح ودفع المفاسد، واتفقوا على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا تسبب في منكر أكبر منه فتركه يصبح متعينا إلا فيما لا يؤدي لانتشار الشر واستفحاله.

فهذا ما ظهر لي بعد دراسة في التاريخ ونظر في الواقع على ضوء النصوص الشرعية وبعد عن حماسة الشباب غير المنضبطة بالتروي والنظر في عواقب الأمور ومآلاتها. أما مقارعة العدو المحتل أو الانضمام لثورة شعبية عارمة فالأمر يختلف كثيرا والله الموفق.

وجزى الله من نظر في كلامي فحمله على أحسن المحامل وناقشني مناقشة الأخ لأخيه المحب. فمقصودي تقويم المسيرة الإسلامية والنصح لإخواني المسلمين في كل مكان.

والحمد لله وصلوات الله على المبعوث رحمة للعالمين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M