علاقة «حزب المجددين» مع العالم الإسلامي (سنة 1929)

10 مايو 2018 17:17
علاقة «حزب المجددين» مع العالم الإسلامي (سنة 1929)

هوية بريس – ذ. إدريس كرم

هذا هو النص الرابع من تقرير “منطان”:

“…باعتبارها نتيجة طبيعية لتيار فكري يعم اليوم الإسلام، فإن حركة المجددين في المغرب سارت نحو تركيز جهودها في اتجاه العمل الوطني، ولم يمنعها ذلك من الحفاظ على علاقات قارة مع البلدان الشرقية التي تعرف تطورا دينيا أكثر تقدما.

وإذا اعتمدنا المعلومات المستقاة عدة مرات في فاس وطنجة، فإنها تتكلم حتى عن وجود منظمة حقيقية تسمى في الغالب “جامعة إسلامية panislamique”، وتظهر فيها من حين لآخر يد إسبانيا وإنجلترا.

ويبدو أن المجموعة المكونة في طنجة من طرف الشريف بن الصديق الدرقاوي وإدريس لحريشي والمختار أحرضان، تتلقى أحيانا التشجيعات من شخصية تشيكا tcheca الغامضة الذي نظم “الجمعية المغاربية للثقافة الأندلسية”.

كما تراسل هذه المجموعة بكل تأكيد وباستمرار العديد من الشخصيات في تونس ومصر والجزيرة العربية.

ومن جهة أخرى نجد أصدقاء عمر الحجوي بفاس، وخاصة منهم مامون البلغيتي، يهتمون بإصرار لا تفسير له بمؤتمر مكة المعلن عن انعقاده خلال فترة الحج سنة 1929، ورغم غياب الحجج الحاسمة، فإن العديد من المعلومات تتطابق لتكشف لنا عن كون تصرفات هؤلاء الأعيان المشبوهين ناتجة عن خطة مدبرة.

لنضف أن علاقات شخصية تربط علماء فاسيين بالمجدد بن باديس في القسنطينة، والسيد بالحاج الأستاذ بمدرسة الجزائر، والشريف السيد صدوق الرياحي بتونس.

ونشير أخيرا إلى شخصية من مصر لا نعرفها جيدا، الشيخ الطنطاوي، الذي ليس له تأثير حقيقي في بلده، ولكنه اكتسب شهرة كبيرة في شمال إفريقيا، لقد لقيت كتبه في التفسير ذات الأرثدوكسية المشبوهة، نجاحا كبيرا في فاس لأنها تهاجم الزوايا، وهناك من يتهمه بكونه عميلا للإنجليز.

وكيفما كانت أهمية المؤشرات التي نتوفر عليها بخصوص نشاط هذه المجموعات المناهضة التي يوجد ضمنها دائما محميو الإنجليز، فإنه لا يفوتنا أن نعبر عن اندهاشنا لقلة عدد المراسلين الشرقيين المهتمين (بالمشاركة في هذا النشاط).

وفي جميع الأحوال، يجب علينا أن نلاحظ الأهمية الهزيلة للنتائج التي حصلوا عليها لحد الأن، كما يظهر أن مجهوداتهم تضيع في الكلام أكثر منها في الفعل، ولو لم تكن هذه العلاقات تجد ترجمتها في إدخال الكتب الخاصة بتطوير الميولات المناهضة لأروبا، وفي نشر الأخبار الخاطئة التي من طبيعتها تضليل الرأي العام الأهلي، لربما أمكن تجاهل مساهمتها في تطور المغرب الجديد، ويظهر على أي حال أن الجالية الفاسية المستقرة في مصر قليلة العدد، كما أنها ضعيفة النشاط من الناحية السياسية، ولا تعبر عن وجودها هناك إلا من خلال إرسال بعض الجرائد الممنوعة.

ذلك أن التطور الاجتماعي السريع جدا للدول الإسلامية في الشرق يزيد باستمرار في المسافة التي تفصلهم عن المغرب، الذي بقي إلى حدود السنوات الأخيرة يعيش في جمود تام.

فعلى الرغم من المجهودات التي يبذلها متعلمونا الشباب، فإنهم لا يتمكنون من إعادة ربط العلاقة التي كان آباؤهم يقيمونها هناك بسهولة خلال أسفارهم منذ عشرين سنة خلت، وخير دليل على ذلك مثال شاب ومجدد متحمس اسمه الفقيه السيد محمد اليماني الناصري من الرباط؛

لقد ذهب إلى القاهرة منذ سنتين ليستكمل بها تعليمه الذي شعر بكونه ناقصا، وكان مشروعه هو الذهاب إلى هذا البلد بحثا عن العلم والتشجيعات الضرورية لإنجاح عمل المدارس العربية الخالصة التي كانت أمل جزء من البرجوازية المغربية.

وقد أخبرنا السيد غايار gaillard وزير فرنسا في مصر عن أولى خيبات أمله، ذلك أنهم وجدوا معارف هذا الشاب غير كافية للسماح له بدخول جامعة الأزهر التي أعيد تنظيمها حسب تخطيط حديث، وبالمقابل تم تسجيله بشعبة الفلسفة في الجامعة حيث واجهته صعوبات كبيرة في العمل نظرا لجهله باللغة الفرنسية، لأن استعمال كتبنا الدراسية ضروري فعلا للطلبة من أجل تهيئ عدد كبير من الدروس.

وقد لاحظ السيد محمد بمرارة أن المصريين وطنيين بله أن يكونوا مسلمين، وأنهم ينظرون إلى المغرب كأحد البلدان الأكثر تخلفا في العالم، وأخيرا كانت الحياة المادية صعبة جدا بالنسبة لفقيه فقير في بلد غني جدا.

إن الجهل المقصود لهذه الوضعية هو الذي دفع دون شك “المجددين” إلى إطلاق إشاعة في الرباط في أواخر 1927 حول ذهاب مائة وتسعين طالبا إلى مصر بحثا في هذا البلد عن التعليم العربي العصري الذي ترفض فرنسا الحامية إقامته في المغرب.

وقد أفاد التحقيق الذي أجري حول هذا الموضوع بسهولة أن هناك أربعة شبان فقط موجودين في مصر أو الإسكندرية، وأنه لا وجود لأية هجرة أو سفر فردي حتى ولو كمشرو ع، وهذا ما يبين ببداهة أن الأمر يتعلق بطريقة لإثارة انتباهنا إلى الإصلاح المرغوب فيه بالنسبة لجامعة القرويين”

(الاتحاد الاشتراكي عدد8446، 2007م).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M