عندما يعزف المتحضر لحن الموت..

15 مارس 2019 14:59

هوية بريس – إبراهيم الطالب

الجريمة “الإرهابية” الشنيعة التي ارتكبت في حق المسلمين اليوم بمسجدي نيوزلاندا لها خصوصية مختلفة عن باقي عمليات الإرهاب التي تُمارس ضد المسلمين في باقي بقاع العالم، فهي تذكر بجريمة الإرهابي الصهيوني اليهودي “گولدشتاين” في يوم الجمعة نفسه عيد المسلمين الأسبوعي، في 25 من فبراير 1994 الموافق الـ 15 من رمضان 1415 للهجرة، تسلل كاللص مستوطن ينتمي إلى جماعة إرهابية يدعى “باروخ گولدشتاين” توارى خلف أحد أعمدة المسجد يرقب متى يسجد المصلون المسلمون الطاهرون، وبمجرد أن وضعوا جباههم مستسلمين لخالقهم، أعمل الصهيوني الخبيث الإرهابي ذخيرة رشاشه فيهم، تناقلت وسائل الإعلام هذه المجزرة، التي أسفرت عن استشهاد 29 مصليا وإصابة 15 آخرين ولَم يتوقف إلا بعد أن انقض عليه مصلون شجعان أردوه قتيلا.
وطوي الملف بعد الإعلان أن المجرم كان مختلا عقليا، رغم أنه لم يكن وحده إذ كان لديه مساعدون كانوا يشاركونه في تعبئة الرشاش، وذلك حتى لا تتابع الجماعة الإرهابية الدينية التي ينتمي إليها، التي يعتبر گولدشتاين اليوم من شهدائها الأبطال.
هذه الجريمة الإرهابية اليوم، يجب أن تفتح النقاش بجدية حول ملف الإرهاب، ولماذا صار الإرهاب مرتبطا بالإسلام؟ وكيف أصبح العالم بل حتى بعض المسلمين مقتنعين أن دينهم مصدر للعنف والقتل؟؟ وكيف تمت صناعة وتركيب المشاهد ومزجها بالإنتاجات الفكرية والمشاريع السياسية لتوصل العالم إلى حالة من التسليم بأن المسلمين ونصوص التشريعات الإسلامية وعقائد المسلمين هي المسؤول الأول عن الإرهاب والتطرف في العالم؟؟
هي فرصة لمزيد من البحث في تجربة داعش ومن كان يمدها بالدماء لتحيى من أجل سفك الدماء وإعطاء البرهان على أن الإسلام بتاريخه ورجاله ونصوصه هو منبع الإرهاب؟؟
إن الإرهاب كان موجودا عبر التاريخ وسيبقى موجودا إلى نهاية التاريخ، وهو سلوك معروف بين كل الأمم، وتمارسه الجماعات والأفراد والدول، لكن الجديد في موضوع الإرهاب، أنه أصبح ذريعة لخوض حرب حضارية ضد الإسلام، تشارك فيها دول إسلامية، فقد تم استعماله لتجفيف منابع الحياة الإسلامية وقتل النهضة المنعتقة من قبضة الإمبريالية التي تفرض على المسلمين إديولوجيتها العلمانية، بقوة الحديد والنار، تتواطؤ مع جلاديهم حتى لا ينبعث الإسلام من جديد.
وهو اليوم يستعمل لتجفيف تواجد المسلمين في أوربا وفلسطين، ومجرم نيوزيلاندا كانت أسلحته مكتوب عليها أسماء أبطال مجازر أخرى ارتكبت ضد المسلمين وتذكر بعبارات التهديد للوجود الإسلامي وغيرها من العبارات الدالة على الشق الحربي الحضاري في هذه الجرائم ويمكن اعتبارها الشق المفضوح للأهداف غير المعلنة من الحرب العالمية ضد الإسلام والتي تخوضها دول العالم المتحضر.
فهل سنرى مسيرة في نيوزيلاندا تقودها ميركل وماكرون ويحج إليها قادة العرب والدول الإسلامية للتنديد بالإرهاب؟؟
أم سيكتفى بالتنديد واستغلال الحدث لمزيد من التضييق على الإسلام والمسلمين كما استغلت السلطات في الكيان الصهيوني مذبحة الحرم الإبراهيمي لتقسيم الحرم بين المسلمين واليهود، وممارسة سياسات التهويد والاستيطان بمدينة الخليل ومحيطها.
فقد تعودنا على أنه حين يعزف المتحضر لحن الموت تقام الأعراس على جثت المسلمين.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M