فرصة يتيحها كوفيد 19 لتحقيق الأمن الغذائي لدول الجنوب

26 يونيو 2020 23:47

هوية بريس – ذ . عبد الغني بقاس 

شعبة الجغرافيا – كلية الآداب والعلوم الإنسانية مراكش

ملـخـص:

اتُّفق على اعتبار انعكاسات كوفيد 19 عميقة وشاملة. ركزت هذه الدراسة على انعكاساته الآنية والمستقبلية على الأمن الغذائي لدول الجنوب. اعتبرته فرصة يتيحها لانعتاق هذه الدول؛ مما يُحاك ضدها إفشالا لمخططاتها وبرامجها الزراعية، فرصة لإعادة هيكلة مقوماتها وقطاعاتها وسياساتها الاقتصادية، بما يُكَسر تبعيتها الغذائية لدول الشمال. فرصة ستُرغِم دول الجنوب على استغلالها، بعدما أصبحت عمليات الإستيراد والتصدير تعاني من قيود فُرضت على التنقل داخل البلد الواحد، أحرى بين بلد وآخر، وبعد انزِواء كل دولة حول نفسها، وقرار بعضها الإحتفاظ بمحاصيلها الزراعية تخوفا مما يمكن أن يهدد مصالحها الوطنية. فرصة لتفعيل بيانات مختلف مؤتمرات وقمم دول الجنوب، من خلال استثمار مواردها الجغرافية، وإعادة إحياء حمولتها التاريخية، بما تزخر به من توجيهات استراتيجية كبرى موجِّهة للقطاعات الإنتاجية.

 تقديم:

نركز في مطلع هذه الدراسة على المصطلحات الثلاث: كوفيد 19، الأمن الغذائي، دول الجنوب.

كوفيد 19:

اسم عِلمي أطلقة خبراء الصحة العالمية على الوباء الذي انتشر في منطقة  ووهان الصينية، بدء من دجنبر 2019، تعمد فيه واضعوه عدم ربطه باسم أي بلد أو حيوان أو فرد أو مجموعة من الأشخاص؛ كما صرح بذلك المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس. وقد اشتق اسم كوفيد 19 من اسم الفيروس المتسبب به “كورونا”، وكلمتي “فيروس virus” و”مرض disease”، وإشارة إلى السنة 2019 التي ظهر فيها.[1] وباء امتاز بسرعة الإنتشار؛ حيث اكتسح كل القارات في ظرفية قياسية.

الحالة الوبائية لكوفيد 19 عالميا ووطنيا وجهويا إلى حدود 26 يونيو 2020

الموقع الجغرافيالحالات المؤكَّدةحالات الشفاءحالات الوفاة
جميع أنحاء العالم9,741,8505,273,391492,468
المغرب114658560217

المصدر: https://news.google.com/covid19/map?hl=ar&mid=/g/11bwc474yv&gl=EG&ceid=EG:ar

أو https://www.dailymedicalinfo.com/coronavirus/

 

خلف هذا الوباء انعكاسات عميقة، شملت كل القطاعات؛ الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية وغيرها، يهمنا منها في هذه الدراسة انعكاساته الآنية والمستقبلية على الأمن الغذائي لدول الجنوب.

الأمن الغذائي:

يعني مفهوم الأمن الغذائي، حسب تعريف منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة) الفاو(: توفير الغذاء لجميع أفراد المجتمع بالكمية والنوعية اللازمتين للوفاء باحتياجاتهم بصورة مستمرة من أجل حياة صحية ونشطة. وحسب ) الفاو( أيضا، يتحقق الأمن الغذائي عندما تتوافر لجميع الناس، في كل الأوقات، الإمكانات المادية والاجتماعية والاقتصـادية، للحصـول على أغذية كافية وسـليمة ومغذية تلبي احتياجاهتم التغذوية وتناسـب أذواقهم الغذائية للتمتع بحياة موفورة النشاط والصحة. وتتمثل الركائز الأربع للأمن الغذائي في: توافر الأغذية، وإمكانات الحصول عليها، واسـتخدامها، واستقرار الإمدادات منها[2].

يختلف هذا التعريف عن المفهوم التقليدي للأمن الغذائي الذي يرتبط بتحقيق الاكتفاء الذاتي باعتماد الدولة على مواردها وإمكاناتها في إنتاج احتياجاتها الغذائية محلياً. هذا الاختلاف يجعل مفهوم الأمن الغذائي حسب تعريف الفاو أكثر انسجاماً مع التحولات الاقتصادية الحاضرة، وما رافقها من تحرير للتجارة الدولية في السلع الغذائية.

بمعنى آخر؛ فإن الغذاء يعتبر أحد أخطر وسائل القهر البيولوجي للإنسان ؛ لأن الوضعية البيولوجية العادية للإنسان إما الغذاء أو الموت، وبين الحالتين إمكانية حدوث خلل في كل المنظومات الأمنية.

تتعدد مظاهر التغذية والأمن الغذائي بدول الجنوب من السيء إلى الأسوإ؛ بدء بسوء التغذية، مرورا بنقص التغذية، انتهاء بالمجاعة. يعاني حوالي 150 مليون طفل يعانون من نقص التغذية، وما يقارب من مليار إنسان في العالم يعاني من الجوع. يطرح نقص الإنتاج مشكل التغذية في بعض دول العالم المتخلف، بينما يترتب على عدم معالجته داخليا تهديد الأمن الغذائي لهذه الدول،  مما يجعل أمنها الغذائي مهددا، من خلال اعتمادها على استيراد المواد الغذائية الأساسية من الخارج [3].  

دول الجنوب:

دول الجنوب هي مجموعة من الدول التي تقع أسفل أحد الخطوط الوهمية الواقعة على خريطة الكرة الأرضية والذي يفصل مابين دول الشمال المتقدمة ودول الجنوب الفقيرة.

الخريطة رقم 1: دول الشمال والجنوب في الخريطة العالمية

تعبر الخريطة عن تباين واضح بين دول في شمال الكرة الأرضية تمثلها الدول المتقدمة، ودول في جنوبها تمثل الدول المتخلفة. يفصل بينها خط وهمي يسمى خط برانت. تسميتها بدول الجنوب لا يعتبر اسمها الفريد؛ وإنما كثرت أسماؤها منذ سبعينيات القرن العشرين، من قبيل: الدول النامية، الدول المتخلّفة، البلدان الهامشية، دول الأطراف، الدول الأقل تقدما…الخ. ترتبط كل هذة الأسماء فيما بينها بمدلول واحد يعني تأخر تلك الدول في قطاعات كثيرة من أهمها قطاعي التعليم والصحة.

اندرجت دول الجنوب، ضمن ما ما عُرف بالتقسيم الدولي للعمل منذ بداية القرن 20، في إطار الدول الفلاحية؛ فأريد لها أن تتشكل دولا تستهلك ما لا تنتج وتنتج ما لاتستهلك، أغلبية سكانها تعيش في الأرياف وبها، أرياف تراكمت فيها كل مظاهر التخلف: ضعف البنيات التحيتية والفقر والأمراض والجهل، مما أرغمها على مواجهة إكراهات زراعية معقدة؛ بدء باتخاذ الفلاحة وسيلة للإرتقاء بساكنة الأرياف، مرورا بمحاولة إسهامها في التنمية الاقتصادية والإجتماعية الوطنية، انتهاء بتهديدها للأمن الغذائي لشعوبها.

مما جعلها ترزح في إطار دائرة سوسيوقتصادية مغلقة، أعقد من دائرة نوركس راغنار[4]؛ لأن دائرته تتحدث عن تخلف بسيط، بينما تعاني هذه الدول من تخلف مركب.

الشكل رقم 1: الدائرة السوسيوقتصادية المغلقة للتخلف وللتقدم

 

I – الأمن الغذائي بدول الجنوب ما قبل كوفيد 19:

تختلف حدة مشاكل التغذية عالميا من منطقة لأخرى:

الخريطة رقم 2: خريطة الجوع العالمية لسنة 2018

I – 1 –  يرتبط مشكل التغذية والأمن الغذائي بدول الجنوب بعدة عوامل أخطرها إجراءات الدول الإمبريالية:

يرتبط مشكل التغذية بعدة عوامل:

I – 1 – 1 –  العوامل البيئية:

تتمثل العوامل البيئية في الخلل البيئي، أو ما يعرف بالتغيرات المناخية، المرتبطة بالإنعكاسات السلبية للتطور التكنولوجي، خاصة تدهور الأراضي الفلاحية وموارد المياه، عبارة عن كوارث فلاحية تكتونية ومناخية وبشرية، إضافة إلى إصابات بيولوجية تهدد المزروعات والحيوانات، لخصها محمد بلفقيه في التنافس أو التنازع والتطفل[5]، يمكن تفصيلها كما يلي:

أ – التنافس أو التنازع: “يحدث التنافس عندما يتغلب نبات طبيعي على نبات مزروع، بحيث يستطيع الأول بما له من حيوية أن ينتزع من

الثاني الغذاء والماء، وأن يحرمه من الضوء والهواء، أما مصدر هذه النباتات المنافسة، قد يكون متأصلا في المجال المزروع، وقد يُجلب من خارج المجال المزروع، عن طريق النباتات أو الحيوانات المستوردة أو الطيور المهاجرة أو السلع والمحاصيل المتنقلة. مع الإشارة أن هذا الجلب إما أن يكون عفويا أو قصديا[6].

ب – التطفل: “يقصد بالتطفل هنا إصابة المزروعات أو ثمارها إصابة جزئية أو شاملة عن طريق بعض الحشرات … وهذا التطفل أنواع نذكر منها اجتياح الجراد لاقاليم بأكملها، واقتحام الخنازير البرية للحقول في المناطق المعتدلة، والفيلة للمزروعات في الجهات المدارية”[7].

ج – التصحر: من أخطر الكوارث الفلاحية، ويعني اكتساح الصحاري للأراضي الصالحة للزراعة، في المناطق الجافة وشبه الجافة، من خلال

تعرض تربتها للتدهور،  مما ينعكس سلبا على تنوعها الحيوي، تغطى الصحارى خمس مساحة الأرض، في اتساع مستمر على حساب الأراضي الزراعية، حسب تقرير الصندوق العالمي للطبيعة   (World Wide Fund for Nature) ، لذلك يفقد العالم 6 ملايين هكتار سنوياً من الأراضي الزراعية، لتصل المساحات المتصحرة ما يقارب 50 مليون كلم²، أغلبها تعاني منه القارة الإفريقية. للتحسيس بهذا الخطر، نظمت الأمم المتحدة مؤتمرًا دوليًّا لمكافحة التصحر سنة 1994، وخصصت 17 من يونيو من كل سنة يوما عالميا لمكافحة التصحر.

I – 1 – 2 –  العوامل الديموغرافية:

إذا استمر النمو الديموغرافي على ما هو عليه، فإن سكان العالم سيبلغون بحلول سنة 2050 نحو 9 مليارات نسمة، مما سيفرِض زيادةً ضرورية، قدرتها المنظمة العالمية للتغذية والزراعة ب 70%  في إنتاج الأغذية العالمي، وهو ما يعادل إنتاج كمياتٍ إضافية مقدارها مليار طن من الحبوب، و200 مليون طن من المنتجات الحيوانية سنويا.

I – 1 – 3 –  العوامل الاقتصادية :

تتمثل في التبعية الاقتصادية وما تعنيه من تحكم دولي في الغذاء العالمي، من أخطر أدوات هذا التحكم:

  • اعتماد علاقات تبادل غير متكافئة: يترتب عليها تنامى العجز الداخلي للبلدان التابعة، وبالتالي خضوعها القسري لتوجيهات

الدول المتبوعة.

  • إقحام مواد إستهلاكية: تقحم عبر عدة قنوات، منها المعونات الغذائية، بهدف تغيير العادات الاستهلاكية من مواد محلية إلى

مستوردة، مما يؤدي إلى تضاعف حجم الواردات الغذائية وإفلاس الإنتاج الغذائي الداخلي.

  • – التوزيع اللامتكافئ لوسائل الإنتاج الفلاحي: وخاصة الأراضي والموارد المائية والمالية.

I – 1 – 4 –  التحكم في الأمن الغذائي سياسات قديمة نهجتها الدول الامبريالية لتبرير استعمار الشعوب:

تجاوَز الأمن الغذائي للشعوب ما هو بيئي وديموغرافي واقتصادي إلى ما هو سياسي ـ حضاري، أما تسميته بالسياسي ـ الحضاري، لإمكانية إدراجه في الصراعات التاريخية بين مختلف الحضارات، إذ أن الدول الامبريالية لا تجد أدنى حرج في سبيل تطبيق أطماعها، إما بالتجويع وإما بغيره، لذلك فهي سياسات قديمة نهجتها الدول الامبريالية؛ من ذلك ما ذكره ألبير عياش في كتابه (المغرب والاستعمار حصيلة السيطرة الفرنسية)، يقول: “فرضت الامبرياليات على السلطان أن يتخذ تدابير لا شعبية، من أجل خلق الإضطرابات، وبذلك تم تقديم التدخل الأجنبي وكأنه ضروري، ولصالح ذلك الشعب الذي يراد استعماره” [8]. تُحرِّكُ الدول الإمبريالية هذه التجاوزات عبر إجراءات مشبوهة، رغم تلويح السياسة الغذائية الأميركية بما أسماه أوباما بالتغيير التحويلي، إذ يقول:”لا تكون الإشارة الحقيقية للنجاح ما إذا كنا نشكِّل المصدر الدائم للإعانات، التي تساعد الناس على مجرد الاستمرار، بل إذا كنا الشركاء في بناء القدرات اللازمة للتغيير التحويلي”[9].

I – 1 – 5 –  التحكم في الأمن الغذائي للشعوب سياسة لم تعد قابلة للسرية:

إن سياسة التحكم في الأمن الغذائي للشعوب، ليست أيضا وليدة اليوم، إنما خُطط لها قبل استعمار هذه الشعوب، ليس بالضرورة تخطيطا عسكريا؛ إنما مُهِّد له عبر قنوات متعددة، من أهمها البحث العلمي الجغرافي، إذ لم يكن بحثا بريئا حينما انكب عن البحث في أرياف دول الجنوب، وحينما اتخذت البادية موضوعا لجغرافية الأرياف[10]، لا  كما نتخذها في دول الجنوب، تَفكُّهاً بمستوياتها المعيشية أو تكيفات ساكنتها أو عاداتهم وتقاليدهم الغريـبة، وفي أحسن الأحوال قد يُثري عند مثقفينا ترفاً معرفياً، بل تتخذها دول الشمال خدمة لأغراضها ومصالحها، من ذلك ما يعرف بين هذه الدول ب”الإستخبارات الزراعية”[11].

إن الدراسة العلمية الحقيقية لهذا المجال الجغرافي، كفيلة بالإسهام في طرق إنقاذ الأمن الغذائي للشعوب، لذلك لا يعترف الجغرافيون بالدراسة التي تحصر حقيقة هذا المجال في  الشساعة  وكل ما ليس بمدينة[12]، كما لا يعترفون بالتي تكتفي بتسليط الأضواء على مشاكل هذا المجال، وإنما لا بد لها من الإسهام في وضع تصورات اسشرافية لمعالجة تلك المشاكل[13].

أصبحت سياسة التحكم في الأمن الغذائي للشعوب تطرح في المحافل الدولية، تصريحا لا تلميحا، من ذلك: “لكن بعض الدول الغربية، التي لم تطلب الإذن من أحد، لاستعمار بلدان الجنوب، بدل  تقديم الدعم اللازم لشعوبها، تتمادى في فرض شروط صارمة عليها، تعرقل مسارها  الطبيعي نحو التقدم”[14]. تترجم هذه الشروط المعرقلة للتقدم من خلال:

  • تهميش تنمية القطاع الزراعي، ضمن مخططات التنمية الاقتصادية التي تتبناها الدول المتخلفة.
  • أما إذا تبنت الدول المتخلفة في مخططاتها التنموية برامج وسياسات زراعية فعالة، فإن مصيرها الإفشال.
  • بل قد يهدد استقرارها السياسي.

ورغم ما صدر عن إعلان روما بشأن الأمن الغذائى العالمى بأن الأمن الغذائي مسألة اقتصادية “إن الغذاء لا ينبغي أن يُستخدم أداة للضغط السياسي والاقتصادي” [15]. رغم ذلك؛ أريد لكثير من الشعوب أن يكون أمنها الغذائي مهددا، من خلال اجراءات عملت على تسْـييس الأزمات الغذائية. تبرز هذه العراقل بجلاء في إفريقيا، التي وقعت فريسة لأساليب مختلفة من الإستغلال الدولي، رغم ثروتها الطبيعـية والبشرية الكبيرة[16].

تُصنّف الدول، تبعا لوضعية أمنها الغذائي، تصنيف وارد عن تخصص من العلوم الاقتصادية، برز كانعكاس لمشاكل التغذية والأمن الغذائي في العالم، وهو: الاقتصاد الزراعي[17].

II – الأمن الغذائي بدول الجنوب ما بعد كوفيد 19:

انعقد اجتماع استثنائي يوم 23 أبريل 2020، لوزراء الزراعة في مجموعة العشرين، من بين ما ورد في بيانهم المشترك:

“بدأت جائحة كوفيد-12 تؤثر بالفعل على النظام الغذائي برمته؛ فالقيود المفروضة على التنقل داخل البلد الواحد وبين البلد والآخر، يمكن أن تعيق الخدمات الللوجستية المتعلقة بالأغذية … كما أن تأثيرات هذه القيود على حرية حركة العاملين في الزراعة وعلى إمداد المزارعين بالمدخلات الزراعية، سيخلق قريباً تحديات على إنتاج الأغذية مما يهدد بالتالي الأمن الغذائي وخاصة الذين يعيشون في الدول الأكثر فقراً.[18]

بينما حذرت المنظمات الدولية المكلفة بشؤون التغذية والصحة والتجارة، من حصول تأخر على الحدود لحاويات البضائع، مما يؤدي إلى الرفع من خسائر المنتجات الغذائية القابلة للتلف[19]. كما يحذر خبراء من منظمة الأغذية والزراعة من أن تشديد قيود تصدير المواد الغذائية من طرف بعض الدول الكبرى المنتجة، سيؤدي إلى مجاعات في دول أخرى من العالم.

ناهيك عن ارتفاع أسعار الحبوب وما تنعكس به على الزيادة في عجز الميزان التجاري الغذائي لدول الجنوب، من ذلك ما كشف عنه المرصد الوطني التونسي للفلاحة، من أن الاسواق العالمية للحبوب شهدت تطورا مغايرا، أفضى إلى ارتفاع الأسعار المحلية[20].

II – 1 –  كوفيد 19 وانطواء الدول المصدرة للمواد الغذائية على نفسها:

لاشك أن دول الشمال أكثر علما بأن دول الجنوب حينما أبتلوا بما هم فيه من التخلف، إنما هو نتيجة حتمية لكثير من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، إلا أن أخطرها يتمثل في تفرقهم، وعدم انضوائهم في تكثلات اقتصادية حقيقية. لذلك فإن دول الشمال أشد حرصا على الإستمرار في ما أشادوه من تكثلات؛ لعل أهمها مجموعة الإتحاد الاوربي.

إلا أن كوفيد 19 كشف النقاب عن كثير من الإختلالات في هذا الإتحاد، وإنما تُــختبر قيمة الإتحادات والتكثلات إبان المحن!

إن الواقع الذي خلفه هذا الوباء فاجأ كل المراقبين، من خلال تباين التدابير والقرارات بين كل دولة على حدة، كأنها تقول بلسان حالها نفسي نفسي. أخيرا وضع الاتحاد الأوربي على المحك، فشله في مواجهة كوفيد 19 لم يعد خافيا، بل إن بعض شعوب الإتحاد بلغ الإحتقان فيه، إلى حد إحراق علمه، سخطا من الإيطاليين على تقاعس دوله أمام مصابهم، وحتى لا يُتصور أنه مجرد انفعال من أفراد، فإن صحيفة إيطالية وصفت فرنسا بالدولة الصديقة التي طعنتنا في الصدر! لأنها لم تستقبل مرضى إيطاليين كانوا يقيمون على الحدود بين البلدين في مدن صغيرة.

أجواء تنافست فيها الإيديولوجيات؛ فهاهي كوبا من المعسكر الشيوعي ترسل إلى إيطاليا أطباء، بدل إسقاط الصواريخ فوق رؤوس الأبرياء كما تفعل دول المعسكر الرأسمالي[21].

الأخطر في موضوعنا؛ أنه في حالة ما إذا قررت الدول الكبرى  المصدرة للحبوب، الإحتفاظ بمحاصيلها حفاظا على مصالحها الوطنية، فإن الدول المستوردة ستواجه مخاطر قد تعرضها لمجاعة!

وبالفعل؛ فإن روسيا التي هي أكبر مصدر للقمح في العالم، تعتزم الحد من صادراتها للحبوب وجعلها في حدود7 ملايين طن بين أبريل ويونيو 2020،كما قررت بيع مليون طن من القمح من مخزونها الاحتياطي في سوقها المحلية للحد من ارتفاع الأسعار الداخلية وهو ما يكفي لتخفيف الضغط، وضمان استقرار السوق الوطنية[22].

II – 2 –  فرصة لإعادة هيكلة المقومات والقطاعات الاقتصادية بما يكسر التبعية الغذائية:

تزخر بلدان الجنوب بكل المقومات الاقتصادية؛ من ثروات طبيعية ورؤوس أموال وأيدي عاملة ومواصلات وأسواق، غير أن ما تعاني منه اليوم؛ هي الإعاقة التي تشل سياساتها الاقتصادية، والإختلال المتبع في أولويات قطاعاتها الاقتصادية.

II – 2 –  1 تعاني بلدان الجنوب من اختلالات غذائية رغم أنها تزخر بكل المقومات الاقتصادية:

تعاني دول الجنوب من اختلالات غذائية عميقة، لم تستطع التخلص مما يحاك ضدها من سياسات امبريالية، وقد آن الأوان إلى تفعيل ما يتم التعبير عنه من خلال البيانات النظرية لمختلف القمم؛ أذكر منها ما يخص موضوع الأمن الغذائي:

  • بيان قمة تونس سنة 2004 الداعي إلى « تنسيق السياسات الزراعية القطرية، في إطار استراتيجية تنموية زراعية عربية، تجسم

مسارات التكامل الزراعي العربي».

  • قرار قمة الجزائر سنة 2005 « الذي يقضي بتكليف الجمعية العمومية للمنظمة العربية للتنمية الزراعية (وزراء الزراعة العرب)

بإعداد استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين 2005 ـ 2025، بما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في النفاذ للأسواق العالمية»[23].

ركزْت في هذه الدراسة على مثالين؛ المغرب والسعودية، ليتضح أنهما، على غرار باقي دول الجنوب، وإن كانت تعاني من نفس الإختلالات التي تعم كل بلدان الجنوب، فإن جائحة كوفيد 19 يمكن أن تمنحها فرصة لإنقاذ أمنها الغذائي.

 

 

المغرب كمثال أول:

تم الاعتماد على الفلاحة كركيزة للاقتصاد المغربي منذ الاستقلال، من خلال إجراءات تنظيميه لتحقيق الإكتفاء الذاتي الغذائي، والرفع من دخل الفلاحين والحد من الفوارق الجهوية. من أهم هذه الإجراءات:

أ – سياسة السدود: دامت إلى بداية الثمانينات من القرن العشرين، وضع خلالها برنامجا لسقي مليون هكتار في أفق سنة  2000، ليصل عدد السدود في المغرب إلى حوالى 139 سدا، بطاقة استيعابية كبيرة، و100 سد بطاقة استيعابية متوسطة وصغيرة، خلفت هذه المشاريع الهيدروفلاحية انعكاسات متنوعة؛ يمكن إجمالها فيما يلي:

  • معضلة القروض: أرغمت البلاد المشاريع الهيدروفلاحية على مواجهة معضلة القروض: في سنة 1966 تم اقتراض 8,56

مليون درهم في إطار برنامج بناء مشرع بالقصيري. كما تم اقتراض46 مليون درهم من الصندوق الكويتي. في 1967 تم اقتراض30 مليون درهم من فرنسا سنة 1968. عموما فإن القروض جد مرتفعة رهنت مستقبل المغرب لعقود عديدة بمديونية متفاقمة، لبناء سدود تستفيد منها قلة محدودة من كبار ملاكي الأراضي.

  • تركيز الإمكانيات المالية والمادية والبشرية في مناطق محدودة مجالية: بالرغم من مرور ما يزيد على 50 سنة على

سياسة  السدود الرامية إلى التحكم في الموارد المائية، ومن خلالها التحكم في الإنتاج، فإن المرحلة أفضت بتركيز الإمكانيات المالية والمادية والبشرية في مناطق محدودة مجالية (8 إلى 10 % من الأراضي)، النتيجة الأولى كانت هي تعميق الفوارق المجالية أولا ثم الإجتماعية ثانيا ثم الإنتاجية ثالثا.

  • انعكاسات سلبية على التوازن الإيكولوجي: كما أن موقع المغرب في منطقة متاخمة للصحراء، يطرح ببناء السدود مشكلة

تجفيف الأودية، مما يترتب عنه بالضرورة انعكاس سلبي على التوازن الإيكولوجي، أي على مدى سقوط الأمطار من عدمه.

ب – مخطط المغرب الأخضر: أطلقه المغرب في أبريل 2008 ، لجعل الفلاحة المحرك الرئيسي لنمو الاقتصاد الوطني، في أفق 15 سنة

القادمة[24]. خلف مجموعة من الإيجابيات والسلبيات:

  • من إيجابياته: ” أتاح مخطط المغرب الأخضر توفير الإطار المؤسساتي الملائم والزخم اللازم لتعبئة الموارد المالية والفنية من أجل

تحديث منظومة الري في القطاع الفلاحي. وفي إطار المخطط الوطني للماء، سيستمر حتى عام 2030 تنفيذ برنامج التحول إلى نظام الري الموضعي الذي دعا إليه مخطط المغرب الأخضر 2020، وذلك بقصد الوصول إلى 70% من المساحة الكلية للأراضي المروية. وقد تم بالفعل تحويل ما مجموعه 450 ألف هكتار (في المتوسط 50 ألف هكتار سنويا) إلى الري الموضعي.”[25]

  • من سلبياته: أنه ” يتبنى موقفا واضحا لصالح نموذج “الضيعات الكبرى”، ويعبئ جميع وسائل الدولة والمساعدات الدولية لتعزيزها،

وهو ما يعود فعليا بالنفع على كبار الفلاحين … لكن للتغطية على نوايا الرأسمال المالي العالمي تلجأ تقارير المؤسسات المالية الدولية والخبراء الأجانب الى الحديث كثيرا عن محاربة الجوع وتنمية الفلاحين الصغار والارتقاء بهم الى مقاولات خاصة منتجة”[26].

” ورغم أن مخطط المغرب الأخضر يهدف إلى أن يكون فائق الإنتاجية  (حتى لو كان ذلك على حساب  القواعد الأساسية لحماية الموارد الطبيعية)، فإنه يظل صامتا تماما عن الحاجة الملحة إلى الأمن الغذائي للبلاد؛ فهو يركز بوضوح على الإنتاج من أجل التصدير، ولا يهتم للعجز في المواد الغذائية الأساسية”[27].

ورغم مضاعفة حجم الاقتصاد الوطني منذ سنة 2000، فإنها مضاعفة أفادت الشق الاقتصادي المتعلق بإنتاج الثروة، في حين سجلت عجزا مزمنا على مستوى الشق الاجتماعي، لتستمر الإختلالات الداخلية على مستوى الفئات والقطاعات والمجالات [28].

لذلك؛ رغم كل المبادرات والإجراءات السابقة، إلا أن القطاع الفلاحي المغربي، بقي يخطو على إيقاع التقلبات المناخية.

الشكل رقم 2: استغلال الموارد المائية في المغرب

يستنزف القطاع الفلاحي 87% من الموارد المائية، يليه الاستعمال المنزلي ب10% ثم الصناعة ب 3%.[29]، دون تحقيق الاكتفاء الذاتي، ارتباطا بنوعية صادراته ووارداته الفلاحية:

* صادرات مستهلكة للمياه (الطماطم، البرتقال)

* واردات تشكل مواد غذائية أساسية، فكما لو أنه بكل بساطة، يصدر الماء بسخاء ويستورده بعناء، مع تحقيق نتيجتين متوقعتين:

عجز ميزانه التجاري (يتراوح بين 10 إلى 30 %) وتكريس تبعيته وتهديد أمنه الغذائي[30]، من خلال إرغامه على اللجوء إلى الأسواق الخارجية لاستيراد مواده الغذائية، وعلى مواجهة انعكاسات عميقة ما زالت جاثمة على الواقع السوسيوقتصادي للأرياف والحواضر المغربية.

السعودية كمثال ثان: تزخر دول الجنوب بقدرات زراعية واقتصادية هائلة، أقتصر هنا على ذكر دولة تصنف ضمن البلدان التي لديها إمكانات مالية ضخمة، دون توفرها على مجال فلاحي ملائم، أرغمت أخيرا على الإستثمار في البلدان التي لديها إمكانات زراعية، لكن وسائلها ومصادرها المالية ضئيلة، من خلال تخصيص مبلغ 800 مليون دولار للشركات التي تستثمر في الزراعة خارجها.

يتعلق الأمر بالمملكة السعودية؛ تشكل الصحاري جزء كبيرا من مساحتها، مناخها حار وجاف، لا تتجاوز أمطارها السنوية 100 إلى 200 ملم، تتوفر على مياه جوفية مخزنة في الأجزاء الشرقية والوسطى من البلد، تكونت منذ 20 ألف سنة، على عمق يتراوح بين 150م و 1500م، غير أنها تعاني من عدم التجديد.

الشكل رقم 3: مصادر واستخدام المياه في السعودية

يستنتج من خلال هذه المقومات الطبيعة أن إنتاجها الفلاحي سيكون عملية مكلفة.

عملية تم الإنخراط فيها ضمن إجراءات سياسة زراعية اعتمدت على تنفيذ مشاريع هيدروفلاحية كبرى، تحاول من خلالها تحقيق الإكتفاء الذاتي وكذلك تصدير بعض المنتوجات كالتمور ومنتجات الألبان والدواجن والبيض، كما تم إنشاء مؤسسات مالية مختصة في القروض الزراعية كالبنك الزراعي العربي السعودي، تقدم قروضا بدون فوائد وعلى المدى الطويل.

رغم النتائج الإيجابية التي خلفتها هذه السياسة الزراعية على مستوى دينامية الأرياف السعودية؛ كتوفير فرص عمل لمئات الآلاف من البدو، وتخلي كثير من الأسر الرحل عن نمط حياتهم التقليدي. فإنها خلفت سلبيات خطيرة؛ من أخطرها:

  • ارتفاع التكلفة الإنتاجية: تزيد تكلفة القمح السعودي عشرة أضعاف ماهو منتج عالميا.
  • دعم القطاع الزراعي كان له أثر مدمّر في إمدادات المياه في البلاد.
  • دعم القطاع الزراعي أرهق إقتصاد البلاد، إذ يهدر نحو 20% من أرباح النفط السعودية بين سنتي1980 و2000.

سلبيات أرغمت السعودية حاليا على استيراد القمح من أوروبا وأميركا الشمالية وروسيا وأوكرانيا[31].

في انتظار تكثيف العلاقات البينية بين دول الجنوب عموما، وبين الدول الإسلامية خصوصا، على إثر جائحة كوفيد 19.

أتصور أن ذهبية هذه الفرصة تكمن في أن دول الجنوب أصبحت مجبرة على تسريع وتيرة العلاقات البينية فيما بينها، باعتبار شعورها بأن ضمان تغذية شعوبها يجب أن يكون أسرع من مخططاتها وبرامجها الزراعية، وشعورها أيضا بأنها شعوب شديدة القابلية للإنفجار كلما أحست بالجوع، مفعلة أواصر حَليفَيْها؛ الفقر حليفها الأول والجوع حليفها الثاني.

في هذا السياق شعرت دول الجنوب بخطورة الطرفية، وتحاول من خلال اجتماعات حكوماتها على طرح التدابير المستقبلية لتحقيق متدرج لأمنها الغذائي، من أمثلته؛ اجتماع حكومة الإمارات العربية المتحدة، حول بحث انعكاسات “كوفيد-19” على الأمن الغذائي، من أهم ما تقرر فيه؛ دعم منظومة التكنولوجيا الزراعية في الدولة وتسريع الانتقال من أساليب الزراعة التقليدية الى الأساليب الحديثة لتعزيز الأمن الغذائي والمائي، ولمواصلة التوسع بالمشاريع الزراعية المحلية والدولية، وزيادة الإنتاج الغذائي في الدولة من خلال زراعة أكثر من 40 ألف مزرعة وزيادة الإنتاج المحلي بنحو 100 ألف طن من الأغذية لزيادة حجم المخزون الاستراتيجي ما يضمن توفر المنتجات الغذائية الرئيسية في أسواق الدولة[32] .

II – 2 –  2 فرصة لمعالجة الإختلالات المتبعة في أولويات القطاعات الاقتصادية بدول الجنوب:

ترتبت الإختلالات المتبعة في أولويات القطاعات الاقتصادية بدول الجنوب، عن اندراجها، شاءت أم أبت، في إطار الدول الفلاحية، ضمن ما عُرف بالتقسيم الدولي للعمل منذ بداية القرن 20، مما جعل لها انعكاسات سلبية مباشرة؛ من خلال قلب الأولويات التي تحتاجها دول الجنوب؛ فكونت شعوبا تستهلك ما لا تنتج وتنتج ما لاتستهلك؛ تحتل الرتب الأخيرة في المنتوجات الأساسية، بينما تُرتَّب في أوائل الدول بخصوص المنتوجات الكمالية كالحوامض والفواكه والورود!!! بينما تتصدر الدول الصناعية الرتب الأولى في أغلب المحاصيل الفلاحية، وخاصة الأساسية منها!!! بل الأغرب من ذلك، أن يُـــتَحكَّم في العادات الإستهلاكية لدول الجنوب؛ إذ نجد الدول الخليجية مثلا؛ تجعل من الأرز وجباتها الرئيسية، بينما يستحيل أن ينتج في مناخها الجافّ!!!

عاكست بذلك واقعها الجغرافي وحمولتها التاريخية؛ ففيما يخص واقعها الجغرافي فإن مساحة الأراضي الزراعية في العالم الاسلامي تبلغ حوالي 248 مليون هكتار؛ وهو ما يوازي حوالي خمس مساحة الأراضي الزراعية في العالم[33]. أما حمولتها التاريخية؛ فإنها تزخر بتوجيهات استراتيجية كبرى، موجِّهة للقطاعات الإنتاجية.

وقبل تفصيل أهم التوجيهات الإستراتيجية الكبرى، التي من شأنها إنقاذ الأمن الغذائي لدول الجنوب، لا أُنْكِر تأثير العوامل الاقتصادية في تفسير الظواهر الجغرافية، إنما أُنْكِر التوجه الذي يعتبر العامل الاقتصادي هو الأساس في هذا التفسير[34].

أذكر من التوجيهات الإستراتيجية الكبرى أربع توجيهات:

التوجيه الإستراتيجي الأول: مضمون هذه الآيات:{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ، إنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الَارْضَ شَقًّا، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا، وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}[35].

في هذه الآيات تشجيع واضح على تطوير الأبحاث الزراعية؛ من خلال إجراءات تدبيرية؛ أجملها فيما يلي:

أ – الأمر بتحقيق نظرة إنتاجية لا استهلاكية فقط: من خلال دعوة الإنسان لينظر إلى طعامه، ليس نظرة ما أُعِدَّ منه على الموائد؛ كما هو حال دول الجنوب اليوم، وإنما هي دعوة للنظرة الإنتاجية؛ بإعداده في الحقول، قال ابن عاشور في تفسير هذه الآية “فَالتَّقْدِيرُ؛ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى خَلْقِ طَعَامِهِ وَتَهْيِئَةِ الْمَاءِ لِإِنْمَائِهِ وَشَقِّ الْأَرْضِ وَإِنْبَاتِهِ وَإِلَى انْتِفَاعِهِ بِهِ وَانْتِفَاعِ مَوَاشِيهِ فِي بَقَاءِ حَيَاتِهِمْ”[36].

ب – الإرشاد إلى إمكانية تطوير الأنظمة الزراعية: بدليل الإرشاد إلى الأساسيات الأولية للإنتاج{إنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الَارْضَ شَقًّا، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا …}، وفق هذا التوجيه؛ كان على الدول الإسلامية أن تكون هي السباقة لتطوير وسائل الري العصرية، من خلال محاكاة الماء حينما يصب من أعلى، وهو ما يعرف اليوم بتقنية الرش بالأدرع المحورية؛ لـِما لها من فوائد إنباتية؛ بغسل الأوراق قبل ري الجذور، ” ترتوي هذه الجنة بأحدث ما توصل إليه العلم من وسائل الري، إنها تأخذ المياه من أعلى، أي من المطر … وبعد ذلك تنزل المياه إلى الجذور لتذيب العناصر اللازمة في التربة لغذاء النبات، فتأخذ الجذور حاجتها من الغذاء المذاب في الماء، وينزل الماء الزائد عن ذلك في المصارف المنخفضة. وهذه أحدث وسائل الزراعة الحديثة، واكتشفوا أن المحصول يتضاعف بها.”[37].كما أنها تقنية تُقلِّل من نفقات الفلاح بإعفائه من تكرار عملية الحرث كل موسم فلاحي؛ بسبب تكلس التربة الناتج عن غمر المياه بالسقي الإنسيابي التقليدي.

ج – الإرشاد إلى الاهتمام بإنتاج الحبوب أولا تحصينا للأمن الغذائي: توجيه يرتب استعمال المياه حسب الأولويات الفلاحية الضرورية، بدْءً بالحبوب كمنتوجات استراتيجية “فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا”، مرورا بإنتاج الدهنيات والفواكه، وانتهاءً بالحدائق الغُلْب”وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا”؛ إشارة إلى إنتاج الورود وتهيئة المنتزهات للسياحة والترفيه، يقول ابن عاشور:” وَذَلِكَ مِنْ مَحَاسِنِ الْحَدَائِقِ لِأَنَّهَا تَكُونُ قَدِ اسْتَكْمَلَتْ قُوَّةَ الْأَشْجَارِ … وَخُصَّتِ الْحَدَائِقُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا مَوَاضِعُ التَّنَزُّهِ وَالِاخْتِرَافِ، وَلِأَنَّهَا تَجْمَعُ أَصْنَافًا مِنَ الْأَشْجَارِ”[38].

ولعل عكس هذا الترتيب؛ هو الذي عرَّض المقومات الاقتصادية لدول الجنوب للهدر، دون تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، مرغمة على اللجوء إلى الأسواق الخارجية لاستيراد موادها الغذائية، وهو أيضا الذي جعل فيها العاملين في القطاع السياحي أول المتضررين؛ وهو أيضا الذي جعل فيها منتجي الورود يتكبدون خسائر مالية فادحة؛ سواء على الصعيد الوطني أو العالمي[39]، إثر جائحة كوفيد 19.

التوجيه الإستراتيجي الثاني: مضمون هذه الآية: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ}[40].

تنتج التبعية الغذائية لشعب ما، حينما يستهلك ما لا ينتج، بينما ترشد الآية إلى أن المستهلك لا يكون مستقلا في غذائه، إلا إذا استلك ما أنتجته يداه، وليس ما أنتجته أيدي غيره، ” وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا فِي قَوْلِهِ: وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ مَوْصُولَةً مَعْطُوفَةً عَلَى ثَمَرِهِ، أَيْ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَر مَا أخرجناه وَمن ثَمَرِ مَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ، فَيَكُونُ إِدْمَاجًا لِلْإِرْشَادِ إِلَى إِقَامَةِ الْجَنَّاتِ بِالْخِدْمَةِ وَالسَّقْيِ وَالتَّعَهُّدِ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَوْفَرَ لِأَغْلَالِهَا.”[41].

التوجيه الإستراتيجي الثالث: مضمون الحديث التالي: ” مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتاً فَهِيَ لَهُ “، جعل التشريع الإسلامي ينفرد بشكل آخر من أشكال التملك، يُسمّى (إحْياء الأرض المَوَات)؛ والأرض الموات هي الأرض البائرة غـير المستغـلة، يَحِق لمن استصلحها أن يمتلكها.

إلا أن غـياب هذا الشكل من أشكال تملك الأرض في دول الجنوب، لا يمكن أن يكون غيابا بريئا أو عشوائيا، وإنما لا بد أن يكون مندرجا ضمن منظومة التقسيم الدولي للعمل، من خلال التعطيل القانوني لهذا التشريع، وحرمان المجال الفلاحي بدول الجنوب من مساحات فلاحية متوفرة بكثرة، وتعويضه بتشكيل لوبيات مستفيدة من استيراد المواد الغذائية الأساسية لهذه الشعوب.

التوجيه الإستراتيجي الرابع: مضمون الأحاديث الثلاثة التالية:

أ – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ»[42].

ب – في حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: « إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ»[43].

ج – في حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم حينما رَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ: ” لَا يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الذُّلَّ”[44].

مضمون الحديثين الأول والثاني واضح في التشجيع على الإنتاج الفلاحي؛ مزروعات ومغروسات، بينما مضمون الحديث الثالث واضح في التحذير من الإنتاج الفلاحي!!!

لعل بعض أنصاف المثقفين ـــ الذين نُكِّست أفكارهم كما نُكِّست عاداتهم الإستهلاكية ـــ يفرحون بهذا التعارض الواضح بين هذه الأحاديث!!!

غير أنه تحذير نبوي مُبَكِّر، من مغبة الإعتماد على الأحادية الفلاحية في أي مخطط أو نمو إقتصادي، لأن ذلك من شأنه أن يضعف المسلمين أمام غيرهم، وهو ما عبر عنه الحديث النبوي بالذُّلَّ، وإن شئتَ عبِّــر عنه بالتخلف أو ما شئت من المسميات.

حقيقة حضارية فهمها علماء المسلمين منذ قرون؛ فقال بعض علمائهم: “فإنه (أي المسلم ) إذا اشتغل بالحرث لايشتغل بالفروسية (القوة العسكرية)، فيتأسد عليه العدو، فحثهم أن يشتغلوا بالفروسية، وعلى غيرهم إمدادهم بما يحتاجون إليه”[45]. ولعل الفكرة اتضحت في زماننا هذا بشكل جلي؛ حينما صُنِّفت الدول الفلاحية ضمن الدول المتخلفة، بينما استطاعت الدول الصناعية تحقيق جميع متطلباتها الفلاحية والاجتماعية والعسكرية وغيرها. وحينما ” أصبح الأمن الغذائي هو التحدي الأكبر في المنطقة العربية باعتباره جزء من أهم أوجه صناعة السياسات، نظراً لأن سياسة الغذاء ترتبط ارتباطاً مهماً باستقرار الأنظمة السياسية في المنطقة العربية لتأثيراتها المباشرة والسريعة على الفقراء ومحطات الرعاية الاجتماعية والمناطق المهمشة والشعبية خاصة في ظل أزمة كوفيد 19″.[46]

 

خاتمة:

اتُّفق على اعتبار انعكاسات كوفيد 19 عميقة، وشاملة لكل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية والثقافية والدينية والسلوكية، ركزت هذه الدراسة على انعكاساته الآنية والمستقبلية على الأمن الغذائي لدول الجنوب،

باعتبار الغذاء أخطر وسائل القهر البيولوجي للإنسان ، وبحلوله تكون الشعوب لها كامل القابلية لزعزعة كل المنظومات الأمنية؛ سواء ما يهم منها الأمن الاجتماعي أو الأمن الصحي أو الأمن السياسي، وقد تجتاح الأمن العقدي، ألم يقل الله تعالى:{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}[47]. إذ الجوع الذي يـُــخاف منه لا يأتي بغتة، وإنما هو حلقة ضمن مسلسل يبدء بسوء التغذية، مرورا بنقص التغذية.

لم تُـــــحَمِّل هذه الدراسة  كوفيد 19 كل المسؤولية بشأن الأمن الغذائي لدول الجنوب، وإنما اعتبرته بريئا من هذه التهمة، بل يمكن أن هو فرصة ذهبية يتيحها لهذه الدول، شريطة أن تعزم على ذلك، أما تبرير هذه البراءة فلا تحتاج لكثير بحث؛ إذ أن معاناة 150 مليون طفل من نقص التغذية، ومعاناة مليار إنسان في العالم من الجوع، واقع كان مطروحا أمام أنظار العالم قبل هذا الوباء، بل لن نبالغ إذا اعتبرنا أنه واقع مُتواطؤٌ عنه بين قادة الشمال والجنوب، من خلال عرقلة أو إفشال كل المخططات والتدابير التي تحاول الإنفكاك عن هذا الواقع.

بينما يحاول بعض من يدافع على المتواطئين الدوليين، من خلال ربط هذا الواقع بالجنوب نفسه، لا كأشخاص وإنما كاتجاه من الإتجاهات الجغرافية الأربع! مستدلين على ذلك بكون هذا الإتجاه الجغرافي (الجنوب) من نصيبه التخلف حتى داخل الدول المتقدمة؛ جنوب فرنسا، جنوب إيطاليا…

نوقشت هذه الفرضيات التي تربط بين النمو الاقتصادي للدول والعوامل الطبيعة، منذ القرن 19؛ من روادها عالم الاقتصاد الاسكتلندي آدم سميث.

منهم من قال بالتأثير الجيومورفولوجي في الفعالية الاقتصادية، مستدلين البلدان المحرومة من السواحل في جنوب أمريكا وإفريقيا وآسيا، أكثر فقرا من البلدان الساحلية، للفرق الحاصل في التسهيلات أمام التجارة البحرية، باعتبارها أقل تكلفة من النقل البري والجوي، محتجين أيضا لتأييد هذه الفرضية بخريطة التوزيع العالمي للإنتاج الاقتصادي، تبرز فيها المناطق الساحلية أكثر غنى وكثافة سكانية من المناطق الداخلية.

ومنهم من قال بالتأثير المناخي في الفعالية الاقتصادية، مستدلين بكون الإنتاج الزراعي في المناطق المعتدلة أهم وأقل تكلفة من المناطق الصحراوية، وأن الإصابة بالأمراض بالمناطق المدارية أكبر من المناطق المعتدلة، وأن غالبية البلدان الأكثر فقرا تقع بين المدارين، بينما تقع الأكثر غنى في المناطق المعتدلة.
بينما الحقيقة تكمن في تأثير السياسات الاقتصادية في النمو الاقتصادي للدول، بدليل أن دُولاً تقع في المناطق المدارية، تعرف دخلا عاليا؛ مثل الهونغ كونغ وسنغافورة والطايوان وماليزيا والبرازيل. كما أن دُولاً متجاورة تختلف في نموها الاقتصادي؛ مثل كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، دول اشتركت في المعطيات الطبيعية واختلفت في السياسات الاقتصادية[48].

الحقيقة تكمن في اندراج دول الجنوب، طوعا أو كرها، في إطار الدول الفلاحية، ضمن ما ما عُرف بالتقسيم الدولي للعمل منذ بداية القرن 20، فكانت الفترة الإستعمارية بمثابة الدروس النظرية لما سوف يأتي بعدها، لتطبيق هذه الدروس فعليا، من خلال تشكيل شعوب تستهلك ما لا تنتج وتنتج ما لاتستهلك،  لتتراكم فيها كل مظاهر التخلف، وكان عليها أن تنتظر قادة يخلصونها من هذا التحكم في مصيرها وأمنها الغذائي، ولعل استفحال هذه الأوضاع يؤدي بين الفينة والأخرى إلى انفجار يتم على إثره إنقاذ بعض شعوب الجنوب؛ كما حدث في ماليزيا ورواندا:

كانت ماليزيا إلى سنة 1981 ضمن الرتب الأخيرة للدول المتخلفة، متوسط دخل الفرد أقل من ألف دولار سنوياً، برزت شخصية محمد مهاتير، تمكن سنة 2000 بأن يوصل متوسط دخل الفرد 16 ألف دولار سنويا، وأن يكسر المخططات المرسومة للدول المتخلفة في إطار نظام العولمة. وبالتالي مكن ماليزيا من أن ترتب ضمن ما يعرف اليوم  بالنمور (ماليزيا، أندونيسيا والتايلاند).

لم ينتظر مهاتير معونات أمريكية أو مساعدات أوروبية، إنما اعتمد على عزيمة وصدق شعبه، وراهن على عقولهم وسواعدهم، لذلك كان يتوقع أن تصبح ماليزيا سنة 2020 رابع قوة إقتصادية فى آسيا بعد الصين واليابان والهند[49].

كما حققت رواندا أكبر نمو اقتصادي عالمي منذ سنة 2005 بمتوسط بلغ 7.5%، أهم عوامل هذا النمو:

  • انطلاق المصالحة الوطنية لإعادة بناء البلاد، خاصة في فترة الرئيس بول كاغام مابين سنة 2000 و2017.
  • أكثر الحكومات كفاءة ونزاهة في أفريقيا.
  • ميزانية التعليم 22% سنة 2018، وتؤكد الحكومة الرواندية أنها ستصل إلى 25% سنة 2020.
  • تعد الأولى فيما يخص سياسات محاربة الفساد والريع بإفريقيا.
  • إنشاء شركة في رواندا لا يحتاج سوى 5 ساعات فقط، تُنشأ في رواندا أزيد من 10 آلاف شركة سنويا.

استطاعت رواندا تحقيق أسرع الاقتصادات نموا في القارة السمراء؛ بلغ متوسط بلغ 7.5%، كما انتقل الناتج الداخلي الرواندي من 900 مليون دولار سنة 1994، إلى 9.14 مليار دولار سنة 2017.

تمكنت كل من ماليزيا ورواندا من تكسير المخططات المرسومة للدول المتخلفة في إطار نظام العولمة، مما يدل على أن العولمة ليست نظاما محتوما على الضعفاء ” وأن فيها جانبا ليس إرادة مقصودة للأقوياء، وينبني على هذا الفهم أن بعض سلبياتها قد يرتد على أصحابها” [50].

وهاهي فرصة أخرى يتيحها كوفيد 19 لدول الجنوب نحو تحقيق أمنها الغذائي، بعدما أصبحت عمليات الإستيراد والتصدير تعاني من قيود فرضت على التنقل داخل البلد الواحد، أحرى بين بلد وآخر، وبعد أن أصبحت المواد الغذائية القابلة للتلف تتعرض لخسائر فادحة، فضلا عن انزواء كل دولة حول نفسها، وقرار بعضها الإحتفاظ بمحاصيلها الزراعية تخوفا مما يمكن أن يهدد مصالحها الوطنية.

فرصة أخرى يتيحها كوفيد 19 لدول الجنوب، لإعادة هيكلة مقوماتها وقطاعاتها الاقتصادية بما يكسر تبعيتها الغذائية لدول الشمال، بتفعيل بيانات مؤتمراتها وقممها الكثيرة، وتحريك الجمعية العمومية للمنظمة العربية للتنمية الزراعية (وزراء الزراعة العرب)، ليس فقط بإعداد استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين 2005 ـ 2025، فهي مُعدة منذ سنوات، إنما آن الأوان إلى تفعيلها، من خلال استثمار مواردها الجغرافية، وإعادة إحياء حمولتها التاريخية،  التي تزخر بالتوجيهات الإستراتيجية الكبرى، الموجِّهة للقطاعات الإنتاجية.

 مراجع عربية:

مراجع خاصة:

1 – إبراهيم ناصر الناصر: العولمة مقاومة واستثمار، مجلة البيان، العدد 167.

2 – اجتماع حكومة الإمارات يبحث انعكاسات “كوفيد-19” على الأمن الغذائي، https://www.wam.ae/ar/details/1395302842355A-

3 – ألبير عياش: المغرب والاستعمار حصيلة السيطرة الفرنسية، ترجمة عبد القادر الشاوي ونور الدين سعودي، دار الخطابي للطباعة والنشر، ط1، أبريل 1985.

4 – بيان مشترك حول تأثيرات كوفيد-19 على الأمن الغذائي والتغذية، الخميس 23 أبريل، 2020،https://www.agricultureegypt.com/News/38371

5 – تقارير وإحصائيات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو). http://www.fao.org/

6 – جغرافية الغـنى والفقر، مركز جامعة هارڤارد للتنمية الدولية  (CID)، مجلة العلوم، دجنبر2002، المجلد 18.

7 – جمال عبد الهادي: افريقيا يُراد لها أن تموت جوعا، دار الوفاء، ط 3، سنة 1991.

8 – خليل عبد القادر: مشاكل التغذية في الدول النامية، مجموعة النيل العربية، ط 1، سنة 2003.

9 – خليل حسين: السياسات الزراعية في الدول العربية، دار المنهل اللبناني، بيروت، سنة 2006. ومنشورات المنظمة العالمية للتغذية والزراعة (الفاو).

10 – كورونا تدفع أكبر منتج للقمح في العالم إلى وقف التصدير،http://mubasher.aljazeera.net/news

11 – الرسالة الملكية الموجهة إلى الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك شتنبر 2014.

12 – السياسة المائية و الأمن الغذائي للمغرب في أفق بداية ق21،  مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة الدورات، الرباط 20 – 22 نونبر 2000.

13 – الفساد والصلاح الإداريان وأثرهما في ازدهار التنمية، حامد محمد إدريس (أريتيري)، مجلة البيان، العدد 232.

14 – القوى الكبرى والمشروطية السياسية في إفريقيا، راوية توفيق، مجلة البيان، العدد 181.

15 – شرفات أفيلال وزيرة الدولة المنتدبة المكلفة بشؤون المياه في المغرب: الأمن المائي في المغرب، بتاريخ 29/08/2017 http://blogs.worldbank.org/arabvoices/ar/water-security-morocco

16 – عبد السلام الديب: مخطط ماكنزي وصيرورة المسألة الزراعية في المغرب، أبريل 2014، http://www.4shared.com/account/home.jsp

17 – عبد الله صدقي، السياسة الفلاحية والتنمية القروية بالمغرب، تقديم نجيب أقصبي، الرباط، سنة  2014.

18 – الدول المصدرة للحبوب تحتفظ بمحاصيلها معرضة الأمن الغذائي العالمي للخطرhttp://www.alriyadh.com/1814077

19 – الفلاحة المغربية بالأرقام، منشورات وزارة الفلاحة والصيد البحري.

20 – الكتاب السنوي للإحصاءات الزراعية، إدارة الدراسات الاقتصادية والإحصاءات، وزارة الزراعة السعودية.

21 – إعلان روما في 13 نونبر 1996

22 – الأمن الغذائي العربي ودور القطاع الزراعي في تحقيقه، مجلة الزراعة، العدد 15، ص 51-54.

23 – الأمن الغذائي العالمي يواجه مخاطر أزمة في ظل انتشار فيروس كورونا المستجدhttps://www.cairo24.com/2020/04/01

24 – المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي: الحكامة عن طريق التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب.

25 – المرصد الوطني التونسي للفلاحة https://ar.webmanagercenter.com/2020/04/08/291754

26 – المملكة العربية السعودية  http://www.fao.org/nr/water/aquastat/countries_regions/SAU/SAU-CP_ara.pdf

27 – محمد بلفقيه: أوليات في الجغرافية الزراعية، منشورات صومابروب، الرباط 1988، ط 2.

28 – محمد خميس الزوكة: الجغرافية الزراعية، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ط. 3، سنة 2000.

29 – محمد خميس الزوكة: جغرافية العالم الإسلامي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ط. 2، سنة 2000.

30 – محمد دياب: المشكلة الغذائية في العالم جوهرها وأسبابها الحقيقية، 2013، https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content

31 – محمود ياسين، الاقتصاد الزراعي، جامعة دمشق، سنة 1991.

32 – محمود عمارة: ماليزيا حكاية فـأر تحوّل إلى نـمر، مارس 2010.

33 – منشورات المنظمة العربية للتنمية الزراعية. http://www.aoad.org/

34 – منشورات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة) الفاو) http://www.fao.orr.

35 – موقع وزارة الفلاحة http://www.agriculture.gov.ma

36 – نجيب أقصبي: حول الفلاحة في اتفاقيات التبادل الحر، attacmaroc.org، شتنبر  2016.

37 – هل تستطيع المملكة العربية السعودية إطعام شعبها؟ الإقتصاد الخليجي، العدد 29، نيسان 2015،http://www.asswak-alarab.com/archives/8374

38 – يونس جنوحي: هل يُنهي فيروس كورونا «أسطورة» الاتحاد الأوربي؟6  أبريل، 2020 https://www.alakhbar.press.ma/% D8%A7-95278.html

39 – والتر رودني: أوربا والتخلف في إفريقيا، عالم المعرفة، العدد 132، ترجمة د. أحمد القصير.

مراجع عامة:

40 – ابن عاشور: التحرير والتنوير، الناشر: الدار التونسية للنشر – تونس، سنة النشر: 1984 هـ، عدد الأجزاء: 30.

41 – علي ابن حجر العسقلاني: فتح الباري، مكتبة الرياض الحديثة، 1379 هجرية، عدد الأجزاء 14، ج 5، ص5.

42 – محمد متولي الشعراوي: تفسير الشعراوي ـــ الخواطر، الناشر: مطابع أخبار اليوم، سنة 1997، عدد الأجزاء: 20.

43 – محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى: 1420هـ): سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة: الأولى لمكتبة المعارف، سنوات النشر مابين 1995و2002 م.

مراجع فرنسية:

44 Pierre GILLARDOT: Geographie rurale, ellipses, édition marketing S.A, 1997.

45 Piere George: Dictionnaire de la Géographie,P.U .F, Paris, 1970.

46 Piere George: Precis de geographie economique; P.U.F; Paris 1975.

47 P. Pascon et Autres: La Question Agraire au Maroc, Pub du B.E.S.M. Imprimerie Najah El jadida, Casablanca, Sans date.

[1]  https://www.skynewsarabia.com/technology/1320425

[2]  http://www.fao.org/3/MR173AR/mr173ar.pdf

[3]  لمزيد من التفاصيل، انظر:

ــــــ محمد دياب: المشكلة الغذائية في العالم جوهرها وأسبابها الحقيقية، 2013، https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content

ــــــ د. خليل عبد القادر: مشاكل التغذية في الدول النامية، مجموعة النيل العربية، ط 1، سنة 2003.

[4]  نوركس راغنار Ragnar Nurkse (1907 ـ 1959) اقتصادي إستوني، خبير دولي  في مجالات التمويل الدولي والتنمية الاقتصادية.

انظر؛ دحماني محمد أدريوش: نظرية الحلقة المفرغة للفقر، https://docs.google.com/viewer?a=v&pid=sites&srcid=ZGVmYXVsdGRvb…PDF

[5]  محمد بلفقيه: أوليات في الجغرافية الزراعية، منشورات صومابروب، الرباط 1988، ط 2، ص 27 ـ 30.

[6]  محمد بلفقيه: أوليات في الجغرافية الزراعية، مرجع سابق، ص 27.

[7]  محمد بلفقيه: أوليات في الجغرافية الزراعية، مرجع سابق، ص 28 ـــ29.

[8]  ألبير عياش: المغرب والاستعمار حصيلة السيطرة الفرنسية، ترجمة عبد القادر الشاوي ونور الدين سعودي، دار الخطابي للطباعة والنشر، ط1، أبريل 1985، ص49.

لمزيد من التفاصيل، انظر: د. خليل عبد القادر: مشاكل التغذية في الدول النامية، مجموعة النيل العربية، ط 1، سنة 2003.

[9]  الرئيس الأمريكي أوباما في غانا سنة 2009، الزراعة في القرن 21، مكتب برامج الإعلام الخارجي، وزارة الخارجية الأمريكية، يناير 2010، المجلد 15، العدد1، ص 12.

[10]  Pierre GILLARDOT: Geographie rurale, ellipses, édition marketing S.A, 1997, P6.

[11]  انظر ما نشر في هذا الموضوع على الرابط: https://www.hespress.com/videos/91839.html

[12]  GEORGE . P – 1970: Dictionnaire de la Géographie,P.U .F , Paris , P 54.

[13]  محمد خميس الزوكة: الجغرافية الزراعية، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ط. 3، سنة 2000، ص 70.

[14]  مقتطف من الرسالة الملكية الموجهة إلى الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك شتنبر 2014.

[15]  إعلان روما في 13 نونبر 1996

[16]  لمزيد من التفاصيل، انظر:

* جمال عبد الهادي: افريقيا يُراد لها أن تموت جوعا، دار الوفاء، ط 3، سنة 1991.

* والتر رودني: أوربا والتخلف في إفريقيا، عالم المعرفة، العدد 132، ترجمة د. أحمد القصير.

* الأمن الغذائي العربي ودور القطاع الزراعي في تحقيقه، مجلة الزراعة، العدد 15، ص 51-54.

[17]  لمزيد من التفاصيل، انظر: محمود ياسين، الاقتصاد الزراعي، جامعة دمشق، سنة 1991.

[18]  بيان مشترك حول تأثيرات كوفيد-19 على الأمن الغذائي والتغذية، الخميس 23 أبريل، 2020،https://www.agricultureegypt.com/News/38371

[19]  الأمن الغذائي العالمي يواجه مخاطر أزمة في ظل انتشار فيروس كورونا المستجدhttps://www.cairo24.com/2020/04/01

[20]  المرصد الوطني التونسي للفلاحة https://ar.webmanagercenter.com/2020/04/08/291754

[21]  يونس جنوحي: هل يُنهي فيروس كورونا «أسطورة» الاتحاد الأوربي؟6  أبريل، 2020 https://www.alakhbar.press.ma/% D8%A7-95278.html

[22]  كورونا تدفع أكبر منتج للقمح في العالم إلى وقف التصدير،http://mubasher.aljazeera.net/news

[23]  لمزيد من التفاصيل؛ انظر:

– د.خليل حسين: السياسات الزراعية في الدول العربية، دار المنهل اللبناني، بيروت، سنة 2006. ومنشورات المنظمة العالمية للتغذية والزراعة (الفاو).

– منشورات المنظمة العربية للتنمية الزراعية.

[24]  انظر تفاصيل مخطط المغرب الأخضر في موقع وزارة الفلاحة http://www.agriculture.gov.ma

[25]  شرفات أفيلال وزيرة الدولة المنتدبة المكلفة بشؤون المياه في المغرب: الأمن المائي في المغرب، بتاريخ 29/08/2017 http://blogs.worldbank.org/arabvoices/ar/water-security-morocco

مشاركة في المؤتمر العالمي حول المياه وإدارة الموارد المائية، نظِّمه البنك الدولي خلال الفترة من 27 إلى 31 غشت 2017 بالعاصمة السويدية ستوكهولم.

[26]  عبد السلام الديب: مخطط ماكنزي وصيرورة المسألة الزراعية في المغرب، أبريل 2014، http://www.4shared.com/account/home.jsp

[27]  حوار مع د. نجيب أقصبي (أستاذ في معهد الحسن الثاني الزراعة والبيطرة، الرباط) حول الفلاحة في اتفاقيات التبادل الحر، attacmaroc.org، شتنبر  2016.

[28]  لمزيد من التفاصيل؛ انظر:

* عبد الله صدقي، السياسة الفلاحية والتنمية القروية بالمغرب، تقديم نجيب أقصبي، الرباط، سنة  2014.

* الفلاحة المغربية بالأرقام، منشورات وزارة الفلاحة والصيد البحري.

*P. Pascon et Autres: La Question Agraire au Maroc, Pub du B.E.S.M. Imprimerie Najah El jadida, Casablanca, Sans date.

[29]  انظر: المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي: الحكامة عن طريق التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب، ص 29 ـ 31.

[30]  لمزيد من التفاصيل؛ انظر: السياسة المائية و الأمن الغذائي للمغرب في أفق بداية ق21،  مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة الدورات، الرباط 20 – 22 نونبر 2000.

[31]  لمزيد من التفاصيل؛ انظر:

– هل تستطيع المملكة العربية السعودية إطعام شعبها؟ الإقتصاد الخليجي، العدد 29، نيسان 2015،http://www.asswak-alarab.com/archives/8374

– المملكة العربية السعودية  http://www.fao.org/nr/water/aquastat/countries_regions/SAU/SAU-CP_ara.pdf

– الكتاب السنوي للإحصاءات الزراعية، إدارة الدراسات الاقتصادية والإحصاءات، وزارة الزراعة السعودية.

– تقارير وإحصائيات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو). http://www.fao.org/

[32]  اجتماع حكومة الإمارات يبحث انعكاسات “كوفيد-19” على الأمن الغذائي، https://www.wam.ae/ar/details/1395302842355A-AA+

[33]  محمد خميس الزوكة: جغرافية العالم الإسلامى، دار المعرفة الجامعية، سنة 2000، ص 241.

[34]  Piere George: Precis de geographie economique; P.U.F; Paris 1975.

[35]  الآيات 24 – 32 من سورة عبس.

[36]  ابن عاشور: التحرير والتنوير، الناشر: الدار التونسية للنشر – تونس، سنة النشر: 1984 هـ، عدد الأجزاء: 30، ج 30، ص 130.

[37]  محمد متولي الشعراوي: تفسير الشعراوي ـــ الخواطر، الناشر: مطابع أخبار اليوم، سنة 1997، عدد الأجزاء: 20، ج 2، ص 1157.

[38]  ابن عاشور: التحرير والتنوير، مرجع سابق، ج 30، ص 132.

[39]  على الصعيد المغربي؛ كبد فيروس كورونا منتجي الورود بأولاد مبارك ضواحي بني ملال أضرارا وخسائر فادحة؛

https://www.hespress.com/videos/469849.html

أما عالميا قدرت خسائر السياحة ب 180 مليون دولار حسب دراسة على الرابط:https://www.almasryalyoum.com/news/details/1629733

[40]  سورة يس الآية 35.

[41]  ابن عاشور: التحرير والتنوير، مرجع سابق، ج 23، ص 14.

[42]  رواه البخاري في صحيحه من كتاب المزارعة برقم 2320 ، ومسلم في صحيحه من كتاب المساقاة برقم 1552 وغيرهما.

[43]  أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى: 1420هـ): سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة: الأولى لمكتبة المعارف، سنوات النشر مابين 1995و2002 م، رقم الحديث9.

[44]  رواه البخاري في صحيحه كتاب المزارعة برقم 2321.

[45] علي ابن حجر العسقلاني: فتح الباري، مكتبة الرياض الحديثة، 1379 هجرية، عدد الأجزاء 14، ج 5، ص5.

[46]  معاذ العامودي: التحدي الأكبر…الأمن الغذائي العربي في ظل جائحة كورونا،23  أبريل 2020 https://www.alsiasat.com

[47]  سورة قريش الآيتان 3ـ ـــ 4.

[48]  لمزيد من التفاصيل، انظر:

* جغرافية الغـنى والفقر، مركز جامعة هارڤارد للتنمية الدولية  (CID)، مجلة العلوم، دجنبر2002، المجلد 18.

*  القوى الكبرى والمشروطية السياسية في إفريقيا، راوية توفيق، مجلة البيان، العدد 181، ص 50.

* الفساد والصلاح الإداريان وأثرهما في ازدهار التنمية، حامد محمد إدريس (أريتيري)، مجلة البيان، العدد 232، ص 21.

[49]  لمزيد من التفاصيل، انظر: د. محمود عمارة: ماليزيا حكاية فـأر تحوّل إلى نـمر، مارس 2010.

[50]  إبراهيم ناصر الناصر: العولمة مقاومة واستثمار، مجلة البيان، العدد 167، ص 117.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M