فصل الأبناء من الوظيفة.. انتقام شامل من المعارضين بمصر

15 فبراير 2018 01:09
القاهرة.. حبس ابنة "الشاطر" ومحامية بارزة

هوية بريس – الجزيرة

شريط ذكريات سريع مر بخاطرها في دقائق، استحضرت خلاله مشاهد بهجة وسرور خلال أعوامها العشرين بالجامعة، حيث لم يخذلها جهدها كما لم تخذل أهلها ومحبيها وهي تزف إليهم خبر تفوقها وتصدرها زميلاتها كل عام، ثم قرار تعيينها بالجامعة، لينتهي الأمر بمكالمة هاتفية تحمل نبأ فصلها لأنها سمية ابنة “الشاطر”.
ورغم تتابع النكبات والمآسي على والدها خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين بمصر، فإن قرار فصلها من هيئة تدريس كلية البنات بجامعة عين شمس شكل صدمة كبيرة لها ولأسرتها، حيث جاء بعد رصيد حافل بالتميز في مراحل انتسابها المختلفة بالجامعة.

تتأسف سمية لما وصل إليه حال بلادها ونظامها، فهي التي اجتمعت لها شهادة أساتذتها وزميلاتها وطالباتها بحسن السيرة والتفاني في العمل والحرص على عدم خلط ذلك بأي نشاط آخر، ينتهي بها المطاف إلى الحرمان من حقها الطبيعي في مكانها بالجامعة بتهمة “الإرهاب” نكاية في والدها المعتقل منذ سنوات.

لكن رسائل المواساة والدعم العلنية منها والخاصة التي تضمنت دفاع إحدى طالباتها المسيحيات خفف عنها -كما تقول للجزيرة نت- خذلان مسؤولي جامعتها، من أول رئيسها وحتى رئيسة قسم تربية الأطفال الذي تنتسب إليه، وأمدها بيقين مستقر بأن الحق سيعود إليها ولو بعد حين.

سياسة عامة
استهداف معارضين من خلال فصل ذويهم كأحد الإجراءات العقابية بات سياسة متبعة من قبل النظام المصري، حيث سبق فصل ابنة الشاطر فصل شروق ابنة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة من وظيفتها كمعاون للنيابة الإدارية، ومحمد نجل وزير الأوقاف السابق طلعت عفيفي من وظيفته كإمام بأحد المساجد.
كما تم فصل نجل شقيق الرئيس المعزول محمد مرسي وابنة عبد الرحمن البر عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين من جامعاتهم. وأخيرا إيقاف سمير سامي عنان نجل الرئيس السابق لأركان الجيش المعتقل حاليا على خلفية إعلان نيته الترشح لانتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها في مارس المقبل.

هذه القرارات “التعسفية” وفق مسؤولة الملف المصري بمنظمة هيومن رايتس مونيتور لا سند لها قانونا، وتجعل من مصر “أضحوكة” يتم استحضارها كنموذج للتلاعب بالقانون والاستهتار به، وبات النظام يتوسع في هذه السياسة لتشمل بالإضافة إلى الفصل من الوظيفة فصل الطلبة وإلغاء الدرجات العلمية لأبناء معارضين.

وفي حديثها للجزيرة نت، تلفت سلمى أشرف النظر إلى أنه في مقابل التعسف بحق المعارضين وذويهم، يتوسع النظام بصورة غير مسبوقة في محاباة رجاله ومؤيديه بتوظيف أبنائهم وأقاربهم في مناصب ليس لهم حق فيها، كما يحرص على أن يكون فصل ذوي معارضيه مسَبَّبا بمبررات بعيدة عن علاقة المفصول بشخص معارضه.

الفصل من العمل يأتي في إطار سياسة أوسع للنظام يستهدف بها رموز المعارضة من خلال ذويهم، تشمل الاعتقال والاعتداء الجسدي والاختفاء القسري والإدراج على قوائم الإرهاب والمنع من السفر، بغرض الانتقام السياسي والضغط والابتزاز، وفق ما يقول مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي.

أطفال ونساء
ويكشف بيومي -في حديثه للجزيرة نت- عن بلوغ تعداد من أدخلوا مؤسسات عقابية من أبناء معارضين للنظام قرابة أربعة آلاف طفل، بينما فاق عدد من وقع الاعتداء عليهم من بنات ونساء معارضين أكثر من ألفي سيدة وفتاة.
ورغم تهافت أسباب قرارات الفصل بحق ذوي المعارضين -وهو ما ساعد في قبول عدد كبير من الطعون عليها- وإصدار أحكام قضائية نهائية واجبة النفاذ بوقفها وما يترتب عليها من آثار، فإن النظام عادة ما يتعنت في تنفيذ تلك الأحكام ويرفض عودة أصحابها إلى أعمالهم مرة أخرى.

ويؤكد المحامي والحقوقي أسعد هيكل أن قيام الجهة الإدارية التي تتخذ قرار فصل ذوي المعارض بوضع أسباب أخرى له في شكل قانوني لا يجرده من الشبهة السياسية، كونه يأتي مزامنا لمواقف سياسية لمعارض النظام وما يلقاه مقابل ذلك.
ويشير -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الجهات التي تتخذ قرارات الفصل بحق الأبناء لا تقوم بهذا الإجراء إلا بناء على تحقيق أو تحريات أمنية يتم بعدها إصدار قرار الفصل بشكل سريع لتحقيق الغرض المقصود، لكن بطبيعة الحال لا يُكتب في حيثيات القرار “تم الفصل لمواقف الأب السياسية”.

وربما سعى أصحاب تلك القرارات -كما يرى مراقبون- إلى دفع الأبناء للنقمة على آبائهم واستحضار البيت الشهير “هذا ما جناه أبي عليّ وما جنيتُ على أحد” إلا أن لسان مقال أغلبهم جاء مخيبا تلك المساعي حيث ما فتئت ابنة الشاطر تؤكد في حديثها للجزيرة نت “اعتزازها وفخرها” بوالدها ومواقفه.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M