فلسطين.. لماذا لم ينجح “الهروب الكبير” وما أبرز إنجازاته؟ (تحليل)

20 سبتمبر 2021 13:29

هوية بريس – وكالات

أبهرت عملية فرار ستة أسرى فلسطينيين من سجن “جلبوع” الإسرائيلي شديد الحراسة، العالم، بعد أن تمكنوا من حفر نفق من داخل زنزانتهم إلى خارج السجن؛ لكن مدة فرارهم لم تدم طويلة.

ويرى مختصون في قضايا الأسرى – تحدثوا لوكالة الأناضول – أن عدة أسباب قصّرت مدة فرار الأسرى، أبرزها القدرات الهائلة التي تمتلكها إسرائيل، وهيمنتها على أراضي الضفة الغربية المحتلة، وقلة معرفة الأسرى عن الواقع خارج السجن، بما في ذلك المعالم الجغرافية.

مع ذلك، فإن المتحدثين لفتوا إلى ما حملته عملية الهروب من رسائل ودلالات محلية ودولية، أبرزها إعادة قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وخاصة القدامى منهم، إلى الواجهة.

وفجر الأحد، أعاد الجيش الإسرائيلي اعتقال أيهم كممجي ومناضل نفيعات – آخر أسيرين فرّا من السجن – وذلك من المنطقة الشرقية في مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وبحسب بيان الشرطة الإسرائيلية “تم القبض على المطلوبَين وهما على قيد الحياة، دون مقاومة، وتم اقتيادهما للاستجواب من قبل جهاز الأمن العام”.

وفي 6 سبتمبر الجاري، حفر الأسرى الستة نفقًا من زنزانتهم إلى خارج السجن، وأُعيد اعتقال أربعة منهم يومي 10 و11 سبتمبر أسبوع، وهم: محمد العارضة ومحمود العارضة وزكريا الزبيدي ويعقوب قادري.

** من السجن الصغير للكبير

وليد الهودلي، الأسير السابق، يرى أن ما جرى للأسرى كان متوقعا، ملقيا باللوم على من “يُضخم” إمكانيات الأسرى.

للهودلي إصدارات في مجال أدب السجون بينها مسرحية “النفق” التي تتحدث عن حالة هروب من الأسر.

ويضيف في حديثه عن أسباب عدم نجاح الأسرى في الفرار لمدة أطول أن “هروبهم قصير في المدة، لكنه طويل في المعنى”.

ويرى أن من الخطأ التعامل مع القضية على أنها معجزة “بل هي جهد بشري، الأسرى بذلوا كل جهدهم، وبإمكانيات بسيطة، وحصلوا على شيء عظيم وأرسلوا كل رسائلهم”.

ويشير الهودلي إلى فارق الإمكانيات بين المعتقلين الفلسطينيين، وإسرائيل، “فدولة الاحتلال رصدت إمكانياتها، وكل ما تملك في متابعة ستة أشخاص”.

ويضيف مستدركا “مع ذلك، حقق الأسرى 90 بالمئة من أهدافهم”.

خلاصة ما يراه الهودلي في هذه الجزئية أن “الأسرى حرروا أنفسهم من السجن الصغير إلى السجن الكبير”، وأنهم إن نجحوا بالفرار من السجن الصغير، لم ينجحوا في الفرار من السجن الكبير، “وذلك جزء من معركة ترتكز على صراع الأدمغة والإرادات بين السجين والسجان”.

ويلوم الروائي والأديب الفلسطيني أولئك الذين رفعوا سقف الأمل دون الأخذ بعين الاعتبار معطيات الواقع ورفعوا شعارات بعيدة عن حدود الإمكانيات.

مع ذلك يرى أن رسائل الأسرى في عملية التحرر “عظيمة وكثيرة” وأولها أن “الحرية مطلب لا يمكن التخلي عنه”.

ويضيف: “الحرية لم تغب عن بالهم طوال سنوات الاعتقال، وأوصلوا رسالتهم لكل أحرار العالم أنهم أسرى حرية من حقهم أن يتحرروا”.

ويقول إن الأسرى الستة يمثلون “قضية وليس أشخاصا، يمثلون قضية الأمة المركزية وهي فلسطين، فأظهروها على المستوى العالمي بشكلها الحقيقي، بعيدا عن حلول الاقتصاد وتحسين معيشة السكان تحت الاحتلال، كما يريد البعض”.

** إعادة الاعتقال متوقعة

من جهته، يقول رياض الأشقر، مدير مركز دراسات الأسرى (غير حكومي) ومقره مدينة غزة، إن إعادة اعتقال الأسرى “طبيعية جدا ومتوقعة في ظل قوة الاحتلال وسيطرته الكاملة على الضفة الغربية المحتل”.

ويضيف أن “إمكانيات الاحتلال الفائقة أمنيا وعسكريا تجعل من شبه المستحيل نجاح الفرار لمدة طويلة”.

ويتابع: “صحيح أن الأسرى الستة حققوا المستحيل بتحرير أنفسهم، لكن التوقعات كانت بفترة حرية أقل وأن يعاد اعتقالهم”.

ويقول إن السبب “هو حشد إسرائيل آلاف الجنود للبحث عن الأسرى، وهيمنتها على كل شبر بالضفة”.

أما عن أهمية ورسائل عملية الهروب ذاتها، فيقول الأشقر: “شكل نجاح الأسرى في الفرار صفعة قوية للاحتلال، في سجن جلبوع شديد التحصين”.

ويقول إن “نجاح عملية الهروب دفع الاحتلال لتكثيف جهود البحث عن الأسرى في محاولة لاسترداد شيء من الكرامة والهيبة التي ضاعت”.

** أوصلوا الرسالة

من جهته يلفت حلمي الأعرج، مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية (غير حكومي) إلى أن الفرار بحد ذاته “تأكيد على حق الأسرى في الحرية، وأنهم في حال انسداد الأمل والأفق، انتزعوا حريتهم بأظافرهم”.

ويضيف أن في عملية التحرر ذاتها “رسالة للعالم عن حق الأسرى والأسيرات في التحرر من السجن والقيد”.

ويعتبر مدير مركز “حريات” أن الأسرى الستة “تمكنوا من وضع قضية الأسرى في مكان متقدم على صعيد الرأي العام العالمي، وأكدوا للمجتمع الدولي أن هناك أسرى يعانون من هذا الاحتلال منذ سنوات طويلة ومصممون على انتزاع الحرية”.

ويجزم الحقوقي الفلسطيني أن رسالة الأسرى وصلت وأن “كل وسائل الإعلام المختلفة عالميا سمعت ببطولات الأسرى، وكيف أنهم صنعوا المعجزات وهزموا المنظومة الأمنية الإسرائيلية الأشد والأكثر تطورا”.

على الصعيد الداخلي، يقول الأعرج إن قضية الأسرى “حظيت بالتفاف الشارع الفلسطيني، وعبرت عن فخره واعتزازه بهم”.

ويرى أنه “لولا الوقفة الشعبية لأقدم الاحتلال على إعدام الأسرى الستة بدم بارد، لكن خشيته من تفجُّر الوضع، والذهاب إلى هبة أو انتفاضة شعبية شاملة وربما تصعيد عسكري في غزة، كل هذا حمى الأسرى ودفع الاحتلال لاعتقالهم بدل إعدامهم”.

وتعتقل إسرائيل نحو 4850 فلسطينيا في 23 سجنا ومركز توقيف، بينهم 41 أسيرة، و225 طفلا، و540 معتقلا إداريا، وفق مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.

(وكالة الأناضول).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M