فيروس كورنا إذ يكشف الحقائق ويفضح الجميع

23 مارس 2020 19:46
فيديو.. العنف ضد المرأة.. رؤية شرعية ومقاربة اجتماعية - د. أحمد اللويزة

هوية بريس – د.أحمد اللويزة

لم يكن فيروس كورونا مرضا خطيرا فتاكا ومعديا سريع الانتشار، وجب أخذ الحيطة والحذر منه، واتخاذ كافة التدابير الوقائية من أجل الحد من انتشاره، بل ان فيروس كورونا كشف حقائق يتجاهلها او يجهلها الكثير، وفضح العالم وكشف المخبوء وأظهر البشرية على حقيقتها المتوحشة، وأبان عن حجم الشر والخبث الذي سكن نفوس الكثير من الناس وجثم على قلوبهم. حتى رأينا من يتقصد الصاق اللعاب والرذاذ بالفضاءات العامة حتى تنتشر العدوى.

لقد كشف الفيروس أن أرواح البشر لا تساوي شيئا امام جبروت وطغيان الانانية والكبرياء والتنافس على القيادة بين دول الحرب الباردة.

وكشف أن الانسان لا يخرج عن إرادة الله مهما بلغ ومهما ادعى من القوة والعلم، وصدق الله حين قال: ( يا معشر الجن والانس ان استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والارض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان).

و كشف أن قدرة الله فوق قدرة الخلق مهما بلغ من العلم والنبوغ والذكاء والعقل، وان مبلغه من العلم محدود وان الله قد حكم عليه أنه لن ينال من العلم الا قليلا، وصدق الله حين قال: (وما أوتيتم من العلم الا قليلا).

.لقد كشف كورونا على أن العالم بكل تقدمه العلمي والتكنولوجي وتنافسه المحموم على امتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا من أجل السيطرة والتحكم في العالم، عاجز عن مواجهة فيروس صغير الحجم حيث أدخل العالم في دوامة من الهلع والرعب مكتوف الايادي يسلم أمره للقدر المحتوم وينتظر فرجا ما ليكشف كربته ويزيل غمته.

لقد فضح الفيروس معاني الانسانية التي طالما تشدق بها الكثير من الناس وأظهر سوءة كثير من الناس وحجم الجزع والهلع والجشع وقدر الانانية التي صارت تحكم الفكر والوجدان، وان منهج الانسان في الحياة اليوم هو ” نفسي ومن بعد الطوفان “.

وكشف البلاء ان هناك أناس أنانيون لا تهمهم الا أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، لكن في المقابل هناك أناس سكن التضامن قلوبهم فضحوا بالغالي والنفيس ولم يدخروا جهدا في ادخال السرور على المحتجين والمعوزين.

وكشف ان كثيرا من البشر لا تنفع معه الكلمة ويحتاج الى السلطان والقوة، ولا يتفاعل مع “بالتي هي أحسن” بقدر ما يتفاعل مع “بالتي هي أخشن”، حين أحوج الدولة الى إعلان حالة الطوارئ، وصدق من قال : ان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

وقد فضح هذا الوباء عصابة الطابور الخامس زمرة النفاق والشقاق أصحاب الالسنة الحداد والحقد الدفين الذين لا يفوتون فرصة دون توظيفها في الطعن في الاسلام وأهله وعلمائه، رغم ان الآيات باهرة في أسبقية الاسلام الى الدعوة الى الإجراءات التي يعتمدها العالم اليوم في الحد من انتشار الوباء.

وكشف الوباء ان هناك قلوبا تلين وتخشع وتخضع وتتأثر عند حلول المحن والفتن والبلاء، وهناك قلوب هي أشد قسوة من الحجارة يصدق فيها قول الله تعالى(ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة) وقوله تعالى (ونخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا).

وكشف ان الناس مستعدون للالتزام بالتوجيهات والتعليمات التي تحد من حريتهم وحركتهم وتقيدهم بقيود صارمة ان كانت لأجل سلامة دنياهم، لكنهم غير مستعدون لذلك إذا كانت توجيهات ربانية ونبوية من أجل آخرتهم.

وكشف ان الايمان بالله واليقين فيه والتسليم لقضائه وقدره مجرد وهم يدعيه الانسان في وقت الرخاء، سرعان ما يزول عند الشدة.

وكشف عن مدى تعلق قلوب أكثر المسلمين بالدنيا وحب العيش وكراهية الموت، وان حرصهم على سلامة أبدانهم ودنياهم يفوق بسنوات حرصهم على سلامة دينهم وآخرتهم. وصدق فيهم وصف الصادق المصدوق في حديث “تتداعى عليكم الامم” حين جوابه عن سبب هوان المسلمينفقال: (حب الدنيا وكراهية الموت).

وكشف أن البشر اليوم كثير منهم ينشط ويسعد باختلاق الإشاعات وبثها، وكثير منهم قِمْع لا يميز بين الاخبار ولا يتثبت في صحتها ويسرع في تحويلها ونشرها.

لقد كشف الفيروس ان حثالة الاعلام وعصابة العفن ونشر الرذيلة الذين لمعهم الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ما هم الا عالة على المجتمع يضرون ولا ينفعون رغم مراكمتهم للثروات الهائلة، وانهم في حالة الشدة ينزوون إذ لا قيمة لهم في تلك الحال، وان المهمشين من العلماء والخبراء والاطباء ورجال الامن… هم أصحاب النفع، لهم الكلمة وعليهم تتوقف إجراءات المصلحة الكبرى للشعوب واوطانها وان كانت أجورهم هزيلة وثرواتهم بئسيه.

لقد كشف الوباء وحالة الرعب التي عاشها العالم معه، أن دولنا العربية والاسلامية مخطئة في تشجيع مجالات التفاهة والتي قيمة لها، وانها مفرطة في مجالات العلم والمعرفة وانه حان الوقت لتصرف همتها الى العلم والطب والخبرة والمعرفة، ولا يستقيم لها ذلك الا اذا كانت تعمل من أجل عقيدة ولا عقيدة لها الا الاسلام. وان تصرف نظرها عن مجالات اللهو والعبث فقد أثبتت في ساعة الشدة انها أخطر من الوباء نفسه.

لقد بان للبشرية ان حالة الرفاهية التي تعيشها يمكن ان تنتهي في رمشة عين، وبين عشية وضحاها، وما ذلك على الله بعزيز.

ولقد كشف الوباء كثيرا من الحقائق علمها من علمها وجهلها من جهلها وكل يرى شيئا مما أراه الله. فليست هذه التي ذكرت هي كل شيء، ولله في أقداره حكم وأسرار.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M