في انتظار مهرجان صراع الديكة والثيران بعد «مهرجان موازين»!!!

21 مارس 2016 14:59
عن واقع نقل صلاة الجمعة تساؤلات واستفهامات؟؟؟

د. محمد وراضي

هوية بريس – الإثنين 21 مارس 2016

مواسم الصالحين أصبحت بالتكرار عادة منذ قرون. فقد اهتدت إليها عقول ميالة إلى التجديد في مجال التعبد! فكيف لا تهتدي عقول حكوماتنا المتعاقبة المجددة إلى تنظيم مسمى مهرجان موازين، هذه التي لا نعرف تحديدا ما الذي تزنه من جهة، كما أننا لا نعرف موقعها من الأنواع الموسيقية الشائعة من جهة ثانية؟ هل تدخل في إطار مسمى الموسيقى الروحية؟ أم إنها تندرج في إطار مسمى الموسيقى الجسدية؟ ولو أن التمييز بين هذين النوعين، لا يستطيعه غير المشرفين على تنظيم الأولى أو الثانية؟ فالمشرف على تنظيم الأولى غير ملزم بمعرفة خصائص الثانية ومميزاتها، والمشرف على تنظيم الثانية غير ملزم بمعرفة كل ما يتعلق بها من قريب أو بعيد؟ ولا يستبعد أن يكون أحد الموسيقيين المهرة على بينة من خصائص ومن مميزات كل منهما، خاصة متى تعود المشاركة في أداء مقطوعات غنائية أو موسيقية بمناسبة تنظيمهما معا في الوقت ذاته!

لكن المطربين الذين يقع عليهم اختيار المنظمين للموازين داخل المغرب وخارجه، لا يميزون بين الروحي والجسدي في أداءاتهم الموسيقية الصامتة أو الصاخبة. فهل يجدي تركيز الأنظار على حركات المغنين والمستمعين كي نحكم بأننا أمام موسيقى روحية؟ أو نحكم بأنها موسيقى جسدية؟ أم نركز للتمييز بين النوعين على ملابس الحضور حتى ولو لم تكن موحدة؟ أم نركز على الكلمات التي يرددها المطربون، والتي تميل بنا إلى الانصراف عن الدنيوي إلى الأخروي إن كانت روحية، أو تبعدنا عن الأخروي إلى التهالك على الدنيوي إن كانت جسدية؟

عرف المغاربة مدى الدور الذي يؤديه الجسد في أكثر من قناة أرضية وفضائية، تشرف عليها حكومتنا الإسلامية في الوقت الراهن على الأقل! مع معرفتها التامة بأن إدارتها -لتفريج الكرب عن ملايين المغاربة، من طنجة إلى الكويرة- إنما مصدرها المال العام الذي لم تفلح الحكومة في توظيفه، خارج تحريك البطون به حتى تصل الفرحة إلى داخل كل البيوت، وإن لم تصل إلى أعماق كل النفوس التي يشمئز أغلب أصحابها من فرط أنواع الطرب الذي يؤديه من يوصفون بالفنانين! في حين أن الفنانين في إنصاف الشعب، وفي القضاء على البطالة والتهميش، وتكميم الأفواه، عملة عبر العالم العربي كله نادرة الوجود؟؟؟

وقد نصاب بالدهشة عندما نعلم كيف أنه لا فرق في الواقع بين الموسيقى الروحية وبين الجسدية، خاصة متى استحضرنا فرقا صوفية تستعمل البندير أو الدف كآلة موسيقية، لأداء ابتهالات أو تضرعات دينية، مع ما يرافقها من شطح، إلى حد عنده يصاب بعض المنخرطين في “الحضرة” بالإغماء! مع صرف النظر عمن يفسو منهم فيبطل وضوءه بشعور منه مرة! وبدون ما شعور منه أخرى!

فجل المغاربة يعرفون في العقود الأخيرة، مدى اهتمام الدولة بالإشراف المباشر على الطرق الصوفية، وذلك لقناعتها بأن مشايخها مصدر البركات التي لا تنقطع كعين ماء خرارة ليل نهار! وأن دوام هذه البركات، لا يتأتى إلا بإكرام الفقراء، بقدر ما يتم  إكرام المتبوعين المقدسين! أصبحوا من الهالكين (= بدعة القبورية)، أو ظلوا أحياء يرزقون؟

فمهرجان الموسيقى الروحية بتطوان، ومهرجان الثقافة الروحية بفاس -والمنعقدان منذ أعوام- كانا مهرجانين للغناء والطرب واللهو. شارك فيهما إلى جانب فرق موسيقية للسماع الصوفي مطربون ومطربات، بعض من هؤلاء ومن أولئك، لا علاقة لهم بالتصوف من قريب ولا من بعيد! حتى ولو بالادعاء! وبعض المطربات متبرجات وكاشفات الشعر، لا يختلفن عن غيرهن من المطربات النابغات في التمثل للموسيقى الجسدية! مثل المطربة المشهورة: أمينة أبو أمل المتخصصة في تقليد أم كلثوم! والمطربة عائشة رضوان! وبعض المغنين والمغنيات من الأجانب الذين لا ينتسبون إلى ملة الإسلام حتى بالهوية! مثل إحدى المطربات الزنجيات الأمريكيات! هذا بالإضافة إلى ورشة موسيقة أشرفت عليها في مهرجان الثقافة الصوفية الموسيقية الفرنسية: نتالي شاتوأرتو. والموسيقي الفرنسي: فردريك كالماس…

فإن كانت الموسيقى على العموم تحرك العواطف وتؤجج المشاعر، فإن وظيفتها حال كونها روحية، كوظيفتها في حال كونها جسدية! وما يقدمه المطربون الذين يحضرون من خارج المغرب لتطريب المغاربة الغارقين في النكد من أخمص الأقدام إلى ذروة هامات الرؤوس! لا يخرج عما يمكن وصفه بالطرب البذيء الساقط الذي تكتظ به مراقص الليل في العواصم الغربية! فإن كانت الشطاحات عندنا حاذقات في تحريك الأرداف والمؤخرات والنهود الثقال المكتنزات بالشحم واللحم الزائدين… فإن بعض القادمات من أمريكا تحديدا يدركن مدى التبرج، حينما يتجردن من لباسهن ما عدا الداخلي منها! هذا الذي يفضح ما هنالك على حد تعبير أحد الشعراء!

وفي واجهة جريدة مغربية يومية بتاريخ 7مارس الحالي (2016م)، وقفنا على هذا الخبر المرفوق بصورتين لمطربتين معروفتين في عالم الاستعراضات أمام آلاف المتفرجين. يقول الخبر: “تحيي النجمة الاستعراضية العالمية “كريستينا أغليرا” حفل اختتام الدورة 15 من مهرجان “موازين” بالرباط في 28 ماي المقبل. استضافة أغيلرا المعروفة بملابسها المثيرة وحركاتها الساخنة على مسرح حفلاتها، تعيد إلى الأذهان الجدل المثار حول حفل النجمة “جنفير لوبيز” في المهرجان نفسه الذي “زعزع” مشاعر حكومة بنكيران. وتحول إلى قضية رأي عام، وصلت أصداؤها إلى الصحافة العالمية”؟؟؟

وبما أننا لم نصل بعد في بلادنا المستقر الهادئ المزدهر، إلى تحقيق الفصل بين السلط، فإن القيود التي تكبل يدي رئيس الحكومة، هي نفسها التي تلجم ألسنة طاقمه الحكومي المختلط! وإلا فما الذي يجديه أن يصرح بنكيران -وهو صديقنا القديم- بأن المغرب دولة إسلامية؟ وهو في تصريحه إنما يمارس نوعا من العبث والدغدغة المقيتة للمشاعر عن قرب! إذ أنه لم يخرج ما ادعاه على ما تم التنصيص عليه في آخر دستور مغربي ممنوح عرفه العهد الجديد! فيكون من حق المغاربة أن يطالبوا أولا: بتوقيف مهزلة إنفاق الملايير في تنظيم مهرجانات لها ضلع طويل عريض في إفساد الأخلاق والدين! وهو ما انتبه إليه أحد الخطباء بالبيضاء فتعرض للطرد الفوري من مزاولة الخطابة! ثم تعرض في المرة الثانية للإبعاد عن رئاسة المجلس العلمي! وأن يطالبوا ثانيا: برحيل حكومة تدعي أنها على الإسلام في تسيير شؤون الدولة تعتمد!

إنما هل يبيح الإسلام أن تحضر إلى بلدنا وجوه غريبة ليطربنا حملتها مقابل الملايين التي يذهب بها المطربون حين يعودون إلى بلدانهم سالمين غانمين؟ ومتى اتضح لحكومة الملتحين -كما يقال- بأن استضافة كثرة المهرجانات، وتنظيم مختلف التظاهرات الرياضية، سوف تترك وراءها الملايين من الدراهم في خزينة الدولة، كما سيتركها السواح القادمون من شتى أرجاء العالم! ومتى اقتنع الشعب المغربي قاطبة بتفسير حكومة الملتحين من ذوي البركات التي لا ينقطع سيلها عليه برمته، اقترحنا على رئيس حكومتنا أن يبذل كل ما في وسعه، للإقدام على تنظيم مهرجانات أخرى مذرة لا شك للأرباح المضمونة في كل موسم على حدة؟

إننا نقترح عليه تنظيم مهرجان لصراع الديكة، ما دام بمقدورنا نحن المغاربة تربية فصائل منها قوية، قادرة على منازلة ديكة أخرى آتية من الخارج! خاصة وأن القرويين عندنا لهم باع طويل في إخصائها، مع العلم بأن المخصي منها منذ الصغر يسمى باللهجة العامية “المبعوج”! وهي لا شك حيلة ترشح ديكتنا للسيطرة على كافة النزالات التي سوف تجري بينها وبين ديكة جميع الدول المشاركة في المبارزات المفترضة! فنكون بذلك قد تعودنا الحصول على العملات الأجنبية الصعبة، لإغناء خزينتنا العامة، بدلا من إفقارها بملايين تذهب بها “أغليرا” و”لوبيز” ومطربين عرب ومطربات عربيات أخريات!!!

وفي الوقت ذاته نقترح على رئيس حكومتنا المتشبع بالإسلام، أن ينظم مهرجانا آخر لمصارعة الثيران، لا بالكيفية الإسبانية الأولى حيث ينازل فارس من الفرسان المدربين ثورا لم ير النور طوال مدة إقامته داخل إسطبل خاص حتى توحش! وإنما بالكيفية الثانية التي تطلق فيها الثيران الهائجة المتوحشة على الجماهير، التي تعدو هاربة من وجوهها حتى لا تتعرض للموت الزؤام! وهذه المناسبة متى عمت وأصبحت موسما في بلدنا كله من طنجة إلى الكويرة، مناسبة فيها تتخلص الدولة من آلاف المواطنين من مجازين ومن غير مجازين، وهؤلاء وأولئك، لا يكفون عن تنظيم وقفات احتجاجية لكونهم أصبحوا غرباء منبوذين في وطنهم الأم! فمن وجد منهم سبيله إلى الانتحار فعل؟ ومن وجد منهم طريقه إلى الموت التدريجي فعل؟ ومن وجد منهم طريقه إلى الهجرة هاجر؟ ومن استأنس منهم باعتراض سبيل الثيران الهائجة -كما اقترحنا- مات شهيد هذه الثيران وأصبح من الخالدين؟

وأقترح أخيرا على رئيس حكومتنا أن لا يتخلى عن تنظيم كافة المهرجانات في الأيام الدراسية، والتلاميذ والطلبة حينها على أبواب الامتحانات! خاصة وأن المهرجانات -كما يحدثنا علماء النفس الذين على الحكومة القائمة الاستعانة بهم- مناسبة متاحة لاستذكار الدروس، واستيعابها، ومن ثمة تحقيق نجاح باهر لكل الطلبة والتلاميذ، وحتى أساتذتهم ومعلميهم في آخر المطاف!!

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M