في ذكرى الاستقلال: أحزمة فرنسية ناعمة وأخرى ناسفة

17 نوفمبر 2015 17:44
العدالة والتنمية في مواجهة العاصفة (شروط النصر السبعة)

أحمد الشقيري الديني

هوية بريس – الثلاثاء 17 نونبر 2015

التفجيرات الأخيرة التي هزت عاصمة الأنوار باريس، وهزت معها شعارات الثورة الفرنسية عن الحرية والمساواة، كان وراءها شباب فرنسي تم شحنه في الشام بأفكار تخريبية بحسب التحقيقات الجارية، فتمنطق بأحزمة ناسفة، ورسم لوحة كالحة بلون الدم، باسم الدين، سيبقى أثرها في اللاشعور الفرنسي إلى يوم يبعثون.

فرنسا، الدولة العظمى، زرعت هي أيضا في مستعمراتها السابقة خلايا نائمة وأخرى يقظة، تمنطقت بأحزمة ناعمة يتم تفجيرها عن بعد.

لقد قامت فرنسا بتفخيخ تعليمنا وإعلامنا وثقافتنا وإدارتنا ومجتمعنا المدني، ووضعت عدة ألغام في مفاصلها، يتم تفجيرها عن بعد، وتحدث خرابا وصراعات ومعارك لا تنتهي تستنزف طاقاتنا وتشغلنا عن معركة البناء والتنمية والديمقراطية..

من الذي يدعم الأقلية الفرنكوفونية عندنا ويفرضها في مراكز القرار وعلى رأس المشاريع الاقتصادية..؟

من الذي يمول ويضع البرامج ويستقطب للمركز الثقافي الفرنسي الذي كان يعتبره البروفسور المهدي المنجرة أخطر بؤرة استعمارية تهدد هوية المغاربة وقيمهم وثقافتهم؟

من الذي يمول جمعيات لا يعرف المغاربة أسماءها إلا عندما تفاجئهم برفع شعارات “الحرية الجنسية” أو حقوق الشواذ أو الأكل العلني في رمضان أو حقوق الأمهات العازبات والعاملات في الجنس؟

من الذي زرع حزاما ناسفا في تعليمنا يعيد معركة التعريب إلى نقطة الصفر؟

من الذي جاء بالحاجة سميرة سيطايل لتقدم إنتاجا إعلاميا يصنع الميوعة داخل بيوتنا؟

من الذي زرع آل عيوش في ثقافتنا يفجرون ويفجرون (بتثقيل الجيم وتخفيفها) في نسائنا وبناتنا، حتى هددت خريجة مدرستهم الساقطة لبنى أبيضار ملك البلاد ورئيس حكومتها إن هما لم يستقبلانها في أقل من 48 ساعة؟!

من أين جاءت هذه العاهرة بكل هذه القوة والشجاعة لولا أنها تعلم أن ماما فرنسا وراءها؟

من زرع الحقوقي اليزمي على رأس مؤسسة حقوقية دستورية تنتقد القرآن في قضايا الإرث والإعدام وتعدد الزوجات وحقوق اللوطيين..؟

هل صوت المغاربة على هؤلاء؟

هل تخرج هؤلاء من جامعاتنا وجوامعنا ومساجدنا وأسواقنا ومجتمعنا العميق؟

كلا..! إنها أحزمة ناعمة يتم تفجيرها عن بعد من عاصمة الأنوار.

هل تدرك فرنسا حجم الخسائر التي نتكبدها جراء معارك طاحنة بين أقلية مفرنسة نافذة وأغلبية تقاتل من أجل هويتها وقيمها ودينها وحضارتها؟

هل تدرك فرنسا أن الإحباط الذي تصنعه سياستها العدوانية على قيمنا وهويتنا في نفوس الشباب، قد يدفع بعض المتهورين منهم للارتماء في أحضان الإرهاب الذي اصطلت بناره أكثر من مرة؟

متى تعي فرنسا أننا دولة مستقلة عنها، وشعوب تتوق للاستقلال عنها قيما وثقافة وحضارة؟

نحن لا نكره فرنسا لأنها دولة مسيحية أو لأنها دولة لائكية أو لأنها دولة عظمى وطئت أقدامها يوما ما أرضنا وعرضنا.. لا.. نحن نكره أن تتدخل فرنسا في شؤوننا الدينية والثقافية والتعليمية والاقتصادية والسياسية فحسب.

ومع ذلك فنحن اليوم متضامنون معها في محنتها، وديننا وأخلاقنا تفرض علينا أن نستنكر بشدة عمليات باريس الإرهابية، لعدة أسباب:

أولا: دفاعا عن ديننا الحنيف ونبي الإسلام المبعوث رحمة للعالمين، لأن أولئك الهمج الذين استهدفوا الأبرياء، يزعمون أنهم يمتحون من شريعته فيشوهون دينه.

ثانيا: دفاعا عن الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما يجري من مذابح في الشام والعراق، بل إنهم خرجوا في مناسبات عدة ضد سياسات بلدانهم التوسعية بهذا الصدد.

ثالثا: لأن تلك الهجمات المتخلفة تفتح الباب للدول الاستعمارية أن تحتل أرضنا وتتدخل في مقرراتنا التعليمية والدينية وتستغل ثرواتنا.

رابعا: لأن تلك الهجمات تخدم الأجندة الصهيونية في المنطقة، ولا تخيف الساسة الغربيين المساندين لها، بل تزيدهم قناعة بأن إسرائيل شرطي المنطقة ضرورة استراتيجية للحفاظ على مصالحهم الاقتصادية هناك.

خامسا: لأن تلك الهجمات المشبوهة تفتح النار على إخواننا المسلمين في أوروبا وأمريكا، وهم بالملايين عاشوا أجيالا وعقودا في كنف تلك الدول متمتعين بحقوقهم الدينية والاجتماعية والسياسية، وهم اليوم يعانون في صمت، يعانون من عنصرية مقيتة متزايدة ويمين متطرف صاعد تزداد شعبيته بالتوازي مع شعبية الدواعش عندنا، ومن تضييق ممنهج على مساجدهم ومقرات دعوتهم بل وفي وظائفهم وخبزهم اليومي.

سادسا: لأن تلك الهجمات الهمجية تنفر الغربيين من دين الإسلام بعد أن أقبلوا عليه أفواجا لبساطته وموافقته للفطرة وتصديقه لما بين يديه من رسالة الأنبياء عليهم السلام.

سابعا: لأن تلك الأعمال الإرهابية الهمجية يرفضها جمهور علماء الأمة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M