في زمن كورونا: المغرب تميز وغلاة العلمانيين سقطوا

23 مارس 2020 19:39

هوية بريس – حسن المرابطي

اِعلم أن المغرب، شعبا ودولة، تميز في محاصرة انتشار فيروس كورونا المستجد، بل تميزه هذا لم يقتصر على المحاصرة فقط، وإنما شمل الأسلوب المتسم بالمرونة خلال تنزيل الإجراءات التي تدرجت في التشديد، الأمر الذي جعل كل القرارات مُرحبا بها، حتى أمسى مطالب المواطنين فيها من التشديد أكثر مما أتت به المؤسسات الرسمية، كل هذا ليس غريبا على المغرب، لأنه عُرف قديما وحديثا بحسن تعامله مع الأزمات وإنما كان مرجعا لغيره في كثير من المحطات.

تفاعلا مع ما سبق، استبقت الصحافة العالمية نقل تجربة المغرب في الحجر الصحي أو البقاء في المنزل مع الإشادة بالوعي الذي أبان عليه الشعب المغربي في الالتزام بتعليمات مسؤوليهم لوعيهم خطورة الأمر، وبهذا الإنجاز العظيم لا نملك من القول إلا الافتخار بانتمائنا لهذا البلد الذي يُعطي الدروس في الالتزام والمسؤولية، أو قل بالأخص دروسا في الأخلاق، لاسيما أن المبادرة التي أطلقها ملك البلاد بإنشاء الصندوق الخاص بتدبير تداعيات وباء كورونا عرفت نجاحا فاق كل التقديرات، حيث تسابق الشعب المغربي للتضامن من خلاله بالتبرع وفق قدرة كل فرد منه.

في المقابل، لا يمكن الحديث عن كل هذا دون تسجيل بعض الاستثناءات، لأن مدينة أفلاطون أو الفارابي لا توجد إلا في الكتب، وعليه من المتوقع خروج بعض الأفراد عن الإجراءات الاحترازية الموصى بها من طرف الجهات الرسمية أو المختصين، ما يعني تكثيف الجهود لنشر التوعية أكثر مع استعمال لغة القانون في حالة الفشل مع عناد البعض. لكن هذا، لا يعني منح الحق في تعميم الانتقاد وسب الناس بأي شكل من الأشكال، أو بالأحرى تركيز النظر ومحاولة نشر مخالفة شخص ما على أوسع نطاق حتى يُخيل للمتابع تفشي ظاهرة العصيان أو اللامبالاة، لأن سمة نشر المساوئ وحب تفشي الأخلاق السيئة من سمات الشياطين والمنافقين، أو قل أن التركيز على هذا شبيه بعمل الذباب الذي تستهويه القاذورات بدل الاستمتاع بالرحيق والريحان كما هو الشأن لدى النحلة.

وبهذه المناسبة، نود التنبيه إلى بعض المغالطات التي تنشر هنا وهناك، حيث يسعى بعض غلاة العلمانيين الذين يتحينون كل فرصة للنيل من سمعة المسلمين والإسلام، وليس كشف حقيقة الإسلاميين كما يدّعون، ذلك أن الإسلام لا يجد حرجا في اعتناق الشخص من الأفكار أو الأديان ما يريد، بل لا يُكره أحدا على اعتناق دين دون غيره، وإنما لكل فرد حرية الاختيار وتقرير مصيره، ذلك أن الله عز وجل يوصينا في كتابه العزيز مخاطبة الناس جميعا بالقول الحسن: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً”.

للتذكير فقط، فإن جل المجامع الفقهية أو الجماعات والحركات الإسلامية والدعاة والعلماء أخذوا بفتوى الترخيص لوقف أداء صلاة الجماعة والجمعة في المساجد خوفا من انتشار فيروس كورونا المستجد، مقتدين في ذلك بالمنهج النبوي والسلف الصالح، بل عقلاء العالم من مختلف التيارات، يشهدون بالفضل والسبق لحبيبنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم في مكافحة وحصر الأوبئة، بل الحجر الصحي الذي يُتعامل به الآن في مختلف بقاع العالم، سبق للمسلمين التعامل به اقتداء بالسنة النبوية، وعليه فإن موقف الحركة الإسلامية على مستوى المغرب، ولاسيما حركة التوحيد والإصلاح وغيرها، كانت سباقة للتعامل الإيجابي مع فتوى المجلس العلمي الأعلى للمملكة والمخول له بإصدار الفتوى. ولا ننسى التذكير بأن اتحاد علماء المسلمين والذي يوجد على رأسه عالم مغربي أفتى بنفس فتوى المجلس العلمي الأعلى.

في المقابل، نجد جل من ذكرنا أعلاه، يشددون على ضرورة الأخذ بالأسباب مع الدعوة بشكل دائم الاهتمام بشتى العلوم بما في ذلك الطب، ولم يمنعهم يوما الدين الإسلامي من الإبحار في مختلف التخصصات، ولعل خير شاهد على ذلك توفر المغرب وغيره من البلدان على قامات علمية، لا يتسع المقام لسرد الأسماء، تميزت في مجال الطب وغيره دون أن نرى منهم معاداة الإسلام، بل على العكس تماما، نجدهم في مقدمة من يشتغل في هيئات عالمية ومحلية تهتم بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، ولهم مقالات علمية تنشر في أفضل المجلات العلمية بمختلف اللغات، دون نسيان الإشارة أن منهم من يشتغل في مؤسسات علمية عالمية، بل بدرجات متفوقة. وبهذه المناسبة، ندعو الله عز وجل أن يمكن لبلادنا أكثر حتى لا نعرف هجرة العلماء والمتخصصين في مجالات حيوية.

لكن للأسف، رغم الحقيقة الساطعة والمواقف الواضحة لكل من أشرنا إليهم، نجد بعض الشخصيات المحسوبة على التيار العلماني المتشدد، أو قل غلاة العلمانيين، هداهم الله إلى الحق المبين، لا يهدأ لهم بال إلا أن يهاجموا الإسلام مستهزئين بشعائره ( رفع الدعاء في الصلاة أو الاكتفاء به فقط) بدعوى أن الحركات الإسلامية تدعو للخرافة والظلام، أو محاولين رصد كل خطأ وقع هنا وهناك وإسناده للتيارات الإسلامية والفقهاء، ولو تبين لكل عاقل ومنصف زيف ادعائهم، بل عكسه، ولنا في ما وقع ليلة السبت بمدينة طنجة وتطوان وفاس وسلا من رفع التكبير خلال مسيرات ليلية خير دليل، حيث تم خرق الحجر الصحي الذي يُعمل به في المغرب لمحاصرة وباء كورونا  والموصى به في السنة النبوية ومن طرف الحركات الإسلامية.

كما نجد التمادي عندهم مستمر في الاستهزاء والتنقيص من شعائر الإسلام بدعوى أن الأمراض تُدفع بالعلم وليس بالدعاء، متجاهلين كل الفتاوى التي توصي بالتطبيب أو توجبه أحيانا، مع التهكم بالعلوم الشرعية بحجة عدم فاعليتها في مثل هذه الأزمات. ولعل ما ذكر أعلاه يكفي للرد والتوضيح، لكن ما ينساه هؤلاء أو يتناسوه هو طرح تلك الأسئلة على أنفسهم لمعرفة ما قدموه لبلادنا، لاسيما أن جل اهتمامهم منصب على الحديث ومناقشة الحريات الفردية والترخيص للرقص الماجن وكل الفواحش والرذائل التي تُسبب للعالم الغربي كل يوم أزمات على جميع المستويات، ما جعل الكثير منهم يناقش ضرورة مراجعة منظومة القيم حتى ينجوا من البؤس المتفشي.

وعلى سبيل الختم، لابد من التأكيد على أن الدعاء والالتجاء الى الله مخ العبادة وشهادة الإقرار بالربوبية، ولا يمكن الاستغناء عنه، أو قل هو إحدى أجمل القنوات التي بها يتصل العبد بربه ويعرج بروحه إلى السماء، مع الأخذ بالأسباب. كما وجب التذكير بأن الدعاء لا يقتضي الصراخ ليلا وفي الشوارع لألا يسبب الإزعاج للغير (الأطفال، الشيوخ، المرضى، النائمون بشكل عام وغيرهم)، لأن من صفات الله عز وجل السميع البصير.

اللهم علمنا واحفظ بلادنا من الوباء

اللهم غسل قلوبنا وقلوب غلاة العلمانيين من الأحقاد والضغائن.

اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. مقال فكري ممتاز يستحق صاحبه التنويه اما بالنسبة لذاك الحثالة العلماني لا يستحق أن يكتب عنه حرف واحد حتى لا يعلى شأنه أو يضن انه يشغل بال المفكرين

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M