في عهد ترامب: العلاقات المغربية الأميركية إلى أين؟

19 نوفمبر 2017 14:31
المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يستقبل الجنرال روبرت. بي نيلر قائد قوات مشاة البحرية الأمريكية

هوية بريس – حسن الأشرف

قبل أيام قليلة مرّت السنة الأولى على انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، فيما بدأت تطفو تساؤلات جدّية حول منحى العلاقات بين المغرب وأميركا في عهد هذا الرئيس المثير للجدل، خصوصاً في خضم عدم تعيين سفير أميركي في الرباط إلى حدود اليوم، ليظل هذا المنصب شاغراً منذ زهاء 11 شهراً.
وانتهت مهمة السفير الأميركي السابق في الرباط، دوايت بوش، في يناير الماضي، بعد انتهاء ولاية إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، لكن من دون تعويضه بسفير جديد رغم مرور شهور عديدة، إذ تم الاكتفاء بالقائمة بأعمال السفارة الأميركية ستيفاني ميلي، في الوقت الذي سارع ترامب في سبتمبر الماضي إلى تعيين سفير أميركي جديد في الجزائر، هو جون ديروشر.
عدم تعيين سفير أميركي في المغرب، بخلاف تعيين آخر في الجزائر، معطى سياسي دفع محللين مغاربة إلى الربط بين المسألتين، واستخلاص أن الإدارة الأميركية تهتم أكثر بعلاقاتها مع الجزائر، بالنظر إلى علاقات اقتصادية محضة، بينما تضع المغرب في ذيل اهتمامات الرئيس ترامب، حتى في العلاقات التجارية بين البلدين التي لم ترق إلى طموحات الرباط وواشنطن.
المغرب سبق له أن أبدى “حسن نيته” حيال الإدارة الأميركية في عهد ترامب، إذ عيّن جمانة العلوي، وهي من الأسرة الملكية، في منصب سفيرة الرباط في واشنطن، وقد استقبلها ترامب بعد طول مدة في شهر إبريل الماضي. ولم تتردد السفيرة الجديدة في تذكيره بأنه في 20 ديسمبر 1777 كان المغرب أول أمة تعترف رسمياً باستقلال وسيادة 13 ولاية أميركية “ناضلت من أجل الحرية”.
ورغم أن سنة 2017 توافق الذكرى الـ240 للعلاقات الدبلوماسية بين المغرب وأميركا، ورغم إبرام اتفاقية للتبادل الحر سنة 2004، وإطلاق الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والمغرب سنة 2012، وهي الأمور التي ذكرتها العلوي أمام ترامب، لكن ذلك لم يشفع بعد أمام الرئيس الأميركي ليهتم أكثر بعلاقات بلاده مع شمال أفريقيا خصوصاً المملكة المغربية.
وعلق مصدر مسؤول في وزارة الخارجية المغربية، في حديث مع “العربي الجديد”، على موضوع العلاقات بين الرباط وواشنطن وعدم تعيين سفير أميركي، بالقول إن الأمور الدبلوماسية لا تقاس بهذا المعيار الخاص بتعيين السفراء، مبرزاً أن السفارة الأميركية بالرباط نشيطة وتعمل القائمة بالأعمال فيها لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأفاد المصدر نفسه بأن تعيين سفير أميركي في الرباط هو مسألة وقت لا غير، إذ يخضع ذلك لترتيبات داخلية في الإدارة الأميركية، بدليل أن بلدان أخرى تجمعها بأميركا علاقات قوية، لم يتم تعيين سفراء أميركيين فيها”. كما أكد أن “العلاقات الدبلوماسية بين أميركا والمغرب تنأى عن الفتور كما يروج البعض”.
من جهته، قال المستشار الدبلوماسي، سمير بنيس، إن أية قراءة متسرعة لهذه التعيينات، من دون أخذ التقاليد الأميركية المتعلقة بتعيين السفراء الجدد بعين الاعتبار، ستصل إلى استنتاج بأن الإدارة الأميركية الجديدة تعتزم إعطاء الأولية للجزائر على حساب المغرب، أو أن ترامب يعتزم الانتقام من المغرب بعدما راج بشأن تبرع المغرب بما يناهز 12 مليون دولار لمؤسسة كلينتون.
لكن بنيس، أكد في حديث مع “العربي الجديد”، أن “السبب الرئيس وراء التأخر في تعيين السفير الأميركي الجديد لا يتعلق بنية الرئيس ترامب الانتقام من المغرب أو إعطاء الأولوية للجزائر، أو أن العلاقات المغربية الأميركية تمر بمرحلة فتور دبلوماسي، بل السبب يعود إلى التقليد الذي تعرفه عملية تعيين السفراء من طرف الرئيس الأميركي”.
وشرح بنيس أنه “على مرّ العقود الماضية، هناك تقليد اتبعه كل الرؤساء الأميركيين، وهو تعيين نسبة من السفراء الجدد من السلك الدبلوماسي الأميركي، أي السفراء الذين تدرجوا في وزارة الخارجية الأميركية، ونسبة من السفراء الذين تمكن تسميتهم بـ”المعنيين السياسيين”، أي السفراء الذين لم يعملوا من قبل في وزارة الخارجية ويقوم الرئيس الجديد بتعيينهم في إحدى السفارات الأميركية في الخارج.
وتماشياً مع هذا التقليد، أوضح المستشار والخبير السياسي، أن 30 في المائة من السفراء الجدد الذين يقوم الرئيس الجديد بتعيينهم يعتبرون من “المعنيين السياسيين”، بينما النسبة الأخرى يتم تعيينها من السلك الدبلوماسي”، مورداً أن “هذا التقليد الأميركي يفرض على كل “معين سياسي” أن يقدم استقالته فور تقلد رئيس جديد لمقاليد الحكم.
وفي السياق، رأى بنيس أنه “ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن الدول التي يقوم الرئيس الأميركي بتعيين المقربين منه فيها أو أولئك الذين ساهموا في حملته الانتخابية، هي الدول التي تعتبر في الغالب دولاً محورية بالنسبة لواشنطن والدول التي تتميز باستقرار سياسي واقتصادي.
وتدخل في هذه الخانة دول الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وإسرائيل وجنوب أفريقيا ودول أخرى من آسيا وأفريقيا، بالإضافة إلى المغرب والمملكة العربية السعودية والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.
وفي الوقت الذي تمر عملية تعيين السفراء المنتمين للسلك الدبلوماسي بشكل سلس ولا تخضع لتعقيدات من طرف الكونغرس، فإن عملية تعيين السفراء المنتمين لفئة “المعينين السياسيين” تتميز بتعقيدات متعددة، أولها عملية الفحص والتدقيق التي يخضع لها المعينون، خصوصاً أولئك الذين سبق لهم العمل في مجال المال والأعمال. وأوضح أن “ما يساعد أكثر على فهم السبب الكامن وراء عدم تعيين سفير جديد لأميركا لدى الرباط هو أن كل السفراء الأميركيين الذين تم تعيينهم في المغرب منذ عام 1979 يدخلون في خانة “المعنيين السياسيين”. في المقابل، فإن كل السفراء الأميركيين الذين تم تعيينهم لدى الجزائر منذ عام 1974 ينتمون للسلك الدبلوماسي، باستثناء فترة الرئيس السابق جيمي كارتر (1977-1981).
وخلص بنيس إلى أن السبب وراء تعيين السفير الأميركي الجديد لدى الجزائر ليس هو سعي الولايات المتحدة إلى تعزيز علاقاتها مع هذا البلد على حساب المغرب أو أن العلاقات بين الرباط وواشنطن تمرّ بأزمة صامتة، بل السلاسة التي يتميز بها تعيين سفراء من السلك الدبلوماسي. ولعل ما يعزز هذا الطرح، وفقاً لبنيس، هو أن الرئيس الأميركي لم يقم بعد بتعيين سفراء جدد في بلدان أخرى يتم فيها إعادة تعيين “معينين سياسيين” مثل المملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والسويد والنمسا وأستراليا وبلجيكا، بالإضافة إلى مصر والأردن والعديد من المنظمات الدولية، حسب “العربي الجديد”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M