قابلية التشظي والانقسام في الجسد السلفي

28 ديسمبر 2017 18:49
وقفات مع طائفة القرآنيين أو أصحاب كفاية القرآن (ج1)

هوية بريس – د. رشيد بنكيران

دأب مجموعة من العلماء والدعاة على التفريق بين السلفية وبين السلفيين كما يفرقون بين الإسلام وبين المسلمين، فالسلفية والإسلام معصومان، والسلفيون والمسلمون غير معصومين، وهذا التفريق حق وصواب، وخصوصا في شقه الثاني، فإن الحكم الذي يفيده قطعي لا يحتمل الشك.

وإذا حصرنا مجال النظر والتأمل في الجسد السلفي المغربي المعاصر، فإن العين الفاحصة لا يمكن أن تتخطى ظاهرة التشظي والانقسام، الذي يعرفه هذا الجسد في مقابل الحركات الإسلامية الأخرى. فبينما نجد الحركات الإسلامية الموسومة بالخَلَفية في نظر أصحاب المنهج السلفي مثل جماعة التبليغ، وجماعة العدل والإحسان، وحركة الإصلاح والتوحيد، والجماعات الصوفية التقليدية لا تعرف هذا التشظي والانقسام داخل صفوفها، بل هي متماسكة رغم وجود أسباب التصدع لديها، نجد الجسد السلفي ينقسم فيما بينه، وله قابلية لمزيد من التشظي والانقسام، كأن أصحابه يقولون هل من مزيد.

ولا شك أن هذا الوضع بالأوصاف المذكورة ينبئ عن شر مستطير ويدعو الداعية الناصح والباحث عن الحق أن يتساءل عن الأسباب التي تكمن في وجود هذه الظاهرة الخطيرة، وخصوصا، أننا قد سلّمنا بالمقدمة القائلة بعصمة السلفية كعصمة الإسلام. بل يتأكد هذا السؤال أكثر إلى درجة الاستشكال حينما نسمع خطاب دعاة السلفية يلهجون بذكر المنهاج ووجوب التزامه، ولا يخفى أن من وظائف المنهاج على وجه العموم -كما هو مقرر- هو تقليص مجال الفرقة والانقسام بين أصحابه ورفع الاختلاف المذموم بينهم؛ فإن المنهاج أو المنهج هو عبارة عن مجموعة من القواعد العلمية المسلّم بها، والتي تهيمن على سير العقل وتضمن سلامة حركته، وتفرض على من يعتقده التحاكم إليه عند الاختلاف.

وإذا كان للمنهاج -بصفة عامة- دور سام ومحكم، فكيف يجب أن يكون دوره ووظيفته إذا أضيف إلى فهم السلف الصالح، واصطلح عليه بالمنهج السلفي كما هو الحال عند السلفيين، فلا جرم أنه سيكون أسمى ودوره أحكم، و للمفاسد أدفع، وللمصالح أجلب، و للفرقة أدفع، وللألفة والاجتماع أجلب.

ولكن ما يقع في الجسد السلفي  بخلاف ما كان يجب عليه أن يكون، وهو صاحب هذا المنهاج ويرفع شارته؛ “الكتاب والسنة بفهم السلف”، فوُجد في صفوفه وبين خلانه الاتهام بالتبديع والتفسيق، والتخوين والتجهيل، ونُسل فرع من الجسد الأم، واتهم بالزنا الفروع الأخرى التي تناسلت بدورها من ذلك الجسد، فلا أُمّا حُفظ عرضها، ولا أبناء منها عرفوا قدر الرحم الذي كان يجمعهم، وبالتالي لا بنوة شرعية لأحد سوى ذلك الفرع المتعالي على إخوانه، فهو السلفي القح في نظره، وغيره يتراوح بين وصفه بالخلفي المقيت، والبدعي المتحمس…، وفي أحسن الأحوال بسلفي فيه دخن. وما دخنه؟! اتهام منه له لا يرقى إلى من يزعم أنه يتحاكم إلى منهاج واضح المعالم، والذي اصطلح عليه بالمنهاج السلفي.

والقضية المنطقية تقتضي اتهام إحدى المقدمتين إذا كانت النتيجة خطأ، فلا يمكن أن يجادل أحد في الانقسام الموجود في الجسد السلفي وقابليته لمزيد من التشظي والفرقة، وهذه النتيجة غير منطقية باعتبار وجود منهاج يجمع السلفيين دعاة وعواما ويتحاكمون إليه. وعليه، فالقواعد العلمية تقتضي من الباحث أن يفترض باعتبار القسمة العقلية أن الخلل إما أنه يوجد في إحدى المقدمتين أو فيهما معا؛ أي إما:

– في  المنهاج نفسه؛ بمعنى أنه لا يرقى أن تكون مقولة “بفهم السلف” منهاجا يؤدي دوره كما هم مطلوب من وظيفة المنهاج كما سبق بيانه؛

– أو أن مقولة ” بفهم السلف” هي منهاج واضح المعالم، وله الأهلية لأداء وظيفة المنهاج، لكن من التزمه هو من وقع منه الخلل، فقد أساء فهم المنهاج أو تنزيله على أرض الواقع، كما أساء المسلمون فهم الإسلام وتنزيله في هذا العصر؛

ـ أو هما معا، وبالتالي سيكون مناقشة هذا الاحتمال يندرج فيما سبق من مناقشة الاحتمالين الأولين.

آخر اﻷخبار
3 تعليقات
  1. الخلل يرجع إلى البغي كما نص الله سبحانه على ذلك في كتابه لما ذكر اختلاف أهل الكتاب {ﻭﻣﺎ اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ اﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﺗﻮﻩ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺟﺎءﺗﻬﻢ اﻟﺒﻴﻨﺎﺕ ﺑﻐﻴﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ} فالبينات هي العصمة التي ذكرها الدكتور ولكن رغم ذلك وقع التفرق بسبب البغي وهو تعدي الحدود الشرعية أما عن جهل واما عن سوء تربية

  2. اذا كانت التفرقة هي من اجل ذم اهل البدع والضلال فهذا واجب وفيه نصوص كثيرة من أقوال السلف قال الامام احمد ابن حَنْبَل ( الرجل يصلي ويصوم أحب إليك أو يتكلم في اهل البدع فقال اذا قام وصلى واعتكف فانما هو لنفسه وإذا تكلم في اهل البدع فهو للمسلمين وهذا افضل ) وقال الفضيل ابن عياض من وقر صاحب بدعة فقد اعان على هدم الاسلام وقال ابن تيمية ( فالراد على اهل البدع فهو مجاهد حتى كان يحيى بن يحيى يقول الذب عن السنة افضل من الجهاد فالواجب التحذير من هؤلاء الذين شوهوا المنهج السلفي بالانتماء اليه زورا

  3. ليس هناك انقسام كما تزعم وليس كل من ادعى السلفية سلفيا هذا هو مربط الفرس (من يدعي أنه سلفي ويرمي من خالفه ورد على ضلاله تارة بالمدخلي وهو منها بريء وتارة بأدعياء السلفية وووو كل ذلك ليبرهن أنه هو الإمام وهو على السلفية الحقة وليبرر ضلالته وبدعه واحتفاله بالمولد وثنائه على الروافض وووو
    فليس هناك انقسام في حقيقة الأمر كما ادعيت
    لأن الأمر يحتاج الى التأصيل بين ماهو من السلفية وماهو دخيل عليها مدعيا لها زورا ولهتانا

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M