قاصرون «مشرملون».. قنابل موقوتة بين أظهرنا

31 يوليو 2016 22:06
قاصرون «مشرملون».. قنابل موقوتة بين أظهرنا

هوية بريس – نبيل غزال

أحداث خطيرة عرفها مركز الإصلاح والتهذيب عين السبع (عكاشة) عشية الخميس 28 يوليوز 2016، فقد شهد هذا المركز الذي يأوي نزلاء “قاصرين” أحداث شغب وتمرد كادت أن تودي بأرواح سجناء وأفراد من الشرطة والوقاية المدنية، والقوات المساعدة وموظفي المندوبية العامة.

بلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج الصادر الجمعة الموالية للحدث أكد أن الأمر يتعلق بمخطط مدروس وضعه ونفذه متزعمو الحركة من أجل الفرار خارج المعتقل، وأن السجناء “حاولوا فتح الباب الخشبي لمكان إيداع الأسلحة إلا أنهم فشلوا في الوصول إليها بعد أن لم يستطيعوا كسر الشبكة الحديدية للباب”.

وبعد خروجهم إلى خارج المعقل -وفق المندوبية دوما- “قام هؤلاء السجناء بإضرام النار وتكسير حافلة لنقل السجناء، ورشق بعض الموظفين الذين أصيبوا بجروح خفيفة”.

وبعد هذه المعركة الحامية الوطيس والتي دامت قرابة ست ساعات ولعلع فيها الرصاص الحي، عادت الأمور إلى طبيعتها وتم التحكم في الوضع.

لا يجب أن يغيب عن أذهاننا ونحن نناقش هذه الواقعة العينية أن من قاموا بهذا الإجرام والشغب والتدمير، وكان قد يصل بهم الأمر -لولا لطف الله تعالى- إلى القتل، هم “قاصرون” لا تجري عليهم أحكام البالغين!

نعم يعتبرون قاصرين في نظر القانون رغم أن الله تعالى الذي خلقهم جعلهم مكلفين عند البلوغ!

فجل نزلاء مركز الإصلاح القاصرين المتورطين في أعمال الشغب تم اعتقلاهم وحبسهم عقب أعمال إجرامية اقترفوها، ومعظمهم ممن تورط في بيع المخدرات أو السطو و”الكريساج المسلح” أو قام بجرائم أخرى يعاقب عليها القانون، هذا وهم لم يتجاوزوا بعد الثامنة عشر من عمرهم، فكيف لو اشتد عودهم وراكموا تجارب في عالم السطو والجريمة؟! أكيد أن هؤلاء يمثلون خطرا على المجتمع لأنهم قنابل بشرية موقوتة لا يدري أحد متى ستنفجر.

فمن اقترب من هذه الطينة من الشباب سيدرك أن لهم طريقة خاصة في الكلام والتعبير واللباس والتفكير… ومن جالسهم سيوقن بالخطر والدمار الذي قد يأتي من قبلهم.

فمن أين خرج هؤلاء؟

وما هي المصانع التي أنتجتهم؟

وما السبيل لحماية المجتمع من خطرهم وشرهم؟

إن هؤلاء الشباب لم تجلبهم لنا لا بوارج غربية ولا حتى سفن فضائية، وإنما خرجوا من رحم المجتمع المغربي، درسوا في مدارسه، وعبأتهم منابر إعلامه، وتخدروا بـ”حشيشه”، و”تقرقبوا” بحبوب هلوسة جيرانه.

كثير ممن يخوض في هذا الموضوع يُحمِّل المسؤولية الكبرى لأجهزة الأمن والشرطة، وهي دون شك -كما قلت في مقال سابق- تتحمل نصيبا من المسؤولية، لكن؛ كي نكون منصفين؛ ونقوم بتحليل موضوعي وصحيح للواقع، ونتحدث بصراحة أكثر عن هذا الخطر الذي بات حديث الخاص والعام؛ يجب ألا نغفل أن السلطات الأمنية تتعامل فقط مع إفرازات عالم الجريمة؛ وقصارى جهدها أن تعبئ قواها للحد من انتشارها؛ وتجري أبحاثا ودراسات استباقية لتوقع مخططاتها، لكن يبقى من يمدُّ عالم الجريمة ويغذي عروقها رابضا في الظلام؛ لا أحد يحذر من شره؛ ويسلط الضوء على مخططاته وخطره؛ وذلك لتداخل عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية وخارجية أيضا في هذا الموضوع.

فمعظم المجرمين “القاصرين” من الشباب الجانح والمنحرف يطبق عليه سقف الماديات منذ نعومة أظفاره، سواء في التعليم الذي أشبعت مقرراته بالأفكار المادية والإلحادية؛ وأفرغ مضمونه من القيم والأخلاق، حتى أصبحت أبواب مؤسسات التربية والتعليم مرتعا لعرض الأجساد العارية المهيجة للشهوات؛ وفضاء لترويج المخدرات بشتى أنواعها.

أو في الإعلام الذي يسيطر عليه العلمانيون، والذي يخاطب في المتلقين جانب الجنس والشهوة، ويركز صباح مساء على أن يلقن للشباب أنَّ النماذج الناجحة هي من تمتلك القوة والمال ولا تعير اهتماما لجانب العلم والتحصيل.

بل حتى داخل الأسرة، اقتصر دور الوالدين على توفير الطعام والشراب وهاتف ذكي ولوحة إلكترونية يمكنان الولد أو البنت من الإبحار في العالم الرقمي الفسيح، والإحصائيات قد كشفت أن المواقع التي يدخلها كثير من القاصرين والشباب هي مواقع الجنس والأفلام وشبكات التواصل الاجتماعي..

وإذا أضفنا إلى ذلك تقريب الخمور من عموم المواطنين؛ والمخدرات والحشيش وحبوب الهلوسة بشتى أنواعها وأشكالها، إلى درجة أن المغاربة المسلمين الذين يمنع القانون المؤطر لتعاملاتهم بيع الخمر لهم استهلكوا -خلال سنة واحدة فقط- أكثر من 131 مليون لتر من الخمر؛ والمغرب هو أول منتج لمادة الكيف في العالم؛ أما حبوب الهلوسة فقد حجزت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة وحدها خلال سنة واحدة فقط حوالي 67 طن من المخدرات؛ وما يزيد عن 90.000 وحدة من حبوب الهلوسة.

فمن زرع الشوك لا يجني العنب!!

فطالما لم نوفر للشباب تربية متوازنة تجمع بين نظام تعليمي متكامل وتربوي شامل، وطالما لم نقدم لهم إعلاما هادفا يراعي مرجعية البلد ويدرك جحم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وطالما لم نحول دونهم ودون المخدرات والمسكرات بكافة أنواعها وأشكالها، وطالما أن القوانين الجاري بها العمل عاجزة كل العجز عن الحد من الجريمة أو حتى التقليل منها؛ وطالما أن مقاربة إصلاح وتهذيب السجناء لازالت لا تركز على العامل الديني بالشكل المطلوب في الإصلاح وتحاول إعادة إدماج السجناء القاصرين وغيرهم اعتمادا على مقاربات علمانية وعلى الموسيقي وجلب الفنانين في بعض المناسبات داخل المؤسسات السجنية..!!!

فإن المؤشرات تؤكد أن الوضع لن يزداد إلا سوء، وأن نسب الجريمة والسطو و”الكريساج”، والاغتصاب، وزنا المحارم، والقتل، ستعرف ارتفاعا؛ وارتفاعا مهولا أيضا.

[email protected]

آخر اﻷخبار
3 تعليقات
  1. نعم كل ماذكرتم سيدي هي الاسبا ب عينها ولاندري لما يتجاهلها المسؤولون ……بل يضاعفونها هداهم الله…..ويزخرفونها بكلمة -نشطوا الشباب ونتهلاو فيهم-….لا حول ولا قوة الا بالله اللهم ان هذا منكر

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M