قتل مواطنين ودهسهم تحت تأثير الخمر.. يسائل من يرخص لبيعه بسلا

10 ديسمبر 2018 21:09

نبيل غزال – هوية بريس

الحادث المروّع والخطير الذي شهده حي سيدي موسى بمدينة سلا اليوم الإثنين 10 دجنبر 2018، والذي أصيب بسببه أحد عشر شخصا، فارق واحد منهم الحياة، ويرقد اثنان آخران في حالة حرجة بالعناية المركزة، بسبب سائق مخمور يقود سيارة بطريقة جنونية، يحتم علينا فتح النقاش مجددا عمن يزرع أسباب الدمار في المجتمع، ومن يدعم صناعة الموت، وبث الخوف والريبة بين المواطنين.

ماذا لو قام متطرف بقتل مواطنين أبرياء وجرح آخرين وتخريب ممتلكات عامة، حينها ستسمع جلبة وصخبا للمنابر الإعلامية، وستعقد موائد مستديرة، تستدعى لها الوجوه المعروفة، لتحليل أسباب وقوع الحادث، وتدارس الاستراتيجيات التي يجب اعتمادها، والضغط على من يملك القرار للضرب بيد من حديد على من سولت له نفسه القيام بهذا الإجرام الذي يهدد السلم المجتمعي.

لكن؛ أن يقتل بسبب الخمر أبرياء، ويصاب مواطنون لهم أسر وأطفال يعولونهم، ويروَّعَ حيٌّ تفوق ساكنته ساكنة بعض دول الخليج، فهذا أمر لا يحرك ساكن من تكدست بطونهم من عائدات هذا المشروب الخبيث، ومن يروجون ويدعمون ويشجعون تسويقه بالمغرب.

الدفاع عن (حياة الناس) مطلب يجب أن يبقى بعيدا عن المتاجرات الحقوقية والسياسية، والمزايدات الفكرية، وتصفية الحسابات الأيديولوجية، لكن -وللأسف الشديد- الوقائع والأحداث تؤكد أنه خاضع لكل ذلك.

فعلى بعد أمتار من مكان الجريمة البشعة بحي سيدي موسى تم قبل بضع سنوات افتتاح محل لبيع الخمر بمتجر “كارفور”، يتموقع بين أربعة أحياء شعبية تعج بالجريمة، وهي حي سيدي موسى وحي الرحمة وتابريكت وحي الانبعاث/واد الذهب، وقد عبَّرت ساكنة المدينة حينها عن رفضها لافتتاح هذا المتجر ونظمت وقفات احتجاجية لدق ناقوس الخطر، لكنَّ رغبة الفاسدين والجشعين كانت أقوى من نداءات فعاليات وساكنة المدينة.

فبالرغم من فشو السطو والجريمة بمختلف أنواعها بهذه الأحياء إلا أنه بعد افتتاح هذا المتجر في قلب سلا، والمدينة برمتها تعاني الأمرين مع السكارى وقنينات الخمر المنتشرة في كل مكان، وحتى غابة المعمورة، والتي من المفترض فيها أنها فضاء إيكولوجي ومتنفس للساكنة، بات الزائر لها يضع قدما ويرفع أخرى خشية أن تصيبه شظايا قنينات الخمر المنتشرة في كل مكان.

أضف إلى هذا، فإن حي “سيدي موسى” الذي وقعت فيه الجريمة يشهد يوميا جرائم أخرى بسبب الخمر وحبوب الهلوسة، من سطو وضرب وجرح واعتداء على ملك الغير، وقبل أشهر أقدم أحد الجانحين، في ليلة واحدة فقط، على تكسير زجاج أزيد من ثلاثين سيارة.

فإذا كانت الأجهزة الأمنية وبعض فعاليات المجتمع المدني تبذل وسعها لمحاصرة المخدرات والكحول، والتوعية بمخاطرهما، فإنه على الطرف الآخر، هناك من يدعم بيعها ويطالب برفع التجريم عنها، ومن تم يبيئ للجريمة ويوفر لها المناخ الملائم لتنمو وتنتشر.

فما جدوى اعتقال السكارى بدعوى مخالفة القانون؛ وأن الخمر لا يباع إلا للأجانب، والجميع يعرف أن ملايين اللترات من الخمر تراق في بطون المغاربة المسلمين؟!

وما الغاية من وراء الحملات الأمنية المكثفة، وإشغال القضاة بعشرات آلاف القضايا، وتحمّلِ المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تكاليف الإيواء المتعلقة بجرائم الخمر، إذا كانت الخمور مقربة من المواطنين وتباع في المتاجر والحانات “على عينك أبنعدي”؟!

إننا في حاجة ماسة إلى وقفة لتصحيح المسار من أجل تحقيق انسجام بين مؤسسات الدولة حول موضوع الخمر، فالقانون المغربي يمنع بيع “المشروبات الكحولية”=الخمور للمغاربة المسلمين ويمنع إشهارها أيضا، ووزارة الأوقاف تعتبره مشروبا محرما، ووزارة الصحة أكدت أنه يسبب السرطان وأمراض أخرى ويكلف ميزانية الدولة غاليا، ووزارة التجهيز تستورد معدات متطورة لكشف السائقين في حالة سكر حماية لحياة المواطنين الآخرين…

إذن من يرخص لبيع أم الخبائث المدمرة للفرد والمجتمع؟

ومن يصر على إغماض عينيه من تضرر الفرد والمجتمع ومؤسسات الدولة من تبعاتها؟

بالصور.. غابة المعمورة تئن تحت وطأة قنينات الخمر والنفايات والأزبال

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M