قراءة في مقالات وأعمال المرحوم علي أبا حيدة

30 نوفمبر 2020 11:35

هوية بريس – الحبيب عكي

رزئت الساحة الدعوية والتربوية والمدنية بإقليم الرشيدية مؤخرا بفقدان أحد أبنائها البررة ومؤسسيها الأوفياء المشمول بعفو الله ورحمته الأستاذ علي أبا حيدة – رحمة الله عليه – ، لقد كان المرحوم بحق رجل التربية والفكر والدعوة على مدى عقود من الزمن وهو إطار في الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والبحث العلمي، ابتدأ حياته التربوية كأستاذ للتعليم الابتدائي وحياته المدنية في جمعية العرفان في مدينة “الجرف”، ثم الجمعية الخيرية بنفس المدينة وأرفود، فالمجلس الإقليمي للثقافة والشباب بالرشيدية، وغيرها من الهيئات والجمعيات، إلى أن انتهى به المطاف مع مجموعة من إخوانه وأخواته بتأسيس ورئاسة القطب الجهوي للعمل المدني بجهة درعة تافيلالت 07 فبراير2016، وقد مارس في حين من حياته وهو ابن مدينة الرشيدية، مارس الخطابة في أحد مساجد العالم القروي بمدينة “الجرف” لعب خلالها بعض الدور الاجتماعي للإمام من نشر الفقه والإصلاح بين الناس والوقوف معهم في حياتهم وتأطير مناسباتهم، كما تقلب في مختلف المسؤوليات التنظيمية في حركة التوحيد والإصلاح خاصة على مستوى الإقليم والجهة، وقد رافق كل ذلك خاصة في المرحلة الأخيرة من حياته وتخصصه المدني، بعض الكتابات الدعوية والترافعية الصميمة وإن كان غير مكثر فيها؟؟.

 وضمن ما يوجد لدينا من هذه المقالات الرصينة والبيانات الترافعية، وهي منشورة في بعض المواقع الإلكترونية مثل مقالات “المفهوم الجديد للمعارضة بدرعة تافيلالت”(حتى تكون المعارضة بناءة لا هدامة)، “عندما يلبس الفاعل المدني قبعة السياسي”(عن العلاقة المثلى التي ينبغي أن تسود بين السياسي والمدني)، ” قليل من الدولة وكثير من المجتمع”(عن دور المجتمع المدني في التنمية)، “المغرب بلد الاستثناءات حتى في العرقلة”(عن شطط بعض السلطات ضد بعض الحساسيات المدنية والفاعلين)،”القطب الجهوي يتخوف على مصير المقاربة التشاركيىة”(ضد تضييق السلطات عن أنشطة الجمعيات)..، بالإضافة إلى هذه المقالة التي سنركز عليها وهي مقالته :”مناضلون تحت الطلب”(ضد تزييف الوعي والممارسة النضالية)، وهي مقالة اعتصرها المرحوم من جراء ما رآه من كثرة تأسيس الهيئات المدنية ذات الطابع الجهوي والتي استبشر مجلس الجهة والساكنة و الفاعلبن بها خيرا، لما كان من المفروض أن تخدم التنمية بالجهة قبل كل شيء، وهي الجهة الفتية والمحتاجة إلى كل شيء، ولكن مع الأسف انقلب كثير منها إلى مجرد بلطجة مدنية تصفق للبلطجة السياسية للمعارضة المأمورة والمتآمرة، والتي طالما عارضت مصالح التنمية بالجهة من “ميزانيات” و “شراكات” و”مشاريع” و”مبادرات” آخرها ميزانية الجهة 2020 وحتى المشروع الملكي القاضي بإنشاء “مدن الكفاءات” لدعم التكوين المهني بالجهة أسوة بغيرها من جهات المملكة؟؟.

 من خلال مقالات المرحوم والتزامه الحركي وانخراطه المؤسساتي،

-يظهر جليا انشغاله الكبير بالهم التربوي والتنموي.

-انخراطه القوي في الشأن الجهوي من الزاوية المدنية التي لا تقل أهمية عن غيرها من الزوايا الأخرى،

-الحرص على القيم والمبادىء التي لا ينبغي أن يفسدها على أصحابها فاسد، مهما كانت الإكراهات أو الإغراءات.

-الإيمان بالتعدد والتنوع الذي يرى ضرورة استثماره من أجل التعاون وتضافر الجهود من أجل الصالح العام.

-الإيمان بالمؤسسات والدود عن مصداقيتها ومردوديتها، وعدم تمييعها وانحرافها، أو تبخيسها والتيئيس منها، أو المعارضة الميكانيكية والانتخابوية فيها بين الأشخاص والمصالح بدل المشاريع والمقترحات.

-ضرورة الصدق مع الله والإخلاص في تبني قضايا الساكنة والثبات في المعارك التدافعية و الترافعية، وبذل قصارى الجهد في ذلك وعيا ومسؤولية وانفتاحا ومبادرة، ولاشك أن المذكرة التشاركية التي رفعها القطب المدني إلى السيد رئيس الحكومة “سعد الدين العثماني” إبان زيارته التاريخية إلى الجهة، يلخص ذلك.

-الإيمان بأهمية المجتمع المدني وقيمته المضافة، إذ بادر المرحوم وسارع مع مجموعة من إخوته وضمنهم عبد ربه إلى تأسيس القطب الجهوي للعمل المدني بجهة درعة تافيلالت مفتوحا في وجه كل الجمعيات وانخرطت فيه أزيد من 100 جمعية، ورغم قصر عمره وقلة إمكانياته فقد قام بالعديد من الدورات التكوينية والجولات التواصلية وشراكات المشاريع لازال الجميع يتذكر منها المشروع الرائد لتأطير الناجحين في الباكالويا على مستوى الجهة من أجل اجتياز مبارياتهم في مختلف المدن، بشراكة مع مجلس الجهة ومؤسسة الخبراء درعة تافيلالت، المبادرة التي عرقلت السلطات فيها آنذاك رحلة الطلبة محليا وإقامتهم مركزيا؟؟.

-صرامته مع القيم والقوانين التي ترتضيها المؤسسات وتتبناها حساسياتها الفكرية والدعوية، إذ لا فائدة من أي كان في أي موقع كان لا يحافظ عليها، ولا فائدة من أي مشروع لا يحتمل تلك القيم ولا يدعمها بشكل من الأشكال، وقد جلبت له هذه الصلابة – رحمة الله عليه – وصدعه بالحق بعض المعاناة والصدامات، فضل مضطرا اعتزال أصحابها حفاظا على حبل الود والأخوة معهم، لكن دون مزيد من الاحتكاك؟؟

يقول المرحوم في مقالته “مناضلون تحت الطلب” التي شرحنا حيثياتها أعلاه،”ما أصعب أن يضع المناضل نفسه في خدمة أناس لهم أجندات، يجعلون منه أداة يهاجمون به خصومهم، مستخدمين في ذلك مؤسساتهم (يعني سمعة مؤسسات المناضلين) ورصيدهم النضالي إن كان لهم رصيد، فيقفون في خندق واحد مع المفسدين مقابل بعض المبالغ و الإغراءات، بل قد يصطفون مع من يدفع أكثر، ضدا على مبادئهم وقناعاتهم وشعاراتهم سلعة رخيصة في سوق النخاسة، فيصبحون عبيدا عند الساسة الفاسدين، شعارهم في ذلك “الغاية تبرر الوسيلة”؟؟، ومقابل ذلك، أحيي كل مناضل يدافع عن قناعته بأسلوب حضاري مشرف مهما كانت قناعته فالناس عقلاء وأحرار في اختياراتهم، عكس من يدعي أن الأحزاب “بحال بحال” والجميع يبحث عن مصلحته الخاصة، وهو مجرد تبرير لموالاة من يدفع أكثر رغم علمهم بفساده، وعلمهم بجهله بالتسيير ولا قدرة له على التدبير، فمن أين ستأتي التنمية وتحقيق المصلحة”؟؟.

رابط المقالة بالتفصيل: https://alamatonline.com/%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%A3%D8%A8%D8%A7

 لقد كان المرحوم أستاذنا الفاضل السي علي أبا حيدة، ذا ذاكرة قوية تفيض بمقولات الحكمة الرصينة التي لازالت تؤثث صفحته الاجتماعية على “الفايسبوك”(https://www.facebook.com/ali.bahida)، صدقة جارية لا يمل المتصفح من الارتشاف منها كل حين وفي كل حالة نفسية أو مادية، حكم تربوية وفكرية، تراثية وفلسفية، عربية وغربية وإنسانية بصفة عامة،ولعل من آواخر ما كتب فيها تدوينة وداع وكأنه قد أحس بدنو أجله فكتب يقول: “لكل من قابلت عن قرب..أو عن بعد، أطلب السماح..فغدا يقال: فلان كان بالأمس بيننا..واليوم راح.. !!!، علي أبا حيدة”. وكان الأستاذ رحمه الله يسترجع بروحه المرحة أبلغ الأشعار العربية والفرنسية لحقبته الدراسية واطلاعه الروحي والجمالي، ويسترجع أمتع الأزجال المغربية الأصيلة والطرائف الاجتماعية المحلية والوطنية مضرب الأمثال، والتي طالما أتحفنا بها وأمتعنا بها خلال الاجتماعات و جولات الأسفار الطويلة والمتعددة رفقته. ولا غرابة في كل هذه القيم والشيم النبيلة لهذا الرجل الرباني الوفي المعطاء، فهي من معين الحركة الإسلامية التوحيدية الإصلاحية الوسطية المعتدلة الرسالية التي عمل – رحمه الله – على تأسيسها والاشتغال في إطارها محليا و وطنيا ألا وهي حركة التوحيد والإصلاح؟؟. انتقل إلى عفو الله ورحمته الأستاذ علي أبا حيدة، رجل القيم والمبادئ والتربية والدعوة والكفاءة المهنية والمواقف والتضحية، والصبر والتجلد والتفاني والدماثة والتواضع وكرم الضيافة..، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح الجنان، ورزقنا وأهله وإخوته الصبر والسلوان، الموت حق، هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون، فاللهم يا رب عظم أجرنا فيه وألحقنا به مسلمين مؤمنين، لا ضالين ولا مضلين،غير فاتنين ولا مفتونين، اجمعنا عند حوض النبي وفي جنة الخلد إخوة على سرر متقابلين، مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين..آمين؟؟

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M