كرة القدم.. وخلاف المشجعين المغاربة والجزائريين الذي وصل حد الوقوع في الأعراض وقذف المحصنات

23 يناير 2022 19:01

هوية بريس – نبيل غزال

خلال الأسابيع الأخيرة اشتد الصراع بين مشجعي المنتخب الوطني ونظيره الجزائري، خاصة بعد تصريح مثير لصحافي “بين سبورت”، اتهم فيه عرض النساء المغربيات، وتفوه بعبارات نابية بحق المغاربة عموما، وفي هذا الصدد توجه نادي المحامين المغاربة بدعوى قضائية رسمية ضد المعلق الجزائري لدى المحاكم القطرية.

وكرد فعل واجه بعض النشطاء المعلق بالعبارات ذاتها، بل تجاوز الأمر المعلق المذكور ليشمل الشعب الجزائري الشقيق أيضا، وأصبحت الأجواء جد مشحونة، حيث ساد التراشق والسب والشتم فضاءات التواصل الاجتماعي، وساهم في توتر الأوضاع تدخل بعض المؤثرين والصحفيين والفنانين..

وفي تعليق له على هذه الأحداث أكد الدكتور يوسف فاوزي أن الإسلام الذي يدين به الشعبان جاء ليجمع لا ليفرق؛  فلا فرق عنده بين عربي وعجمي إلا بالتقوى، قال سبحانه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

وأضاف أستاذ الشريعة بجامعة ابن زهر بمدينة أكادير “لتحقيق هذا المقصد -جمع الأمة ووحدتها- حرم سبحانه وتعالى الطعن في الأعراض؛ فقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فجعل سبحانه وتعالى القذف في الأعراض كبيرة من كبائر الذنوب تجلب لصاحبها اللعن وهو الطرد من رحمة الله.

وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ و الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَ إِثْمًا مُبِينًا ) [ الأحزاب:58].

ولذلك شدد سبحانه وتعالى العقوبة على مرتكب هذه الكبيرة؛ فقال جل جلاله: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [ النور:4].

قال الحافظ ابن كثيرٍ رحمه الله في تفسيره لهذه الآية “هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة؛ وهي: الحرة البالغة العفيفة فإذا كان المقذوف رجلا فكذلك يجلد قاذفه أيضا، وليس فيه نزاع بين العلماء… وأوجب الله على القاذف إذا لم يُقم البينة على صحة ما قال ثلاثة أحكام:

أحدها: أن يجلد ثمانين جلدة.

الثاني: أنه ترد شهادته أبدا.

الثالث: أن يكون فاسقاً ليس بعدل لا عند الله ولا عند الناس”.

وصرح الفقهاء أن الطعن المقصود بالعقوبة هو الرمي بالزنا أو اللواط أو أو السحاق أو التشكيك في الأنساب والأمهات تصريحا أو تلويحا.

ووجه الأكاديمي المغرب أنه بـ”استشعارنا لهذه التعاليم والأحكام الشرعية سيجعل المسلمين في تنزه عام عن هذه الكبيرة التي من شأنها أن تفرق صف الأمة وتشتت قواها وتجعلها أضحوكة بين الأمم.

ومما يؤسف له أن تكون كرة قدم مستديرة مملوءة بالهواء سبب في هذه الفتنة؛ حتى انبرى أحد السفهاء للقذف والتشكيك في أعراض المغاربة؛ لتقوم أطراف أخرى بالرد عليه بنفس الأسلوب المنحط.

وختم د.فاوزي تصرحه لهوية بريس بقوله “إن الأمة الإسلامية اليوم بحاجة إلى جمع الكلمة لا لتفرقتها؛ وتكثيف خطاب الأخوة لا خطاب العداوة؛ الأمة اليوم بحاجة إلى العزة وليس الشماتة بها أمام الأعداء.

فليحذر المسلمون من الانجرار وراء هذه الحرب الإعلامية القذرة وليعلموا أن ما تخطه أيديهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد نسخ في صحائف أعمالهم؛ وبالله التوفيق”.

الكدتور رشيد بنكيران أشار بدوره إلى أن ما “يجمع بين الشعبين العريقين؛ بين الشعب المغربي وبين الشعب الجزائري حقوق كثيرة”؛ وذكر منها: يجمع بينهما حق الجوار، ويجمع بينهما حق اللغات المشتركة، ويجمع بينهما حق المصاهرة؛ فكم من مغربي متزوج بجزائرية، وكم من جزائري متزوج بمغربية، ويجمع بينهما حق الخؤولة، فالمغاربة أخوال للجزائريين، والجزائريون أخوال للمغاربة. وقبل كل هذا وبعده يجمع بينهما حق الدين الواحد الذي يدين به الشعبان معا وهو دين الإسلام”.

وتساءل مدير مركز غراس للتربية والتكوين وتنمية المهارات “أفيعقل بعد وجود هذه الحقوق العميقة وغيرها مما لم يذكر أن يقفز عليها بسبب لعبة كرة القدم!!؟

وذكر د.بنكيران أنه في الأسابيع الأخيرة عرفت الساحة الرياضية للعبة كرة القدم تقاطبا حادا بين بعض المشجعين الجزائريين والمغاربة وصل إلى حد الوقوع في الأعراض وقذف المحصنات والسباب الذي لا يليق بأن يصدر من عاقل أيا كان فضلا عن أن يكون بينه وبين من يجادله أو يحاوره  حقوقا آنفة الذكر.

ومن الأسف الشديد أن ينخرط في هذا التقاطب المشين والنعرة الجاهلية المنتنة صحافيون وإعلاميون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يفترض أن يكونوا محل حياد وتوجيه أخلاقي للمشجعين.

وأمام هذا الوضع المشين فإن على العقلاء من الشعبين الكريمين أن يرفعوا صوتهم بالحكمة المطلوبة، وأن يبينوا للناس عموما وللمشجعين للعبة كرة القدم على وجه الخصوص أن ما وقع في هذه الأسابيع الأخيرة إنما هي دعوة جاهلية منتنة لا تليق بشعبين مسلمين تجمعهم أخوة الإيمان، فمهما يكن من مكانة لعبة كرة القدم في نفوس الناس فلا تعدو أن تكون لعبة للتسلية، المنتصر فيها منتصر في لا شيء يذكر أمام الأمجاد الحقيقية للأمم، والمنهزم فيها منهزم في لا شيء، فهما سواء عند العقلاء.

وحتم مؤلف كتاب “فقه التنزيل وتطبيقاته عند المالكية” تصريحه لهوية بريس بقوله “حقيقة، لعبة كرة القدم أخذت حجما كبيرا من اهتمام الشعوب لا تستحقه البتة؛ من وقتهم ومن أموالهم، ومن قوتهم، ومن إعلامهم..

وإنه حان الوقت أن يعرف المسلمون أن هذه اللعبة انتقلت من دائرة المباح إلى دائرة المنهيات عنها في الشرع بسبب المفاسد التي ترتبت عن تعظيمها فوق ما تستحق.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M