كلمة ذهبية في الاحتفال بالمولد النبوي

17 ديسمبر 2015 22:09
السكوت اليوم عن تمدد التشيع في المغرب خيانة عظمى لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم

د. رشيد بنكيران

هوية بريس – الخميس 17 دجنبر 2015

جاء في كتاب [في فقه الأولويات] من تأليف الشيخ يوسف القرضاوي في فصل: [معيار لا يخطئ… الاهتمام بما اهتم به القرآن] أنه قال جزاه الله خيرا:

“ومن المعايير التي ينبغي الرجوع إليها في بيان ما هو أحق وأولى بالرعاية والتقديم على غيره: أن نَعْنَى بالأمر على قدر ما عَنِيَ به القرآن الكريم.

فما اهتم به القرآن كل الاهتمام، وكرره في سوره وآياته، وأكده في أمره ونهيه، ووعده ووعيده يجب أن تكون له الأولوية والتقديم والعناية في تفكيرنا وفي سلوكنا، وفي تقويمنا وتقديرنا.

وساق الدكتور القرضاوي بعض الأمثلة توضح المراد، ثم قال جزاه الله خيرا:

أما (مولد النبي) فلم يعره القرآن التفاتاً، فدل على أنه أمر غير ذي بال في الحياة الإسلامية، إذ لم يرتبط به معجزة كما ارتبط بميلاد المسيح، كما لم يرتبط به عملٌ أو عبادة تطلب من المسلمين على وجه الإيجاب، ولا على وجه الاستحباب.

فهذا المعيار لا يخطئ؛ لأن القرآن هو عمدة الملة، وأصل الدين، وينبوع الإسلام، والسنة إنما تأتي شارحة ومبينة”.

قلت: وتأكيدا على صحة ما قاله الشيخ في هذا المعيار الذي لا يخطئ وهو الاهتمام بما اهتم به القرآن وأنه أصاب كبد الحقيقة فيما يتعلق بمولد النبي عليه الصلاة والسلام ما فهمه الصحابة رضون الله عليهم من القرآن والسنة والتزموا به، وفي خصوص مولد النبي فقد دل عمل الصحابة على عدم التفاف إليه.

والتزاما بقوة هذين المعيارين الذين لا يخطئان أبدا فإن الأئمة الأربعة لم يلتفتوا إلى الاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام، رغم معرفتهم بالنصوص الشرعية التي يستدل بها المجوزون من المتأخرين، فعن هؤلاء الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة الحديث رويت وعنهم أخذها المتأخرون، إلى أن جاء القرن الرابع الهجري وأحدث العبيديون الشيعة الاحتفال بالمولد.

وإن تعجب فعجب من صنيع مجوزي الاحتفال بالمولد، إذ أنهم يسوقون تلك النصوص الشرعية مستدلين بها -إيهاما منهم- أن مسألة الاحتفال هي مسألة فقهية، وهذا غير صحيح البتة، فإن تلك النصوص الشرعية كانت بين أيدي الصحابة أولا، ثم علم بها الأئمة الأربعة، وغيرهم من علماء القرون المفضلة التي شهد لهم رسول الله بالخيرية، إلا أنهم لم يفهموا منها ولم يستنبطوا منها جواز الاحتفال بذكرى المولد كما فهمه منها المجوزون، الذين ذهب أوائلهم -في بداية الأمر-  أن الاحتفال بالمولد مستحب، وهناك من شذ منهم وقال بالوجوب، وعد يوم المولد لا يجوز صومه كالعيد، ولكن المعاصرين من المجوزين الآن يقولون فقط بالإباحة، بناء على أن الاحتفال بالمولد من باب العادات وليس من باب العبادات.

وهذا التخبط في الحكم في المسألة عند المجوزين يدل دلالة واضحة أن مسألة الاحتفال بالمولد ليس مسألة فقهية، وأن النصوص الشرعية التي سيقت لأجل ذلك لا علاقة لها بأصل المسألة، فهل غاب فهم المجوزين -سواء المتأخرين منهم أو المعاصرين- على جميع العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة الفقهاء ومنهم الإمام المبجل مالك بن أنس رحمه الله، وتلميذه النجيب العلامة ابن القاسم…، والإمام البخاري، والإمام مسلم، وغيرهم كثيرا، وإنما وقع لهؤلاء المجوزين أنهم اعتقدوا أولا ثم استدلوا، وهذا منهج معيب.

وإذا تقر أن الاحتفال بالمولد ليست مسألة فقهية فيجب أن يعلم أن هذه المسألة هي من المسائل المنهجية بين أهل السنة وأهل البدعة، كما كان منشؤها في أول الأمر من العبيديين الشيعة المبتدعة، في مقابل أهل السنة الذين لم يحدثوها ولم يبتدعوها، بل ساروا على نهج الصحابة ومن تبعهم بإحسان ملتزمين بالمعيارين الثقيلين.

ولا يعني تقسيم الناس باعتبار الاحتفال بالمولد بين أهل السنة وأهل البدعة تبديع الأعيان الذين يحتفلون اليوم بالمولد، فهذا الحكم قد يكون له ـ في وقتنا المعاصر ـ من الموانع الشرعية المعتبرة على قواعد أهل السنة مما يجعلنا لا نفكر فيه ولا نلتفت إليه، وإنما الغرض أن يتصور طلبة العلم والدليل وعموم المسلمين حقيقة مسألة الاحتفال بالمولد وأنها لا تندرج في أبواب الفقه ومسائله، ومن يرد الله به خيرا يفقه في الدين.

وعودا على بدئ، فإن كلمة الدكتور يوسف القرضاوي موصلة إلى المبتغى بأقصر طرقه، وخير الكلام ما قل ودل كما قيل، ولما كانت كلمة الدكتور من الذهب فهي لا شك أنها مما ترجى وتطلب: “أما (مولد النبي)، فلم يعره القرآن التفاتاً، فدل على أنه أمر غير ذي بال في الحياة الإسلامية، إذ لم يرتبط به معجزة كما ارتبط بميلاد المسيح، كما لم يرتبط به عملٌ أو عبادة تطلب من المسلمين على وجه الإيجاب، ولا على وجه الاستحباب”.

فهل من معتبر ومتعظ؟

آخر اﻷخبار
9 تعليقات
  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الاحتفال بالمولد النبوي الخلاف فيه معتبر ولايمكن باي وجه من الوجوه ان نغض الطرف عن من قال بالجواز
    كالامام سراج دين البلقيني والحافظ ابن حجر والامام السيوطي والامام السخاوي وغيرهم الكثير وقد عقمت أرحام النساء ان ياتين بمثل هؤلا الأئمة في هذا الزمان بل اني أعجب كل العجب من النجديين كيف يجوزون الاحتفال بذكرى الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويحرمون الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم
    كل التقدير لك شيخنا رشيد وجزاكم الله خيرا

  2. كلمة من ألماس ولؤلؤ ومرجان من فتاوى اللجنة الدائمة: ” محمد صلى الله عليه وسلم هو نبينا وحبيبنا وسيد ولد آدم ولا فخر، وهو خاتم النبيين، والمبعوث للناس عامة، وهو أول شافع ومشفع يوم القيامة عليه الصلاة والسلام، لكن الاحتفال بمولده بدعة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك لنفسه، ولا سنه لأمته، ولا فعله خلفاؤه الراشدون ولا سائر أصحابه رضي الله عنهم، وهم أفهم الأمة لشريعته، وأعظم المؤمنين حبا له وأحرصهم على اتباعه وتوقيره، فلو كان الاحتفال بالمولد مشروعا لفعلوه، ولم يثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، ولا عنهم، فهو بدعة محدثة،”

  3. الذي جعلني أنقل فتوى اللجنة الدائمة هو قول الدكتور رشيد بنكيران( وإذا تقر ر أن الاحتفال بالمولد ليست مسألة فقهية فيجب أن يعلم أن هذه المسألة هي من المسائل المنهجية بين أهل السنة وأهل البدعة،), وقوله هذا هو قول حق, لكن فيه من التغرير بالشباب السني خاصة الذي لا يعرف حقيقة القرضاوي ومخالفاته المنهجية والعقدية, فيظن من جهة موافقته للصواب في هذه الجزئية أنه من أهل السنة, بناء منه على قول الدكتور رشيد بنكيران ( أن هذه المسألة هي من المسائل المنهجية بين أهل السنة وأهل البدعة،). ومن ثم قبما أن القرضاوي اعترض على هذه البدعة فهو من أهل السنة.
    ثم ما الذي أحوج أهل السنة لذهب القرضاوي وخزينتهم مليئة ألماس ومجوهرات ولؤلؤ ومرجان. من فتوى ابن باز وابن عثيمين والألباني ومحسن العباد وبكر أبو زيد ……؟؟؟ ! ! ! !

  4. جزاك الله خيرا اخي الفاضل المهدي وأحسن الله إليك
    هؤلاء الأعلام والنجوم الذين ذكرت أسماءهم هم كما وصفت وأيضا من ذهب الى خلاف ما ذهبوا إليه مثل ابن تيمية وابن القيم والشاطبي وغيرهم كثير. وكل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا من لم يأمر بالاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام.
    أما الاحتفال بذكرى محمد بن عبد الوهاب – ولستت أدري هل مولده أم وفاته – فإني لم أقف على من يدعو إلى ذلك من علماء الحجاز. فهلا أفدتنا أخي الكريم؟ وإن وجد فلا عبرة بقولهم.
    وإني لا أشاطرك الرأي في عد مسألة الاحتفال بالمولد من مسائل الاختلاف المعتبر لأنها ليست من النوازل المستجدة حتى لا نعتبر بموقف من مضى من الفقهاء والعلماء،

  5. أخي الكريم عبد الله المغربي بارك الله فيك
    رب قول من مفضول أنكى من فاضل، وكم يحسن بالمرء أن يحتج بالمقبول والمقدم عند من يخالفه لعله يقنعه أو يحاجه، والمقام ليس مقام تزكية للأعيان ولا تجريحهم.

  6. حفظكم الله شيخنا رشيد هذا رابط فيه فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في أسبوع عقد اسمه اسبوع الشيخ محمدبن عبد الوهاب للتعريف به وبدعوته .
    http://ar.islamway.net/fatwa/13505
    ومولده صلى الله عليه وسلم ماهو الا ذكرى تستغل في التذكير بحقوقه صلى الله عليه وسلم ,وبفضله على الأمة والناس أجمعين .فهنا قد ندخله في المصالح المرسلة طبعا مع عدم الاعتقاد بأفضلية ذلك اليوم بزيادة في الأجر مثلا أو تخصيصه بعبادة كالصلاة والصوم .وهذه هي الصورةالتي جوزها الكثيرمن العلماء منهم الامام عبد الهادي تلميذ شيخ الاسلام ابن تيمية. ولعلنا نجد في علمائنا المعاصرين من ألفوا رسائل وضعت في المساجد كالشيخ ابن عثيمين في التذكير بغزوة بدر والفتح في يوميهما في رمضان وقد اراد الشيخ بهذا رحمه الله أن تقرأ في المساجد رجاء استمرار الأجر والثواب ولم يقل أحد ببدعية هذا الفعل

  7. قولك الدكتور رشيد ( وكم يحسن بالمرء أن يحتج بالمقبول والمقدم عند من يخالفه لعله يقنعه أو يحاجه ) هذا الجزء من كلامك مدلوله غير ظاهر للقارئ , حيث لا يمكنه أن يدرك من مجموع المقال, أنك حاججت المخالف بكلام القرضاوي في مسألة الاحتفال بالمولد لمجرد كون القرضاوي مقبولا عند مخالفك. وهذا يعني أنك لم تحتج بالقرضاوي إلا من باب إلزام المخالف لك بمن يعتبر بكلامه وخلافه, دون أن يلزم هذا الاحتجاج منك أنك نرى صواب القرضاوي في الاعتقاد والمنهاج. وهذا إن كان يدل على شيء فهو يدل على إقرارك بصدق معلومة أن القرضاوي مخالف لأهل السنة عقديا ومنهجيا.. وجزاك الله خيرا.

  8. بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله :
    إاى الأخ مهدي : كلام الشيخ ابن عثيمين واضح ” أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لا يتكرر ويعود كما تعود الأعياد، بل هو أمر بين للناس وكتب فيه ما كتب، وتبين في حق هذا الرجل ما لم يكن معروفاً من قبل لكثير من الناس ثم انتهى أمره”، وحتى على فرض صدق قولك فمتى كان الدكتور بنكيران نجديا حتى تحاجه بأقوال النجديين وتلزمه بها ؟
    إلى الأخ عبد الله المغربي : لا يبدو أن المقال فيه مدح أو ذم للدكتور القرضاوين، فقد جرت عادة أهل العلم على النقل عن بعض أهل البدع فيما وافقو فيه الحق (انظر نقولهم عن الزمخشري الذي عنه قال الذهبي رحمه الله : ” الزمخشري ، العلامة ، كبير المعتزلة”) ولم يقل قائل أن نقولهم عنه تزكية له. وليس المقام مقام بيان حال الشيخ القرضاوي.
    والله اعلم.

  9. يبدو ان الأخ عبد الله لم يفهم جيدا ماكتبت هل قلت ان الشيخ حفظه الله نجديا انا الشيخ بنكيران حفظه الله اعرفه جيدا بل ربما أعرفه اكثر منك. ومولده صلى الله عليه وسلم ذكرى ولانسميه عيدا يجب ان تستغل في بيان حقوقه على العباد وبيان فضائله صلى الله عليه وسلم _وذكر فان الذكرى تنفع المومنين _ لاأقل ولا أكثر. والخلاف يبقى معتبرا اذا تم احترام اراء الناس القائلين بجواز الاحتفال بدون تبديعهم أو تضليلهم اذا خلا من المنكرات والمخالفات الشرعية ,وكذلك رأي القائلين بالمنع يحترم اذا كان في حدود العلم والأدب وعدم التحجير على المخالف.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M