كيف نستقبل شهر رمضان؟

23 أبريل 2020 19:40
د.بنكيران يكتب: حادثة "فقيه بادية طنجة".. مقرئ القرآن وتهمة الاغتصاب

هوية بريس – د. رشيد بنكيران

معاشر المسلمين والمسلمات:

1 ـ اغتنموا مواسم الخيرات قبل فواتها واحسبوا أنفسكم عن زلاتها وهفواتها، واعلموا أن الفرص لا تدوم وأن الأعمار محددة بأجل معلوم، وإنه قريبا سيحل بنا ضيف عزيز وزائر كريم، وهو شهر رمضان المبارك؛ موسم من مواسم الخيرات، ونفحة من نفحات الرحمن، من تعرض لها لا يشقى بعدها أبدا.

وإني لا أجد موعظة ـ أذكركم ونفسي بها ـ لنيل هذه النفحات…

لا أجد موعظة أعظم ولا أبلغ ولا أجمع من التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، فالتوبة الصادقة النصوح هي الموعظة البليغة الجامعة التي يجب أن نتذكرها جميعا ونسارع إليها،

والتوبة الصادقة النصوح هي خير ما نستقبل به أيام هذا الشهر المبارك،

والتوبة الصادقة النصوح هي أفضل ما يقربنا من نفحات رمضان وأن نكون فيه من الفالحين.

تريدون أن تكونوا من أصحاب الفلاح في الدنيا والآخرة؟ فعليكم بالتوبة النصوح، {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}،

فما أعظم أمر التوبة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر بها نفسه مرارا وتكرارا ويعلم أمته ذلك، حتى قال ابن عمر: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَىَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ».

فما أعظم أمر التوبة وما أعظم أن نستقبل بالتوبة شهر رمضان المبارك.

واعلموا معاشر المسلمين أن توبتكم بين توبتين، أولها من التواب الرحمن، وآخرها من التواب الرحيم:{ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118]

فما أعظم أن نجعل هذه التوبة في هذا الشهر المبارك وسيلة بيننا وبين الله لرفع هذا الوباء ودفع هذا البلاء، فهو ولي ذلك والقادر عليه.

2 ـ شهر رمضان هو كذلك فرصة عظيمة للتغيير نحو الأفضل، للتغيير نحو الأحسن، كثير من الناس يتمنون أن يتغيروا، فهم لا تسرهم أعمالهم، يشعرون بالتقصير والتفريط في جنب الله.

لا تعجبهم أنفسهم، ويرونها أنها مسرفة في المعاصي والذنوب،

فهي إما أمارة بالمعاصي، أو في أحسن أحوالها لوامة بعد فعل المعاصي، تلوم صاحبها،

ولكن رغم هذا اللوم، لا تستطيع هذه النفس أن تبتعد وتنفك عن المعصية حتى تسقط فيها من جديد.

ولهذا، كان كثير من هؤلاء الناس يتمنون أن تغيروا، يقول لسان حالهم: أريد أن أتغير، ولكن… أريد ألا أضيع صلاتي، ولكن… أريد ألا أقع في المحرمات، ولكن…

أريد…. ولكن

هذه “ولكن” التي هي أداة استدراك توشي بأن إرادة هذا الإنسان غير كافية لتحقيق مراده..

هذه “ولكن” تخبر عن عجز هذا الإنسان أمام فتنة الشهوات، تخبر عن ضعفه البشري، فهو عاجز ضعيف {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}.

إلا أنه من رحمة الله اللطيف الخبير، أن جعل لعباده هؤلاء موسم رمضان مهيأً بأسباب الخير والتغيير نحو الأفضل:

فشهر صفدت وسلسلت فيه الشياطين،

وشهر فيه ليلة خير من ألف شهر،

وشهر تتنزل فيها ملائكة الرحمة،

وشهر في كل ليلة منه عتقاء من النار،

وشهر من صامه إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ..

فمن لم يغتنم هذه الأسباب ويتغير في رمضان نحو الأحسن، فهيهات هيهات أن يتغير في غيره، ومن لم يغير نفسه الأمارة بالسوء أو المقصرة في الطاعات في رمضان فمتى يغيرها؟

3 ـ التغيير نحو الأفضل ببركة نفحات الرحمن وببركة شهر رمضان هو مشروع العمر الكبير، هذا المشروع لكي ينجح له شروط لابد من مراعاتها، من بينها:

ـ أن تناجي نفسك التي بين جنبيك، فلابد أن تخلو بنفسك وأن تناجيَ هذه النفس حتى تغير ما بها، فإن الله عز وجل يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}،

قم واحص معايبها ومزالقها واعدد أخطاءها وهفواتها، كيف حالها مثلا مع الصلاة؟ وكيف حالها مع القرآن؟ وأين موقعها من حدود الله؟ وماذا تفعل في حقوق العباد ؟ وهل تنتهك محارم الله؟ هل لا تغض بصرها مثلا؟ ولماذا يقع منها ذلك؟

أسئلة مع نفسك وأنت تستحضر رقابة الله، وسيد الموقف هو الاعتراف المصحوب بالندم.

ـ ثم ارسم خطة واضحة المعالم، ورؤية مرتبة المراحل للإقلاع عن هذه المعاصي والموبقات، واستبدل بها الطاعات والصالحات،

سيشق عليك ذلك في بداية الأمر، ولكن ما إن تستحضر معية الله معك، ستجد عونا ومددا.

قم بتخلية النفس من الذنوب والمعاصي ثم حلي هذه النفس بما يزكيها، وأنت تحسن الظن بالله، «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» وفي رواية (أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله، وإن ظن شرا فله) فإن تصدق الله يصدقك، والجزاء من جنس العمل.

ـ ومن بين أهم الشروط لنجاح مشروع العمر الكبير هو تجنب اللصوص وقطاع الطريق، لصوص الأعمار والأعمال، وسراق العقول والقلوب، ويشكل مواقع التواصل الاجتماعي أكبر عقبة كؤود تهدد هذا المشروع… فابتعد عنه في هذا الشهر، فإن كان ولابد منه فليكن بنسبة قليلة جدا…

وفي الختام،أسأل الله أن يوفقنا جميعا إلى صيام رمضان إيمانا واحتسابا وأن يجعلنا من الفائزين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M