لك الله يا أستاذ…

05 ديسمبر 2016 20:37
لك الله يا أستاذ...

هوية بريس – تمام ياسين

ما زلت أذكر ردة فعل والدي الاستنكارية وهو يسمع مني ومن إخوتي في أحد الأيام حال تعليمنا اليوم وما وصل إليه الأستاذ من مهانة داخل قسمه الذي كان إلى وقت قريب يعد مملكته الخاصة، حيث له كل الحق في اتخاذ ما يحلوا له من قرارات، والدي نفسه الذي كان شاهدا على واقعة مرة أمام عينيه، أيام كان يلج المدارس العمومية في سنوات الخمسينات، حيث قام أحد المعلمين آنذاك بإيجاع أحد تلامذته ضربا لمجرد حلاقة لم تعجبه ليأتي بعد ذلك والد التلميذ للاستفسار حول الواقعة ما جعل الأستاذ يتخذ قرارا بعدم قبول ابنه مرة أخرى داخل القسم، الشيء الذي اضطر معه الوالد للاعتذار متحججا بأنه جاء فقط لمعرفة حقيقة ما قام به ولده لكي يقوم هو الآخر بدوره بإعطاء ابنه “طريحة” أخرى من الطراز الرفيع، ولولا تدخل المدير وأصحاب النوايا الحسنة لما رجع هذا التلميذ إلى القسم مرة أخرى.

عندما أستشهد بمثل هذه الواقعة فإني لا أريد أن أزكي ما قام به المعلم آن ذاك لما فيه من الشطط، ولكن فقط لأبين لكم قيمة الأستاذ أيام العز مقارنة بما أصبح عليه وضعه اليوم، وما يعنيه من طغيان بعض المشاغبين ومدمني المخدرات من التلاميذ الذين لا يجدون مكانا لتنفيس عن مكبوتاتهم الاجتماعية سوى القسم.

مناسبة كلامي هذا هو ذاك الفيديو الذي انتشر مؤخرا في الوسائط الاجتماعية، والذي يظهر بشكل جلي ما وصل إليه حال الأستاذ داخل قسمه وكيف أصبحت تداس كرامته تحث النعال؟؟؟؟ وهو من قيل في حقه ” كاد المعلم أن يكون رسولا ” أي رسول هذا الذي أصبح مجرد تلميذ في سن أولاده يرفع يده عليه هذا ناهيك عن الكلام الساقط وهلم جرة.

و لكم أن تسألوا المعنين بالأمر عن ما يعانوه فعلا مع هذا الجيل قليل الأدب والتربية إلا من رحم ربي خصوصا عندما لا يجدون أحدا يحميهم، ولكم كذلك أن تعلموا أنه وفي حالة ما إذا أراد تافه مماثل لهذا التلميذ صاحب واقعة ضرب الأستاذ أن ينتقم يكفيه شهادة طبية بـ50 درهما، وهذه حالات وقعت بالفعل ومنها ما وصل إلى المحاكم بل من التلاميذ من قام باتهام الأستاذ بالتحرش من أجل ابتزازه ومنهم من أخد أمواله لمجرد التنازل عن واقعة ضربه بالله عليكم أليس هذا هو الهراء بعينه؟؟؟؟

لقد أصبح الأستاذ فعلا صيدا ثمين لكل من أراد الربح السريع في الوقت الذي يستدعي منا جميعا التساؤل ماذا سيخسر التلميذ إذا ما تم فعلا كشف سوء نيته سوى تغيير القسم أو المؤسسة أو في أقصى الحالات التوقيف عن الدراسة لسنة وبعد ذلك سيتم إعادة تمدرسه بطلب بسيط منه، أما الأستاذ ففي حالة ما لم يستطع نفي التهمة عن نفسه فاعلموا أنه في أقل الحالات سيفقد عمله هذا إن لم نقل أنه سيحجز مكانا في السجن مع تغريمه بتهمة الضرب والجرح.

إن الأستاذ برمزيته الدينية والدنيوية والتي لا يمكن بأي حال اختزالها في بضع كلمات نظرا لما يؤديه من رسالة عظيمة لا يوزيها سوى عمل الرسل والأنبياء والذي يجب فورا رد الاعتبار إليه، أولا من خلال إعطائه سلطات أكثر تحث الإشراف المباشر لمدير المؤسسة ولما لا تركيب كاميرات مراقبة داخل الفصول إضافة إلى تطبيق نظام شبه عسكري داخل المؤسسات مع تكثيف التواجد الأمني داخل وخارج المؤسسات التعليمية حتى يتمكنوا من التدخل الفوري في بعض الحالات كمستعملي الأقراص المهلوسة، دون أن ننسى فك مشكل الاكتظاظ ودراسة الحالات الاجتماعية للجانحين من التلاميذ وإحالتهم إلى الإصلاحيات وتطبيق القوانين بكل صرامة في حق كل تلميذ يمارس أي شكل من أشكال التعنيف سواء المعنوي أو الجسدي على الأستاذ وهذا جزء بسيط فقط أما ما عند الأساتذة والمعلمين فحدث ولا حرج.

إن تعليم مثل هذا الذي نعيشه اليوم في مغربنا لا يمكن بأي حال أن ينتج لنا من يصنع الحضارة ويجسد قيم النبل والثقافة، لكن كونوا متأكدين أنه سينتج لنا فقط عاهات كثيرة من أمثال مول البندير مثلا الذي يقال أنه حاصل على شهادة مساوية لديبلوم الهندسة لكنه اختار “تشياخة” عوض التحصيل العلمي والبدل في سبيل إعلاء رايته لأنه رأى بأم عينه أن التعليم على حد قول إخواننا المصريين “ما بيأكلش عيش” ويعيش ممتهنوه حالة يندى لها جبين كل ذي مبادئ.

رسالة أخيرة إلى هؤلاء الحمقى من التلاميذ الذين لا يحسنون من التعليم سوى الطغيان وحب الظهور على أكتاف الأستاذ الذي هو بمثابة أب ثاني لك، سوف تمر الأيام تلوى الأيام وسوف تسترجع الذكريات وسترى حقارة ما فعلت بالأمس ولكن كيف السبيل لتغير ما مضى؟؟؟؟ وعلى حد قول أم كلثوم قل لزمان ارجع يا زمان.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. كيف يمكن للدولة أن تحمي المدرس و هي تعمل على تشويه سمعته بهدف تفويت المدرسة العمومية للقطاع الخاص. و خير دليل على ما أقول هو تصديق الدولة لكل التهم الملفقة ضد المدرس ، و فصله عن عمله

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M