لماذا العدوان على السلفية؟!

14 فبراير 2016 17:40
لماذا العدوان على السلفية؟!

د. حميد العقرة

هوية بريس – الأحد 14 فبراير 2016

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد؛

السلفية يا سادة هي الاتجاه المقدِّم للنصوص الشرعية على البدائل الأخرى منهجا وموضوعا، الملتزم بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه علما وعملا، المطرح للمناهج المخالفة لهذا الهدي في العقيدة والعبادة والتشريع.

والهجوم على منهج السلف ليس جديدًا، بل هو قديم، حيث كانت كل طائفة ترى في مذهبها الحق وتعادي من يخالفه، ولما كان السلف هم الوسط المخالفين لأهل الغلو والجفاء والإفراط والتفريط نالهم من كافة الطوائف المنحرفة ما نالهم، وها نحن اليوم نرى خصوم الدعوة السلفية يتكالبون عليها بشتى القذائف والتهم لتشويه جمالها، وتوسيع الهوة بينها وبين المسلمين.

يحاربونها لأنها تزعزع بنيانهم المنهار عقديا وسلوكيا (التصوف)، هل تعلم أن أخطر عدو على أمريكا وحلفائها وقوى الكفر بصفة عامة هو السلفية، وأقصد بالسلفية: سلفية الوسطية والاعتدال لا سلفية الغلو والانحلال، سلفية أبي بكر الصديق لا سلفية التوفيق وأبي حفص الرفيق، كلها تمثيليات يزاحمون بها السلفية الحقة التي لا تقبل المساومة ولا التلفيق.

يحاربون السلفيين والذين تصفهم أمريكا بأنهم أصوليون وهابيون أي: أتباع الشيخ «محمد بن عبد الوهاب رحمه الله» لأنهم لا يلتزمون بالمعايير الأمريكية لفهم الإسلام، وبلدنا المغرب هو ضحية هذا المخطط الرهيب ضد هذه الدعوة بزعم الحفاظ على الثوابت المغربية والإسلام المغربي والخصوصية المغربية، وكأن لنا دينا وللمشرق دينا!!

السلفية هي منهج في التفكير يلتزم الطريقة التي فهم بها سلف هذه الأمة الأخيار -وهم علماء القرون الأربعة الأولى- القرآنَ الكريم والسنَة الثابتة، وهي أيضاً منهج في الإصلاح يقوم على أن ما صلح عليه أمر المسلمين في أول بزوغ الإسلام هو الذي يصلح به أمر زماننا هذا والأزمان القادمة بعدها وحتى قيام الساعة، شعارهم كلمة الإمام مالك الذهبية: «ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها»، وهي التي صاغها العلامة البشير الإبراهيمي بقوله: «لنا في الدعوة الإصلاحية سلفًا صالحًا يبتدئ بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا ينتهي إلا بقيام الساعة، وإنَّ لهم في بدعهم وضلالاتهم سلفًا طالِحًا يبتدئ من الشيطان ولا ينتهي إلا بقيام الساعة» آثاره (1/330).

الحرب اليوم على السلفية حرب الأفكار والعقول حسب تعبير «بول وولفويتز» أحد مهندسي الحرب على العراق، ونائب وزير الدفاع الأمريكي سابقا، وأحد الصقور الخطيرة في الإدارة الأمريكية في عام 2002م حين قال: «إن معركتنا هي معركة الأفكار ومعركة العقول»، ليصبح الإسلام فارغا من محتواه الذي ارتضاه الله تعالى القائل في محكم تنزيله: (إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)، الإسلام الذي يريده الله تعالى لا إسلام أمريكا ومن تمسك بذيلها.

وبعد مؤتمرات ولقاءات خلصوا إلى ضرب العقيدة والفقه والحضارة والتاريخ ونظم الاجتماع والتشريع والتعليم وفقه الأسرة واللائحة طويلة. وذلك عن طريق تشجيع تيارات ومناهج أخرى لكي تقوم كبديل للمنهج السلفي في الدول الإسلامية، وترتكز فكرة الاستبدال على وجود رغبة عامة وعارمة لدى الجماهير في التدين، ولسان حالهم يقول: نعم مع الجماهير في التدين لكن التدين بلبوس آخر ومقاس معين، لأنهم علموا أن فكرة تجفيف منابع التدين واستبدال الدين بأفكار علمانية براقة مخطط فاشل، فبدأ الكثيرون ينتقلون إلى المرحلة التالية وهي: فلندع المسلمين يتدينون كما يريدون، لكن لنقدم لهم نحن المقاس المناسب للتدين.

ولأن خطورة السلفيين بالنسبة لخصومهم في أنهم يقودون الناس إلى التدين بسرعة عجيبة تربط بين الواقع ومصادر التشريع، مع ثبات على المبدأ.

وهنا ستبدأ مرحلة جديدة مختلفة تماما عن السابق للتعامل مع دعاة السلفية، تتمثل فيما يلي على الترتيب:

أولا: استقطاب دعاة السلفية واحتواؤهم من قبل من يمثلون الشأن الديني في البلاد حسب تعبيرهم، وقد نجحت الوزارة الوصية في بلدنا إلى حد كبير في هذا المخطط عن طريق المناصب والإكراميات وغيرها، فأصبح حال دعاة السلفية المستقطبين: إما الانسلاخ من ثوب السلفية والبراءة منها والمجاهرة بنقيضها عقيدة وسلوكا في الخطب والمحاضرات والتأليف، وإما السكوت مع اعتقاده أن الخط الرسالي للوزارة محض الضلال، لكن نسدد ونقارب.

ثانيا: الإقصاء والتوقيف في حال الخروج عن خط الثوابت المغربية.

فهذا هو حال السلفية المفترى عليها عالميا ومحليا، لكن أقول لإخواني الدعاة: إن منابر الدعوة بعدد الأنفاس لمن نشطت قريحته وصدقت نيته، ولله در الحافظ الذهبي في قوله: «الصدع بالحقِّ عظيمٌ يحتاج إلى قوَّةٍ وإخلاصٍ، فالمخلص بلا قوَّةٍ يعجز عن القيام به، والقويُّ بلا إخلاصٍ يُخْذَل، فمن قام بهما كاملًا فهو صدِّيقٌ، ومن ضَعُفَ فلا أقلَّ من التألُّم والإنكار بالقلب، ليس وراء ذلك إيمانٌ، فلا قوَّة إلَّا بالله» السير للذهبي (9/434).

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M