لماذا تأخر حل قضية الأساتذة المتدربين؟

23 مارس 2016 01:28
مكتب محلي مؤقت بالناظور للتنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين بالمغرب

هوية بريس – مصطفى علام*

الأربعاء 23 مارس 2016

1- عندما نجحت الثورة التونسية المفاجئة استفاد المصريون الذين كانوا في حالة غليان ضد مبارك ونظامه من التجربة وتظاهروا في العاصمة ومراكز المحافظات مطالبين برحيل رأس النظام وسقوطه نجحوا في ذلك وأسقطوه بعد أقل من 20 يوما من الاحتجاج.

حين ذاك ظن بقية العرب أن التجربة يمكن أن تتكرر في كل بلدانهم، وإذا ملأوا الشوارع احتجاجا سيتخلى رأس النظام عن الحكم أو يهرب، وأن الجيوش ستدعمهم! فكرروها في ليبيا بعد نجاح الثورة المصرية بأربعة أيام وبعد خمسة أيام من الاحتجاج تحررت بنغازي ومصراتة ومدن أخرى وبدأت الانشقاقات في النظام ورغم أنه استخدم السلاح والقوة والمرتزقة ظن العرب أنه استثناء، فانطلقت الاحتجاجات في المغرب ولم تكن تهدف لإسقاط الملكية لكن تحرير البلاد من سطوتها. ثم في البحرين وسورية واليمن وغيرها. فاجأ النظام السوري العرب والعالم بعنفه وبطشه واستخدامه السلاح من البداية وبدأ في القتل والبطش ظنا منه أنه سيخيفهم فيتراجعون، غيرَ أنَّ انشقاق جنوده وتدخل الغرب لدعم الليبيين ضد القذافي ومِن ثم سقوطه بعد بضعة أشهر من الصراع المسلح أعطاهم أملا في إمكان إسقاطه وتنحيته. ومن ذلك الوقت والتحليلات تتوالى عن اقتراب نهايته خاصة بعد اضطرار علي صالح للتنازل بسبب استمرار الاحتجاج ولو مع دعم حكام الخليج.

“سيسقط بعد سنة” “لا بعد سنتين”، “بل بعد ثلاث”، “اقترب الحسم في دمشق”، “أمريكا ستتدخل بعد الكيماوي”، “النظام ينهار”، “تسوية سياسية لا بد منها في قادم الأيام”. “النظام فقد السيطرة وعلى وشك الوقوع”…

مرت سنة وثلاث وأربع ثم خمس، ولا جديد تحت الشمس. النظام باق وإن كان يتقلص. كل التحليلات كانت تشير إلى انهيار النظام، كاد ينهار فعلا مرتين أو ثلاثا وبعد كل منها كانت تأتيه جرعة جديدة للحياة سواء من إيران أو من روسيا. ولكن الانهيار والسقوط لم يحدث، ببساطة لأن هناك قوة كبيرة لا تريد له ذلك، ولأن ثمة رغبة عند جهات ما قوية ومتجبرة في التنكيل بذلك الشعب وتدمير تلك البلاد أو تقسيمها..

2- بعد الانقلاب العسكري في مصر ظهر أن معارضته كبيرة وقوية خاصة من قبل الإخوان والإسلاميين وانخرطت في انتقاده كثير من الحركات والجهات داخل مصر وخارجها في أوروبا وإفريقيا وحتى أمريكا الشمالية، كانت عيون الناس على الشعب المصري هل يستطيع كسر الانقلاب وإفشاله كما حدث في فنزويلا أم لا؟

مرت الاعتصامات والمظاهرات الكبرى وإشارات كثيرة لتصدع الانقلاب وإمكان تراجعه أو انهياره. ثم حدث فض الاعتصام واستخدمت القوة والعنف المفرط وقتل المئات ومُلئت السجون فتراجعت المعارضة وضعفت.

ثم قويت من جديد بعد بطشه بأغلب المعارضين والحلفاء غير الموالين، وظهرت تسريبات كثيرة وتصدُّع في الجبهة الخارجية الداعمة بعد هلاك ملك السعودية السابق. وبدأت المؤشرات على إمكان انهياره قبل تولي السيسي الرئاسة وبعدها. بل حدثت صراعات بين الجنرالات أنفسهم وتصفيات.

وبين كل فترة كنت تسمع من الإخوان وغيرهم “الانقلاب يترنح” “الانقلاب يتنحنح!” “مرسي راجع” “الانقلابيون يبحثون عن حل” “العسكر في أزمة وفي ساعاته الأخيرة” “السيسي مات سريريا، السيسي سينتحر”

وقد بدا ضعف منه في بعض الفترات حقيقةً حتى ظهر ذلك في تصريحات السيسي وخطاباته وبدا عليه الخوف أكثر من مرة. ولكن الانهيار لم يحدث لأن جهات ما قوية تدعمه وتريد له التنكيل بذلك الشعب وصدمه الصدمة التي تجعلهم يفرضون عليه كل ما خططوا له من سياسات طيلة نصف قرن من الزمان..

[ولكن ما علاقة هذا بملف الأساتذة المتدربين؟!]

3- عندما احتج الأساتذة المتدربون أولَ مرة قلتُ لهم إن الدولة لن تعيركم اهتماما قبل نهاية السنة أعني 2015 ولذلك عوِّلوا على نضال طويل لأن المقاطعة ما لم تؤثر في مسار السنة الدراسية فلا تهتم لها السلطة الحاكمة، وقبل نهايتها نُقل إلينا من داخل وزارة التربية الوطنية أن الوزارة والحكومة متخبطة وتبحث عن حل للقضية وأن المقاطعة إن استمرت حتى منتصف السنة الدراسية أي بعد العطلة الأولى لن تجد الوزارة بُدّاً من الاستجابة لمطلبهم كما هي العادة في أي احتجاج من هذا النوع، وكما فعلت مع الأطباء! لكن ذلك لم يحدث فانتهت السنة الميلادية ولم يعرضوا عليهم أي شيء وفي وسط الأسبوع الأول من السنة الجديدة ارتكبوا فيهم مجزرة إن صح التعبير في ما عرف بالخميس الأسود. وسحبت القضية من الوزارة وتبناها رئيس الحكومة وحزبه بل أعضاء الحكومة جميعا حتى أصبحنا نسمع بالتضامن الحكومي ونيابة وزراء عن وزير التربية ومواجهتهم للرأي العام وللأساتذة حتى سيست القضية بشكل كبير وأصبحت أكبر من أي مسؤول أو وزير.

ثم استمر الاحتجاج وتعاطف معه أعداد كبيرة وهائلة من الناس وعرف بالقضية أغلب الشعب وإن لم تنقل بشكل كبير على الإعلام الرسمي، وحتى الإعلام الدولي تحدث عنها بشكل كبير وصل لحدود الصين! ومرت العطلة ولم يكن هناك حل أو تراجع حتى مع ظهور الخلل القانوني للعيان، ووجود مبادرات دفعت الأساتذة للتخلي عن شيء من مطالبهم أو التنازل قليلا.

قبل نهاية فبراير وبعد جولات فاشلة من الحوار وتعنت الحكومة واستمرار الاحتجاج والقمع والحرب الدعائية والنفسية على الأساتذة وصلتنا معلومات أن وزارة التربية قد استشارت مع خبراء فيها قصد تقديم رؤية لحل القضية وإنقاذ السنة التكوينية، كما سمعنا عن وجود دعم للأساتذة من قبَل موظفين بالوزارة يضغطون على بلمختار الوزير للتدخل أو التوسط لحل القضية. تلك المعلومات كانت تتحدث أو تشير إلى أن الملف قد يطوى هذا الشهر في بدايته. لكن ذلك لم يحدث..!

قارن بين الحالتين الأوليين وهذه الحالة وتأمل في السبب الذي ذكرتُه في نهاية كل منها. رغم الفرق الكبير إلا أن السبب بنظري واحد = جهة ما قوية ومتجبرة لا تريد حل الملف وتسعى لإطالته لإحداث نوع من الصدمة للأساتذة تسمح لها بتمرير سياساتها عليهم وعلى غيرهم، كما تريد التنكيل بهم وتعذيبهم وتجعل منهم عبرة لغيرهم. إضافة إلى ما يظهر كأنه استغلال ضد الحزب لتشويه صورته أكثر. والأول هو الأصل والثاني شيء فرعي، فرئيس الحزب قَبِلَ أن يكون الضحيةَ والجلاد في مثل هذه القضايا والمستفيدَ والرابح منها كذلك في الوقت نفسه!

أليست صورة بشار والسيسي في الحضيض؟ ألا يقمعان شعبهما ويضطهدانه ويقتلانه؟ الأول تهُمُّه طائفته والثاني إنما يحارب فئة من الشعب دون أخرى. وإن كانت الصورة مختلفة لكن انظر: فصورة بنكيران وحزبه في الحضيض بسبب سياسات الحكومة، ولكنها ليست كذلك عند كل الناس، وحتى لو كانت مثلما هو الحال عند بشار والسيسي فإنهما رغم أفعالهما يحكمان وقد يبقيان في الحكم طويلا، لأن الشعب ليس هو من يقرر. ورئيس حكومتنا أيضا طامع في أن يبقى حاكما ويستمر في رئاستها ويبقى طويلا، ولو مع تنفيذه سياسات غير شعبية واستعدائه لأصناف كثيرة من الناس.. إنها شهوة ولذة الحكم، شيء يحققه له النظام وتحققه له القوة وليس الشعب. لو كان للشعب قيمة لكانت له في مصر وسوريا وليس في المغرب، حيث يضحي الشعب بدمه لأجل حريته، أفلا تكون هناك للشعب قيمة رغم تضحياته ثم تكون له في المغرب وهو الساكت النائم الآكل الشارب؟!!

المعنى المقصود:

عندما يُراد التنكيل بجهة ما أو شعب أو أمة أو فئة مِن الناس فإن أحدا لا يستطيع توقع نهاية ذلك، لأنه متعلِّق بمَدى اكتفاء المُنَكِّل وتحقق النتائج! هل اكتفى النظام السوري من القتل والتدمير؟ لا أدري لكن سنعرف حين يتوقف التنكيل!

فلا أحد منا نحن عامة الناس يستطيع توقع نهاية التدمير في سوريا، كما أنْ لا أحد منا يستطيع توقع حل للصراع في مصر بين الجيش وقائده، والإخوان والثوار السابقين. لأنه يريد أن ينكل بهم فتلك الأحداث لن تنتهي حتى يكتفي هو أو من يوجهه. والمتفائلون دائما ما يرددون: الانقلاب يترنح، ولكنه لا يترنح، هي فقط أوهام وأمنيات.

وكذلك هنا في الحالة التي نتحدث عنها: الدولة وحكومتها لا تتزعزع عن موقفها ولا تتنازل لأنها لم تكتف بعد من التنكيل بهم ومحاولة إخضاعهم، واكتفاؤُها بانتصارِها وإخضاعهم وإعلانهم الاستسلام، أو تحقُّقُ هدفٍ آخر يشبه الاستسلام..!

[ولكن لماذا قلتَ سابقا إن الحل في هذا الشهر؟]

أولا: لأنني متفائل جدا؛ وكنت يوما ما مؤمنا أن الانقلاب في مصر يترنح! وأن الثوار في سوريا سينجحون في إسقاط الطاغية وتخليص المسلمين من تلك المذبحة. فتفاءلت أيضا أن الأساتذة سينجحون في تحقيق مطالبهم. هل كنتُ متفائلا أم مُغفلا؟ الأيام ستثبت ذلك!

ثانيا: أخبرني موظف متعاطف مع الأساتذة المتدربين بوزارة التربية الوطنية أن الوزارة قد وجدت حلا تقنيا للقضية ولإنقاذ السنة التكوينية وعرضَته على رئاسة الحكومة وربما على سلطة وجهة أعلا من رئاسة الحكومة.

تجلت خطوط هذا الحل في تقليص مدة التكوين إلى ثلاثة أشهر بل أقل من ثلاثة أشهر حيث إنها تحتوي على أسابيع للاختبارات وهي لا تدخل في مدة التكوين حقيقة. ربما الفصل سيتكون من ستة أسابيع بما فيها الفترة المخصصة للاختبارات والامتحانات ومناقشة البحوث. وتحدَّث عن تشتيت المتدربين على عدد كبير من المشرفين للاستفادة أكثر من الوقت الذي يشرفون فيه على التلاميذ وتدبير وإنجاز الدروس. وعن تكثيف ساعات التكوين وتوجيههم للتكوين الذاتي والتعليم المصغر كذلك. هذا بالنسبة للتكوين؛ أما الحل للتوظيف فلم يخبرني به، غير أنه تحدث عن حل يرضيهم في ظل المباراة على أساس أن تنظم في شهر يوليوز، هكذا قال. وبما أن التكوين ثلاثة أشهر وموظفو وزارة التربية والأساتذة المكونون بالمراكز الجهوية ومراقبو الامتحانات يأخذون عطلة في شهر 7 يوليوز، وبما أن التدريب ينبغي أن يكون في الفصلين معا؛ أسبوعان على الأقل في كل فصل، والمؤسسات التعليمية تنهي دروسها أو تنشغل بالامتحانات في نهاية ماي، وبعملية حسابية بسيطة توقعتُ أن يكون الحل عند منتصف مارس.

عندما مر منتصف مارس ولم تعرض الحكومة أيَّ حل قلتُ إن هناك خللا في المعلومات، ولكن بعد تصريح بنكيران لجريدة أخبار اليوم أن ثلاثة أشهر كافية للتكوين تأكدت تقريبا أن الرجل لم يخطئ أو يكذب في معلوماته. ولو أن الكذب الوارد هنا هو أن يكون تصريح بنكيران مفبركا، فالجريدة تلك متخصصة في الكذب ككل أو جل الجرائد..!

[فلماذا لم تطبق الحكومة هذا الأمر؟]

أولا: كما يقول المصريون “إنتو لِسَّة ما اسْتويتو” يعني الدولة لم تشبع بعدُ من جلودكم ودمائكم! ومن التنكيل بكم ومعاقبتكم حتى تكونوا عبرة لغيركم كما تقدَّم في الكلام أعلاه. والقوات المساعدة وكتائب الدعاية الإعلامية يتدربون فيكم. كما أن حزب العدالة يحتاج لشيء من الضغط حتى يقدم تنازلات أكثر..

ثانيا: أظنهم ما زالوا يطمعون رغم كل هذه المدة ويراهنون على قبولكم بحل الدفعتين إذا ما أحسستم أن الوقت سينسحب من بين أيديكم.

والحقيقة أن الدولة لا يهمها التكوين بقدر ما يهمها تمرير السياسات الليبرالية وإرضاء الدول الغربية وإخضاع الشعب.

إذا كانت ثلاثة أشهر كافية فيمكن تطبيقها على الصور التالية:

> من منتصف مارس إلى منتصف يونيو (كما ظننت)

> أو في أبريل – ماي – يونيو

> أو في ماي – يونيو – يوليوز

> أو في يونيو – يوليوز – غشت

فهذه أربع صور؛ لكن في الحالتين الأخيرتين ستكون بغير تدريب لأن التدريب مستحيل بعد ماي! وكذلك ستضطر لتعويض الأساتذة المكونين وموظفي المراكز عن ساعات العمل الإضافية، لأن عطلتهم تبدأ من شهر يوليوز..

إذن هناك جهة ما في الدولة لا أعرف مَن تكون أهو رئيس الحكومة أم مستشار بالقصر أم هما معا، أم جهة أخرى -راكم عارفينها أو ربما ما عارفينهاش- قد يكون كائن فضائي يحكم البلد دون أن نراه أو يظهرَ أمامَنا! لمَّا علم هؤلاء بهذا الأمر استغلوه ليطيلوا مدة العنف ضد الأساتذة، وإذا قرروا أنهم قد شبعوا واكتفوا سيطلقون الحل. وأحيانا أشك في جدية الدولة وحكومتها وقبولها باقتراحات الحلول فما دامت رفضت اقتراح المبادرة المدنية واقتراح النقابات فقد ترفض حتى اقتراح خبراء وزارتها في التربية!

[ولكن هل يمكن أنهم يجروننا لسنة بيضاء؟]

بعض الأساتذة يسأل هذا السؤال ويردد هذه العبارة، وبعد كلمة القاضي الهيني أن السنة البيضاء غير موجودة في القانون ظهرت أسئلة واستشكالات أكبر! والحقيقة أن القاضي الهيني أخطأ هنا أو تكلم عن شيء آخر، وهو أن تفرض الدولة سنة بيضاء بالقانون دون داع حقيقي وهذا غير ممكن لأنها فعلا غير موجودة في القانون وليس لها أي صيغة محددة. لكنها عرف في عدة مجالات: الفلاحة (سنة بيضاء يعني بغير إنتاج = جفاف). الاقتصاد (سنة بيضاء لها عدة تطبيقات وتعني في الأساس تراجع النمو وفشل التدبير المالي..الخ). وفي مجال التربية والتكوين والتعليم العالي (تعني ضياع عام دراسي واستحالة إنقاذه سواء لطالب واحد أو مجموعة أو مؤسسة أو صف أو فصل أو كذا..) وهذا الأخير بالأساس يخضع لعرف أممي ويقدر حسب قدره، ولها نصيب في التشريعات المدرسية والجامعية ولكن أحيانا لا تسمى سنة بيضاء. وأحيانا تكون حقا وليس عقابا. مثلا: طالب في الجامعة في تخصص علمي حالت دون إتمامه سنة تكوينية ظروف وهو لا يريد أن تحتسب عليه تلك السنة أنه رسب فيها تفاديا لمشاكل مع معاهد لا تقبل الجلوس بغير دراسة بعد البكالوريا فمن حقه أن يحصل على سنة بيضاء ولها إجراءات لم أبحث فيها. كذلك هؤلاء الأساتذة المتدربون إن وقع شيء حال دون تكوينهم نهائيا الحد الأدنى الذي تحدده الوزارة حسب خبرائها وقد تحدده بأربعة أيام!! ولا أحد يستطيع الاعتراض لأنها هي التي تقرر في أقصر مدة للتكوين في هذا التخصص أو ذاك.. فإن وقع ذلك فإن من حقهم السنة البيضاء -من حقهم- أي أنهم سيبقون في المراكز ويكررون العام إجبارا على الدولة وإلا تقعُ في حرج مع اليونسكو! لأن هناك بروتوكولات يوقع عليها المغرب في هذا الجانب، فلا يمكنهم فصلهم إن حال احتجاجهم دون إتمامهم لفترة التكوين، والسنة البيضاء لا تحتسب في سجل الطالب الدراسي وله الحق في إعادتها دون أن تحتسب في سنواته الدراسية، وسواء كانت مدة التكوين سنة واحدة أم عشر سنين فإن تلك السنة أكانت في مؤسسة للتعليم الأساسي أو الثانوي أو الجامعي، خاص أو عام فإنها تخضع لهذه الأعراف، وهناك بلدان تضرب بالقوانين والأعراف عرض الحائط لكن عدد الفوج كبير 10 آلاف شخص وعندهم تعاطف شعبي وأممي فيصعب فعل ذلك معهم، ولا مصلحة للدولة في الذهاب لهذا الحد. وكنتُ قرأت مقالا بالفرنسية لكاتب غابوني يتحدث عن السنة البيضاء بتفصيل وأنها تخضع لتوصيات اليونسكو. فالدولة وإن أرادت إدخال فوج آخر في حالة هذه السنة البيضاء سيبقى الفوج الحالي معهم أيضا إجباريا.

وهذا الأمر أستبعده جدا ونسبة تطبيقه أقل من الصفر. إنما الممكن أن يتم تعيينهم دون حصولهم على الشواهد انتظارَ أنْ يستوفوها العام القادم مع الفوج الجديد. ولكن هذا رغم قانونيته انهزام للدولة أكبر حتى من تجميد المرسوم أو التوظيف دفعة واحدة بعد تقليص التكوين وإجراء المباراة أو امتحان التخرج!

ثم إن إطالة هذا الملف وتضخيمَه حَدّاً هائلا كأن الدولة في حالة حرب معهم، وفشل جميع التوقعات بحل الملف وكذلك المبادرات هو ما جعلني أذهب حد تشبيهه بالقضيتين السورية والمصرية رغم الفرق الكبير جدا. فإن إطالة مطلب اجتماعي لهذه الدرجة ومعاملة المحتجين بهذا العنف والتعنت يشير إلى أنهم يطالبون بشيء خطير لا يمكن تحقيقه، وفي ذلك من المبالغات ما لا يخفى!! وهذا له أسباب ذكرتها في مقالات سابقة ولم تعد خافية على الناس، فإن الدولة تتخوف من امتداد شرارة الاحتجاج الفئوي لغيرهم كما هو ظاهر، وكما حدث في البلدان العربية بعد نجاح الثورة التونسية، فإن نجح الأساتذة في إسقاط المرسومين والأطباء في إسقاط الخدمة الإجبارية فمن يضمن ما سيأتي من غيرهم.

والحقيقة أني أصبحت أشك أن هناك أشخاصا فاقدي الأهلية يديرون هذا الملف، فلم تحقق الدولة من هذا التعنت أيَّ شيء:

> فإن كانت جهة ما تؤخر حلّه ضد بنكيران وحزبه فقد يتضح ذلك بعد حل الملف ويستعيد الحزب مكانته خاصة إن صرح بنكيران أو لمح لذلك، وهو شخص لا يُضمَن لسانه، وأحيانا يتفوه بأشياء خطيرة!

> أما إن كان بنكيران هو الذي يتعنت هنا لحرجه من زيادة المناصب المالية أو عدم رغبته في الهزيمة فما خسره الحزب أكبر من ذلك بكثير!

> وإن كانت الدولة تريد فقط التنكيل بهم وجعلهم عبرة لغيرهم حتى لا يتبعهم ويقلدهم أحد، فإنها لم تنجح إلا في تشويه صورة الأمن والشرطة والداخلية وزيادة التعاطف معهم والتضامن بين فئات كثيرة من الشعب! بل برزت تنسيقيات جديدة لفئات مختلفة تشبه في هيكلها تنسيقيتهم!

عجيــــب!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* باحث في علم النفس الاجتماعي!

آخر اﻷخبار
3 تعليقات
  1. السلام عليكم و رحمة الله
    استغرب حقا أن ينشر مثل هذا المقال في جريدة مشهود لها بالكفاءة كهوية بريس فهو مجانب تماما للموضوعية التي يفترض ان تكون اساس العمل الصحافي خاصة و أن الموضوع لم يمس بالمقدسات التي يعتبر الدفاع عنها من أولويات الخط التحريري للجريدة.
    الكاتب هنا عبر عن رأي شخصي في القضية، لا يشاطره فيه كل المغاربة و استند على تحليل غير منطقي بالمرة و أسقط الوضعية على ما يقع في مصر و سوريا و قارن بين رئيس الحكومة و السيسي و بشار و لكم ان تحكوموا في المقارنة فأنتم ادرى بهم جميعا.
    كما انني هنا اتسأل أكل من خارج محتجا في الشارع فهو صاحب حق تجيب الاستجابة له و إن تعلق الأمر بجمع غفير فقبلهم امتلئت شوارع الرباط بالمعطلين الذين كانوا يطالبون بالتوظيف المباشر بل و أكثر من ذالك رابط بها حتى دعاة الحريات الفردية و حركات الشواد و غيرهم و طبعا لمجال للمفارنة لكنها جاءت قياسا على المقارنة السابقة.
    و السلام

  2. أعجبتني طريقتك في الكتابة، حقا انك مبدع ، غير أنه خانك التوفيق في الطرح والمقارنة كليهما، وما أظن إخوتنا في الجريدة نشروا المقال إلا لطريقة ومنهجية الطرح، رغم عدم اتفاقه مع خط تحريرها ،
    طلب صغير وأصدقك القول، ولا تعتبره مني مراحل أو سخرية، جرب الكتابة الأدبية رواية أو قصة فهذه الموهبة التي تمتلكها قل نظيرها.
    معذرة فإنما هو كلام من معجب محب ناصح.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M