لماذا لا تمد الدول الإسلامية الفلسطينيين بالسلاح؟؟

14 مايو 2021 18:56

هوية بريس – إبراهيم الطالب

ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان لها، أن “عدد شهداء العدوان الإسرائيلي منذ الاثنين ارتفع إلى 109، من بينهم 28 طفلا و15 امرأة”، مشيرة إلى أن عدد المصابين بجراح متفاوتة الخطورة ارتفع كذلك إلى 621 شخصا.
تواطؤ على قتل الأطفال والنساء من طرف الدول الغربية مع القتلة والسفاحين في الكيان الإرهابي المجرم، وتبعية وانهزام وذل وهوان وخضوع من طرف الدول العربية المستبدة المطبعة والتي في طور التطبيع.

والسؤال بعيدا عن التطبيع والتخوين:

لماذا لا تمد الدول العربية الفلسطينيين بالسلاح والمؤن والمعلومات الاستخباراتية والرجال؟؟

في حين أن حلفاء الكيان الغاصب من دول أوربا وأمريكا يساندونه بالدعم بالمليارات وبالسلاح ويتعاونون معه استخباراتيا بدون قيد أو شرط.

ويحمونه دوليا من خلال ممارسة حق الفيتو الظالم لإبطال كل قرار في صالح الفلسطينيين يقدم لمجلس الأمن.

نعترف بداية أن الجواب متشعب وطويل الذيول، واختصاره من شبه المستحيل لكن يمكن تلخيصه مع بعض الإخلال في المسائل التالية:

1- لأن دول المسلمين لا تزال تعيش في تداعيات سقوط نظام الخلافة الذي كان من نتائجه الكبرى بناء وطن قومي مغتصب للمحتلين وفرقة وتشتت وتناحر بين الدول الإسلامية.

2- لأن استقلالات كل الدول الإسلامية كانت استقلالات توافقية مع المحتل بشرط حماية مصالحه الاستراتيجية والتي يوجد أمن الكيان الصهيوني في قلبها.

3- لأن الدول الإمبريالية نفسها هي من بقي يسير اقتصاد الدول الإسلامية من خلال استحواذها على الشركات الكبرى في هذه الأخيرة تماما كما كان الوضع قبل موجات الاستقلالات الصورية.

4- لأن تلك الدول الإمبريالية من خلال قوتها الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية والاستخباراتية ظلت ترعى الأنظمة البديلة للحمايات والانتدابات والتي تشتت ولاؤها بين روسيا (الاتحاد السوفياتي سابقا)،وبين أمريكا وحلفائها خصوص فرنسا وبريطانيا اللتين كانتا تهيمنان على الدول الإسلامية بعد سقوط نظام الخلافة، فكلما أرادت قلب حكم في بلاد ما، حركت وكلاءها فحصل انقلاب يأتي بمن يريدون إلى سدة الحكم، وهكذا انقلبوا على الملكيات فرأينا بورقيبة وعبد الناصر ومعمر والأسد، وما بقي من الملكيات يتم تحيينه وتطويره بشكل دائم ورعايته كاملة حتى لا يسقط فتختل الموازين وتضيع المصالح الاستراتيجية الغربية في تلك البلدان.

5- لأن الدول الإمبريالية التي أنشأت دول سايكس بيكو الإسلامية، استطاعت إرساء نظام دولي تنظم من خلاله علاقاتها وقواعد تدبير عمليات نهبها للدول التي كانت تستعمرها خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين، وهذا النظام الدولي فرض شرعية دولية لا تأخذ بالولاء الديني أو العقدي بل تخضع للمصالح الاقتصادية والمادية، وتحدد مفهومها وقوانينها وإجراءاتها الدول الإمبريالية المستحوذة على عضوية مجلس الأمن، والتي تمكنها من غزو من تشاء من الدول التي تريد تفتيتها (أفغانستان نموذجا).

6- لأن إذعان الدول الإسلامية لهذه الشرعية الدولية نتج عنه التنصل من واجبات الشريعة الإسلامية في نصرة المسلمين، وكل دولة إسلامية سولت لنفسها غزو دولة الصهـــاينة ستتعرض للعقوبات والتأديب قد يصلان إلى محوها كما فعلت أمريكا والغرب بالعراق الجريح.

نتج عن هذا الوضع:

1- انعدام الثقة بين الحكومات في الدول الإسلامية وشعوبها.

2- صراعات دائمة بين المصلحين والمفسدين في الدول الإسلامية بإملاءات غربية وصهيونية، لذا وأينا ونرى أن سجون الاستبداد امتلأت بالأولين، وعُلق قادتهم على المشانق، على طول تاريخ الاستقلال في البلدان التي سطرها سايكس وبيكو، ولا تزال السجون والمشانق تُغيِّب كل من أزعج المفسدين وهدد المصالح الاستراتيجية للدول الكبرى، فضاعت شعوب المسلمين في علمائها ومفكريها ، فقد كانوا نخبتها العالمة التي يمكن أن تحقق لها الانعتاق والحرية والنهضة.

3- إهدار ثروات البلدان الإسلامية إما في الاستنزاف الغربي المباشر لها، أو بصرفها على حروب يرعاها الغربي بالأساس مثل ملف الصحراء المغربية، وكل ملفات الحدود بين الدول الإسلامية، فرأينا الخلافات والحروب بين كبريات الدول التي كان يلزم أن تقود المسلمين نحو النهضة والوحدة والقوة، فكانت الحرب الإيرانية العراقية نموذجا واضحا للاستنزاف أيضا.

4- اعتماد الدول الإسلامية على الدول المانحة وصندوق النقد الدول والبنك الدول الذي ما هو سوى مجموعة من الشركات الغربية المالية والبنكية الكبرى التي يتحكم فيها وفي سياستها الرأسمال الصهيوني، وتلك القروض غالبا ما تكون مشروطة، الأمر الذي يجعلها تذهب هباء مع ارتفاع مستويات الفساد الذي تشجعه من الخلف الدول الكبرى لحماية استراتيجياتها الاستنزافية للدول الإسلامية.

5- التحكم في البحث العلمي وإضعافه في الجامعات والمعاهد العليا، من خلال العزوف عن تخصيص ميزانية تحقق التطور في مجال التكنولوجيا والبحث العلمي، لذا بقيت كل الدول عالة على الدول الإمبريالية في سلاحها وتطورها التكنولوجي، وهذا وحده كاف لكي يجعل الدول الإسلامية تخضع للإملاءات في ملفات فلسطين والقدس وملفات الإبادات التي يتعرض لها المسلمون في دول مثل بورما وكشمير والهند وسريلانكا والصين، وغيرها كثير.

فباستصحاب كل ما سبق وغيره يمكننا أن نفسر جزءًا كبير من الصورة التي تلخص مشهد الذل والتخلف والتبعية والهزيمة في العالم الإسلامي، ونفهم كذلك الأسباب الكامنة وراء خضوع الدول في ملف القدس وغزة وجريها الحثيث نحو مزيد من التطبيع مع الكيان الغاصب، وسكوتها المذل أمام هذا العدوان الصهيوني على مقدسات المسلمين وأراضيهم وممتلكاتهم وأوقافهم في فلسطين الأبية.

فكيف ينتظر أن تكون للنظم في الدول الإسلامية قدرة ولا شجاعة على تقديم الدعم المسلح والمالي المباشر للفلسطينيين؟

وكيف نتفاجأ من مشاركة الأردن ومصر في الحصار الحدودي لفلسطين، ومحافظتهما على أمن سكان الدولة المحتلة، وسكوت السعودية والمغرب والإمارات والسودان عن جرائم الكيان الغاصب والاكتفاء في الخطابات التي لا قيمة لها على الأرض؟؟

فاستحضار ما سبق يجعلنا نوقن أن الأنظمة تعيش حالة من الإفلاس القومي لن تجرؤ معه على تحريك ولو سكين تقشير الفاكهة والخضر لصالح القدس وفلسطين، فما بالك بتحريك الأسلحة التي تقتنيها غالبا بشروط عدم استعمالها ضد الكيان الغاصب لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الدول الغربية قاطبة تعتبر أمن الكيان الصهيوني من عمقها الاستراتيجي.

كما أن ما تملكه دول المسلمين من الأسلحة لا تملك صناعة قطاع غياره، وفي حالة المساس بالمصالح الاستراتيجية للدول المصدرة للأسلحة فلن تمدها هذه الأخيرة بقطاع الغيار ولا بالدخيرة.
لقد بات من اليقين أن دولا مثل أمريكا وبريطانيا يتحكم في قراراتها السيادية اللوبيات الصهيونية مثل الأيباك، وهذا العلم هو ما يجعل الدول (الإسلامية) تهرول إلى توقيع معاهدات التطبيع المخزية لتحل مشاكلها وتكسب استقرار حكمها، فكيف ينتظر أن تحارب هذه الدول إلا صف الفلسطينيين والمجاهدين في القدس وعزة والمرابطين في الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟

وإذا كنا في هذا الوضع في جميع الدول الإسلامية، فالواجب أن يبذل كل مسلم جهده في نصرة فلسطين والقدس والأقصى الشريف، وأن يعمل ليلا ونهارا في بناء دولته، والوقوف في وجه لوبيات الفساد فيها، مع الاهتمام ببناء الإنسان أولا، فأكبر مقاومة لتغول النفوذ الصهيوني في بلدان الإسلام هو استنقاذ المسلمين من التبعية الفكرية والثقافية والعقدية للبلدان الإمبريالية وإرجاعهم إلى هويتهم ودينهم وعقيدتهم، التي تمنعهم من أن يكونوا عبيدا يخضعون لنظام السخرة المتطور، وهذا ما سيجعلهم يتبنون حقيقة وصدقا قضية القدس وفلسطين، والتي توشك عند النخبة المثقفة والعالمة أن تسقط من اهتماماتها.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. لقد اجدتَ و افدتَ و وضعتَ اصبعكَ على الداء و كما يقولون التشخيص نصف العلاج فجزاك الله خيرا.

    10

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M