لماذا لا نعيش بحب؟     

16 فبراير 2023 09:51

هوية بريس – إبراهيم أقنسوس

بعيدا عن النقاش الشكلي والهامشي، الذي يدور حول ما يسمى بعيد الحب، دعونا نتساءل بصدق، لماذا لا نعيش بحب ؟، لماذا نقضي الكثير من أوقاتنا، على المستوى الفردي، في تدوير ألوان من الكراهيات، وفي تقاذف أصناف من البغضاء، وفي توليد الكثير من الأحقاد، التي تفسد علينا لذة التواصل الجميل، وتحرمنا رونق الحياة بحب ؟ ؛ وعلى المستوى الجماعي، ما سر كل هذه العداوات  والغضبات والعنتريات، التي يمارسها ويحترفها الكثير منا، لماذا تبدو كلمات الكثيرين منا قاسية، ولماذا تأتي تعابيرهم ناقمة،  وغير أنيقة، يستوي في ذلك المتعلمون منا، وغير المتعلمين ؟؟.

يبدو أننا في أمس الحاجة اليوم، واليوم أكثر، إلى الحديث عن الحب، عن هذا الشعور الجميل والشفيف والأنيق، الذي يرقى بأصحابه، والذي تحلو به الحياة وتسمو؛ علاقتنا بالحب، يكتنفها الكثير من الغموض، ومن التردد ومن الإرتباك، ما يعني أننا لا نعرف الحب تحديدا، ولا نحيا به إلا جزئيا، وفي بعض أعراضه ومظاهره، غير السوية أحيانا، ما يؤكد في النهاية، أن كلمة (حب) تحتاج عندنا إلى تحرير علمي، وديني، وأخلاقي، وثقافي، حتى نتصالح مع هذه العاطفة الرائعة، من أجل حقنا في الحياة بحب ؛ فما أقسى الحياة بلا حب، وبلا إدراك سليم لمعنى الحب ؛ فرق كبير بين كلام العلماء والمربين والمفكرين والمتصوفة والشعراء، عن معنى الحب، وبين كلام السفهاء والتافهين ومنعدمي الضمير والأخلاق ؛ نحتاج إلى تخليص كلمة الحب من الإبتذال، ومما علق بها من سفالة وتسطيح ؛ الحب من أسرار الحياة الطيبة والكريمة ؛ في كل أحوالنا وارتباطاتنا نحتاج إلى الحب، في علاقتنا بأنفسنا، بخالقنا، بأسئلتنا بقضايانا، بوطننا، بوجودنا، بأزواجنا وزوجاتنا، بآبائنا وأمهاتنا، بأصدقائنا، بمن يختلفون عنا ومعنا ؛ مع كل هؤلاء، وبكل هؤلاء وغيرهم، نحتاج إلى الحب ؛ به نتدبر ارتباطاتنا معهم بجمال وجلال، و بغياب الحب يرتفع المعنى، ويفسد الذوق، وتجف حرارة المشاعر، وتنطلق شرارة السوء والقبح ؛ فلماذا لا نحيا بحب ؟، وما الذي يجب فعله، على المستوى الجماعي والإجتماعي، حتى نمكن المواطنات والمواطنين، من حقهم في العيش بحب  ؟، بدل كل هذه المخاوف والآلام، التي تطاردهم بلا توقف ؛ هذا سؤال يهم من يدبرون شؤون المواطنات والمواطنين، ومن يتحملون مسؤولية تجويد وتيسير قضاياهم وحياتهم، وينتظر منهم بداهة، بذل كل الجهود الممكنة لإسعاد الناس، وإدخال الفرحة إلى قلوبهم، وطرح الهواجس عنهم، وتمكينهم من الحياة بحب ؛ فالحب والخوف لا يلتقيان، والسعادة والتهديد لا يجتمعان، وبدل الإمعان في قتل ما تبقى فينا من جمال، علينا أن نبادر إلى معالجة كل أسباب الألم، ومغالبة كل دواعي التردد والتوجس وعدم الإطمئنان، لدى المواطنين والمواطنات، الذين يمضون جل أوقاتهم، في مصارعة عوادي الأيام، وفي البحث عن مخارج للأزمات، وفي توفير أقل الضروريات الممكنة، وفي الجري وراء تحصيل لقمة حارة للعيش، وأي عيش.

إن الحياة بحب هي الحياة، وبلوغ هذه المنية، هي رغبة كل إنسان، مواطن ومواطنة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M