لهذا السبب عزل «التوفيق» الخطيب «المدغري» ومن سبقه!!

04 فبراير 2016 18:47

هوية بريس – نبيل غزال

الخميس 04 فبراير 2016

لم يمر سوى أسبوع واحد فقط على الكلمة التأطيرية التي ألقاها الوزير “التوفيق” بملتقى مراكش حول الأقليات الدينية، والتي شدَّد من خلالها أمام اليهود والنصارى والدروز والشيعة والأزديين وعدد من الملل والنحل الأخرى أن “العلماء هم المطالبون بتصحيح المفاهيم”، لأن “لهم مكانتهم ودورهم لاسيما في مسألة الحقوق”، حتى عاد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ليشرح للرأي العام الوطني والدولي المفاهيم التي يقصدها والحقوق التي يعنيها.

وقد جاء شرحه هذا عمليا -كالعادة- بعيدا عن لغة التنظير أو المجاملة، فقرر ومن أول وهلة أن يعزل عالما فاضلا؛ وخطيبا مفوها بمدينة سلا بصفة نهائية، وسبب العزل الوحيد والفريد هو ربط الخطيب لزلزال الحسيمة ببيع الحشيش!!!

كنت أتمنى أن يغير الوزير منهجيته الفجة في التعامل مع العلماء والخطباء والوعاظ، ويعاملهم بعشر معشار ما يتعامل به مع اليهود والنصارى والملل الأخرى، بتبني منهج التسامح؛ والحوار؛ والقبول بالاختلاف فيما يحتمل ذلك؛ وعدم مؤاخذة الإنسان بالزلة والزلتين..، لكن للأسف الشديد لا لغة تعلو -عند السيد الوزير- حين يتعلق الأمر بالعلماء والخطباء والأئمة على لغة المصادرة والمنع؛ والطرد والإقصاء…

فكل من خالف خطة (إعادة هيكلة الحقل الديني) التي ينفذها “التوفيق” بالحرف؛ لا فرصة له في البقاء في المجال الدعوي والديني، لأن العالم أو الفقيه أو الواعظ في هذا المشروع لا يحق له إطلاقا أن يقوم بنقد الواقع وتحليله؛ أو أن ينزِّل النصوص الشرعية على المستجدات العصرية والكوارث الطبيعية؛ أو أن يتعرَّض إلى ما يعيشه الناس من تناقض صارخ بين ما تنصُّ عليه الشريعة الإسلامية من عقائد وأحكام وأخلاق وسلوك؛ وبين ما هو موجود على أرض الواقع؛ بل يجب على السادة العلماء؛ والخطباء تبع لهم؛ أن ينأوا بخطابهم عن الشعبوية.

وهو ما عبر عنه “التوفيق” صراحة في الدرس الحسني الذي ألقاه سنة 1425هـ حيث قال وهو يعد الضوابط التي يجب أن يقف عندها الخطيب أو المرشد: «حِرص المرشد أو الخطيب على تجنب ما يسمى في لغة العصر بالشعبوية؛ أي الخطاب الذي يسعى به صاحبه إلى اكتساب النجومية واستمالة النفوس؛ ولا سيما إذا توسل بتضخيم مساوئ الوقت؛ ونعت المجتمع تعميما بالخروج عن الجادة واتهام أولي الأمر بالمسؤولية عن تدهور السلوكات والتلويح بتوقع عقاب من السماء».

فوفق منظور السيد الوزير يجب على الخطيب أو الواعظ أن يتبنى «خطاب التقريب والتيسير بدل خطاب التخويف والوعيد والتنفير.. ويَحذَرَ المرشدُ والخطيب في إظهار سلطته الناقمة ضد أنواع الفرح والمتعة الفنية المباحة والابتكار الإنساني الخلاق..» (الدرس الحسني لسنة 1429هـ).

هكذا أراد واضعوا السياسة الدينية في وزارة التوفيق من الخطباء أن يكونوا؛ وفي هذا القالب بالذات يجب أن يصاغوا؛ فمن قـَبلُ عـَزل الوزيرُ السيد رضوان بنشقرون الذي كان يتقلد منصب (رئيس المجلس العلمي) لعين الشق بالدار البيضاء؛ بعد أن تطرق في خطبته لموضوع العري في الشواطئ؛ وانتقد بعد ذلك مهرجان موازين واستقطاب ملك اللواطيين في العالم إلى المغرب؛ وعزل كذلك الشيخ الفاضل مصطفى القصير في الدار البيضاء، والدكتور رشيد نافع في الرباط، ومحمد الخمليشي في فاس، وعبد الله نهاري في وجدة، وخطيب مسجد «لخلايف» بـ«حد السوالم» وخطيب قرية «بامحمد» وغيرهم كثير كثير لمخالفتهم دليل الإمام وتوظيف الخطاب الشعبوي!!!

فمنهج الوزارة في التعامل مع هؤلاء العلماء والخطباء واضح؛ إما الترويض والتطويع؛ وإما الفصل والإبعاد؛ على اعتبار أن المخطط الوزاري للسيد أحمد التوفيق يهدف إلى رسم «خريطة لمشروع ديني متساوق مع المشروع السياسي ورافد له أيضا، ..من شأنه أن يزيل من الأذهان تماما أن هناك احتمال التنافر أو الاصطدام بين هذه المقومات»؛ كما سبق وصرح التوفيق في استجواب لجريدة الاتحاد الاشتراكي.

بمعنى أن جميع الأحداث السياسية والتظاهرات الفكرية والثقافية والفنية التي يرخص لها من طرف مؤسسات الدولة؛ كمهرجان موازين مثلا؛ حتى وإن تعارضت هي ذاتها أو القيم التي يراد تمريرها من خلالها مع المعلوم من الدين بالضرورة؛ فلا يجوز -وفق مخطط الوزير- إظهار الغضب والنقمة إزاء أنواع الفرح والمتعة الفنية هاته!! ويجب أن يزول تماما من أذهان الناس وجود تنافر واصطدام بين هذه المقومات؛ بل لا يجب أن يسمع صوت الدين وأهله أصلا في مثل هاته المستجدات ولا غيرها من كوارث تحدث والتي لها صلة بالمعاصي والذنوب.

تجدر الإشارة ها هنا أن الخطبة التي عزل بسببها الشيخ يحيى المدغري وربط فيها بين وقوع الزلزال وبيع المخدرات والحشيش، جاءت مخالفة لأطماع حزب التحكم، الذي سبق وتقدم بمشروع قانون حول الاستفادة من زراعة الحشيش، وطالب بإخراج هذه الزراعة من قائمة الممنوعات، من أجل ذلك ومباشرة بعد الخطبة موضوع النقاش خرجت خديجة الرويسي عن حزب الأصالة والمعاصرة وطالبت من وزير الأوقاف أحمد التوفيق أن يتخذ الإجراءات اللازمة في حق هؤلاء الخطباء الذي يلجؤون على حد قولها إلى “استعمال الدين في السياسة للدفاع على مشروع ظلامي”.

وها هو ذا السيد الوزير يستجيب لطلبها ويسارع في مرضاة المنابر العلمانية والجمعيات الحقوقية الحداثية الإقصائية، ويوقف الشيخ يحيى المدغري عن الخطابة بصفة نهائية؛ دون اعتبار لمحبيه ولا لتاريخه ونضاله الذي تجاوز أربعة عقود..

فهنيئا لكم سيدي الوزير بهذا السجل الحافل بتكبيل الحقل الديني وإبعاد كل خطيب ناصح لأمته غيور على دينه.

[email protected]

آخر اﻷخبار
7 تعليقات
  1. الدولة المغربية المخزنية واضحة في توجهها !
    الرقص و العري و الفجر و المخدرات !
    من يغرد خارج هذا السياق يتم الاطاحة به !
    السؤال الان : ما سر الاصرار على صفة أمير المؤمنين ؟
    يا اما الالتزام بها و الالتزام بالدستور المغربي الذي صوتنا عليه جميعا و الذي يؤكد على ان الاسلام هو الدين الرسمي للدولة ، يا اما تزال هذه المادة و تزال معها مؤسسة امارة المؤمنين و ترفع وصايتها عن الشأن الديني ، خاصة و انها لا تستعمل هذه الوصاية الا لمحاربة الاسلام بشكل فج و وقح !

  2. هنيئا للشيخ المدغري بهذا الشرف وهو الابتلاء في سبيل الله
    اما الخونة والدكتاتوريون مصيرهم مزبلة التاريخ

  3. كنت أتمنى -بما أنك ذكرت إسم حزب من الأحزاب- أن تشير أو تتساءل عن مسؤولية رئيس الحكومة إزاء هذه التعسفات والقمع لصوت المنبر السني ودار القرآن السنية ،.. حتى لا يبقوا هو وفريقه فوق النقد وفوق المحاسبة لأنهم (مساكن ضعفاء) في مواجهة التماسيح والعفاريت والتنين ،.
    إما أن يكونوا (القوي) (الأمين) وإلا سيكونون معول هدم ذو اتجاه واحد ‘ تجاه الفقير ‘ وهذا دأب الجبناء ، وقنطرة يمرر عليها (القوي المفسد) مخططاته ،… فيكون بذلك دور (الجبان الأمين) ليس هو تطبيق مخططاته الإصلاحية -لأنه عاجز محتاج لتدخل الملك في الصغيرة والكبيرة ، ويتبجح بذلك – وإنما هو فقط محاولة التصدي لبعض مخططاتهم التي للأسف معظمها مافراسوش .
    وكمثال (للقوي المفسد) : الوزير البطل الذي تكلمت عنه فهو لا يحتاج لمكالمة هاتفية مع 6 صباحا …

  4. تحية للمغربي المفقوص و أتفق معك.
    ما يقع الآن لم يعد يحتمل لمن كان له قلب، المعضلة أن هذه المواضيع لا تثير الناس كما تثيرهم مواضيع الغلاء و المعيشة و الأكل و النوم و….
    على العلماء و المشايخ جميعا أن ينكروا المنكر بقوة يحس بها الظلمة و أن يقودونا لما يجب فعله عمليا لإيقاف الحرب على الدين و لو اقتضى الأمر اعتصامات إضرابات عن الطعام،
    فنحن في انتظارهم.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M