ما معنى أن يصوت حزب العدالة والتنمية للقانون الإطار 51.17؟!

04 أبريل 2019 19:05
ما معنى أن يصوت حزب العدالة والتنمية للقانون الإطار 51.17؟!

هوية بريس – عبد المولى المروري

منذ نشأة الحركة الإسلامية في المغرب وغيره من البلدان وهي تناضل في ثلاث جبهات كبرى:
الجبهة الأولى: تتعلق بالعودة إلى (الالتزام أكثر) بالإسلام وإحياء شرائعه وقيمه وإصلاح التدين في الفرد والمجتمع.
الجبهة الثانية: تحقيق الاستقلال الحقيقي عن القوى الاستعمارية وفك الارتباط الثقافي والاقتصادي والسياسي القائم على التبعية والاستغلال.
الجبهة الثالثة: وهي تحقيق العدالة الاجتماعية واقتسام الثروة ومحاربة الفساد، وتحقيق التنمية والإقلاع الإقتصادي الشامل، والقضاء على الفوارق الاجتماعية…
لقد اختار حزب العدالة والتنمية هذا المسار النضالي منذ نشأته، وعبر عن ذلك من خلال أدبياته وأوراقه المذهبية وكتابات مفكريه ونضالات أعضاءه والمتعاطفين معه. فانتصر في الكثير من المعارك وأخفق في بعضها في إطار التدافع السياسي والاجتماعي السلمي.
فأما في الجبهة الثالثة ، فهو مجال التدبير والتسيير الذي يتنافس فيه الحزب مع باقي القوى السياسية، في إطار آلية قانونية ديمقراطية، وتبقى الكلمة الفصل للشعب ليحدد مدى اقتناعه بتدبير الحزب المسير …
ولعل الحزب في هذه الجبهة لم يدخر وسعا من أجل المساهمة الجادة والمسؤولة في الرفع من مستوى التنمية وتحقيق إصلاحات واسعة في المجالات التي استطاع الاشتغال فيها بكل حرية ودون مضايقات وتدخلات فوقية…
ولا أدعي أنه نجح في كل شيء، بل حقق نجاحا وفشلا، تقدما وتراجعا، لأن ثمة إكراهات تتجاوز الإكراهات التدبيرية العادية إلى إكراهات سياسية ومخزنية تعيق أي إنجاز يحسب سياسيا لفائدة الحزب، بل أجبر (الحزب) على اتخاذ قرارات يراها العديد من المغاربة قرارت غير شعبية وغير منصفة لعموم الشعب.. وجرت عليه انتقادات وردود فعل عنيفة للغاية..
وأما الجبهة الأولى، فهي جبهة المقدس والمطلق في نظر الشعب قبل الحزب. ولو أن الحزب يؤكد انتماءه الفكري والديني إلى هذه المنظومة، و(يمتح) منها ويدافع عنها ويدعو لها، فإنها تظل محمية ومصانة بواسطة الشعب المغربي الذي يظهر انتماءه الوجداني والعقدي لهذه المنظومة ويعتز بها ويذود من أجلها ويقدم الغالي والنفيس في سبيلها.. وبالتالي فهي في حمى الشعب قبل أي جهة أخرى.
وتبقى الجبهة الثانية هي مجال المتشابه والمتداخل.. فهي تجمع بين المطلق والنسبي، والمقدس ودون ذلك، هي مجال الاختلاف والصراع الذي يأخذ أبعادا إديولوجية وفكرية وثقافية وسياسية..
وإشكالية هذه الجبهة أنها جاءت وسطا بين المقدس والمطلق، وبين التدبيري البشري… فيصعب على الفاعل السياسي أو الثقافي أن يميز بين ما هو مطلق يجب احترامه والالتزام به، وبين ما هو نسبي وتدبيري يمكن تغييره أو تجاوزه أو إلغاؤه.
وضمن هذا الالتباس يشتغل أعداء الجبهة الأولى، أو تحديدا وبكل وضوح (خصوم) الإسلام والقرءان… فيتجرؤون على ما يرونه لا علاقة له بالإسلام وقيمه وشرائعه (بشكل مباشر)، من قبيل اللغة العربية وبعض التشريعات التي تعرف اختلافا فقهيا بين العلماء… وهكذ، مستغلين ضعف زاد الشعب في هذا المجال، ومحدودية تأثير أنصار الجبهة الأولى، وكذا دعم القوى الصليبية الغربية بتواطئ مع خونة الوطن..
فأين يجب على الغيورين على قيم هذا الوطن وثوابته أن يرفضوا أي مساس أو تجرؤ على بعض مجالات ومواضيع الجبهة الثانية؟
وما هي تلك التي يمكن أن يتساهلوا فيها ولا يأخذوها معركة ثوابت وقيم مطلقة؟
هنا تطفو على السطح مسألة الرؤية والمنهج في تحديد المعارك ذات الصلة التي يجب خوضها بقوة ودون تردد.
وفي هذا الإطار ، فإن هذه المعركة يمكن تسميتها “علاقة الأصل بالفرع، والكلي بالجزئي”، وهل الأصل له علاقة بالفرع ومرتبط به وجودا وعدما، إلى درجة أنه إذا انتفى أحدهما انتفى الآخر؟
وهل الأصل متوقف على الفرع أم الفرع مجرد تكملة أو إضافة سطحية؟
والإجابة العلمية الدقيقة هي التي تؤثر على مبدأ وقرار خوض المعركة من عدمها؟ وما نسبة ومستوى هذه المعركة؟
ولا يختلف اثنان أن في موضوعنا الحالي أن الإسلام هو الأصل والكلي، واللغة العربية هي الفرع والجزئي، وتأسيسا على ذلك يمكن طرح السؤال التالي:
بما أن القرءان والحديث النبوي الشريف هما جوهر الإسلام، بل هما الإسلام لأنهما أصل الأحكام والتشريعات والقيم والعبادات … فهل يمكن التعامل مع القرءان عبادة وتلاوة وتفسيرا واحتكاما دون اللغة العربية؟
الجواب : طبعا لا، وكذلك الأمر بالنسبة للسنة.
وعليه فإن القرءان والسنة يدوران وجودا وعدما مع اللغة العربية، ولا يتصور وجود القرءان والتعبد به … دون اللغة العربية..
فما هي خلفية تهميش اللغة العربية مع مركزية وجودها في علاقتها بالقرءان والسنة؟
إذا علمنا أنه لا يمكن قراءة القرءان إلا بالعربية، ولا يمكن التعبد بالقرءان إلا بالعربية، ولا يمكن تفسير وفهم القرءان(فهما صحيحا) إلا بالعربية، ومن خلال هذا الفهم لا يمكن استنباط الأحكام إلا باعتماد اللغة العربية من أجل الفهم والتفسير … وبالتالي انتظام حياة الفرد والمجتمع والدولة…
وكلما درس المسلم العربية وتعمق فيها والتزم بقواعدها … إلا وازداد فهمه للقرءان وارتباطه به واعتماده في الحياة …
وكلما تم تهميش اللغة العربية وتدنى مستوى تدريسها والاهتمام بها وإتقان قواعدها ومصطلحاتها ومفرداتها، خاصة في المجال العلمي، كلما وجد المسلم صعوبة في قراءة وفهم واستيعاب القرءان، مما يضعف الارتباط به، فيصبح القرءان على هامش حياة الفرد والمجتمع والدولة..
وبما أن موضوع الصراع الحالي حول موضوع لغة تدريس المواد العلمية، وذلك بتهميش اللغة العربية والتمكين للغة الفرنسية، فهذا ما يجب أن يعيه ويدركه البرلمانيون الذي يقفون على ثغر من أخطر الثغور الحالية.
إن تصويتهم ليس تصويتا على مستوى التدبير العادي، بل له علاقة مباشرة بفرع مرتبط ارتباطا وثيقا بالأصل.
تتمة
إن هذا التصويت عن طريق تقديم “تنازل تكتيكي” سيفضي إلى تنازلات أليمة جدا تبدأ باللغة العربية، وتصل إلى تعديل بعض التشريعات وعلى رأسها نظام الإرث. وأن هذا الاختبار الذي يمر منه حزب العدالة والتنمية هو وسيلة لمعرفة مدى إخلاصه لمبادئه وتصوره وورقته المذهبية.. فإن تنازل هنا … توالت عملية الجرأة على شرع الله ولن تقف عند حد.
لذلك فإني أضم صوتي إلى كل الغيورين على هذا الوطن وقيمه ومبادئه وثوابته بعدم التصويت على القانون الإطار المعلوم والمشؤوم.. والانتصار للغة العربية.

آخر اﻷخبار
3 تعليقات
  1. مقاربة رائعة لرفع اللبس عن أخطر مرحلة تمر بها لغة القرآن وذلك بتكالب القريب والبعيد عليها. فالكل يتحمل تبعات هذا المخطط الرهيب الذي يحاك في السراديب لوأد عرى هذا الدين وطمس معالم حضارة هذا البلد والذي شكل شوكة في حلق الأعداء واستحق وسام الرفعة لوقوفه سدا منيعا في وجه جحافل التغريب ودسائس الطابور الخامس البغيض.

  2. لقد صوت فعلا لذلك عندما صوت لتعديل عمر المتقاعدين وعندما صوت لصالح سارقي صناديق التقاعد عوض محاسبتهم وصوت ضد رجال التعليم في مجالس الأكاديميات الجهوية وفي البرلمان وعندما انضم الوزير الخلفي للوزير امزايزي لتلقينه ما يقول في ندوة صحفية ضد الأساتذة وعندما برر الخلفي جلد وسحل وسلخ المدرسين وتأتي سيدي لتقول لنا أنه وجب علينا العودة إلى الإسلام وهل نحن في عداد المرتدين؟اتق الله فيما.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M