مع كولون خنيفرة 1914م (الجزء الثالث)

12 أكتوبر 2020 19:32
مع كولون احتلال خنيفرة 1914م (الجزء الثالث)

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

نظام الصحافة والمطبوعات بالمغرب قبل احتجاجات 1937متم إقامة قنطرة في السابق من قبل بعثة مخزنية، قوس ساقط دمار ساقه في النهر، حجر الزاوية محطم، وبعض الأفرع رميت في الضفة الأخرى من المرتفع، لتأمين الممر الوحيد الهش للجانب الآخر، حيث توجد صومعة مربعة للدفاع عن قنطرة المجاز المؤدي للقصبة، كانت الأسوار مقطوعة على وجه الأرض، وكأنه يشير لمحلها، فوق القنطرة تتابع الجنود واحدا واحدا، ثم الجرحى على محفات فوق الأيدي، بينما شرعت القافلة في اجتياز الموقع في مرحلة مبكرة، بيد أن عمل ذلك يتطلب وقتا، فسار من المتعذر الوصول لخنيفرة هذا المساء، كما سبق التوقع.

الجنرال هنري تقدم للأمام، واستولى على ربوة، تفتح المضيق الذي في الجنوب الغربي لمنخفض البرج.

أم الربيع حفر أخدودا بين جبل اتغات على الضفة اليسرى، وجبل عرعار على الضفة اليمنى، سهل عريض أمام أقدامنا مقطوع بنقاط صخرية، وعلى بعد 7 أو 8 كلم تكتل سكاني يزيد عن قصبتين، الكل يبدو أبيض لاصق بجبل حديد إنها خنيفرة.

رأينا بالمنظار حركة ذهاب وإياب سريعة، تدل على أن سكان القصبة يغادرونها على عجل محروسين من قبل فرسان، يتبادلون إطلاق النار مع كوم طليعة الكولون، وكان دخان كثيف يخرج من مساكن مختلفة حول المدينة، لقد أصبحت خنيفرة بين أيدينا، رغم أن القافلة مازالت تواصل اجتيازها لمشرع الوادي، حيث كان آخر عنصر من عناصرها يصل المعسكر في التاسعة مساء.

– 12 يونيو

مرت الليلة هادئة، مع بزوغ الفجر تحرك كلون كلوديل، تاركا جبل اتغات لليمين، مكونا جبهة ضد جماعات زيان والشلوح، الذين يمكن أن يأتوا من الجنوب، لمنع اجتياز السهل من قبل كلون ديبليسي، وكروس، الذين أتيا من تباينوت وزعير.

بسرعة ظهر أثر المجهود المبذول على اليسار في منحدر مشجر، بفعل طلقات نار غذتها الطليعة، بعدما اصطدمت بمقاتلين مختفين بين الصخور التي خددت السهل، كانت النيران قوية، حوالي الساعة الثامنة، بدا أن الأعداء تداخلوا بين فرسان الطليعة، وبقية الكلون للفصل بينهما، وحرمان الفرسان من قاعدتهما الخلفية، سرية فيدالين وكوكبة جوفيني، حملتا بسرعة للخط الأول، لإيقاف نمو حركة المغاربة، الفاصلة بين طليعة الكلون وجسمه، معتمدين كثافة النيران، لكن المغاربة سددوا لنا نيرانهم، فأصابونا بخسائر كسقوط ليوطنا فيرون، مصابا بجروح قاتلة، فظهر أن المغاربة لا يقنصون إلا قادة الكولون ورؤساءه.

لكن في الساعة الثامنة 8 تم الإخبار من قبل طليعة كلون كرو، بفتح مضيق فم أكنور وبعدها بقليل، وبسرعة شديدة التحمت هذه العناصر المتقدمة، مع سلسلة من الطلقات النارية جاءتها من جوانب مختلفة، في الحادي عشر 11 ظهرا كلون دوبليس، فتح ثنية أم الربيع، وأقام جبهة نحو الجنوب، دعمت المجهود المبذول، لرمي منشقي زيان نحو واد أدرسان، بالرغم من نزول عدد كبير من الشلوح العاصين من الجبل لدعمهم، وقد تكبدنا بعض الخسائر، والفرسان الذي تم تكليفهم بتمشيط الواد، توقفوا عن الحركة بسبب عدم ملاءمة الأرض، وكان ذلك التوقف آخر فصل في المعركة التي انتهت حوالي الساعة الرابعة بتشتيت الأعداء.

ابتداء من الساعة 11 صباحا كان العلم المثلث الذي اشتري من فرنسا خصيصا، ليوضع فوق قصبة اخنيفرة، حسب ما صرح به قائد كلون الاحتلال، القبطان بيرتيسشي، بعدما تم انتهاؤه من تمشيط مشارف المدينة، ثم دخولها قبل تلك الساعة بقليل، كانت فيها قيادة أركان الجنرال هنري ترقب اللحظة بتأثر يختلط فيه الاضطراب بالقلق، عندما رفرف العلم الثلاثي الألوان كالشجرة فوق القصبة، مسجلة خطوة للأمام في التهدئة المغربية، فجأة رأينا في السماء الزقاء طلوع علم، لقد كان أمرا مؤثرا سماع إنذار رفع العلم متبوعا بالمرسيلييز (موسيقى تحية العلم الفرنسي) قام الجميع لتحية العلم بينما بالأعلى في ذروة السيطرة على السهل قام الكومندار كاريلي برفع علم الفوج الثالث استعمار بالمغرب، محفوفا يالحرس ومع ذلك تواصلت المعركة، قريبا منا، بطرية 65 دوت فغطت قنابلها المغاربة، مطلقة صليات الشرف محيية العلم؛ حوالي الساعة الرابعة وصل الجنرال هنري خنيفرة بينما كان الكلون يهيئ معسكره على الضفة اليسرى للواد.

– 13 يونيو

انتهزت فرصة الراحة للقيام بجولة في خنيفرة من الأعلى للأسفل، تتكون المدينة من قسمين على الضفة اليسرى للوادي: قصبة كبيرة محاطه بسور عال مدعم جناحه ببرج مربع كانت مسكونة من قبل موحى وحمو الزياني ملتصق بها بناء آخر لابنه حسن، يكون عادة متداخلا مع: الممر، الغرف، ساحات، حضائر دور البرابر.

كل شيء هنا كباقي ما في المدينة، يشير لمغادرة عاجلة من قبل ساكنيه: صندوق مبقور، رزم من الصوف منتشرة على الأرض، جلود أخرجت بشكل فوضوي من المخازن، جرار مهروقة الخ..

قنطرة من قوس واحد تقطع واد أم الربيع الذي يجري الماء في خندقه المتعرج بسرعة، على الضفة اليمنى مجموعة من القصبات الصغيرة، تخص أحد الأبناء، وزيانيين جدد، مطلة على كتل بيضاء من باقي المدينة، هذه المساكن ليس بها شيء مميز، فقط واحدة في المدخل لها ساحة جميلة، تضللها بضعة أشجار، وعلى بعيد منها مسجد صغير، بقيت ترى أقواس قاعة الصلاة به من الخارج، بسبب بقاء بابه مشرعا.

المنازل المتعددة التي تكون تكتل الخنيفرة كلها مبنية بنفس الشكل، وبنفس المواد، إنها عبارة عن طوب مكعب أحمر، مغطى بسقف مسطح من الخشب..

يبلغ عدد سكان خنيفرة بين 4000 أو 5000 نسمة، كلهم من البرابر، ما عدا بعض الأعداد من التجار الفاسيين، كانت طبعا خالية من السكان عندما ذهبنا لها، ما عدا شيخين مكفوفين، وشريف معاق هم من بقي.

لا شيء تم هدمه، الفرار المستعجل لم يترك لزيان الوقت لهدم شيء، بخلاف ما كنا نخشى، ولم يتم حرق شيء، ويمكن القول بأن العواصم البربرية تقدم لنا سليمة.

– 14 يونيو

هجوم ليلي تعرض له المعسكر، كانت الخسائر لحسن الحظ قليلة في جانبنا، عكس المهاجمين الذين تركوا عدة قتلى، تم العثور عليهم في الصباح أمام المعسكر، أحد القتلى جاء ليمارس القتل داخل الأسلاك الحديدية نفسها التي تحي الخنادق، على بعد 4 أو 5 أمتار منها.

الجنرال هنري الذي حسب تعبيره (في كل وخزة إبرة، أجيب بلكمة قوية) قرر في الساعة التاسعة الخروج، لقنبلة القصبة التي توجد في منخفض موازي للتي على أم الربيع في اتجاه الجنوب، القوات سرعان ما تحركت، وأمطرت بالقنابل دشور آيت اتشار، آيتنوح، وأخيرا قصبة أدرسان، إحدى قلاع زيان من حيث يرى طريق تنقل البغال في الجبل، الدرس كان جادا، لكن الفائدة من هذا اليوم بقيت خاصة في الوعي أكثر ضبطا من وجودنا الطبوغرافي.

أم الربيع لا يجري في خنيفرة أسفل السلسلة الأساسية لجبال الأطلس بل ينفصل مثلا عن قصبة تادلا بسهل عريض بعشر كلم، لكن برأس صخري في الجنوب، مكونا ما يمكن تسميته حوض خنيفرة، ممتدا وموات لاختراق طريق طبيعية عريضة، تغوص في السلسلة المجهولة.

أول هذه المنخفضات هي لواد شربوكة، غالقا القرى المقصوفة، وآيت أدريسان، الثاني هو واد زروكا، الذي يتسع فمه نحو الجنوب الشرقي، وقرب قصبة ايت إسحاق، ليتسع حول مصب واديين بينهما لينتجوا واد له اتصال مع واد أم الربيع، هذا الوضع السار شكل عند الجنرال هنري مفتاح الأطلس المتوسط، وبالفعل قام أدرسون بفتح المنخفضين المنساب أحدهما في زيان نحو الركو، والآخر نحو أيت شخمان، نحو لقباب محدثا نقطة جيدة لانطلاق عملية سياسية وعسكرية، ترمي منع أية حركة مشتركة للأعداء، دون أن نقوم بعمليات جد متقدمة في الجبال، أيضا الجنرال هنري فكر في أخذ مجموعته المتحركة ليلتحق بأديرسان adersan ولم يترك في خنيفرة سوى مخزنا هاما من المأونة.

بالتأكيد مسألة زيان التي يعتبر الاستيلاء على خنيفرة فصلا سارا فيها، ونصرا لفوج انساب في عمليته العسكرية بتؤدة، محققا أهدافه من تلك العمليات التي خاضها تباعا، وفقا لما خطط له الجنرال هنري، الذي عرف بالضبط الخصائص البربرية في قطاع زيان المرمي سكانه في الجبال، والذي اضطرنا لوضع كثير من البارود في مواجهتهم.

قد تتأخر النتائج المتوخاة من حركة قواتنا في هذه الجبال، لكن الحركة السياسية للجنرال هنري، كالحركة العسكرية، لن تتوقف من أجل جعل بلاد زيان، أكثر هدوء مما عرفته سابقا.

لاندري دولاشاريير؛ إفريقيا الفرنسية 1914ص:288-299.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M