مفاسد تحرير العلاقات الجنسية والخيانة الزوجية (رد على مايسة سلامة الناجي)

06 نوفمبر 2019 17:52
النظريات الفلسفية الثلاث التي أطرت القراءة المعاصرة للقرآن عند الدكتور محمد شحرور

رد على مايسة سلامة الناجي في شريطها قبل أسبوعين تحت عنوان : جواب منطقي حول سؤال هل يجب إلغاء القوانين التي تجرم العلاقات الجنسية الرضائية..؟!

هوية بريس – أحمد الشقيري الديني

تزعم في هذا الشريط أنها تعتمد المنطق الرياضي الصارم في مقاربتها، فهي تؤيد الدعوة العلمانية لإلغاء تلك القوانين المجرمة للعلاقات الجنسية الرضائية خارج إطار الزواج بناء على مقدمتين:
المقدمة الأولى: أن هذه القوانين لم تمنع يوما الناس من بناء علاقات جنسية خارج مؤسسة الزواج..
المقدمة الثانية: أن الدولة المستبدة تستغل هذه القوانين لاستهداف المعارضين السياسيين والنقابيين من خلال تتبع خصوصياتهم وتفاصيل حياتهم وعلاقاتهم الحميمية لإسقاطهم في فخاخها، ومن تم ترويع أسرهم وإحراج تنظيماتهم وإنهاء مسارهم السياسي والنضالي..
وبالتالي تقول السيدة مايسة لا معنى لترك هذه العصا في يد الدولة تضرب بها من يرفعون أصواتهم ضد سياساتها أو تعرية فساد اللوبيات المرتبطة بها..!
وبعد ذلك من اتقى الله وابتعد عما يراه حراما من تلك العلاقات فلا أحد سيلزمه أو يجبره على اقترافها، فهو مسئول أولا عن نفسه أمام ربه وليس أمام القوانين..!
هذا حاصل كلامها، وسنناقشه بهدوء..

صحيح أن الزنا منتشر في مجتمعاتنا بكل أنواعه، علاقة رضائية أو دعارة أو خيانة زوجية، لكن عندما نلغي القوانين الزجرية لتصبح تلك العلاقات الرضائية بين راشدين مباحة يحميها القانون، فستترتب على ذلك مفاسد متعددة، منها أن الآباء والأزواج لن تعود لهم أي سلطة زجرية تجاه أبنائهم وبناتهم بعد بلوغهم الثامنة عشرة كما هو الحال في بلاد الغرب، أو تجاه شريك حياتهم الذي يستطيع ربط علاقة جنسية مع شريك ثان دون خوف من أي متابعة قانونية، ومنها أن الزوج الفقير تستطيع زوجته بيع جسدها متى شاءت لتحصيل المال، وإذا طلقها تحكم عليه المحكمة بتبعات النفقة..!
ومنها أن الزوجة التي لا يلد زوجها ويأخذ أدوية التخصيب رغبة في الولد يمكن لزوجته عند تأخر العلاج أن تأتي بالولد من غيره وتنسبه إليه، وليس كل الناس قادر على تحليل الحمض النووي..!
ومنها أن الزوجة المريضة أو الكبيرة في السن أو التي ترفض المعاشرة لأسباب طارئة يمكن لزوجها ربط علاقة مع شريكة ثانية بعلم الأولى أو بدون علمها والقانون يحميه..!
وهل سيعود زوج في الخمسينات لمعاشرة زوجته الأربعينية أو الخمسينية إذا ألف معاشرة شابات في سن ابنته؟!
وكم ستترتب عن هذا من الآفات النفسية لدى الشريك..؟!
ففي تحرير هذه العلاقات ضرر كبير على النساء اللائي تجاوزن الأربعين وحرمانهن من حقوقهن الجنسية، بخلاف الرجل الذي يستطيع بماله استمالة من يشاء من بنات الهوى أو ذوات الاحتياجات الطارئة، خصوصا في مجتمعات ينهشها الفقر..!
وقد يؤدي ذلك إلى جرائم الانتقام التي قد تصل للقتل..
ومن تلك المفاسد أن من أراد أن يعدد في الحلال ما عليه إلا أن يتزوج عرفيا بالثانية دون إذن أحد، فإذا وقفا أمام القاضي يقول هي صديقتي، فتضيع الحقوق المادية للزوجة الثانية والحقوق الجنسية للأولى..!
ومنها اختلاط الأنساب وانتشار الأطفال المتخلى عنهم، وهي الظاهرة المتفشية، والتي لم تنفع معها وسائل منع الحمل ولا الإجهاض..!
وفي هذا من خراب البيوت وفساد النشئ ما لا يخفى، وفيه محاداة لله ورسوله، فالله تعالى لم يأمرنا بإنقاذ أنفسنا فحسب، بل قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
كذلك هذه القوانين الزجرية تخدم المصلحة العامة، مثل تطهير الأحياء من الدعارة، فهذه المهنة القديمة في تاريخ المجتمعات لم تجتثها القوانين ولا التعاليم السماوية، لكنها عزلتها وهمشتها وجعلتها مستقذرة بدل التطبيع معها..

أما المقدمة الثانية التي تبني عليها مايسة منطقها الرياضي، وهي استغلال الدولة لهذه القوانين من أجل متابعة المعارضين وإسقاطهم سياسيا، فهذا صحيح، لكن إلغاؤها لن يغير من الأمر شيئا، فالدولة تستطيع بإمكانياتها الهائلة الضغط على الشريك الجنسي، ولو بعد سنوات، لتوظيفه من أجل تكييف تلك العلاقات الرضائية لتتحول إلى تهم بالتحرش أو الاغتصاب كما وقع في فرنسا مؤخرا مع طارق رمضان..!
كما يمكنها توظيف الشريك الجنسي للخروج للصحافة والإعلام متحدثا عن تلك العلاقات معززة بالصور لتدمير المستهدف نفسيا واجتماعيا وسياسيا وترويع أسرته التي لا علم لها بخيانته..!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M