مفجوع يغرق؛ يكتب: «ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻲ ﻭﻭﻃﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻏﺮﻕ ﻓﻲ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ» 

01 يونيو 2016 23:07
مفجوع يغرق؛ يكتب: «ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻲ ﻭﻭﻃﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻏﺮﻕ ﻓﻲ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ» 

هوية بريس – متابعة

الأربعاء 01 يونيو 2016

بهذا العنوان اختار “محمد.ك” أن يعنون رسالته التي كتبها على لسان أحد ضحايا الباخرة التي غرقت بحر الأسبوع الماضي قبالة السواحل الإيطالية والتي كانت تقل عددا كبيرا من الشباب المغاربة، قضوا نحبهم غرقى في مياه المتوسط.

وهذا نص الرسالة المعبرة عن كل من اختار المغامرة الخطيرة من أجل العبور إلى الضفة الأخرى، مهما كانت المخاطرة:

“ﺳﻼﻣﺎ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺭﻭﺣﻚ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻫﺎ ﺃﻧﺬﺍ ﺃﻟﻔﻆ ﺃﻧﻔﺎﺳﻲ ﺍلأﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﻤﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻤﻸ ﺟﺴﻤﻲ ﺍﻵﻥ، ﺳﺎﻣﺤﻴﻨﻲ ﺃﻧﺎ ﺍﻵﻥ ﺃﺻﺎﺭﻉ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺒﻘﺎء ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺒﻘﺎء ﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﺯﻭﺭﻗﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺤﻤﻞ ﺛﻘﻠﻨﺎ ﻓﺄﺑﻰ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﺎ ﺍﻟﻮﻃﻦ.

ﺃﺧﺒﺮﻱ ﺃﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻣﺤﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﺮﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﺃﺭﻛﺐ ﺃﻣﻮﺍﺝ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺣﺘﻰ ﺃﺣﻘﻖ ﺃﺣﻼﻣﺎ ﺍﺳﺘﺤﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻱ، ﺍﻫﻤﺴﻲ ﻓﻲ ﺃﺫﻧﻪ ﺃﻧﻲ ﺃﺣﺒﻪ ﻭﻫﻮ ﻗﺪﻭﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻲ ﻟﻢ ﺃﺻﺎﺭﺣﻪ ﺑﻬﺬﺍ.

ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﺻﻮﺭﻱ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻏﺮﻕ ﺳﺘﺼﻠﻚ ﻷﻥ ﺧﻔﺮ ﺍﻟﺴﻮﺍﺣﻞ ﺍلإﻳﻄﺎﻟﻲ ﻳﻮﺟﻪ ﻛﺎﻣﻴﺮﺍﺗﻪ ﻧﺤﻮﻧﺎ ﺍﻵﻥ، ﺣﺎﻭﻟﻲ ﺃﻥ ﺗﻐﺎﻟﺒﻲ ﺩﻣﻮﻋﻚ ﻭﺗﺨﺒﺮﻳﻬﻢ ﺃﻧﻲ ﺭﻛﺒﺖ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻻ ﻟﺸﻲء ﺇﻻ ﺃﻥ ﺁﺗﻲ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﺔ ﺍﻟﻴﻮﺭﻭ ﻛﻲ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻘﻂ ﻭﻻ ﺷﻲء ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﺶ.

ﺃﻧﺎ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺫﻫﺐ ﻟﻠﺬﺑﺢ ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﺃﺑﻨﺎء ﺍﻟﺠﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺩﻓﻨﻮﺍ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﻟﻢ ﻧﺪﻓﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﻜﻠﻮﻣﺔ، ﻟﻜﻨﻲ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﺟﺜﺘﻲ ﺳﻴﻨﺘﺸﻠﻬﺎ ﺧﻔﺮ ﺍﻟﺴﻮﺍﺣﻞ ﻭﺳﺘﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻚ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ﺑﻌﺪ ﺃﻳﺎﻡ، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺭﺷﻲ ﻣﺎء ﺍﻟﻮﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﺸﻲ ﻭﺯﻏﺮﺩﻱ ﻭﺃﺧﺒﺮﻳﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﺑﻨﻚ ﺷﻬﻴﺪ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻟﺤﺎﺭ.

ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﺟﻨﺎﺯﺗﻲ ﻟﻦ ﻳﺤﻀﺮﻫﺎ ﻭﻓﺪ ﺭﺳﻤﻲ ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻮﻥ ﺃﻧﻲ ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻋﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﻃﻨﻲ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﻤﻨﻴﺖ ﺃﻥ ﺃﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﺔ ﺻﻌﺒﺔ ﺃﺿﺨﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﻮﻛﻬﻢ، ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺍلأقﻞ ﺃﺧﺒﺮﻳﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺃﻭﺍ ﺍﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻋﻠﻲ ﺃﻧﺎ ﻭﺭﻓﺎﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺎﺕ ﻣﻮﺍﺯﻳﻨﻬﻢ.

ﺃﻣﻲ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰﺓ ﻟﻘﺪ ﺍﻟﺘﻘﻴﺖ ﻓﺘﻴﺎﺕ ﺳﻮﺭﻳﺎﺕ ﺳﺄﻟﺘﻨﻲ إﺣﺪﺍﻫﻦ لم ﺗﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺑﻼﺩﻙ ﻭﺃﻧﺖ ﻓﻲ ﺃﻣﻦ ﻭﺃﻣﺎﻥ؟

ﻟﻢ ﺃﺳﺘﻄﻊ ﺍلإﺟﺎﺑﺔ، ﻭﺗﺮﻛﺖ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻣﻜﺒﻮﺗﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﺣﺘﻰ ﺃﺧﺒﺮﻫﺎ ﺑﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﻷﻥ ﺃﻫﻞ ﺍلأﺭﺽ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮﺍ ﺻﺮﺧﺎﺗﻨﺎ ﻭﺁﻫﺎﺗﻨﺎ ﻳﻮﻣﺎ.

ﺃﻋﺮﻑ ﻳﺎ ﺭﻭﺣﻲ ﺃﻥ ﻗﺮﺍﺭﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺻﻠﻨﻲ ﻟﻠﻬﻼﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻵﻥ، ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﻳﺪﻱ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻳﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺮﻛﻮﻧﻲ ﺃﻧﺎ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻧﻮﺍﺟﻪ ﻛﺎﺑﻮﺱ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﺣﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺫﻫﺎﺑﻚ ﻟﻤﻜﺔ ﻭﺷﺮﺏ ﻣﺎء ﺯﻣﺰﻡ ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ.

ﻛﻨﺖ أﺗﻤﻨﻰ أﻥ أﻟﺘﻘﻴﻚ ﻭأﻧﺖ ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻠﺒﺎﺳﻚ ﺍلأﺑﻴﺾ ﺗﻮﺯﻋﻴﻦ ﺍﻟﺘﻤﺮ ﻭﻣﺎء ﺯﻣﺰﻡ، ﻭﺃﺷﺮﺏ ﺑﻴﺪﻳﻚ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺘﻴﻦ، ﻟﻜﻦ ﻫﺎ ﺃﻧﺬﺍ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ﺃﺷﺮﺏ ﻣﺎء ﺑﻄﻌﻢ ﺍﻟﻌﻠﻘﻢ.

ﻟﻦ ﺃﻧﺴﻰ ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺨﻄﻴﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﻟﻠﺴﺒﺎﺣﺔ ﻣﻊ ﺍلأﺻﺪﻗﺎء، ﻭﻫﺎ ﺃﻧﺬﺍ ﺃﻏﺮﻕ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺃﺣﻼﻡ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻮﻋﺒﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺪﻭﻥ ﻟﻲ ﻧﻘﻮﺩﻫﻢ ﺍﻟﻤﺘﺴﺨﺔ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ.

ﺃﺧﺒﺮﻱ ﺃﺑﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺗﻌﺎﺯﻳﻬﻢ ﻷﻧﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺠﺮﺩ ﺩﻋﺎﻳﺔ ﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺗﻬﻢ.

ﺃﻭﺩﻋﻚ ﺍﻟﻮﺩﺍﻉ ﺍﻷﺧﻴﺮ، ﺃﺑﻠﻐﻲ ﺳﻼﻣﻲ ﻟﻮﻃﻨﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﻲ ﻭﺣﻜﺎﻣﻪ!!

ﺷﻜﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء…، ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ”.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M