من تساؤلات القارئ المتدبر لسورة الفاتحة (5)

13 مايو 2019 13:40
من تساؤلات القارئ المتدبر لسورة الفاتحة (15)

هوية بريس – سفيان أبو زيد

التساؤل6 : لماذا قال الله عزوجل: رب العالمين؟ ولم يقل إله العالمين؟

الجواب:

قال العلماء: الرب وزنه فَعِل بكسر العين ويأتي في القرآن على أربعة معان: الإله والسيد والمالك والمصلح وكلها في رب العالمين.

لذلك عند قراءتنا لـ(رب العالمين) نستذكر معنى الألوهية الواسع العميق، ومعنى السيادة أنه السيد الذي ليس فوقه آمر، ونستحضر معنى الملك الرباني الواسع الذي يحيط بك من كل جهة بل ويشمل ظاهرك وباطنك، ونستحضر معنى الإصلاح إذ لا مصلح ولا مدبر لشؤون هذا الكون سواه سبحانه وتعالى.

قال الإمام ابن جزي : الأرجح معنى الإله لاختصاصه بالله تعالى، كما أن الأرجح في العالمين أن يراد به كل موجود سوى الله تعالى، فيعم جميع المخلوقات.

قلت: لا شك أن الأرجحية لمعنى الإله لأنه بدل من لفظ الجلالة (الله) إلا أن المعاني الأخرى كلها حاضرة، لأن الإشكال الذي يقع لكثير ممن درس علم العقيدة أو درسه أو كتب فيه هو ذلك الانفصال بين معاني وأسرار أقسام التوحيد الثلاثة، فلا يتم الربط بينها ولا يسمح لدماء الإيمان المتواجدة فيها لتسري فيما بين شرايينها مما يصيبها بجفاف في مفاهيمها وبالتالي ينقطع مددها الإيماني والروحاني، فهناك علاقات وطيدة تربط بين تلك الأقسام لذلك قال الله تعالى {الحمد لله رب العالمين} ليربط بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية.

وقال الإمام ابن عادل وغيره: الأرجح هنا أنه بمعنى المالك.

وقال الإمام ابن عطية : وهذه الاستعمالات قد تتداخل فالرب على الإطلاق الذي هو رب الأرباب، على كل جهة هو الله تعالى.[1]

قلت: لذلك جاء لفظ (الرب) هنا ولم يقل (الإله أو السيد أو المالك أو المصلح) لتمتزج تلك المعاني وتتداخل مكونة لدينا معنى من الإجلال والتعظيم والمحبة والتوحيد لله تبارك وتعالى.

 

[1] – كل ما تم جمعه في هذا الجواب أنظره:

[ التسهيل (1/2) /  اللباب (1/179) / تفسير القرآن لأبي المظفر، منصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى السمعاني التميمي الحنفي ثم الشافعي (المتوفى: 489هـ) (1/36) المحقق: ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم دار الوطن، الرياض – السعودية الطبعة: الأولى، 1418هـ- 1997م/ الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ) (1/137) تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش دار الكتب المصرية – القاهرة الطبعة: الثانية، 1384هـ – 1964 م / نواهد الأبكار وشوارد الأفكار = حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي لعبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) (1/175)جامعة أم القرى – كلية الدعوة وأصول الدين المملكة العربية السعودية (3 رسائل دكتوراة) عام النشر: 1424 هـ – 2005 م / المحرر الوجيز (1/67)]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M