مهلا دكتور أحمد عبادي.. الصلاة في الهولوكوست تطبيع وتزكية للصهيونية لا غير!!

01 فبراير 2020 21:11

هوية بريس – إبراهيم الطالب

الصوفية بين الوظيفة والتوظيف؟.. البودشيشية نموذجا

أن يصلي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء في مبنى الهولوكوست الصهيوني، إبان الاحتفال باليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحاياه، هو أمر  يتجاوز حدود الوظائف العلمية، ليدخل في تطويع الدين ليكون خادما للسياسة تابعا لها وخادما للبرامج السياسية التي أريد للعلماء في مرحلة ما بعد 11 من شتنبر 2001 أن يلعبوا فيها دورا ملتبسا غاية الالتباس، حتى تستوفي الحرب على الإرهاب والتطرف كل غاياتها التي تتوخاها الدول الغربية، هذه الدول أصبح واضحا أنها ترى في انتشار الإسلام في المعمورة بالوتيرة العالية تهديدا لحضارتها وتقويضا للعلمانية التي تتآكل يوما بعد يوم، والتي تعتبرها مرجعيتها العقدية وأساس منظومتها التشريعية.

فأخطر ما يمكن أن يتعرض له الإسلام هو أن يوظف العالِم في هدمه، سواء بقصد وحرية، أم بضغط واستدراج، ولخطورة هذا الأمر أوصى القس زعيم المنصرين المستشرق “زويمر” حركته وقومه بتوظيف المسلمين في تحريف عقائد إخوانهم فقال: “إن تبشير المسلمين يجب أن يكون بلسان رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم، لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أبنائها”، واليوم استوى المنصِّرون والمطبِّعون.

ويستحكم هذا الالتباس الذي يكتنف دور بعض “العلماء” عندما نرى الخطاب الشرعي الذي ينتجونه والوظائف الدينية التي يمارسونها تزكي استغلال الساسة للدور السامي لعالم الأمة في أغراضهم السياسية، هذه الأغراض التي قطعا لن تتوافق في كثير من الأحيان والقضايا مع ما يفرضه الدين على العالِم من بيان للحق واتباعه، والدفاع عن الشرع وأحكامه، والانتصار للأمة وهويتها، ولنا في توظيف الإمارات للشيخ ابن بيه والمؤسسات التي يرأسها خير مثال في الأدوار الملتبسة التي يراد للعلماء أن يلعبوها، وهذا موضوع جدير بأن يكون مادة للبحوث والدراسات.

أكيد أن السيد عبادي يعلم أن “الهولوكوست” أو المحرقة، حدث تاريخي استغلته الصهيونية في اغتصاب قلب المسلمين: فلسطين السليبة، واعتمدت عليه في بناء دولة الكيان الصهيوني، وهذا كان يكفيه لكي يكون مانعا من تلبيته لدعوة محمد العيسى المعروف بعبثه في كثير من قضايا الأمة، والذي أصبحت رابطة العالم الإسلامي في عهده ذراعا سياسيا تصرّف السعودية من خلاله وخلالها مواقفها السياسية دون اكتراث بما تمر به الأمة من أهوال ومصائب.

أما من الناحية العلمية فالمحرقة أو الهولوكوست من حيث الوقوع والمعطيات فهي لا تزال محل جدل حتى في أوربا وأمريكا، حيث تتنازع نخبتهما المثقفة بخصوصها، منذ حدوثها إلى اليوم، ومن أبرز من شكك فيها المحامي الأمريكي “فرانسيس باركر يوكي” الذي نشر أول كتاب أنكر حدوث الهولوكوست تحت اسم “الحكم المطلق”وذلك في سنة 1962، علما أن فرانسيس قد اشتغل على ملف المحرقة عن قرب، إذ عين من ضمن المحامين الذين تم تكليفهم بإعادة النظر في محاكم نورمبورغ في سنة 1946، والتي حوكم خلالها أعضاء الحكومة النازية الألمان، هذه المحاكمات وصفها “فرانسيس” بانعدام النزاهة في جلساتها، ثم لما كثرت انتقاداته تم طرده من منصبه بعد عدة أشهر، الأمر الذي يُظهر بقوة أن أمر الهولوكوست كان مسيّسا وموجها منذ البداية.

قائمة المشككين في المحرقة لا تضم المحامي “فرانسيس” وحده، فقد انضم إليه كثيرون من بينهم “هاري أيلمربارنيس” المؤرخ المشهور الأكاديمي في جامعة كولومبيا في نيويورك، والمؤرخان “جيمس مارتن” و”ويلس كارتو” وهما أمريكيان أيضا، والغريب أن كاترو سيتعرض للاعتقال في 26 مارس 2003، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى أن الصهيونية هي من تدير ملف الهولوكوست، حيث صدرت مذكرة اعتقال بحق “كارتو” من طرف السلطات القضائية في سويسرا.

فحُرية التعبير والتفكير ونزاهة البحث العلمي كلها تضمحل وتتصاغر، بل تنتهك بشكل سافر أمام التسلط الصهيوني الذي تمارسه المنظمات الكثيرة المرتبطة بمصالح دولة الكيان الصهيوني.

ومن غرائب ملف الهولوكوست قضية المؤرخ الفرنسي “بول راسنييه” الذي كان مسجونا في المعتقلات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية، ورغم ذلك أنكر عمليات الهولوكوست في كتابه: “دراما اليهود الأوربيين” الذي نشره في ستينيات القرن الماضي.

ومن نخبة الباحثين الذين ربطوا الهولوكوست بقيام دولة الكيان الصهيوني نجد الأمريكي “آرثر بوتز” وهو أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة “نورث ويسترن” الأمريكية، حيث صرح في كتابه المعنون بـ”أكذوبة القرن العشرين” بإنكار الهولوكوست، مؤكدا بوضوح  أن قصة الهولوكوست كان الغرض منها إنشاء دولة إسرائيل، على حد قوله.

أما من بريطانيا فمن الذين أنكروا الهولوكوست نجد المؤرخ الإنجليزي “ديفيد إيفينغ” في كتابه “حرب هتلر”، والذي حكمت عليه محكمة نمساوية بثلاث سنوات حبسا في سنة 2006 لإنكاره الهولوكوست، التي أصبحت أكثر قداسة عند الصهاينة والغرب من عيسى وموسى عليهما السلام والأناجيل والتوراة.

قداسة الهولوكوست جعلت المحكمة الكندية العليا عام 1992 تقضي بطرد الصحفي الكندي من أصل بريطاني “ريتشارد فيرال” عقابا له عما نشره في كتابه: “أحقا مات 6 ملايين”. فلا مجال للحديث عن حرية الصحافة عندما تمس “قداسة” الهولوكوست.

رغم كل هذا التشكيك الكبير من طرف النخبة الغربية العالمة من فلاسفة ومؤرخين وصحفيين وباحثين مرموقين في حقيقة الهولوكوست، وفي معطياتها المبالغ فيها وأرقامها المنفوخة، رغم كل هذا نجد الأستاذ المتنور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء والذي يرأس العديد من المجلات والمؤسسات البحثية يقف مستسلما أمام مشاهداته في بولندا مثبتا دون بحث ولا روية لجرائم لم يكلِّف نفسه الاحتياط والتريث، حيث كان الأجدر به أن يبتعد كل البعد عن المجازفة بالكلام المرسل، فتصريحاته بعد صلاته الهولوكوستية أكثر شناعة وقبحا من زيارته في حد ذاتها، فعندما يصرح بأن: “ما يمكن للمرء أن يقف عنه في موقع محرقة (الهولوكوست) في أوشفيتز في بولندا، وما حولها، هو مدى الوحشية التي كانت وراء هذه الجرائم الوحشية ضد الإنسانية”، وتقارن تصريحه ببحوث من أسلفنا ذكرهم من نزهاء الغرب، يتبين لك أن السي عبادي جازف كثيرا ولَم يراع حساسية الموضوع وتداعيات زيارته وصلاته في مكان له طابعه الصهيوني ورمزيته في الصراع الإسلامي الصهيوني وأثره في نفسيات إخواننا الفلسطينيين حراس مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن المكانة الاعتبارية والرمزية للوظيفة التي يشغلها السيد عبادي، ورابطته التي خلَفت إحدى أهم مؤسسات العلماء في العهد الحديث وهي رابطة علماء المغرب، تفرض على الأمين العام أن يكون في مستوى تطلعات المغاربة المسلمين، التي تتماهى مع ما يفرضه الإسلام من بيان للحق وبعد عن لبسه بالباطل، وهذا ما اعتاده المغاربة من علمائهم عبر العصور، حيث كانوا سباقين لنصرة الأقصى من عهد صلاح الدين الأيوبي إلى اليوم، فالأقصى محتل من طرف الصهاينة الذين يتاجرون بدماء ضحايا هتلر من اليهود، ويجعلون من الهولوكوست أصلا تجاريا يسوغ لهم اغتصاب الأرض وانتهاك العرض والإفساد في الدين والدنيا.

فصغار الطلبة وعموم الناس يعلمون أن توظيف الصورة الرمزية للشخصيات الدينية التي قامت بزيارة مكان الهولوكوست سيوظفها الصهاينة في ملف “صفقة القرن”، وكذلك كان فقد أشاد أفيخاي وكل القنوات الصهيونية بالزيارة والصلاة، وظهر الأمر للرأي العام الدولي أن كل المسلمين مطبعين مع الكيان الصهيوني، وهو أسلوب خسيس للمزيد من الضغط على المقاومة الفلسطينية ومحاولة هزيمتها نفسيا، وللأمين العام السيد عبادي، أن يتأمل في كلام ‏المتحدث باسم الجيش الصهيوني أفيخاي أدرعي معلقا على زيارته رفقة العيسى وصلاته المذكورة: “هذا هو الإسلام الحقيقي! رجل الدّين السّعودي محمد العيسى وبعثته يصلّون لذكرى ضحايا الهولوكوست اليهود في معسكر أوشفيتز شاهدوا الفيديو واتّعظوا، فالتآخي بين الديانات علّة كلّ خير!”

فكيف تهدر دماء مئات الآلاف من شهداء المسلمين الذين سقطوا دفاعا عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل تطبيع لن يأتي إلا بالمزيد من القهر والقتل وتسامح بطعم الخنوع؟

وهل سقطت من ذاكرة الأمة دماء شهداء مجزرة دير ياسين وباقي القرى والمدن التي قتّل رجالها تقتيلا وبُقرت بطون نسائهم الحوامل، وسحقت رؤوس الأطفال من أبنائنا في فلسطين، حتى نزور مكان سقوط ضحايا اليهود؟

للأسف الشديد وما أعظمها من مفارقة، لقد كان العلماء في رابطتهم المجيدة يمنون نفوسهم بالصلاة في الأقصى ويعملون من أجل تحريره، ليأتي زمان نرى فيه أمين رابطتهم، -بعد تعديلها بشكل شبه كلي- يزور ويصلي في مكان يعتبر من رموز الصهيونية الغاصبة لمسرى رسول الله ولمدينة القدس الشريف، إن هذا لا يليق بتاريخ المغرب المجيد يا سعادة الأمين العام.

إن تعليل الزيارة والصلاة في موقع صهيوني بمقصد إظهار التسامح من أجل الحد من ظاهرة الإسلاموفوبيا هو أمر يبعث على السخرية والضحك، فهل نقوي صف من يغتصب القدس وينتهك حرمة مسرى رسول الله، حتى نظهر لمن يحرق المساجد ويقتل المصلين أننا متسامحون، هذا عجيب غريب، وهو عذر أقبح من زلة كما يقال.

لقد بات واضحا أن العلماء في البلاد الإسلامية يراد لهم أن يكونوا في ذيل الساسة، لتركيع الشعوب المسلمة، بعد أن استطاعت الحضارة اليهودية/النصرانية بجيوشها أن تسقط الإسلام من سدة الحكم وتلغي خلافتهم خلال حملات الاحتلال العسكري، ليأتي اليوم زمان نشهد فيه حملات تلو الحملات تروم إسقاط الإسلام من نفوس المسلمين.

لكن هيهات هيهات، فالإسلام وإن كان يحارب في كل بقعة في العالم من الصين إلى أوربا ومن أوربا إلى أمريكا، إلا أنه يبقى دينا يحمل قوته فيه، فهو قوي بنفسه، وخير شاهد على ذلك أن الآلاف ممن تربوا في المجتمعات العلمانية الغربية ومن أصل غربي يدخلون الإسلام سنويا، فكلما ارتفعت وتيرة الحرب عليه ازداد معتنقوه واستيقظ بنوه.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. مقال في الصميم، فالعار كل العار لمثل هؤلاء “العلماء”، لم يبقى لهم إلا كما فعل أحد السفهاء في فرنسا اسمه شلغومي لقبه المسلمون ب “إمام” المنظمة الصهيونية الفرنسية المسماة ب Crif حيث يستعملونه (لا يقدر حتى على تركيب جملة مفيدة) يستعملونه ليقولو للمسلمين يجب أن تكونو “متسامحين” مثله حيث وصلت وقاحته للذهاب لمباركة الجيش الصهيوني…

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M