نجل سلمان العودة يحكي كيف يُساق والده للإعدام ويدعو العالم لدعمه

13 فبراير 2019 20:39
تأجيل الحكم على الداعية السعودي سلمان العودة إلى 27 نوفمبر

هوية بريس – الجزيرة

نشر الباحث عبد الله العودة مقالا بنيويورك تايمز يحكى فيه أن السلطات السعودية مقدمة على إعدام والده سلمان العودة، داعيا العالم للوقوف إلى جانب والده ضد سلطة خدعت العالم بأنها إصلاحية.

وقال عبد الله -وهو كبير باحثين بمركز التفاهم الإسلامي-المسيحي بجامعة جورجتاون- إنه رغم ادعاءات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فإن السعودية لم تتخل عن المؤسسة الدينية المتشددة، وبدل ذلك، فإنها تقلص أصوات الاعتدال التي قاومت التطرف تاريخيا.

وأوضح أن العديد من النشطاء السعوديين والعلماء والمفكرين الذين سعوا للإصلاح ومعارضة قوى التطرف والاستبداد تم اعتقالهم، ويواجه العديد منهم عقوبة الإعدام.

مدافع عن حقوق الإنسان
وذكر أن والده سلمان العودة الباحث في القانون الإسلامي، والبالغ من العمر 61 عاما، إصلاحي ظل يدافع بمزيد من الاحترام عن حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية، وهو ذو تأثير وشعبية كبيرين بدليل أن عدد متابعيه على تويتر يبلغ 14 مليونا.

وأضاف أنه في العاشر من سبتمبر 2017، قام والده -الذي أزعجته التوترات الإقليمية بعد فرض السعودية والبحرين والإمارات ومصر حصارا على قطر- بالحديث بشكل غير مباشر عن هذا الصراع، وأعرب عن رغبته في المصالحة بتغريدة قال فيها “أدعو الله أن يصلح قلوبهم لمصالح شعوبهم”، على حد تعبيره.

وبعد ساعات قليلة من تلك التغريدة -يقول عبد الله- جاء فريق من الأجهزة الأمنية السعودية إلى منزلهم في الرياض، وقام بتفتيش المنزل، وصادر بعض أجهزة الكمبيوتر المحمولة واعتقل أبيه.

الحياد جريمة بالسعودية
وأشار إلى أن الحكومة السعودية -يبدو أنها- غضبت، واعتبرت تلك التغريدة انتهاكا جنائيا، وأن محققين قالوا لوالده إن تبنيه موقفا محايدا بشأن الأزمة السعودية-القطرية، وعدم وقوفه مع الحكومة السعودية كان جريمة.

ولذلك ظل سلمان العودة محتجزا بالحبس الانفرادي في سجن ذهبان في جدة، بعد أن تم تقييده لأشهر داخل زنزانته، وحُرم من النوم والمساعدة الطبية واستُجوب مرارا ليالي وأياما، وتم تجاهل حالته الصحية المتدهورة (ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول اللذين أصاباه في السجن) حتى اضطر لدخول المستشفى، وحُرم من مقابلة المحامين حتى تاريخ انعقاد محاكمته، بعد مرور نحو عام على اعتقاله.

وفي الرابع من سبتمبر الماضي -وفقا لمقال ابنه عبد الله- عقدت محكمة جنائية متخصصة في الرياض جلسة لم يتم تصويرها، للنظر في الاتهامات العديدة الموجهة للعودة، وهي: الإخلال بالنظام العام، وتحريض الناس ضد الحاكم، والدعوة لتغيير الحكومة، ودعم الثورات العربية من خلال التركيز على الاحتجاز التعسفي وحرية التعبير، وحيازة كتب محظورة، ووصف الحكومة السعودية بالطغيان. وطالب المدعي العام للمملكة بإصدار عقوبة الإعدام ضده.

استغلال لا مبالاة الغرب
وأشار عبد الله إلى استغلال السعودية اللامبالاة العامة للغرب تجاه سياساتها الداخلية، وقدمت حملة القمع ضد الشخصيات الإصلاحية مثل والده كتحرك ضد المؤسسة الدينية المحافظة، نافيا ذلك، وقائلا إن الحقيقة بعيدة كل البعد عن هذا الزعم.

ومضى عبد الله يقول إن والده محبوب من قبل الشعب السعودي بسبب تأثيره وشرعيته كعالم مسلم مستقل، جعله استقلاله هذا بعيدا عن العلماء المعينين من قبل الدولة، واستخدامه المبادئ الإسلامية لدعم حججه، للدفاع عن الحريات المدنية، والسياسات التشاركية، وفصل السلطات واستقلال القضاء.

واستمر عبد الله يحكي عن أن والده ظل يقود علنا، طوال عقدين تقريبا، الحملة ضد الإرهاب في السعودية داعيا لتجديد الخطاب الديني وللإسلام المعتدل.

لا مصلح إلا ولي العهد
وتساءل الكاتب عما إذا كان والده ألقي القبض عليه بسبب مواقفه الشعبية التقدمية، “لأنه ومنذ صعود الأمير محمد بن سلمان، لا يُسمح لأي شخص آخر أن يُنظر إليه على أنه مصلح”.

وقال إنه وبينما يجلس الإصلاحيون في السجون، احتضنت المملكة المتشددين مثل صالح الفوزان، واصفا إياه بأنه رجل دين ذو نفوذ ترعاه الدولة وعضو في مجلس كبار العلماء.

وتابع أنه في عام 2013، وقف الفوزان ضد قيادة النساء للسيارات، وادعى أن الشيعة وغيرهم من المسلمين الذين لا يتبعون المعتقدات الوهابية هم كفار، وأن أي شخص لا يتفق مع هذا التفسير هو كافر، وأفتى أيضا بتحريم مطاعم “البوفيه” قائلا إنها تشبه القمار، وهو أمر محظور في الإسلام.

وأشار عبد الله إلى أنه وفي غشت الماضي، كان الفوزان يجلس بين الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد في البلاط الملكي، للإشارة إلى سلطته وأهميته. وقبل بضعة أشهر، وخلال اجتماع، قال ولي العهد للفوزان “أنت مثل والدي”.

الفوزان وخاشقجي
وذكر أنه في سبتمبر الماضي، أصدر الفوزان فتوى تحث الدولة على قتل المعارضين السياسيين الذين يحرضون للخروج على الحاكم، وبعد شهر واحد قُتل صديقه جمال خاشقجي.

وعلق الكاتب بأنه في هذا المناخ من التخويف، هناك أمل ضئيل في تحقيق العدالة؛ فالسلطة القضائية تتعرض للدفع بعيدا عن سيادة القانون ومراعاة مقتضياته.

وقال إنه وحتى بعض القضاة بالمحكمة الجنائية المتخصصة التي تحاكم والده تم اعتقالهم، بعد أن رفضوا إصدار عقوبات صارمة أوصى بها المدعي العام في حالات معينة. وكشف عن أن قاضيا قال له إن القضاة المعينين مؤخرا في المحكمة الجنائية المتخصصة يعيشون في خوف.

تململ القضاة
ومع ذلك، يستدرك عبد الله بأن هناك بعض القضاة في السعودية ممن لم يخضعوا للسيطرة الكاملة التي تسعى إليها السلطة الحاكمة؛ ففي 2013، وقّع نحو مئي قاض على عريضة عامة تدعو لاستقلال القضاء بإصلاحات قانونية وقضائية حقيقية، وتدين القمع الشامل وقمع الأصوات الحقيقية والوطنية.

وقال إن هؤلاء القضاة تعرضوا للترهيب وأُحيل بعضهم للتحقيق من قبل وزارة العدل السعودية، إذ وعد وزير العدل في ذلك الوقت محمد العيسى بحملة تصحيحية تخلّص القضاء من هؤلاء “القضاة الفاسدين”، وعندما عزل قاضيين، استأنف الباقون عملهم بهدوء.

وأكد عبد الله أنه وفي الثالث من فبراير الجاري، أجّلت الحكومة السعودية محاكمة العودة للمرة الثالثة دون تفسير، وتواصل إبقاءه في السجن، قائلا إن عائلتهم تعرضت لمضايقات مستمرة منذ اعتقال والده؛ إذ حُظر 17 فردا منهم من السفر، بمن فيهم الأطفال، وتم تفتيش منزلهم والمكتبة الشخصية للكاتب دون إذن قضائي، كما جُمدت أمواله دون مبرر، وأُلقي القبض على عمه بعد تغريده عن الحادث.

واختتم الكاتب قائلا إن مقتل خاشقجي هدم أسطورة ولي العهد الإصلاحي الذي يدير السعودية، داعيا العالم إلى ضرورة رفع الصوت لدعم السعوديين الذين يكافحون من أجل الإصلاح بالفعل، “أناس مثل سلمان العودة، والدي، الذي يسعى المدعي العام السعودي إلى إصدار عقوبة الإعدام ضده”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M