نفي شيخ الإسلام: محمد بن العربي العلوي (1944م)

21 يناير 2020 17:24
نفي شيخ الإسلام: محمد بن العربي العلوي (1944م)

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

في إطار الحديث عن دور علماء وفقهاء المغرب في تحديث البلاد والدفاع عن مؤسساته، نقدم ما كتبه المجاهد الشريف أحمد بن هاشم العلوي في كتابه الهام المعنون بـ: “من وراء السدود أو الحركة الوطنية بفاس سنة 1937 وسنة 1944“*، عن شيخ الإسلام وعملية نفيه، والحوار الذي دار بينه وبين أحد جلاوزة الاحتلال الشهير بـ”بونيفاص”.

وفيما يلي نصه:

“وبعد أن قدّم شيخ الإسلام استعفاءه من رياسة الاستئناف الشرعي للدوائر المسؤولة، طلب الاجتماع به المسؤول عن القسم السياسي إذ ذاك (بونيفاص) وأجرى معه الاستجواب التالي بمنزل الشيخ بلعلو بالرباط.

قال بونيفاص: عجيب أن يوافق شيخ مثلك له المكانة المرموقة في الدولة على طلب قدمه شباب طائش (الوطنيون) لا يقدر المسؤولية.

فأجابه ابن العربي: الأغرب هو أن لا يوافق شيخ مثلي يقدر مسؤوليته الدينية والروحية على تحرير بلاده من ربقة الاستعمار وطغيانه.

وعاد بونيفاص يسأل: لو فرضنا أن الحماية سلمت لكم الاستقلال، فمن يسير شؤونكم الفنية والتقنية والإدارية؟

إطار مدني واعد يرى النور بمدينة الرشيدية.. «مؤسسة شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي للفكر والتراث»

فأجاب ابن العربي: من دولة غير مستعمرة مثل اسويسرا أو النرويج أو الدنمارك، ومن إخواننا الشرقيين، وهذه مرحلة انتقالية جميع الشعوب الحديثة الاستقلال تمر بها ونحن من جملتها.

واستمر ابن العربي في حديثه قائلا:

أتدري من حمل المغرب على طلب الاستقلال؟

أجاب بونيفاص: لا، أخبرني من؟

قال ابن العربي: أنتم معشر المستعمرين.

ورد عليه بونيفاص منزعجا: نحن، أبدا أبدا.

قال ابن العربي: أتريد البيان؟

فأجاب بونيفاص: نعم نعم.

فواصل ابن العربي حديثه قائلا: ألم يقدم المغاربة مطالب جذرية تستهدف إصلاح الإدارة والتعليم والعدلية والأوقاف الخ؟ ألم يقدموا ذلك في سنوات 1930/1933/1937 فكان الجواب هو سجن ونفي وتعذيب الخ؟

ثم قال ابن العربي: توجد قاعدة شرعية، المرأة تطلب من زوجها القيام بالنفقة في المرة الأولى وفي الثانية وإذا لم يستجب طلبت الفراق فيفرق القاضي بينهما، وكذلك نحن لما يئسنا من عدالتكم أقدمنا على طلب الفراق، ونحن بالغوه إن شاء الله.

فرد بونيفاص: لهذا لم يبق إلا أن أودعكم وأن الإدارة تملك السجن والنفي والإعدام، فحذار وأنت شيخ كبير.

فقال ابن العربي: أنت تهددني، الأمر لا يعدو أن يكون نفيا فسياحة أو سجنا فعبادة أو موتا فشهادة، والكل فيه خير، وليس خيركم فيه.

وفي ليلة السبت ثاني عشر من يناير 1944 ألقي القبض على أربعة عناصر مهمة وهم المرحوم عبد العزيز بن ادريس والسيد الهاشمي الفيلالي والسيد أحمد مكوار وهؤلاء من حزب الاستقلال، والأستاذ عبد الهادي الشرايبي من الحركة القومية، ونفي منهم السيد محمد بن عبد الرحمان العراقي والسيد أحمد الشبيهي إلى الطاوس -رحمهما الله-، كما نفي شيخ الإسلام إلى قصر السوق بالصحراء مسقط رأسه، وقد علق على ذلك بقوله: ما أبلد هؤلاء المستعمرين، كانت بلادي الصحراء في غفلة فأرسلوني لأذكرها وأحفزها للعمل من جديد كثر الله، خيرهم إن كان للمستعمر خير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

* (ص:87، وما بعدها).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M