نيويورك تايمز: كيف هزت قضية خاشقجي العائلة الحاكمة بالسعودية؟

21 أكتوبر 2018 10:28
الملك سلمان بن عبد العزيز: السعودية تعرضت لـ286 صاروخا باليستيا و289 طائرة بدون طيار

هوية بريس – متابعات

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن أن الملك سلمان بن عبدالعزيز أرسل أحد الأمراء البارزين في العائلة المالكة إلى تركيا لتهدئة الأمور معها، مع زيادة الأزمة الدولية بشأن اختفاء الصحافي جمال خاشقجي.

ويقول بن هبارد وديفيد كيرباتريك في تقريرهما إن الأمير خالد الفيصل عاد من أنقرة إلى السعودية يحمل رسالة قاتمة إلى العائلة المالكة، تفيد بأنه “من الصعب الخروج من هذه الأزمة”، بحسب ما قال الأمير خالد لأحد أقاربه بعد عودته هذا الأسبوع، “وكان في الحقيقة قلقا”، بحسب ما نقلت الصحيفة عن هذا القريب.

ويقول الكاتبان إن السعودية تواجه أسوأ أزمة دولية منذ الكشف عن مشاركة 15 انتحاريا في هجمات 11 سبتمبر 2001، مشيرين إلى أن أفراد العائلة المالكة عبروا عن خشيتهم من مسار الدولة في ظل الأمير البالغ من العمر 33 عاما، ولي العهد محمد بن سلمان، ويقول الأمراء إنهم يبحثون دون جدوى عن طرق لاحتواء ولي العهد الذي عزز سلطاته بشكل كامل ما أدى إلى تهميش الجميع.

ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن الشخص الوحيد الذي يستطيع التدخل هو الملك نفسه، إلا أن الأمراء البارزين لم يستطيعوا التعبير عن مظاهر قلقهم للملك البالغ من العمر 82 عاما، فيما يشك البعض في أنه يعرف ما يجري حوله، أو أنه مستعد لتغيير المسار.

وتنقل الصحيفة عن موظف لدى أحد الأمراء البارزين، قوله: “لا يملك الملك القدرة للتعامل مع هذا الأمر”، وأضاف متحدثا عن ولي العهد بأنه “رقم واحد ولا يوجد رقم 2”.

ويلفت الكاتبان إلى أن “الأمراء وجدوا منذ نشوء الدولة السعودية في عام 1932، طريقا لحل مشكلاتهم وخلافاتهم، وحتى الاغتيالات، ورغم وجود الآلاف من الأمراء والأميرات فإنهم وجدوا طرقا للحفاظ على العائلة المالكة، فكان هناك الكثير من الخسائر والمزايا والعلاوات الباذخة لتجعلهم يختلفون، ومن ثم جاء ولي العهد الشاب المتنمر والمتهور، وقام بطريقة منظمة بتفكيك نظام الإجماع القائم منذ عقود بين افراد العائلة، وتخلى عن السياسة الخارجية الحذرة القائمة على دبلوماسية الشيكات، وتبنى سياسة تقوم على العدوانية والقسوة، من حرب اليمن وحصار قطر ومقاطعة كندا، وسوق نفسه في الآن ذاته على أنه مصلح يريد تغيير دينامية الاقتصاد السعودي، ونالت جهوده إعجاب البعض في الغرب ممن كانوا يدعون لقيادة شابة قادرة على هز الدولة وتحريرها من ماضيها”.

وينوه التقرير إلى أنه كان من بين المعجبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي جعله عمادا لاستراتيجيته الخارجية في الشرق الأوسط، مستدركا بان صعوده جعل أولاد عمه يراقبون بعجز حالة البلد وسمعته السيئة في الخارج.

وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أتراك، قولهم إن فريقا من 15 شخصا حضر إلى اسطنبول للقضاء على جمال خاشقجي، لافتة إلى أن “عملية كهذه لن تحدث دون موافقة الأمير أو معرفته، وهو ما أدى إلى شيء لم يفكر فيه الأمير: وهو عدم وجود طريقة للخروج من هذه الأزمة، ولا أحد من الأمراء لديه القدرات على مواجهة الأساليب الميكافيلية للأمير”.

ويورد الكاتبان نقلا عن أحد المقربين القدماء من العائلة المالكة، قوله واصفا فلسفة الأمراء: “ليسوا حفنة من التعسفيين، وكل ما يريدون عمله هو أكل البرغر والسفر للخارج”.

وينقل التقرير عن مقربين من العائلة المالكة، قولهم إن الأمراء ليست لديهم مداخل للملك سلمان كما كانوا يتصلون مع سابقيه من الملوك، ولا يستطيعون الوصول إلى قصره إلا بعد أن يقدموا أسماءهم للديوان وقبل مدة، ويمكنهم لقاء الملك في المناسبات العامة، لكنهم لا يستطيعون الحديث معه في الأمور الشائكة، و”ربما سنحت لهم الفرصة لزيارته في الليل وهو يلعب الورق، وهي ليست مناسبة جيدة لطرح الأمور الجدية”.

وتبين الصحيفة أن ولي العهد حاول في الوقت ذاته تخفيف الضرر، وقال مستشار غربي له إنه شعر بالدهشة من مستوى الغضب الدولي، فيما قال مسؤول: “كان في حالة دهشة حقيقية من مستوى رد الفعل”.

ويشير الكاتبان إلى أن أزمة القصر ظهرت من التفسيرات المتعددة والمتغيرة لما حدث لخاشقجي، فقبل أربعة أسابيع أكدت الحكومة أنه غادر القنصلية بعد فترة قصيرة من دخوله لها، وأنها لا تعرف في هذه الحالة ما جرى له، مستدركين بأن الحكومة السعودية قالت في صباح السبت إنه قتل في مشاجرة داخل القنصلية، وبأنه تم اعتقال 18 شخصا لم تحدد هويتهم، وكانت هذه هي المرة الأولى التي اعترفت فيها المملكة بمقتله.

وبحسب التقرير، فإن ولي العهد رفض مناشدات مديري وول ستريت الماليين لتأجيل مؤتمر للاستثمار، مع أن واحدا تلو الآخر قرروا عدم المشاركة، بمن فيهم وزير الخزانة الأمريكي ستيفن مونشين، مشيرا إلى أنه بدلا من ذلك، فإن ابن سلمان شكل لجنة أزمة مكونة من أجهزة الأمن والخارجية والاستخبارات لتقديم معلومات له على مدار اليوم عن تطورات فضيحة خاشقجي، واستدعى شقيقه الأصغر الأمير خالد بن سلمان، من سفارة السعودية في واشنطن، وسرع من خطط لتسميته مستشارا للأمن القومي للحد من السياسات المرتجلة.

وتفيد الصحيفة بأن المملكة تعهدت بالانتقام من عقوبات ستفرض عليها من أي جهة، وأشار معلق إلى أن العقوبات قد تدفع المملكة والعالم الإسلامي إلى أحضان إيران، فيما بدا الإعلان المقتضب يوم السبت جزءا من استراتيجية تعترف بمقتل خاشقجي، لكنها تحرف اللوم عن ولي العهد.

ويقول الكاتبان إن المسؤولين كانوا يتناقشون في تحميل الجنرال أحمد عسيري المسؤولية، وهو مقرب من ولي العهد، فيما قال أشخاص مطلعون على الخطة إنه سيتم اتهام الجنرال عسيري بالتخطيط لمؤامرة اختطاف خاشقجي، لكنها انتهت بقتله، وهو تفسير كان المسؤولون يأملون من خلاله بحماية الأمير من أي تداعيات اخرى.

ويلفت التقرير إلى أن عسيري عزل في يوم السبت من منصبه، إلى جانب 3 مسؤولين كبار، لكن لم يتم الربط بين الإعفاء ومقتل خاشقجي.

وتقول الصحيفة إنه في الوقت الذي حكمت فيه السعودية من الأمراء البارزين الذين تقاسموا السلطات في ظل الملك، إلا أن الكثيرين رأوا أن سلطاتهم تتراجع إن لم تتوقف، بل إن عددا منهم اعتقلوا في ريتز كارلتون العام الماضي بتهمة الفساد، وأجبروا على التخلي عن ثرواتهم، فيما منع آخرون من السفر، ويشعرون بالخوف من التحدث علنا.

ويبين الكاتبان أن وزير الداخلية السابقة وولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، يعيش في ظل إقامة جبرية، ووجدت زوجته وابنتاه بداية هذا العام أن حساباتهن البنكية جمدت، مشيرين إلى أنه تم تحييد أبناء الملك عبدالله الذي توفي عام 2015، وكان أحدهم رئيسا للحرس الوطني اعتقل وجرد من أرصدته، بما في ذلك ميدان لسباق الخيل ورثه عن والده، واعتقل شقيقه الذي كان حاكما لمنطقة الرياض، وهناك ثالث مختف في أوروبا خائف من الاختطاف.

ويجد التقرير أن الشخص الوحيد الذي يستطيع الحد من سيطرة ولي العهد هو الملك نفسه، ويقول الباحث في مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية جوزيف كيشكيان: “الشخص الوحيد الذي يستطيع مواجهة سلطة محمد بن سلمان هو الملك”، مستدركا بأن على الأخير ألا ينظر للتشوه الذي أصاب سمعة ابنه بسبب موضوع خاشقجي، لكن عليه مواصلة مشروع الإصلاح المعروف بـ2030، الذي بدأه ابنه.

وتشير الصحيفة إلى أن هناك أسئلة تتعلق بصحة الملك، وإن كان فعلا يعرف ما يجري حوله، وقالت الباحثة في مدرسة لندن للاقتصاد مضاوي الرشيد: “الواحد يقلق حول حالة الملك العقلية.. هل هو في وضع لاتخاذ قرارات في هذا السن المتقدمة؟”.

ويرى الكاتبان أن عزل الأمير محمد بن سلمان سيكون معرقلا بشكل كبير، ولا أحد من الأمراء راغبا في تولي المهمة، والأمير المعزول يتآمر ضد من حل مكانه”.

وينوه التقرير إلى أن دبلوماسيا غربيا لديه تجربة طويلة في المملكة يشير إلى أن الملك قد يحدد من سلطات ابنه، ويعيد توزيع السلطات بين الأمراء الذين يحظون باحترام، وقال الدبلوماسي: “لقد تلطخت الماركة، فعلى المستوى المحلي فهم بحاجة لعمل شيء للسيطرة على(أ م بي أس).. هم بحاجة لتطويقه”.

وتقول الصحيفة: “ربما كان الأمير خالد الفيصل أحد الأمراء الذين لديهم القدرة لحث الملك، وهو الذي طار إلى أنقرة، ابن الملك فيصل وأمير منطقة مكة، والأمير البالغ من العمر 78 عاما محترم بين أفراد عائلته كونه رجلا متعقلا وذكيا، وكون الملك اختاره في مهمة حساسة يعني أنه محط ثقته، وكان شقيقه تركي الفيصل، مدير المخابرات السابق، صديقا لخاشقجي عندما عمل الأخير مستشارا له”.

ويفيد الكاتبان بأن أعداء ولي العهد عبر عن تحدي عمه الأصغر له، وهو الأمير أحمد بن عبدالعزيز (73 عاما)، والأخ الشقيق للملك سلمان من حصة السديري، التي يعرف أبناؤها بالسديريين السبعة، وشكلوا كتلة تداولوا الملك فيما بينهم، وكان من الممكن أن يتولى الأمير أحمد الملك لولا تغيير الملك سلمان خط الوراثة من الإخوة للأبناء.

وتختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى أنه لهذا السبب فإن نقاد آل سعود شعروا بالحماس عندما تحدث الأمير أحمد في لندن أمام تجمع يهتف ضد العائلة، عندما قال لهم: “ما هي علاقة هذا بآل سعود؟”، وقال إن المسؤولين هما الملك وابنه، وعندما سئل عن اليمن فإنه قال “أمل أن ينتهي هذا الوضع، سواء في اليمن أو في أي مكان آخر”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M