هل تعرف كيف يؤثر الناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي في حياتنا دون أن نشعر؟

01 ديسمبر 2019 12:06
واشنطن تلزم طالبي تأشيرات الدخول بالكشف عن حساباتهم بمواقع التواصل

هوية بريس – متابعات

الانتشار السريع لمواقع التواصل الاجتماعي وضعها في قمة العوامل التي تؤثر في قرارات وتصورات ملايين البشر وربما المليارات، وهذا الأمر يضع الأشخاص الأكثر تأثيراً في مكانة تجعلهم قادرين على توجيه رأي الأغلبية في اتجاه معين، فكيف تعمل تلك المعادلة؟ وكيف يمكن أن نحمي أنفسنا من سلبياتها؟

ووفق عربي بوست فقد تناولت مجلة «ذا ناشيونال إنتريست» الأمريكية القصة في تقرير، بعنوان: «هل الشبكات الاجتماعية الصحية هي المفتاح لحياة مزدهرة؟»، كتبته كريستينا ليرمان مديرة مشروع بمعهد علوم المعلومات وأستاذة مشاركة في البحوث بجامعة جنوب كاليفورنيا.

هل تقارن نفسك بالآخرين؟
هل شعرت يوماً بأن أي شخص آخَر سواك لديه كثير من الأشياء التي تجعله سعيداً؟ عندما تتفحص الصفحات الرئيسية لحساباتك على فيسبوك وإنستغرام، يبدو أن أصدقاءك يتناولون الطعام في مطاعم أرقى من تلك التي ترتادها، ويقضون عطلات أكثر إمتاعاً، ولديهم أطفال متفوقون أكثر، حتى إن حيواناتهم الأليفة تبدو ألطف!

لكن اطمئن، هذا مجرد وهْم، وهو خاصية متأصلة في الشبكات الاجتماعية ومعروفة باسم «مفارقة الصداقة». هذه المفارقة، التي صاغها لأول مرةٍ عالم الاجتماع سكوت فيلد، تنص على أن «أصدقاءك أكثر شعبية منك، في المتوسط». وهذه الخاصية تجتمع مع الخصائص الأخرى للشبكات الاجتماعية، لتخلق حالة الوهم.

ما تعنيه «مفارقة الصداقة» هو: إذا سألتك: من أصدقاؤك؟ ثم قابلت هؤلاء الأصدقاء، فبشكل عام سأجدهم في حالة تواصل اجتماعي أفضل منك. وبالطبع، إذا كنت نشطاً اجتماعياً بشكل كبير فلن تنطبق عليك هذه المفارقة. ولكن بالنسبة لمعظمنا، فمن المرجح أن تنطبق.

وفي حين أن هذه المفارقة يمكن أن تحدث بأي شبكة اجتماعية واقعية، إلا أنها متفشية على شبكة الإنترنت. فقد وجدت إحدى الدراسات أن 98% من مستخدمي تويتر يتابعون حسابات بها عدد متابعين أكثر من عدد متابعي حساباتهم الشخصية.

رياضيات الصداقات
رغم غرابة الأمر، فإن «مفارقة الصداقة» لها تفسير رياضي بسيط، وتختلف دائرة الأصدقاء الاجتماعية لكل شخص، فمعظمنا لديه بعض الأصدقاء، وهناك أشخاص نشطون اجتماعياً مثل ديفيد روكفلر، الرئيس التنفيذي لبنك Chase Manhattan Bank، والذي يتضمن دفتر العناوين الخاص به أكثر من 100 ألف شخص!

على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يكون لدى المشاهير مثل جاستن بيبر أكثر من 100 مليون متابع. هذه المجموعة الصغيرة من الأشخاص ذوي الاتصال الاجتماعي التشعبي الضخم -الأشخاص الذين لديهم عديد من الأصدقاء ويشكل بعضهم جزءاً من دائرتك الاجتماعية- هي التي تزيد من متوسط ​​شعبية أصدقائك.

هذه هي الضربة الرياضية المزدوجة في قلب «مفارقة الصداقة»، فليست فقط الشعبية غير العادية لأشخاص مثل جاستن بيبر، هي التي تؤدي إلى انحراف متوسط ​​شعبية الأصدقاء لأي شخص يتابعهم، ولكن على الرغم من أن الناس مثله نادرون، فإنهم يظهرون أيضاً في عدد غير عادي من الدوائر الاجتماعية.

كيف يمكن الاستفادة من معادلة الصداقة؟
ولا تشكل «مفارقة الصداقة» مجرد فضول رياضي، فهي لها تطبيقات مفيدة في التنبؤ بالتوجهات الرائجة ورصد الأمراض. وقد استخدمها الباحثون للتنبؤ بالموضوعات الرائجة على تويتر قبل أسابيع من انتشارها، ولرصد حالات تفشي الإنفلونزا في مراحلها المبكرة، وابتكار استراتيجيات فعّالة لإدارة المرض.

إليك كيف ينجح الأمر: تخيَّل، على سبيل المثال، أنك تصل إلى قرية إفريقية مع خمس جرعات فقط من لقاح الإيبولا. تتمثل الاستراتيجية الأفضل في عدم تطعيم الأشخاص الخمسة الأوائل الذين تلتقيهم صدفة، بل أن تطلب من هؤلاء الأشخاص مقابلة أصدقائهم وتطعيم هؤلاء الأصدقاء الخمسة. إذا قمت بذلك، فمن المرجح أنك ستطعّم أشخاصاً لديهم دوائر اجتماعية أوسع؛ ومن ثم قد يصيبون مزيداً من الأشخاص إذا مرضوا. سيكون تلقيح الأصدقاء أكثر فاعلية في إيقاف انتشار فيروس إيبولا من تلقيح الأشخاص العشوائيين، الذين قد يكونون على هامش شبكة اجتماعية وغير متواصلين بعديد من الناس.

هل لديك شعبية؟
هناك دائماً المزيد. فمن اللافت للنظر أن عديداً من الأشخاص يعانون حالة أشد من «مفارقة الصداقة»: معظم أصدقائك لديهم أصدقاء أكثر مما لديك. فكِّر بعمق في هذا. فلم نعد نتحدث عن المتوسطات، حيث يمكن أن يتسبب صديق واحد ذو شعبية استثنائية في انحراف متوسط ​​شعبية أصدقائك.

هذا يعني أن غالبية أصدقائك في حالة تواصل اجتماعي أفضل منك. حاوِل التأكد بنفسك. انقُر فوق اسم كل صديق على تويتر ولاحِظ عدد المتابعين لديهم وعدد الحسابات التي يتابعونها. أنا على استعداد للمراهنة على أن معظم الأرقام تفوق أرقامك.

والأمر الغريب رغم ذلك أن هذه المفارقة لا تنطبق على الشعبية فحسب، بل أيضاً على سمات أخرى، مثل الحماسة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو تناول الطعام في المطاعم الراقية، أو قضاء عطلات مثيرة. وكمثال ملموس، فكِّر في عدد المرات التي ينشر فيها شخص ما، التحديثات عبر تويتر.

إنه صحيح أن معظم الأشخاص الذين تتابعهم ينشرون تحديثات الحالة أكثر مما تفعل. وأيضاً، يتلقى معظم الأشخاص الذين تتابعهم معلومات جديدة ومتنوعة أكثر مما تتلقاه. ويستقبل معظم الأشخاص الذين تتابعهم مزيداً من المعلومات الأكثر رواجاً والتي تنتشر إلى ما هو أبعد بكثير مما تراه صفحتك الرئيسية.

ما تعتقد أنك تعرفه ربما لا يكون صحيحاً
يمكن أن تؤدي هذه النسخة الأقوى من «مفارقة الصداقة» إلى «وهْم الأغلبية«، حيث يبدو أن السمات النادرة بالشبكة ككلٍ، شائعة في عديد من الدوائر الاجتماعية. تخيَّل أن عدداً قليلاً من الناس، بشكل عام، لديهم شعر أحمر، ورغم ذلك يبدو الأمر في نظر عديد من الناس أن أغلب أصدقائهم لديهم شعر أحمر. كل ما يتطلبه الأمر بالنسبة لخلق وهْمِ أنَّ «الشعر الأحمر شائع» هو أن يكون عدد قليل من الأشخاص المؤثرين ذوي التواصل التشعبي الضخم لديهم شعر أحمر.

يمكن أن يوضح وهْم الأغلبية لماذا قد تلاحظ أن أصدقاءك يبدون كأنهم يقومون بأمور أكثر إثارة: فالأشخاص الأكثر تواصلاً اجتماعياً يؤثرون بشكل غير متناسب فيما نراه ونتعلمه على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا يساعد في تفسير سبب المبالغة في تقدير المراهقين مدى انتشار شرب الخمر في الحرم الجامعي، ولماذا تبدو بعض المواضيع أكثر شعبية على تويتر مما هي عليه بالفعل.

إنَّ وهْم الأغلبية يمكن أن يشوه تصوراتك لحياة الآخرين. والأشخاص الذين يتمتعون بتواصل اجتماعي أفضل من البقية منا يمكنهم القيام بأشياء ملحوظة أكثر، مثل تناول الطعام في المطاعم الحاصلة على نجمة ميشلان أو قضاء عطلة في جزيرة بورا بورا. وهُم أيضاً أكثر نشاطاً على وسائل التواصل الاجتماعي وأكثر عرضة لعرض نمط حياتهم على إنستغرام، وهو ما يشوه تصوراتنا حول مدى شيوع هذه الأشياء. وهناك طريقة جيدة لتخفيف هذا الوهم وهي التوقف عن مقارنة نفسك بالأصدقاء وأن تكون ممتناً لما لديك بالفعل.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M