(هُــمُ الْعَــدُوُّ فَاحْــذَرْهُمْ)

05 ديسمبر 2016 00:05
العلمانية هي الحل.. سفسطة حكيم الببغاء

هوية بريس – د. رشيد بنكيران

إن قوة الشر الذي يمثله النفاق على الإسلام، وشدة المكر الذي يمثله المنافقون على المسلمين، أشد خطرا مما يمثله الكفر على الإسلام، وأقوى فتكا مما يمثله الكافرون على المسلمين، ومن تأمل القرآن الكريم متفكرا في حقائقه، ومتأملا في معانيه، ومتدبرا في نتائجه، ووقف عندها حق التوقف بداية ونهاية، وجد مظاهر هذا الأمر واضحة، وأثر هذا الظل شاخصة، وأيقن بهذه الحقيقة كما يوقن بصدق كلام الله سبحانه.

وإذا كان كثرة الكلام في أمر ما يشير إلى أهميته، وإذا كان تكرار الكلام عليه يدل على خطورة نسيانه والغفلة عنه، فإن القرآن الكريم نبه عن خطورة النفاق والمنافقين بتسمية سورة بأكملها بـ«المنافقون»، وتكرر ذكر المنافقين في عدة سور، وجعل أعظم سورة بعد أم القرآن تتعرض لصفات المنافقين في مطلعها، وهي سورة البقرة التي لا يستطيعها البطلة، وأخذ فيها موضوع النفاق حيزا كبيرا في مقابل الإيمان أو الكفر، فقد ذكر الله جل جلاله صفات المؤمنين في أربع آيات، وذكر أوصاف الكافرين في آيتين، أما المنافقون فخصهم الله عز وجل بثلاثة عشرة آية لبيان أوصافهم وسلوكهم؛ لأنه صنف شديد الدهاء، يديم المكر والعداء، لصيق القرب بالفِناء، فلابد من أخذ الحذر والحيطة منه أشد الحذر؛ لأنك لا تؤتى من عدوك البعيد بقدر ما تؤتى من عدوك القريب، ولك أن تعرف -بعد ذلك- سر العدل الإلهي في جعل عقوبة المنافقين أشد من عقوبة الكافرين الأصليين، فالجزاء من جنس العمل {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء:145].

وإذا كان لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، فشر النفاق وشؤمه في زيادة لا يتوقف، وصدق حذيفة بن اليمان رضي الله عنه -الخبير الأول بالنفاق والمنافقين- إذ قال: (إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون) رواه البخاري.

وأقول -مقتبسا منه ومتبصرا- إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد حذيفة بن اليمان، كانوا يومئذ يجهرون فحسب، واليوم يقننون ويشتغلون عبر مؤسسات النفاق محبوكة الصنع، تتمثل في الإعلام والتعليم والسياسة وحقوق الإنسان… والدعاوى المكرة الخبيثة مثل تجديد الخطاب الديني، وقراءة جديدة للتراث، والتفسير التاريخي للوحي، وتنزيه الإسلام عن السياسة… وتصويب الصحيحين… كل ذلك يفعل جهارا نهارا بقوة القانون الأعوج: حرية التعبير، ولك أيها القارئ المسلم في الحملة الأخيرة على مقام النبوة مثالا صارخا يجسد مكر النفاق بادعاء الدفاع عليه في الوقت نفسه يسعون إلى تحطيمه.

وإذا كان ناموس الخلق أبى إلا أن يكون لكل فعل ردة فعل تناسبه وتوازيه، فإن مقاومة النفاق اليوم يجب أن تكون مؤطرة من خلال مؤسسات علمية وعملية تخطط لسياسة المقاومة، تفوق أو تساوي قوة الفعل المخالف، وقد دعا القرآن الكريم لصناعة هذا النوع من المقاومة للنفاق بلغة بليغة في الاختصار، قوية في حشد الانتباه، ترتب لك أولى الأولويات، وذلك بحصر العداء في المنافقين والدعاء عليهم: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:4].

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M