وزارتنا.. زِنِي بالقِسطاس المستقيم!! (الأستاذ المعنّف وتلميذة خريبكة)

22 مايو 2018 23:40
تلاميذ الأستاذ المعنف لتلميذة خريبكة كلهم يطالبون بإطلاق سراحه.. ويدينون التلميذة وتصرفاتها المستفزة

هوية بريس – لطيفة أسير

إحساس رهيب بالغيظ ينتابني كلما تذكّرت أنّ الأستاذ الذي قضى 30 سنة بالتعليم قابع بين حجرات التحقيق كسائر المجرمين، و(سوحليفة) التي استفزته وشريكتها التي صورته، تجلسان بكل أريحية بين أحضان أهلهما الذين لم يحسنوا تربيتهما.

إحساس أعظم بالقهر كلما شاهدت صور الزيارة السريعة التي قامت بها الجهات الرسمية المسؤولة عن القطاع لتلك الفتاة، وكأنها ضحية من ضحايا حرب طاحنة!!

وإحساس أشد فظاعة بالمرارة كلما أبصرتُ سلبيتنا -نحن رجال ونساء التعليم- تجاه التصرفات اللامسؤولة للوزارة، تجاه إمعانها الشديد في إذلال رجل التعليم، والمساواة بينه وبين المتعلم!!

كثيرة هي الحالات المستفِزة التي طفت في هذا الفضاء الأخرق، وأكدت أن عدالة الوزارة تصرّ أن تبصر الحقائق بعين واحدة، وأنها في كل القضايا تجعل رجل التعليم المذنب الأول والأخير حتى ولو كان هو الضحية.

نحن لا نبرر العنف ولا نُقِرّه، ولا نُزكّي سلوك الأستاذ وانفراط حبل التحكم من بين يديه، ولكننا نطالب بالمحافظة على هيبة رجل التعليم، التي هي هيبة لكل رجال ونساء التعليم، نطالب أن يكون الجزاء من جنس العمل، نطالب بوقف الوزارة لسلوكاتها العنترية تجاه هذه الفئة المستضعفة، التي يُفترض أن تكون الفئة الأشد حصانة وقوة بالمجتمع، لو كنا نحيا في مجتمع يحترم نفسه، ويحترم معلميه.

نطالب بالحفاظ على سلطة المدرس في تأديب التلميذ وضربه -وليس تعنيفه- (الضرب الشرعي التأديبي الذي نصت عليه النصوص الشرعية)، فالوعظ واللين لا يناسبان كل الفئات، بل إن الواقع يؤكد (أن هناك أناسا لا يصلح معهم ذلك كله، أو يزدادون انحرافا كلما زيد لهم في الوعظ والإرشاد. وليس من الحكمة أن نتجاهل وجود هؤلاء أو نتصنّع الرقة الزائدة فنستنكر الشدة عليهم!

إنهم مرضى. نعم. ومنحرفون. والعيادات السيكولوجية قد تصلحهم! ولا أحد يمنع عنهم العلاج النفسي أو أي نوع من أنواع العلاج، ولكن فلنحدر أن نجعل وسيلتنا في تربية النفوس أن نجاريها في انحرافاتها ونتلمس لها الأعذار. فإن ذلك نفسه يبعث على الانحراف ويزيد عدد المنحرفين!

إن التربية الرقيقة اللطيفة الحانية كثيرًا ما تفلح في تربية الأطفال على استقامة و نظافة واستواء. ولكن التربية التي تزيد من الرقة واللطف والحنو تضر ضررًا بالغا لأنها تنشئ كيانا ليس له قوام) (محمد قطب في كتابه منهج التربية الإسلامية 2/190).

وقد وصى الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ألاّ يُعامل الناس بسياق واحد، لأن لذلك أضرارا كثيرة فقال: (لا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيدًا لأهل الإحسان وتدريبًا لأهل الإساءة على الإساءة) – كتاب (آداب العالم والمتعلم في التراث العربي والاسلامي) للدكتور فاضل عباس علي النجادي ص:285.

وقال ابن الجزار القيرواني: (إن الصواب أن يؤدّب الصبي، فإن كانت طبيعته طبيعة مَنْ ليس بأديب ولا لبيب فهذا بيّنٌ للمعترض طريق الصواب، فأما إن كان الصبي طبيعته جيدة، أعني أن يكون مطبوعًا على الحياء وحبّ الكرامة والألفة محبّا للصدق، فإن تأديبه يكون سهلا، وذلك أن المدح والذّم يبلغان منه عند الإحسان أو الإساءة ما لا تبلغه العقوبة من غيره. فإن كان الصبي قليل الحياء مستخفّا للكرامة قليل الألفة محبّا للكذب، عَسُرَ تأديبا، ولا بدّ لمن كان كذلك من إرهابٍ وتخويف عند الإساءة ثم يحقق ذلك بالضرب إذا لم ينجح التخويف) (كتاب سياسة الصبيان وتدبيرهم المرجع ص:135، نقلا عن مقدمة الرسالة القيروانية ص:34).

فالله الله في موظفيك يا وزارتنا.. والعدل العدل في تدبير شؤون حاملي مشعل التربية والتعليم، وكفاك استهتارا بهذا الجندي المجهول القابع في سراديب النسيان من بدء تعيينه إلى حين تقاعده!!

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. قرأت مقالة للسيدة لطيفة أيسر، حول تعنيف أحد المعلمين لتلميذته، وقد استشهدت بمقولة لسيدنا علي كرم الله وجهه من كتابنا آداب العالم والمتعلم في التراث العربي العربي والإسلامي، ص 285، والحقيقة لم ينصف المعلم في عصرنا بسبب الضوابط التربوية التي تعتمد لمعالجة السلوكيات المنحرفة لبعض الطلبة وهي مسايرة لمناهج الغرب والتي تخالف تقاليدنا وأعرافنا التربوية والتي نقلت نقلاً آلياً تضر بالعملية التربوية والعتليم، لأن التربية العربية هي تربية قبل أن تكون تعليم، وإليكم، ممارسة الثواب والعقاب في العليم العربي والإسلامي منقولة من كتابنا: شروط التعلم في التراث العربي والإسلامي، وهو عبارة عن: 114 نصيحة للنابهين من الأبناء والأحفاد، صادر عن دار العراب في دمشق عام 2018، ص، 58:
    الثواب والعقاب في التعليم.
    بعد انتشار الإسلام وانتظام حياة المسلمين في المدينة بدأ التشريع الإلهي لضمان حقوق الناس واستقرارهم، فتوالت الآيات تحلل وتحرم وتعاقب وتثبت. وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظم حياة الناس، ويبين ويوضح لهم ما ينزل عليهم من السماء.
    وقد نهى النبي عن التعنيف أثناء التعليم، بقوله: ((علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف)) . وقوله : ((إنَّ الله تعالى لم يبعثني معنفاً، ولا معنتاً. ولكن بعثني معلماً ميسراً)).
    وحث صلى الله عليه وسلم على الترهيب من المخالفة والعناد والتقصير، بقوله : ((علقوا السوط حيث يراه أهل البيت))، وأوصى معاذ بقوله: ((لا ترفع عنهم عصاك أدباً)).
    ويروى عن أنس أنه قال: خرج علينا غلام من عند النبيِّ يبكي، فقال ممن بكاؤك؟. قال: ضربني النبيُّ . قلت: لم ذلك؟ قال: مددت الباء قبل السين، يعني في بسم الله الرحمن الرحيم.
    وقد أكد النبيُّ صلى الله عليه وسلم على التعزير والتأديب وقد مارسه بنفسه، ونهى عن المعاقبة بالجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله، بقوله : ((لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حدٍّ من حدود الله)).
    ورويَ عن عائشة، قالت: ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء يؤتى إليه، حتَّى تنتهك حرمة من حرمات الله فينتقم لله( ).
    وقد اهتم علماء السلف منذ البدء بأمر الثواب والعقاب، وقد اتفقوا على ممارسته، واختلفوا في طريقة تنفيذه إلا أنهم أوصوا بما يأتي:
    أ‌- لا بد من التمييز بين المسيء والمحسن، والملتزم والمتسيب، وبين المجتهد والخامل الكسول وعدم المساواة بينهما.
    ب‌- بذل الجهد في التأديب والتقويم منذ الصغر حتى يشب الإنسان على الفضائل فتنتفي الحاجة إلى العقوبة.
    ت‌- البدء بالثواب قبل العقاب، وهو ثواب نفسي ومادي.
    ث‌- التدرج بالعقوبات من التلميح والإنذار، والتوبيخ والتشهير. والعزل والإعراض عن المسيء، وثم مقاطعته وطرده من حلقة الدرس.
    ج‌- أن تكون العقوبة في مصلحة المتعلم وليست تشفياً أو تفريغاً لشحنة غضب.
    ح‌- تجنب الوجه، ويكون الضرب على المناطق التي تؤلم ولا تترك أثراً.
    خ‌- أن تكون العقوبة على قدر الذنب المرتكب والتقصير المتعمد.
    د‌- أن تكون العقوبة مؤثرة ورادعة لا مجاملة فيها كي يشعر المتعلم بأهمية العقوبة.
    ذ‌- أن لا تزيد العقوبة في حدها الأعلى على عشرة أسواط؟.
    ر‌- أن يبلغ ولي أمر المتعلم بالعقوبة وسببها.
    ز‌- إن العقوبات البدنية فعّالة في مرحلة التعليم الأساسي، وإن العقوبات النفسية والمعنوية فعّالة ومؤثرة في مرحلة التعليم الثانوي، وما بعدها لتأثر الطلبة بها بصورة مباشرة.
    وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك، عندما قاطع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة العسرة. وقد بلغت العقوبة النفسية مبلغها من حيث التأديب والفائدة، وكان وصف الله سبحانه وتعالى للنتائج النفسية وصفاً بليغاً دقيقاً.
    س‌- بدأ التربويون المسلمون بالثواب قبل العقاب في التعليم الثانوي، إذ كان أهل الفضل وأصحاب المدارس، يمنحون الطلبة جرايات نقدية وعينية إضافة إلى السكن والملبس والورق، ومن ثم يمنحون مبالغ إضافية للمتميزين والمتفوقين، والذين هم أكثر حفظاً وتحصيلاً، ويكون المبلغ على قدر إنجازهم .
    وانقسم العلماء حول نوعية العقوبة التي يتم إيقاعها بالمتعلم المقصر، فمنهم من قال بالعقوبة البدنية، ومنهم من فضل العقوبة النفسية؛ ويرى ابن سينا أن الوقاية خير من العلاج، فنصح ببذل كل جهد لتأديب الطفل وتقويمه منذ الصغر حتى يشب على حميد الخصال، ويبتعد عن العادات والأخلاق الرذيلة، أما إذا اقتضت الضرورة واللجوء إلى العقاب، فينبغي ألاّ يتردد المربي في إيقاعها بحقه. وعلى المعلم أن يستخدم العبوس لما يستدعيه التأنيب، ويمزج ذلك بالمديح والتشجيع لأنه أجدى من التأنيب.
    ويؤكد ابن سينا على أنْ يسبق الضرب تهديد ووعيد، وتوسط الشفعاء لإحداث الأثر المطلوب في نفس الطفل، وإذا قرر المربي تنفيذ إنزال العقوبة يجب أن تكون الضربات الأولى موجعة حتى تحدث في نفس الطفل الأثر اللازم، وتجعله ينظر إلى العقاب بعين الجد.
    أما ابن الجوزي فإنه ينصح المعلم بأنَّ يراعي الحيطة والحذر عند إنزال العقوبة بالمتعلم، وعليه أن لا يأخذ الولد أولاً بالعنف وإنَّما، تمزج الرغبة والرهبة.
    ويوصي ابن سحنون والقابسي بممارسة العقوبة البدنية بعد أن يقوم المعلم بتنبيه المتعلم أكثر من مرة وعذله وتوعده وقرعه بالكلام، دون الشتم وسب العرض، وإذا لم ينفع كل ذلك، فيكون (الضرب من واحدة إلى ثلاث فليستعمل اجتهاده لئلا يزيد في رتبة فوق استئهالها .. وصفة الضرب هو ما يؤلم ولا يتعدى الألم إلى التأثير المشنع، والوهن المضر)، بشرط أن يكون التأديب لمنافع المتعلمين وأن يبلغ ولي أمر المتعلم بالعقوبة إذا كانت الضرب بالسوط وتزيد على ثلاثة أسواط.
    أما بعض العلماء فقد نصح وأوصى بالعقوبات النفسية، والوعد والوعيد والترغيب والترهيب، فينصح الإمام علي كرم الله وجهه بممارسة الثواب بمقام العقاب للآخرين، بقوله: (ازجر المسيء بثواب المحسن).
    وأما الماوردي فإنه يؤيد العقوبات المعنوية ويرسم خطواتها بما يأتي:
    أولاً: أن يعفو العالِم عن الهفوات والزلات البسيطة لأنها متوقعة، وأن لا يتشدد ويلتقط الأخطاء ويبني عليها أحكام.
    ثانياً: أن لا يسترسل العالم بالوعد والوعيد، بما يؤدي إلى عجزه وعدم الإيفاء بما قال: فيحط ذلك من قدره أمام المتعلمين.
    ثالثاً: أن يستخدم الصوت في الثواب والعقاب فإذا كان يريد ترغيباً قرنه باللين واللطف، وإن كان يريد ترهيباً خلطه بالخشونة والعنف.
    ويرى الغزالي أن من دقائق صناعة التعليم، أن يزجر العالِم المتعلم عن سوء الأخلاق بطريقة التعريض لا بطريقة التصريح، وبطريقة الرحمة، لا بطريقة التوبيخ، لأن التصريح يهتك حجاب الهيبة ويورث الجرأة، ويهيج الإصرار على المخالفة، ويستشهد بما جرى لآدم وحواء عليهما السلام.
    ويرفض ابن خلدون العقوبة البدنية لأنها تضر بالمتعلمين وتضطرهم إلى الكسل والخبث والكذب والتظاهر بسلوك آخر ليس هو سلوكهم الحقيقي. وإذا كان لا بد من العقوبة فلا تزيد عن ثلاثة أسواط.
    ويوصي ابن جماعة بالتدرج بالتوجيه والتنبيه والعقوبة فإذا ما ظهر من المتعلم سلوك وتصرف لا يليق، فيبدأ بالنهي والتلميح لا على التعين، ثم ينهاه سراً، وإن لم يرتدع ينهاه جهراً، ويغلظ عليه القول، فإن لم يرتدع، فلا بأس عندها من طرده والإعراض عنه حتى يرجع إلى السلوك القويم، كي لا يؤثر سلوكه السيئ على باقي المتعلمين باعتباره سيكون قدوة سيئة لهم.
    ويؤيد هذه الخطوات كل من العاملي والعلموي.
    إن هذا المنهج والأسلوب في ممارسة الثواب والعقاب هو الأمثل والأصح والأشمل لمعالجة سلوكيات وتصرفات المتعلمين سواءً على صعيد السلوك الشخصي أو التحصيل الدراسي. ولم تأت التربية الحديثة بجديد على ما قال به العلماء العرب في كل المعالجات سوى اختلاف العبارة وحداثة المصطلح. وإلا فهو ثواب، وعقاب: نفسي ومادي وممارستها هو للوقاية والعلاج ولأهمية العقوبة البدنية في عملية التنشئة فإن أغلب أولياء أمور المتعلمين بما فيهم الخلفاء والأمراء والسلاطين وذوي الجاه كانوا يوصون بإيقاع العقوبة بأبنائهم، بشروط: منها عدم الضرب على الوجه، أو بما يلحق الإهانة والإذلال بالمتعلم.
    ولمكانة الأبناء في نفوس الآباء ولكي لا يتمادى بعض المعلمين في إيقاع العقوبة البدنية على الصبيان أخضعتها الدولة لإشرافها وجعلتها من اختصاص المحتسب أو رئيس الشرطة فكلفته بالإشراف على معاملة المعلمين للتلاميذ والنظر في الشكاوى التي ترفع ضد المعلمين.
    إن الثواب والعقاب من الشروط النفسية المهمة والفعَّالة لتحقيق تعلم نافع، وقد تنبه العلماء المسلمون لهذا الشرط ووضعوا له قواعد وأصول، وحثوا على ممارسة الثواب النفسي والمعنوي لأثره الإيجابي البالغ في زيادة همة المتعلم وإقباله على الدرس، والنصح بالعقوبات المعنوية لأهميتها، والإقلال من العقوبات البدنية لأضرارها البالغة وجعلها آخر العلاج وفي الحالات الضيقة جداً، وإذا فرضت لا بُدَّ أن تكون شديدةً ومؤثرة وقد تناولنا هذا الموضوع في موضع آخر من هذا الكتاب.
    واختم فأقول إن سبب تخلف التعليم في الوطن العربي هو الإستهانة بالمعلم وتقليد الغرب بالضواط المدرسية والتجاوز على المعلم والدلال الزائد للطلبة والمحاباة، العلماء ورثة الأنبياء وهم بمنزلة الأب، فكيف يهان المعلم ونطلب منه العطاء وهل يكون هناك تعلم جيد في ظل تجاهل حقوق المعلم والتجاوز على حقوقه مكانته، وعندما كان هناك تعليم كان العلماء يخشاهم الأمراء.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M