وقفات تربوية في عيد الأضحى

01 أغسطس 2020 19:05

هوية بيرس – د.حامد الإدريسي

📍يهل علينا العيد كل عام، ونقوم فيه بمجموعة أفعال قد تبدو غير ذات معنى بالنسبة للطفل، ولكنها ذات أثر عميق في نفسيته وبناء شخصيته وتعزيز هويته…

📍يبدو المشهد غير مألوف بالنسبة للطفل، فهذا حيوان أليف 🐑 كما تعودنا أن نصفه في القصص والكتب والمواد التعليمية وأفلام الكرتون، والذبح 🔪 وإراقة الدماء مشهد عنيف لا يتحمله الطفل، فلمذا جعل الله هذه الشعيرة بهذه الصورة الدموية والتي تحدث في الطفل آثارا عميقة، ما الحكم والغايات التي ينبغي أن نحدث الطفل بها حتى تكون هذه الشعيرة قد أدت الغرض المقصود منها؟ 🤔

1️⃣ ربطه بأمته العريقة: أول معنى ينبغي التركيز عليه، ربط الطفل بانتمائه الحقيقي والذي رسخته سورة الأنبياء، والتي ذكرت الأنبياء واحدا واحدا ثم ختمت قصصهم بهذه الحقيقة الراسخة {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}، ولذلك فإن الأضحية استحضار لقصة نبي الله إبراهيم 🕋 وربط لخيال الأمة ووجدانها بهذا النبي العظيم الذي هو أصل الديانات الثلاثة المسيحية واليهودية والإسلام، لكنه ما كان يهوديا ولا نصرانيا بل كان حنيفا مسلما {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين، إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا} فنحن أولى الناس بإبراهيم من سائر الديانات، فلا بد أن تحكي لأطفالك 👳 ليلة العيد قصة إبراهيم عليه السلام وتذكر لهم سر هذه الأضحية التي نزلت فداء لإسماعيل عليه السلام، حتى يستحضروا هذا المشهد في ذلك الصباح.

2️⃣ تعزيز معاني الأبوة والبر: في قصة إبراهيم وإسماعيل معنى عظيم يجب أن نحييه في نفوس أبنائنا، وهو تلك الطاعة التامة التي أظهرها إسماعيل لأبيه، فأول ذلك أنه كان معه يسعى عليه، قال تعالى {حتى إذا بلغ معه السعي} أي أنه يقضي حاجاته ويسعى معه في شؤونه، وهكذا ينبغي أن يكون الابن مع أبيه، وهذا هو البر الذي نفتقده اليوم في كثير من أبنائنا، فلما طلب منه أبوه روحه سلمها إليه وقال {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}، فالقصة كلها تجسيد لبر الوالد لأبيه، وطاعة الأب لربه، فكان الذبح العظيم 🐑 فداء لهذا الولد على بره، وتكريما لهذا الأب على استجابته لربه، فعلى الآباء أن يعودوا أبناءهم على البر، ويدربوهم عليه منذ الصغر، حتى يألف الطفل خدمة والديه.

3️⃣ تعزيز معنى التقرب إلى الله: يُحدّث الأب أبناءه بأن هذه الأضحية ليست للتفاخر على الجيران، أو الاستمتاع بأكل اللحم، أو إظهار الغنى والترف، بل هي تقرب إلى الله عز وجل، الذي أمرنا بذلك ولا يناله من لحمها ودمها شيئا، قال تعالى {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم}.

4️⃣ شكر الله على النعم: تعويد الأبناء على شكر الله على ما أعطانا من النعم، ومنها خلقه للأنعام 🐫 وتسخيرها لنا، ومن تمام الشكر أن نأكل من النعمة، كما قال تعالى {كلوا من رزق ربكم واشكروا له}، فيخاطب الأب أبناءه بهذا المعنى ويذكرهم بما هم فيه من النعم، ولذلك فإن امتناع الإنسان عن أكل اللحم إذا لم يكن فيه مضرة صحية، هو من تحريم ما أحل الله، خصوصا إذا كان ذلك بدافع عقدي، كأن يعتقد أن في ذبحها اعتداء عليها، كما يقول به النباتيون 🌱 .

5️⃣ قيمة الصدقة: يجب على الأب أن يغرس في أبنائه قيمة الصدقة من خلال تصدقه بجزء من الأضحية، ومن الأفضل أن يرسل تلك الصدقة مع أبنائه ، أو يصطحبهم لتسليمها للفقير، حتى يرى الابن ذلك وينغرس قيمة معنوية في نفسه.

6️⃣ تعليم الطفل المسؤولية: وذلك بما يراه من ذبح أبيه للأضحية ومساعدته هو في تلك العملية بما فيها من مشقة، وينبغي للأب أن يشرك أطفاله في مسؤوليات الذبح والغسل والتنظيف والحمل والتقطيع، حتى يتربى على تحمل المسؤولية وينشأ على معاني الرجولة.

7️⃣ التعود على الرجولة: من خلال مشاهدته للذبح والسلخ ومعالجة الأضحية وقطع رأسها وبقر بطنها واستخراج أحشائها مما يجعله يتخلص من الخوف ويقوي قلبه، وينمي في البيت الفرق بين الذكر والأنثى، وأن الرجل هو الذي يتحمل شدائد الأمور، ولا يتهيب مثل هذه المشاهد، وعلى الأب أن يعزز هذه المعاني في نفوس أطفاله، كي يغرس الفرق بين الذكر والأنثى، كما قال تعالى {أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} وقد أشرت في مقال سابق إلى ركائز التربية على الرجولة ومنها التمييز بين الذكر والأنثى في كثير من الأمور، وفي عيد الأضحى يتجسد هذا التمايز العادل.

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M