وقفة مع فتوى الغرياني في لزوم الاكتفاء بحجة وعمرة زمن طغيان بني سعود

27 أبريل 2019 15:15

هوية بريس – د.محمد بولوز

افتى الشيخ الليبي صادق الغرياني بعدم جواز الحج والعمرة مرة اخرى بعد حجة الاسلام واداء العمرة وهي بلا شك فتوى مقيدة بزمانها وحيثياتها وما يناسب مقاصد الشريعة الاسلامية من مثل زمان محمد بن سلمان سفيه بني سعود، بحيث لا يمكن الزعم بان اموال الحج والعمرة لا تقوي نظام ابن سلمان وزمرته بل هناك من يقول بان عوائد الحج والعمرة اكثر مما يدره البترول على المملكة ففيها تقوية لهذا النظام الذي امعن في الفساد في الارض وسفك الدماء واغتيال ارادة عدد من الشعوب الاسلامية في الانعتاق من الظلم والفساد والاستبداد، بل والتورط في سفك دماء المسلمين افرادا كجمال خاجقشي وامثاله كثير وشعوبا مثل الشام وليبيا واليمن وما لا يعلمه الا الله تعالى، وهناك انباء تؤكد ان بلد الحرام لم تعد امنة لجميع المسلمين حيث يستثنى من لهم حساب مع نظام ابن سلمان فيعتقلون ويسجنون بمجرد دخولهم للحج والعمرة…فضلا عن النكوص عن كثير مما كان يميز المملكة من تطبيق جوانب مهمة من الشريعة ورعاية القيم والاخلاق و احترام العلماء، فهاهم يسجنون ويقتلون وتفتح البلاد للفسق والفجور…ولما كان الامر كذلك فيكتفى بالواجب والقريب منه وان حجة وعمرة مما يكفي المسلم في دينه، ويمكن توجيه ماله بعد ذلك في ابواب الخير وهي كثيرة مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم ” أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ” وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا”.وقد قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ، ولا منزلة أفضل من ذلك. ومن ابواب الخير التي تدخل الجنة مثل الحج والعمر اذا خلصت النيات ورجحت الحسنات على السيئات: اطعام الطعام لمن يحتاجه ففي الحديث: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يَرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا, وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» [رواه الطبراني وابن حبان، وصححه الألباني]. وتوجيه الاموال في الصدقات الجارية في التطبيب والصحة والعلم ومقاومة الجهل ومظاهر التخلف والهشاشة،
ولا شك ان اعظم ما تنفق فيه اموال الحجة والعمرة الزائدة هو ما كان من حقن دماء المسلمين والدفاع عنهم امام هجمات العملاء والخونة المدعومين من نظام ابن سلمان وابن زايد واضرابهما،
وما افتى به الشيخ صادق الغرياني حفظه الله قريب مما افتى به من قبله وان اختلف السياق ومن ذلك ما أفتى به الغزالي رحمه الله حين قال في الإحياء 1 / 262: ( أن لا يعاون أعداء الله سبحانه بتسليم المكس وهم الصادون عن المسجد الحرام من أمراء مكة والأعراب المترصدين في الطريق
فإن تسليم المال إليهم إعانة على الظلم وتيسير لأسبابه عليهم فهو كالإعانة بالنفس فليتلطف في حيلة الخلاص فإن لم يقدر فقد قال بعض العلماء ولا بأس بما قاله إن ترك التنفل بالحج والرجوع عن الطريق أفضل من إعانة الظلمة فإن هذه بدعة أحدثت وفي الانقياد لها ما يجعلها سنة مطردة وفيه ذل وصغار على المسلمين ببذل جزية
ولا معنى لقول القائل إن ذلك يؤخذ مني وأنا مضطر فإنه لو قعد في البيت أو رجع من الطريق لم يؤخذ منه شيء ) اهـ.
ولامر ما كتب ابن رشد الحفيد كتابه الماتع “بداية المجتهد وكفاية المقتصد” في بداية امره من غير كتاب الحج ثم راى ان يلحقه ب”البداية” بعد عشرين عاما من تاليفه فقد كان هناك موقف لبعض علماء الاندلس من اعذار الناس من هذا الركن لغياب الامن وخوفا على الارواح، وقريب من عصرنا رسالة لاحد اعلام المغرب في القرن الماضي الإمام جعفر بن ادريس الكتاني المتوفى سنة 1323 افتى بتحريم الحج على المغاربة بسبب ما كانوا يتعرضون له من المخاطر والاهانة فضلا عن قطع السبل عليهم من قبل أعراب الحجاز و اضطرارهم لتضييع بعض الصلوات و امور أخرى. ثم ابنه الإمام محمد بن جعفر الكتاني المتوفى سنة 1345 الذي توسط في القول و جوز الحج لمن استطاع تفادي تلك الأمور، نعم، المواقف والنوازل التي حكمت تلك الاراء والفتاوى مختلفة عن ظروف فتفوى الشيخ صادق الغرياني، وارى انها منسجمة مع مقاصد الشرع وحرمة الدماء وحرمة المؤمنين عند الله حتى من الكعبة روى ابن ماجة من حديث عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا” حسنه الالباني في اخر امره بعد ان كان ضعفه لوقوفه على طرق رواياته المختلفة. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

آخر اﻷخبار
4 تعليقات
  1. السلام عليكم
    بارك الله في د.محمد بولوز وفي جهوده.
    بارك الله في جهود القيمين على هذه الجريدة.

    3
    2
  2. شكرا جزيلا دكتور . و الله لقد أفسدوا في الأرض فسادا عظيما قتلوا و يتموا و جوعوا أمما برمتها . فكيف بعد ذلك نقدم لهم مزيدا من الأموال .

    5
    1
  3. يعني قول الغرياني صحيح عندما قال إثمهما أكبر من نفعهما وقياسها على الخمر جريدة مدلسة وكتاب حاقدين

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M