ولمحكمتكم الموقّرة واسع النّظر (ح1)

07 نوفمبر 2016 14:07
ولمحكمتكم الموقّرة واسع النّظر (ح1)

هوية بريس – زينب أحمد العيايطي

على إثر جلسة يوم الجمعة 04 نونبر 2016. والتي كانت بين الطرفين:

المُدَّعِي: مؤسسة الفطرة 2 الخصوصية بطنجة

المُدَّعى عليه: الدولة المغربية.

الدعوى: الدعوى الاستعجالية لإيقاف تنفيذ قرار إغلاق المؤسسة والصادر بتاريخ 19/10/2016 عن الأكاديمية الجهوية لجهة طنجة تطوان الحسيمة.

حضر محامي الطرفين على الساعة 10 صباحا، بينما حضرت قبل ذلك بأقل من ساعة، قافلة أكثر من 70 فردا من أولياء وآباء التلاميذ وكذا الأطر التربوية والإدارية للمؤسسة المذكورة أعلاه، حيث كانت انطلاقتهم من مدينة طنجة مباشرة بعض صلاة الصبح؛ مجموعة انطلقت من المسجد ومجموعة من أمام المدرسة والبعض من البيت..

كُلها تبتغي قصدا واحدا.. بعد انشراح الصدور بالتّوكّل على الغفور.. لتمتلئ السيارات بقلوبٍ أخذت قسطها من التّضرّع إلى ربّها قبل الأخذ بالأسباب..

ولعلَّ واجب الشُّكْرِ للنَّاسِ المقتضي شُكْر الله، كما أوصانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي: “مَنْ لمْ يشْكُر النَّاسَ لَمْ يشْكُر الله“. يتطلّب منا، الوقوف عند هذه المحطة البارزة في هذا الموقف الذي يستحقّ أن يؤرَّخ كملحمةٍ، ليتعلّم منها التلاميذ معاني الانتصار للحق بتلك الطريقة الموروثة عن آبائنا الملبّين لنداء المسيرة الخضراء..

يستطيع المرء أن يتأفّف من هذه المقارنة.. ويعتبرها مبالغة في الشكر.. لكن تفصيل العلاقة بين الحدثين فيما يأتي.. ويبقى للجميع واسع النظر..

ليلة الخميس، سهر الآباء والأولياء على ترتيب عدد الأشخاص الذين سيسافرون والسيارات اللازمة لنقلهم إلى الرباط.. رغم أن بعض الآباء بقي منتظرا لساعات متأخرة، ولسان حال بعضهم يقول: “مازال عندي مكان شاغر في السيارة”.. وآخر: “ما زلت أنتظر أمام المسجد.. هل من أحد سيلتحق؟”…

ويعجز اللسان عن التعبير.. وتخونك اللغة.. ففي ظرفية إحياء ذكرى المسيرة الخضراء، أبت علينا هذه المواقف إلّا أن نستشعر حرارة تلك المحطات حيث يُلوِّح الرجل والمرأة والطفل شُعْثٌ غُبْرٌ وهم ينادون على كثبان “قصر السوق” : الله أكبر.. الله أكبر..

– الذين ذهبوا لاستعادة الصحراء، حرَّكهم اليقين بأنّ هذا حق يجب استعادته بالمشترك بيننا وبين سالبيه.. القرآن الكريم..

– والذين ذهبوا لاستعادة حق فتح أبواب المدرسة، اعتبروا أنّ هذا حق أبنائهم والمنظومة التعليمية بالمغرب ويجب استعادته بالمشترك بينهم وبين مانعيه.. القانون المغربي..

وانطلقت مسيرة المغاربة.. وانطلقت مسيرة الفطرة..

– وظنّ الجمع أن الصحراء ليست قضية كل المغاربة، بل فقط الأقاليم الجنوبية.. لذلك تواكلوا على قلّة سكان قبائلها وضعفهم..

– وكذلك ظُنَّ بأن أولياء وآباء تلاميذ المدرسة.. هم من أهل التَّرف الذين يُشغِلهم ترفهم عن الانتصار لهذا الحق الهزيل (حق أبنائهم في اختيار مدرستهم..).

– وظنَّ سالبو الصحراء أن المغرب غارق في مشاكله الداخلية وأنّ محاولات الانقلاب الكثيرة، كفيلةٌ بأن تستأصل اللُّحمة بين أعضاء الوطن وتشتت جهود قائد الوطن..

– وكذلك ظُنَّ أنّ نَفَسَ هؤلاء الآباء منقطع بعد حين، وأنّ إغلاق منظومة “مسار” وتخويفات السَّنة البيضاء، كفيلةٌ بأن تُبَدِّد جهود هؤلاء وتصرفهم عن هذا التّعلُّق بالمؤسسة..

– وقد ظُنَّ أن المغاربة سيفضِّلون -من بين الخيارات- خيار التسلُّح وإراقة الدماء.. أو لربَّما يتولَّون عن الزحف ويولُّونه الدبر..

– وكذلك ظُنَّ أن هؤلاء سيختارون المدارس العمومية المخنوقة بالاكتظاظ غير المسبوق.. أو لربما يكفون أنفسهم جهد التشبث بالمدرسة، بالانتقال إلى مدرسة خصوصية أخرى..

– وكذلك ظَنّوا بأجدادنا.. لكن أتوهم بما لم يكن في حسبانهم..

– وكذلك ظُنَّ بهؤلاء الآباء والأولياء.. فما توانوا عن أن يكونوا صورة طبق الأصل عن مواقف آبائهم..

وعاد المغاربة بصحرائنا.. فرحين مهلّلين تعلوا وجوههم فرحة الاعتصام بكتاب الله.. الذي عصم دماءهم في ذلك اليوم الذي فتح له التاريخ أبوابه على مصراعيها ليدخل من أيّها شاء.. فدخل من باب العبقرية الفذّة..

وعاد آباء مدرسة الفطرة… بموعد مع مسيرة أخرى

شكر الله لهم السّعي وضاعف لهم الأجر ورفع مقامهم بين الخلق.. إذ هم بموقفهم النّبيل هذا، يعترضون سلسلة طويلة من العبث بمنظومة التعليم.. ويصنعون بالتحامهم، سدّا منيعا أمام خطر داهم ببقية المؤسسات ..

وقد أعتذر لكل من لن تُقنعه النقط المشتركة لهذه المقارنة.. ويظنّ أنّني أستميل العطف بهذا المقال وأنّ قلمي بدأ يكتسي طابع المحاباة.. لكن سأقول له.. يمكنك أن تقنع بما أنت فيه من غليان يُخفي وراءه هوانا.. لكنّني أستوعب جيدا جدا نوع التضحية التي يقدِّمُها هؤلاء بالأصالة عن أبنائهم والنيابة عن أبناء كل الوطن ومؤسساته العمومية والخصوصية..

ولن أبخس أحدا حقه لمناسبة أذواق المُتَذاكين!!

الآن.. ما الذي حدث في المحكمة؟

هذا هو مضمون الجزء الثاني من هذا المقال.. إن شاء الله تعالى

ولله الأمر من قبل ومن بعد..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M