ويحمان: حادث مبنى “سفارة الإمارات”.. الخطير والأخطر

19 أغسطس 2020 22:43

هوية بريس – د.أحمد ويحمان*

والعالم كله يتابع آخر فضيحة خيانية يقود ركبها حكام الإمارات على أعتاب تل أبيب.. وفي خضم الضجة التي وأصدائها في المنابر السياسية والحقوقية الشعبية في المغرب وخارجه بالمواقف التنديدية والساخطة، كانت الساحة المغربية، وكما هي طبيعتها الثابتة، من أسخن الساحات الشعبية في الأمة التي تفاعلت مع الحدث الاجرامي لحكام الإمارات عبر إصدار بيانات و مواقف قوية ..

غير أن الأمر لم يبق فقط في مستوى التعبير عن الموقف ضد السلوك الصهيوني لهؤولاء الحكام، بل ان الإشتباك انتقل للمستوى الميداني على التراب الوطني المغربي بين ممثلي الطيف الشعبي الوطني و أزلام شركة أمنية عاملة بالسفارة الإماراتية في مشهد يؤشر بالملموس على امور أخطر من خطورة الواقعة التطبيعية الخيانية موضوع السخط الطافح في الأمة هذا الاسبوع…

أ – الحادث و أسئلته

حل وفد ممثل لهيآت سياسية و نقابية و مدنية صباح أمس بمبنى سفارة الإمارات العربية المتحدة بالرباط لتسليم الدبلوماسية الإماراتية رسالة احتجاج و إدانة للخطوة التطبيعية التي أقدم عليها حكام الإمارات بارتمائهم، رسميا و بالمكشوف، في حضن الكيان الصهيوني؛ هذه الخطوة الغادرة التي هي بمثابة طعنة مسمومة في الظهر، بتعبير القيادة الفلسطينية وتأكيد كل فصائل الشعب الفلسطيني.

و قد شاءت الأقدار أن تنكشف مضامين الرسالة التي حملها ممثلو القوى الحية بالبلاد ، على أرض الواقع، و هم امام مبنى سفارة الإمارات . مضامين الرسالة تأكدت مجسدة بالملموس و أكدت على امر خطير جدا وجب أن يتيقظ له الجميع لأنه أمر جدي و مصيري و وجودي بالنسبة للمغرب و كل المغاربة، و ليس في الأمر أية مبالغة . الأمر مصيري خصوصا و ان هناك سوابق خطيرة تنبيء بأن سؤال الأمن و الاستقرار و الوحدة الوطنية و المجتمعية مطروح فعلا وبجدية.

فما هي مضامين رسالة الهيآت إلى حكام الإمارات؟ و كيف تأكدت تلك المضامين أمام مبنى السفارة ؟ و ما هو الأمر *الخطير جدا* الذي يستوجب اليقظة من الجميع ؟ و ما هي السوابق التي تؤكد خطورة ما حدث امام مبنى سفارة الإمارات بالرباط امس الثلاثاء 18 غشت 2020 ؟

ب- الإمارات ك”وكالة صهيونية” خطر على كل الأمة

لو اردنا تلخيص مضامين رسالة الهيآت السياسية و النقابية و المدنية إلى حكام الإمارات، اوردنا عنوان الرسالة الذي جاء فيه :

*الموضوع : احتجاج وإدانة اتفاق الغدر والخيانة بحق الشعب الفلسطيني ومقدسات الأمة.*

ذا كان المضمون العام لرسالة الهيآت المغربية التي حملها ممثلو هذه الهيآت ليبلغوها، عن طريق المسؤولين عن دبلوماسية الإمارات، و ” ببالغ الغضب والاستنكار وبأعلى درجات مشاعر الاستياء ” كما جاء في ديباجتها . أماجوهر الرسالة فتمحور حول لب الموضوع؛ أي حول معنى الخطوة الخيانية لحاكم الإمارات الذي جعل من دولة الإمارات، وضدا على إرادة شعب الإمارات، *وكيلا* للكيان الصهيوني و الصهيونية العالمية و مشاريعها بالوطن العربي والمنطقة، تتعهدها( المشاريع الصهيونية) و تتناولها( من المناولة) بشكل يتجاوز انتظارات الأصيل نفسه . و هذا ما أصبح معروفا للقاضي و الداني بعد انكشاف الأدوار القذرة لحاكم الإمارات في سلسلة من جرائم الإبادة الجماعية و جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية باليمن و سوريا و محاولاته الفتنوية المفضوحة بليبيا وتونس و المغرب و تسويقه لهذه المشاريع التخريبية المخططة من قبل الاستخبارات العسكرية الصهيونية، و من أعلى المستويات، كما سنومض في إضاءات بالفقرة الموالية ..

هذا، إذن، ما حذا بمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، بما تمثلانه من أحزاب سياسية ومركزيات نقابية ومنظمات حقوقية ومدنية، لإدانة وفضح ما أقدمت عليه الإمارات و إدراجه في دائرة الخيانة للأمتين العربية و الإسلامية والعمالة الرخيصة وتواطؤا مع أعدائهما في دور *الطابور الخامس* . و هذا ما جعل الائتلافين المغربيين. الممثلين للطيف السياسي و الاجتماعي و المدني يؤكدان على ما جاء من توصيف للخطوة الخيانية الإماراتية من طرف القيادة الفلسطينية وقادة كل الفصائل كطعنة مسمومة غادرة في خاصرة شعب فلسطين ومقدسات المسلمين . و هو ما جعل حكومة الإمارات تضع نفسها في صف أعداء الأمة العربية والإسلامية وكل أحرار العالم، ” ووجب لذلك فضحها وإدانتها والدعوة لمقاطعتها ونبذها.” بحسب نص الرسالة. .

تلك كانت مضامين الرسالة .. فكيف تجسدت بالملموس، على أرض الواقع، امام مبنى السفارة ؟ و ماهو الخطر الجدي و المصيري الذي نبهت إليه زيارة / حادث السفارة .

ج- G4S ومعهد ألفا الإسرائيلي بالمغرب وأخواتهما.. صافرة إنذار تحذيرا من خطر جدي

مع الموعد المحدد لممثلي الهيآت امام مبنى سفارة الإمارات بالرباط ( الساعة 12 صباح يو الثلاثاء 18 عشت 2020)، و عندما حل الوفد بعين المكان، فوجيء الجميع بتحرش رجال من ” الأمن الخاص” المكلفين بحراسة السفارة والعاملين ضمن الشركة المتصهينة المشهورة في العالم بقذارة أعمالها و بسجلها الأسود الحافل بالممارسات القمعية و الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بفلسطين المحتلة و سجون و معتقلات الكيان الصهيوني حيث يقبع آلاف المعتقلات و المعتقلين الفلسطينيين، نساء و أطفالنا و رجالا، أصحاء و مرضى و من مختلف الأعمار، و دون محاكمات بالنسبة لكثير منهم؛ *G4S* .

هذه “الشركة” ” الأمنية” الصهيونية المدانة من المنظمات الحقوقية العالمية هي، إذن، ما المكلفة بحراسة أمن سفارة الإمارات ! و بحسب ما يروج بقوة، فإن الإمارات أصبحت من أهم المساهمين في رأسمال “الشركة” ! و من المهم أن يعلم القاريء الكريم ان جهات كثيرة من شركات ومؤسسات، عبر العالم فسخت تعاقداتها مع هذه الشركة المشبوهة سيئة الذكر استجابة لدعوات المنظمات الإنسانية و حركات العقوبات و المقاطعة و سحب الاستثمارات BDS .

رجال هذه الشركة، خلافا للقانون و استهتارا بالسيادة المغربية و انسجاما مع طبيعة و أعراق الشركة البلطجية، ما ان اقترب مسؤولو الهيآت المغربية من مبنى السفارة حتى اندفعوا نحوهم، و دون أي اعتبار لقوات الأمن الوطني، فقاموا باستفزازات بحقهم و اطلقوا سيلا من السباب و التهديدات واقترب اثنان من الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع حد الاحتكاك ليسر في إذنه بقوله أنهم يعرفون المحتجين و انهم سيطحنونهم : *” احنا كنعرفوكم أو غادي نطحنوكوم …” !*

إن تصرف رجال “أمن “G4S مع مسؤولي الائتلافين المغربيين بالأمس ليعد، في نظرنا، من أخطر ما يمكن تسجيله في الاعتداء المباشر على السيادة الوطنية، ليس قياسا للحدث، و هو لا يعدم خطورة في ذاته، و إنما أساسا في معناه، لاسيما إذا تم ربطه بسوابق خطيرة مماثلة تسترت في يافطات الرياضة و إطارات “الدفاع الذاتي” و حراسة الشخصيات … الخ.. ولعل اكبر مثال صارخ في هذا الصدد هو ملف ما يسمى *”معهد ألفا الإسرائيلي بالمغرب”* الذي كان يشرف على تدريبات عسكرية في اكثر من منطقة بالبلاد بتأطير من ضباط و استخبارات و حاخامات جيش الحرب الصهيوني، وعلى رأسها، الحاخام و الضابط *يهودا أفيگسير* .

في هذا السياق يمكن إثارة عمل ما يسمى ” المافيا الإسرائيلية ” التي فتح ملفها أمام إحدى محاكم الدار البيضاء بناء على مذكرات بحث من البوليس الدولي ( الأنتربول)؛ هذه المافيا التي يتابع أعضاؤها بتهم عدة من بينها تزورير الهويات و جوازات السفر المغربية … الخ .

هل نذكر هنا بأحد فيديوهات مدير معهد ألفا الإسرائيلي بالمغرب حيث يحفز تلامذته بتقديم وعود و ضمانات بالالتحاق مباشرة، لمن يتوفق و يتخرج في فن قتال *”الݣراف ماغا”* للعمل بالإمارات، وبأجر يصل إلى سبعة ملايين بالشهر .

أما طبيعة العمل، بحسب التعيين الذي يتم فيه تعيين و حسب المهام المكلف بها المعين، زمانا و مكانا، فهي بطبيعة الحال لا يمكن ان تخرج عن الإطار الذي يحدده دليل التكوين، و هو ( الدليل) المعنون :

كيف تقتل بضمير مرتاح

هنا سندلي بشهادة كان كاتب السطور شاهد عيان فيها لأنه طرف فيها .. نحكي قصتها لأن لها معنى في سياق ناقوس الخطر الذي ما انفك يدقه المرصد المغربي لمناهضة التطبيع و مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين و كثير من الهيآت الاخرى العاملة في نفس المجال ..

خلال تحفظ المركز القضائي الدرك الملكي بنا،وقبل شهور، في الحجز الاحتياطي بمدينة أرفود، بناء على امر النيابة العامة، على إثر قيامنا برصد الاختراق الصهيوني بالمعرض الدولي للتمور، فوجئت في الليلة الثانية بمسؤولي المركز القضائي يوقظونني في ساعة متأخرة من الليل بقصد الإجابة على أسئلة في دعوى ثانية، تضاف للدعوى الأولى التي رفعها ضدي قائد منطقة عرب الصباح زيز .

أما الدعوى الجديدة التي استوجبت الإيقاظ من الزنزانة في ساعة متأخرة من الليل يوم عطلة!! فهي دعوى شركة تدعى Univers !! والتي تدعي علي يتسبب خسارة هائلة لمبيعاتها علي تعويضها ..

شركة Univers التي تسوق سلع شركة نيطافيم للسقي بالتنقيط و التجهيزات الفلاحية، التابعة لجيش الاحتلال الصهيوني هي شركة حيرتنا و حيرنا دخولها على خط الدعوى، و بكل ذلك الثقل الذي استعجل الأمر و فرض إيقاظنا ليلا يوم عطلة لنجيب على التهم المنسوبة إلينا .. لكن الحيرة ستزول، بعد خروجنا من السجن و اكتشافنا، بتحريات و توثيق المرصد، أن الشركة و رعايتها إماراتية!! و وثقنا تدشين فرع الشركة المتصهينة من طرف نائب سفير الإمارات بالرباط !!

خلاصة القول

ان ما جرى بالسفارة .. و ما جرى و يجري على طول التراب الوطني المغربي..و ما يجري وراء سفريات و علاقات مخفية بالخارج برعاية إماراتية، نيابة عن الكيان الصهيوني، يطرح عشرات الأسئلة حول طبيعة و حقيقة التواجد الإماراتي بالمغرب الذي لم يعد تواجدا دبلوماسيا كلاسيكيا، بل صار يتخذ، و بشكل مكشوف، حالة من البلطجة “الدبلوماسية” على التراب الوطني المغربي.. وهي البلطجة التي كانت عتبات السفارة بالرباط، امس الثلاثاء، ساحة نموذجية لها بأجساد مفتولة لأعوان الشركة الصهيو_أمنية G4S التي يبدو أنها باتت، و شقيقاتها من الشركات المشبوهة، و المغلفة بخدمات الأمن الخاص، تعتبر المغرب و كأنه جزء من أرض تم فرض الهيمنة عليه، على غرار ما يجري اليوم في جنوب اليمن حيث يتم رفع علم الإمارات و علم الكيان الصهيوني !

فهل ننتظر أن يتم رفع العلم نفس العلمين يوما في شوارع الرباط و المدن المغربية.. تحت حماية الميليشيات التي يتم تحضيرها، تنظيما و تدريبا و تأطيرا و توجيها بالتلمود و شبكات ” محبي إسرائيل في المغرب الكبير ” و راية جاك بيني ؟!؟

سؤال نطرحه مرة أخرى و نحيل لتلمس بعض الإجابات الأولية، إلى البحث في عدد شركات ‘الأمن الخاص”؟؟! و سياقات تأسيسها و اسمائها و القيمين عليها و ارتباطاتها .
——–
* باحث في علم الاجتماع والأنتربولوجيا

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M