‫‏من هو أبو النعيم الذي رفعت القناة الثانية دعوى قضائية ضده؟!

05 أغسطس 2016 15:49
‫‏من هو أبو النعيم الذي رفعت القناة الثانية دعوى قضائية ضده؟!

هوية بريس – متابعة*

أ- نسبه ومولده:

هو أبو عبد الرحمن عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو النعيم السلفي المغربي، تنتهي أصوله إلى قبائل الأمازيغ بدمنات قبيلة ايت أمغار، ولد بمدينة الدار البيضاء حيث ولد آباؤه وكثير من أجداده. وكانت ولادته سنة 1376هـ/1956م.

وهو الآن أستاذ لمادة التربية الإسلامية، بالثانوية التأهيلية بئر إنزران نيابة الفداء.

ب- شهاداته:

نال شهادة البكالوريا في الآداب العصرية عام 1975م وشهادة البكالوريا في التعليم الأصيل سنة 1983م.

تخرج من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في أول فوج للدراسات الإسلامية بالإجازة عام 1985م.

نال شهادة دبلوم الدراسات العليا في شعبة فقه السنة بجامعة محمد الخامس بالرباط سنة 1995م، بعنوان: “فقه السنة في الظاهر والتأويل”.

ولما أراد أن يسجل دكتوراه الدولة اعتذر له كل الأساتذة لأنهم كانوا مشغولين بأعداد كبيرة من البحوث والدراسات ثم حاول بعض الفضلاء من الدكاترة أن يسجلوا معه الدكتوراه التي كان موضوعها “السلفية في المغرب الأقصى الدكتور محمد تقي الدين الهلالي الحسيني نموذجا” فلم يجد سبيلا. وبعد سنتين تغير النظام إلى الدكتوراه الوطنية وتغيرت معه الشروط والأساليب والطرائق، وكان الشيخ قد جمع المادة العلمية لموضوعه، فارتأى أن يلقيها دروسا ومحاضرات حيثما حل وارتحل إلى أن يتيسر جمع ذلك في بضع مجلدات بتوفيق الله وتيسيره، فلا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع وهو الغفور الودود.

ج- شيوخه:

الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي: كما كان تأثر أبي النعيم بالشيخ الإمام الأكبر والشيخ الأعظم والعالم الأوحد والفقيه النحرير الدكتور محمد تقي الدين الهلالي الحسيني الذي كان يزور البيضاء بين الفينة والأخرى، وكان الشيخ يحضر دروسه أحيانا.

وبعد سنة 1979م استوطن الدكتور الهلالي مدينة الدار البيضاء، فلزمه أبو النعيم إلى أن توفي رحمه الله.

وكان الدكتور في أول الأمر يسكن حيا شعبيا “السباتة”، ويصلي بالناس غالبا في مسجد صغير قرب بيته يلقي فيه كلمة أحيانا قبل الصلاة وأحيانا بعد الصلاة، فكان الشيخ أبو النعيم مع العديد من الطلاب يأتونه في بيته فيعلمهم ويبين لهم علم التوحيد، وفقه السنة ويحرص عليهم أن يكونوا دعاة للحق وهداة للسنة إلى أن مرض في آخر عمره، فأصبح يدخلهم عليه إلى غرفة النوم ويقول لهم: “عقلي معي ولكن بدني غلبني، فأهل الحديث لا يخرفون”.

وكانت طريقة الشيخ فيها الاستطراد الكثير فيخرج من فائدة قرآنية أو حديثية إلى مواضع شتى، وغالبا ما كان يحكي تجاربه العديدة، فيما رآه من العجائب في البلدان والأقطار.

وكان منهج الشيخ تقي الدين في نشر التوحيد والسنة كما هو منهج تلميذه الزبير رحمهما الله أنهما يفسران القرآن الكريم بدءا بالفاتحة ويركزان على الآيات التي تدعوا إلى توحيد الرب عز وجل، وتحذر من الشرك وأهله بكل صوره وأشكاله، وقد يفصلان في بعض الآيات تفصيلا دقيقا في وجوب التمسك بالتوحيد والبراءة من الشرك وأهله، وسنبين حياة هذا الإمام العلم ومنهجه في الدعوة إلى التوحيد، وبكل تأكيد تأثر الشيخ أبو النعيم بهذه الطريقة، وكان لها الأثر البالغ في علمه ومنهجه في الدعوة إلى التوحيد ولزوم السنة والبراءة من الشرك وأهله ومن البدعة وذويها.

وقد قرأ أبو النعيم كتب الشيخ الهلالي في حياته، ثم أعاد قراءتها بعد ذلك. وجزى الله الشيخ مشهور سلمان على جهوده في تحقيق كتب الشيخ تقي الدين الهلالي، وقد قام بعمل عظيم جدا، أظهر فيه إمامة الدكتور الهلالي في التوحيد والسنة وعلوم الشريعة وفقه اللغة والآداب.. مما أدى به الواجب وأسقط المسؤولية عن تلامذته ومحبيه. فجزاه الله أعظم الجزاء وآتاه الخير العميم في الدنيا والآخرة.

الشيخ القاضي الزبير التفروتي رحمه الله: كان أبو النعيم يواظب على دروسه في المسجد، وقد كان أول شيخ تأثر به الشيخ أبو النعيم منذ صباه هو الشيخ الزبير رحمه الله، كان من قضاة العدل وأئمة الهدى، عرف بالزهد وكان ربانيا، هذا الإمام العلم كان جبل السنة ومنارة التوحيد في مدينة الدار البيضاء، وكان يلقي دروسه بالمسجد اليوسفي، وفي أخريات أيامه انتقل إلى المسجد المحمدي، وهما مسجدان كبيران، وكانا يومها أكبر ما في البيضاء من مساجد.

وكان إذا جاء العلماء دعاة السنة وأئمة السلفية من بلاد أخرى ألقوا دروسهم في هذين المسجدين، وفي غيرهما، وقد نفع الله بتلك الزيارات أجيالا من الناس وأخرج الله بها الناس من الظلمات إلى النور، وحرص الشيخ على لزوم هذه الدروس ومتابعتها لما كان فيها من نصرة السنة ورفع راية التوحيد.

الشيخ حسن النتيفي بن الشيخ عبد الرحمن النتيفي: قد حضر الشيخ أبو النعيم لدروس عديدة للشيخ حسن النتيفي الذي كان يلقي دروسه في المسجد المحمدي، وكان يهتم بمسائل الفقه على مذهب أهل الحديث والأثر، مع سلفيته الواضحة ولزومه للتوحيد والسنة، وكان عالما بفقه السنة بل كان يتفرع في مسائل الفقه تفريعا دقيقا. وكان أبوه الشيخ عبد الرحمن النتيفي أعلم منه وأكبر قدرا، وهو إمام السلفية في مدينة الدار البيضاء بلا منازع، رحمة الله عليهم جميعا.

الشيخ الكنوني المذكوري: وحضر الشيخ أبو النعيم مرات قلائل لحلقات الشيخ الكنوني المذكوري، الذي كان من فقهاء القرويين، ووفقه الله للزوم السنة كما يشهد على ذلك كتابه “الفتاوى” الذي قدم له الشيخ عبد الله كنون. وقد رثاه الدكتور تقي الدين الهلالي في أبيات، وهو أسن منه رحمة الله عليهم جميعا.

وقد تشرف الشيخ أبو النعيم غاية الشرف بقضاء أمسية طيبة مع فضيلته – عبد الله كنون ــ بمنى عام 1398هـ، ولم يكن الشيخ يومها محرما، لأنه كان مدعوا إلى مؤتمر لرابطة العالم الإسلامي، وربما حبسه عن الحج عذر من الأعذار.

الشيخ حسن المراكشي: ومن أقدم من لقي الشيخ أبو النعيم هو الشيخ المجاهد الأمّار بالمعروف النّهاء عن المنكر “الشيخ حسن المراكشي” الذي كان يقطن بنفس الحي الذي يقطن به الشيخ أبو النعيم “درب الكبير”، وكان في إقامة جبرية ممنوعا من صلاة الجماعة والجمع، بسبب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وقوله كلمة الحق، في زمن غير الناس فيه تغييرا، وبدلوا تبديلا. وكان إذا خرج للاستراحة هنيهة بين العصر والمغرب يصافحه الشيخ أبو النعيم ويسأله فيجيب ويطيل في الجواب، وكان حسن المطلع جميل الوجه طيب الرائحة رحمه الله تعالى ورضي عنه. وسألت عنه بعد ذلك بعض المحبين من أهل التوحيد ممن كانوا أسنّ مني، فأخبروني أنه كان ينتقد القبورية والشرك والدجل والخرافة، وفرحت بذلك فرحا شديدا.

كما تأثر الشيخ بالعديد من العلماء المباركين كالشيخ الصمدي الفقيه النحرير، والمربي الحليم، والعالم الموسوعي. والشيخ بوخبزة، وهو عالم جليل القدر، رفيع المقام. والدكتور القاضي برهون الذي لازمه أكثر من أربعين سنة، وتعلم منه وتخرج عليه، وهو أعظم شيخ عنده بعد الدكتور الهلالي، وهو يحبه حبا شديدا، لأنه كان صاحب هدي وسمت ووقار، ويحسبه الشيخ ممن يخاف الله رب العالمين، كما تعلم منه أمورا كثيرة في العقيدة والتوحيد والفقه وغير ذلك. والشيخ أبي عبيدة مولاي أحمد المحرزي وهو خزانة علمية متحركة. والشيخ الفاضل محمد الجردي، العالم السلفي، والفقيه الكبير. والشيخ المغراوي وهو ممن نافح في خدمة القرآن والسنة بجهد عظيم وعمل كبير. وأجازه الشيخ محمد زحل في صحيح البخاري، وكان خطيبا مفوها، وكان بارعا في علوم اللغة بكل شعبها.

والشيخ حسن وجاج أحد أعلام السنة في مدينة مراكش. والشيخ إدريس الجاي رحمه الله، وكان صاحب سنة، وكان يخطب ويعظ في مسجد ربيعة المريني، وقد افتتح هذا المسجد وزير الأوقاف يومها الشيخ المكي الناصري رحمه الله، وقد جلس تحت منبره، كما أنه تتبع -أي أبو النعيم- ختمته للقرآن الكريم في الإذاعة مرتين، واستفاد منها كثيرا، وفيها هنات يسيرة، وطبعت في ستة مجلدات تخالف المذاع خلافا يسيرا.

وقد ختم أبو النعيم ختمة التجويد عند الشيخ بن المحجوب في المسجد اليوسفي، وكانت كل سبت بعد العصر خلال عام ونصف، وقد كان أحد المقرئين يأتي من مكناس قبل بن المحجوب، وكان يأتي قبلهم جميعا الشيخ الشريف من مكناس، الذي كان يلقي دروسا في التجويد في مدن عديدة، وكان ينزل في فاس عند الشيخ المكي بن كيران -وهو الذي كان يقوم به ماديا على دروس التجويد في مدن عديدة-، وكان رحمه الله -أي المكي بن كيران- يقضي أربعة أشهر من رمضان إلى الحج كل عام حتى جمع القراءات، وأصبح من كبار القراء في المغرب الأقصى، وقد زاره أبو النعيم مرارا، ولم يتسن له أن يقرأ عليه. وقد قرأ عليه بعض الناس ممن كان مع أبي النعيم، ممّن كانوا أتقن للقراءات.

كما أنه قرأ على صديق بن محجوب الشيخ الصديق في بيته، وكلاهما من أئمة هذا الشأن في هذه المدينة المباركة، بارك الله فيهما، وقد شاخا، فجزاهما الله عن القرآن خير الجزاء.

وقد لقي أبو النعيم سنة 1400هـ عبد الباري الزمزمي، الذي خطب يومها خطبة قال فيها: أن الخميني مجدد القرن، وقد كان اللقاء في بيت أخينا أبي الهلال حفظه الله -وهو من الإخوة الذين كانوا ينافحون عن السنة، وكان كثير الخدمة لشيخنا الدكتور الهلالي-، واشتد الحوار وتحول إلى جدل، وكان أبو النعيم وصف الخميني بأنه رأس الضلال والفتنة، ولم يلتقيا بعد ذلك. وقد لقي أباه محمد الزمزمي، وهو خير من ابنه كثيرا، وكان صلته بالدكتور الهلالي طيبة، وكان رجل سنة حربا على الطرقية، لولا هنات وخلط عنده في باب المعية والاستواء، وهو بالجملة من العلماء الأخيار، وابنه صهيب الزمزمي الذي يكنى بأبي نعيم هو أفضلهم جميعا، بل هو أفضل آل الصديق، فانفرد عنهم في مدح معاوية رضي الله عنه، وبتحريم الدفن في المساجد، وغيرها من أمور السنة.

وقد استفاد من هؤلاء وغيرهم استفادات عظيمة، وساءلهم سؤال تلميذ لمشايخ عظماء، في أمور دقيقة، ودعوا له جميعا بالخير، فجزاهم الله عن التوحيد والسنة خير الجزاء، وإن حصل بعض الخلاف في أمور مع بعضهم، فهو يقول بقول أحدهم ولم يخرج عليهم في شيء البتة.

وبالنسبة للزيارات التي قام بها بعض علماء المشرق للمغرب، كان من أنفعها زيارات الشيخ أبي بكر الجزائري، وكان دروسه في العديد من مساجد الدار البيضاء، وقد كان أبو النعيم يواظب على دروسه كلها، وكانت جلها حول اجتناب الشرك والتزام التوحيد.

وقد زار أبو بكر الجزائري مدنا مغربية عديدة، فنفع الله به نفعا عظيما في باب التوحيد واجتناب الشرك. وقد جالسه أبو النعيم في لقاءات منفردة، عند الأخ مصطفى الودغيري بارك الله فيه.

الشيخ عبد العزيز بن باز: قد التقى به الشيخ أبو النعيم سنة 1979م في المسجد النبوي وفي الحرم المكي. كما أن الشيخ أبا النعيم زار أثناء الحج والعمرة الشيخ عبد العزيز بن باز سنة 1997م في رمضان، فكان يفطر عنده كل يوم خلال عشرين يوما، وكان مجلسا علميا طيبا رأى فيه الشيخ أبو النعيم إماما كبيرا من أئمة السلف. وحضر في تلك السنة نفسها دروس الشيخ ابن العثيمين ساعة بعد صلاة الصبح ويزيد وساعة بعد التراويح ويزيد مع أسئلته خلال انصرافه-أي الشيخ ابن العثيمين – من الدرس وسط جمع من الطلاب ويجيب على أسئلة متنوعة بذكاء فائق، وهو إمام بحق.

كما حضر دروسا عديدة لعالم المدينة الشيخ عبد المحسن العباد بارك الله في عمره، وهو خاتمة السلف.

ولقي أثناء الحج والعمرة العديد من العلماء في مكة والمدينة، فحضر ختمة الموطأ من رواية يحيى بن يحيى الليثي من أولها إلى آخرها عند الشيخ العصيمي وكذلك سنن ابن ماجة من أوله إلى آخره وشيئا من سنن النسائي، بل لا يعرف في رحلاته إلا حضور مجالس العلم، ولولا الاختصار لذكرنا العديد منهم.

وحضر أبو النعيم كذلك مرات عديدة لدروس الشيخ عبد الكريم الخضير في مكة والمدينة، وكذلك الشيخ محمد بن المختار الشنقيطي، والشيخ علي آدم الإثيوبي، بل حضر دروس الجيل السابق كالشيخ شيبة الحمد، والشيخان فلاتة، والشيخ العبودي، وكذلك الشيخ اللحيدان، والشيخ صالح بن حميد، وغيرهم كثير، جزاهم الله عن السنة والتوحيد خيرا كثيرا.

وزار الشيخ ربيع المدخلي في بيته سنة 1997م، فقال له الشيخ ربيع: أقرأت ما كتبته عن سيد قطب؟ فقال له أبو النعيم: قرأت الكتب الستة التي كتبتها في سيد، وكذلك ردّك على الشيخ بكر أبو زيد. فقال له الشيخ ربيع: ما ترى في ذلك؟ فقال له أبو النعيم: لقد أصبت في بيان انحراف سيد قطب وضلالات الإخوان، لولا شدة في المعين، فقال له: إن وافقت في أنه انحراف فقد اتفقنا. وأخذه معه إلى زيارة الشيخ حماد الأنصاري في المستشفى، وهو العادم الجليل والإمام الكبير، وكان صديقا حميما لشيخنا الدكتور الهلالي، ووجدناه في غيبوبة وقبل الشيخ أبو النعيم رأس الشيخ حماد، ومات بعد أيام قليلة، رحمه الله رحمة واسعة.

الشيخ الألباني: جاء الشيخ الألباني رحمه الله سنة 1976م وألقى درسه في المسجد المحمدي، وقد حضرت جموع غفيرة من المشايخ والطلاب والمحبين، وكانت هذه أول مرة يرى فيها الشيخ أبو النعيم هذا العلم العظيم والإمام الكبير الذي هو أسد السنة في هذا الزمان.

وقد زاره الشيخ أبو النعيم سنة 1977م في دمشق أثناء رحلة الحج التي كانت بالسيارة. وقد ذهب الشيخ أبو النعيم، بعد ذلك، مطلع 1979م إلى الشام في دمشق، وجلس مع الشيخ الألباني أربعة أيام متتاليات من بعد صلاة الظهر إلى صلاة المغرب جلسات علمية انفرادية كشف له فيها الشيخ الألباني الغوامض وحل له المشكلات وأوضح له الدقائق، فكانت هذه الأيام الأربعة لا توزن عند الشيخ أبي النعيم بزمن، فرحم الله الشيخ الألباني ورضي عنه ورفع درجاته في الجنة. ومن يومها اتضح له المنهج السلفي، وقواعد أهل الأثر، ومعنى البدع وأسباب انحراف الجماعات، والتخلص من الطرائق الحزبية.

الشيخ أبو إسحاق الحويني: ففي زيارة الشيخ أبي النعيم لمصر عام 2013م، زار الشيخ أبا إسحاق الحويني وكان على موعد مسبق، وهو الشيخ الناقد المحقق وحيد عصره وفريد زمانه.

وقد لقي الشيخ في مصر العديد من علماء السنة ورحبوا به غاية الترحيب لمّا علموا أنه من ضيوف الشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله، ومنهم الشيخ عوض الله، ومازن السرساوي، ووحيد بالي، وغيرهم.

أما الشيخ العدوي فقد لقيه الشيخ أبو النعيم مرات أيام الاعتكاف، ونعم العالم ونعم الفقيه هو نسأل الله أن يرفع درجته في الدنيا والآخرة.

كما لقي الشيخ العديد من السلفيين الذين ينتسبون إلى حزب النور، ووقع له معهم نقاش شديد، ووجد عندهم رحابة صدر، واتساع أفق، فلم يغضبوا لشدة انتقاداته، ورفض جميع برنامجهم، بل أكرموه وأحسنوا إليه، وهذا للأمانة والتاريخ.

كما لقي في المدينة زعيمهم ياسر برهامي، فقال له: إن طريقتكم في انتهاج الآلية والإجرائية، هو ما فعله المتكلمون مع الفلسفة، والصوفية مع الغنُّوصية، فضلوا سواء السبيل. وقد حضر بعض الطلاب المغاربة في المدينة النبوية لهذا الحوار. ولما نقل الشيخ أبو النعيم ما جرى بينه وبين ياسر برهامي لبعض المشايخ، قالوا: والله لقد قلت له الحق.

ولقي أبو النعيم الشيخ الفاضل مجدي عرفات، وهو من العلماء المصريين الفضلاء الأخيار، ودار بينهما كلام حول الإخوان المسلمين وحزب النور والديموقراطية والآلية، وانتقد مجدي عرفات هؤلاء انتقادا كبيرا، وأثناء توديعه تعانقا، فقال أبو النعيم لمجدي: كلنا حرب على هذه البدع والضلالات والفتن والأهواء.

وقد التقى بالشيخ الحازمي، ودار بينهما حوار ونقاش، وكل يعمل على شاكلته.

وقد زار الشيخ العديد من علماء المغرب على اختلاف مذاهبهم الفقهية أو اتجاهاتهم الفكرية، من علماء القرويين وغيرهم كعبد الله بن الصديق الغماري وإخوته بطنجة، والحسن العبدي بالدار البيضاء، وفضول الهواري بفاس، كما التقى بعدد من الدعاة المعاصرين من أساتذة الجامعة، وقد ناقش العديد منهم وحاور الكثيرين من زاوية سلفية صريحة، مما يأتي بيانه في محله.

وقد عاش نشأة الدعوة الإسلامية، ويسّر الله له على صغر سنِّه أن يكون قريبا من أصحاب القرار، وهو ما سهّل له لقاء العديدين، كما تيسرت له أسفار في الحج والعمرة فلقي دعاة كبارا بمواعيد مسبقة، مثل الأستاذ محمد قطب، والشيخ محمد الغزالي، والأستاذ محمد سرور زين العابدين، وللأمانة فقد تكلم محمد سرور في مجالس عدة في الدار البيضاء وغيرها من المدن، وبين حقيقة الخميني ودعوته الباطلة، وذكر تاريخ الروافض مفصلا، كما أنه أعلن موقفه من البنا ودعوته منتقدا ذلك انتقادا شديدا، وقد حضر أبو النعيم لهذه المجالس كلها، ووقع بينه وبين محمد سرور نقاش حاد في قضايا تتعلق بالسنة والسلفية، حتى غضب محمد سرور من ذلك، ولا تربط أبا النعيم به ولا بغيره أية علاقة على الإطلاق، لا على المستوى الشخصي، ولا على أساليب المنهج الدعوي، لأن أبا النعيم على طريقة الدكتور تقي الدين الهلالي، التي يسمونها بالسلفية النجدية. وجالس الشيخ الصّوّاف وغيرهم، فناقشهم وحاورهم من وجهة نظر سلفية مما سيأتي بيانه في إبانه. لأن الكثير ممن كتب عن هذه الحقبة يخبط خبط عشواء، وقد وقع الخلاف معهم، لكن نقول فيهم كلمة الحق، ولقد كان لقاء الشيخ الألباني فتحا كبيرا على الشيخ أبي النعيم، وقطع كل صلته، وامتنع على محاوراته ومجادلاته، ليشتغل بالتوحيد والسنة، وتعلمهما وتعليمهما، كما أرشده إلى ذلك أسد السنة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.

وللشيخ أبي النعيم صولات وجولات مع الصوفية والطرقيين، ووقف على بعض أمورهم العملية المخالفة للسنة، وناقشهم في مسائل دقيقة عديدة، وكانوا يعتبرونه وهابيا متطرفا، ولم يلتفت إلى شيء من ذلك، وظل يدرس العديد من برامجهم ومبادئهم. وقد كانت له مع عبد السلام ياسين نقاشات مطولة حول السلفية والتصوف مرات عديدة، مما سيفصّل في إبانه بحول الله وقوته عن الحركيين والحزبيين والمتمذهبين والمتصوفة، الذين يُخالفهم مخالفات جوهرية، وهم يعلمون ذلك علم اليقين.

وأثناء محاوراته الواسعة، وجدله الشديد مع هذه الأصناف جميعها، كان الطرقيون والقبوريون يصفونه بالوهابي المتطرف، وكان المتمذهبون يصفونه بالظاهري الحرفي الحشوي، وكان الحركيون والحزبيون يصفونه بأنه لا يفقه الواقع وأنه بترودولار وأنه عميل، وكان الحداثيون والعلمانيون يصفونه بالظلامي والإرهابي والدموي، كما يصفه جهلة المرجئة بأنه تكفيري.

وكل هذا من الالتواء والمراوغة لعجزهم عن مجابهة الحجة بالحجة، أو الرد عن الدليل بالدليل، وهو لا يبالي بشيء من ذلك.

{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:61].

{وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّار} [غافر:41].

{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف:88].

{قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ ۗ وَرَبُّنَا الرَّحْمَٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} [الأنبياء:111].

ج- منهجه:

ليس للشيخ منهج يخصه أو قول ينفرد به وإنما يسلك مسلك من سبقه من أشياخه السلفيين وأساتذته أصحاب الحديث المباركين.

فمنهج القوم رحم الله أمواتهم وبارك في أحيائهم هو التمسك بالكتاب الكريم والسنة الصحيحة بفهم سلف الأمة، فهما دقيقا لا عوج فيه ولا امتراء، فهذه هي طريقة أشياخه الفضلاء وأساتذته المباركين، لزمها الشيخ حذو القذة بالقذة، ولم يغير ولم يبدل، وهو يعتبر هذه السلسلة المباركة من العلماء الأفذاذ وشيوخهم وشيوخ شيوخهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم هي سلسلة الذهب وحبل الحق، وأننا لا نحتاج إلى من يزيد في منهج دعوتنا أو ينقص، لأن طريقة السلف الصالح هي الحق المبين الذي بعث الله به سيد الأولين والآخرين. وهي محجة بيضاء، وسبيل مستنير، لا يزيغ عنها إلا هالك.

ففي مسائل الاعتقاد والإيمان يقول القوم رضوان الله عليهم بقول أهل الحديث والأثر ويبرؤون إلى الله من الكلام وأهله ويسلكون مسلك الأئمة الهداة وأعلام الملة من السابقين الأولين.

وأن إفراد الله بالعبادة هو التوحيد الخالص وأن الشرك بالله وإن كان مثقال ذرة يبطل عمل العبد ويخرجه من ملة التوحيد. فالاعتقاد في المخلوق اعتقادا لا يليق إلا بالله هو شرك في الربوبية والصفات، وصرف العبادة لغير الله التي لا تصلح إلا لله هو شرك في الالوهية والعبادة، وصاحبها مخلد في النار مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، على تفصيلات في ذلك بين النوع والمعين وأسباب العذر وإقامة الحجة وما إلى ذلك.

وأئمة السلف لا يضرهم وصف الناس لهم كذبا بالوهابية والأصولية، أو أنهم خارجون عن جماعة المسلمين، فهم يصيحون بأعلى أصواتهم يا معشر القبوريين وعباد الأضرحة والسحرة والعرافين ويا من يشرك مع الله بغير علم، بيننا وبينكم كتاب الله، فلا داعي للالتواء والتلاعب وفتنة الخلق والصد عن سبيل الله.

إن كتاب الله فيه الحق المبين والحجة الساطعة والبرهان القطعي، أما أقوال الرجال إذا كانت عارية عن الدليل فهي تحريف وتبديل وزيغ وضلال عياذا بالله، وطوبى لمن سلك مسلك الرسول صلى الله عليه وسلم ونهج منهجه واقتفى أثره. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا من أبى» قالُوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» “صحيح البخاري” كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم رقم 7280.

وبهذا المنهج الواضح والبيان الساطع يسلك أصحاب الحديث في الفقه والتزكية، والسياسة الشرعية، فلا يقدمون أقوال الرجال على الوحي المنزل ولا يعبؤون برجل يجادل في الدين بغير حق ولا بمن هو أجدل منه، ويعرفون الرجال بالحق لا الحق بالرجال، فكل فقه لا يستند إلى الدليل لا يعول عليه، وكل سلوك لا تسقى جذوره من المنبع الأصيل فيضرب به عرض الحائط وإن زخرفه الرجال وتظاهروا بالزهد والورع، بل ولو طاروا في الهواء وساروا على الماء، إنما العبرة بالدليل والنص والوحي.

أما في باب السياسة الشرعية فالشيخ أبو النعيم لا ينتمي إلى حزب من الأحزاب السياسية سواء كانت علمانية أو وطنية أو ذات مرجعية إسلامية كما يزعمون، ولا إلى نقابة من النقابات ولا إلى طريقة من الطرق الصوفية ولا إلى جماعة من الجماعات الإسلامية سواء كانت ذات عمق إخواني أو بعد صوفي، فلا يوجد له أي انتماء على الإطلاق إلا للسنة النبوية، ولا علاقة له بأي جهة داخل المغرب ولا خارجه، ولا تربطه لا بالسلطة ولا بغيرها أي روابط البتة، إنما همّ الرجل العلم الشرعي والدعوة إلى الله وإحياء ما اندثر مما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام، وقول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي قد يكون واجبا عينيا تارة وكفائيا أخرى، من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.

ويرفض الشيخ أبو النعيم تبعا لمشايخه وأساتذته ومن سبقهم من أئمة الهدى ومصابيح الدجى كل الأساليب المبتدعة في الدعوة إلى الله من المظاهرات التي هي فتنة عمياء والاضرابات وأعمال الشغب ونشر الفتن وإهدار الممتلكات بغير الحق وأن النار لا تنطفئ بالنار وأن الفتنة لا تعالج بالفتنة، وأن هذه الأمور فيها تشبه بالكفار وفيها فساد في الأرض وفيها ضياع للحقوق. وأن هؤلاء المتظاهرين، وأهل الشغب، لا يحل شرعا قتلهم ولا ضربهم ولا الاعتداء عليهم ولا القاء ما يؤدي بهم إلى المرض فضلا عن إبادتهم وإهلاكهم وزجهم في السجون المظلمة السنوات الطوال بطرائق مخيفة وأساليب مفجعة. فالقاضي إذا حكم على السارق بأن تقطع يداه فقد ظلم واعتدى، والزاني لو جلد بألف جلدة أو المحصن لو أحرق بالنار فهذا ظلم شنيع وباطل فظيع ومخالفة لمراد الله، ولا يقبل قول القاضي فيه أنه مجرم من حيث الأصل، فالعقوبة تكون بالقدر الشرعي ومن زاد أو استزاد فقد أربى، فالحرام حرام والظلم ظلم من أي جهة صدر، وهدى الله أهل الحق من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين، فالإسلام دين العدل، وبالعدل قامت السماوات والأرض.

وستقف هذه الأطراف كلها بين يدي الله فتحاسب على الظلم الوخيم، سواء أصحاب الفتن الذين أشاعوا في الأرض فسادا عريضا، أو الذين قابلوهم بالأذى الشديد والقتل المريع، فالله جل وعلا أحكم الحاكمين، وقد هدى أوليائه الصالحين إلى الصراط المستقيم. والحق أحق أن يُتّبع.

والشيخ يتبع أسلافه الهداة المهتدين الذين لا يرون السيف على أئمة الجور وحكام الفسق وقضاة الظلم، إنما يرون النصح والتقويم والبلاغ والبيان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أنهم يَعُدّون أن مداخلة أئمة الجور والظلم والتبرير لهم والتأصيل المحرف لأباطيلهم ومخالفاتهم الشرعية من النفاق.

فقد كان أئمة السلف بقدر ما يرفضون بلاء السيف على أئمة الجور يرفضون التذلل القبيح والخضوع الساقط لأهل الجور والظلم، فكلا الطرفين مذموم، وإنهم إذ يرون السكينة السكينة إطفاء لنيران الفتن، كذلك يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إحقاقا للحق وإبطالا للباطل، فعن عُبادة بن الوليد بن عُبادة، عن أبيه، عن جدّه، قال: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ» “صحيح مسلم” كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، رقم 1709.

ويرى أئمة الحديث أن الديمقراطية وكل ما شابهها من العلمانية والحداثة والليبرالية كفر، لأنها عقيدة اليونان المشاقة لشريعة الرحمن، وهي أهواء الرجال التي تصد عن طريق التوحيد والإيمان، وأن الانتخابات تناقض شنيع يقدم فيه الأشرار ويمنع الأخيار، وأنها أساليب تخالف طريقة إمام المرسلين وسيد الأولين والآخرين، وقد أكدت البحوث والتجارب العالمية بطلان هذه الطريق بما ذكره كبارهم، فما بال صغارنا يسبحون في المستنقعات الآسنة.

ويسعى أهل الحق إلى إقامة شريعة الرحمن والتحاكم إلى القرآن، وأن يُعمل في جميع مناحي الحياة بما عمل به النبي صلى الله عليه وسلم، ووسائلهم العلم والحكمة واللسان والقلم بالحجة والبيان، والقيام بالمعرض تلو المعرض، والندوات والمؤتمرات الشرعية، ونشر المطويات، وإنشاء الصحافة الإسلامية المسؤولة، والقنوات الهادفة، بعيدا عن إعلام المسيح الدجال، وأن تؤدي المساجد دورها التعليمي الجاد من غير تسلط أهل الدنيا والترف، ومرضى القلوب ممن لا هم لهم إلا الدنيا، ولا رغبة لهم إلا إرضاء أهل الفساد.

فالمطلوب استعمال جميع الوسائل المشروعة والطرائق المعتبرة حتى تحكم شريعة الرحمن، لأن هذا الأمر دين فوجب العمل به وخدمته والتمسك به، قال الله عز وجل: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} [النور:39]، وقال: {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج:15]، وقال أيضا: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:126]، وقال كذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:8]، وقال: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر:95]، وقال أيضا: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ۖ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة:136].

أمّا فيما يتعلق بموضوع التكفير فالشيخ لا يكفر أحدا من المسلمين، لأن هذا القول باطل، فإما أن يكون الشخص كافرا وإما أن تحور على من كفره، ومن شهد أن لا إله إلا الله صدقا وشهد أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله يقينا، والتزم الشروط واجتنب النواقض فهو مسلم مهما أتى من المخالفات أو المعاصي ما لم يستحل ذلك .

فالذي نراه في الأمة أنها أمة مسلمة رغم عجرها وبجرها، لأنهم يحبون الله ورسوله ويُعظمون كتابه، وهي أمة تنتسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذه البطاقة الشريفة -وهي بطاقة التوحيد- تنفع الكثيرين ابتداء وإن كانت جرائمهم مثل مد البصر، وتنجي جميع المسلمين يوما من الدهر فلا يبقى في النار مسلم أبدا، وإن كانت هي أخف من نار المشركين.

لكن من شتم النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه بأقبح الأوصاف فقد نقض التوحيد، ومن سخر بالقرآن أو استهزأ بالشريعة الغراء وأراد أن يعارض أحكام الرب، فهؤلاء وأمثالهم كفار مرتدون عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين في الدنيا والآخرة. فهذا الصّنف الكفر فيهم بيِّن، فمن شهد بإسلامهم كمن حكم على المسلمين البيِّن إسلامهم بالكفر سواء بسواء، وهذا أمر بدهي لا ينكره إلا من أعمى الله بصيرته أو قلب أشرب النفاق حتى الثمالة. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولقد تتبع أبو النعيم العلمانية والحداثة والليبرالية منذ أزيد من أربعين سنة، وهو يعرف اليسار المغربي، وهو يعرف تاريخهم الدموي، والردة والكفر في مؤلفاتهم وأدبياتهم وملتقياتهم، كما يعرف الخيانات التي عاشوها ضد أمتهم ودينهم وبلدهم، ويعرف الغدر الشنيع الذي قاموا به فيما بينهم، فغدروا بعضهم بعضا. كما له إلمام واسع بأكلهم أموال الأمة والتلاعب بمصادرها لما دخلوا الحكومة، بل هم لوبي داخل جميع الوزارات يعبثون فيها عبثا شديدا، وله على ذلك الأدلة والحجة والبراهين، وقد ذكر اشياء من ذلك في دروسه وسيزيد الأمر بيانا، أما الجانب الأخلاقي، والإباحية الساقطة والدياثة البشعة فحدث ولا حرج. وسيذكر من ذلك ما تقتضيه المصلحة الشرعية خدمة للحق وإبطالا للباطل وكشفا لأهل الإجرام وصيانة للأمة.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88].

{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} ﴿ [الأعراف:88].

{قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ ۗ وَرَبُّنَا الرَّحْمَٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} [الأنبياء:111].

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المصدر: الصفحة الرسمية للشيخ أبي النعيم في “فيسبوك”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M