الألباني..

11 أغسطس 2015 22:59
فيديو.. كلمة نادرة للشيخ الألباني عن حقيقة الماسونية

الألباني رحمه الله

نجاة حمص

هوية بريس – الثلاثاء 11 غشت 2015

أثناء دراستي الثانوية، كنت محط الأنظار بحكم تبرجي “الأوفر”، لذلك حاولت بعض المحجبات إسداء النصيحة، وانتشالي من براثن الجاهلية إلى نور الهداية “زعما”، لكنها كانت فظة وغليظة القلب، ناقصها شارب لتجسد عشماوي في أبشع صوره، ناهيك عن تغيبها عن الحصص واستهتارها بالدراسة، وبذلها المستحيل من أجل أن “تعكبل” أستاذا في شباكها، بالتالي كانت كلماتها لا تستقر ولا تقر في قلبي ولا في عقلي، بل تمر مرور اللئام…

“أخت” أخرى، حاولت إسداء النصح، بإهدائي محاضرات شيوخ تم تسجيلها من قنوات دينية وبيعها للناس الذين لا يتوفرون على “ساتلايت”، وهي محاضرات كنت أنفر منها لأني كنت لا أتقبل النصيحة ممن دفع له، ليظهر على القنوات من أجل تحريك القلوب، فيقضي جل الوقت في تعديل “الغثرة” والشماخ، وعصر الأعين مفتعلا التأثر..

وفي طريقي للبيت ذات يوم، إذا بسائق دراجة هوائية يقترب مني ورأسه في الأرض، ورعا وتعففا، ليمد لي “س ديه”، ثم يركب دراجته ليختفي في لمح البصر قبل أن أتحقق من وجهه حتى، كان “السيديه” يحتوي على فيديوهات لجماعة ما، يظهر فيها رجل مسن وسط أناس يحيطونه بالتبجيل والتقدير وحتى “التقديس”، بتقبيل يديه، محاولة لمسه وإطراق الرؤوس وهو يلقي خطب، حاولت ربط مقدمتها بعرضها وبخاتمتها فلم انجح، أجهدت خلاياي الرمادية من اجل فهم كلامه، فلم استطع، يحيط به، رجال ونساء، وهو وسطهم يلقي طلاسيمه، فيجهش الكل بالبكاء، يحاول إسكاتهم وعيناه تذرفان ” والله راكم مظلومين” وهم يوافقونه بهز رؤوسهم، ثم تبدأ حصة المنامات.. أنظر إلى النافذة قربي، أرمي نفسي يعني؟ المشكل لن أموت، لأننا في الطابق الأول، كل ما هناك إني ساجد نفسي في الخارج، “فضيحة” على الفاضي..

حصة تغيب فيها أحد الأساتذة، لأجد نفسي مضطرة لقضائها أمام باب الثانوية، وهناك تقترب مني إحدى فتيات “اللي بالي بالك”، لم ألق لها بالا، فشرعت تشتكي من الجو، وتسألني عن رأيي في حالة الطقس، نظرت إليها باستخفاف: “من الأخير ختي.. باغية شي حاجة”، ذهلت لوهلة قبل أن تتكلف ابتسامة صفراء مقيتة، وهي تشير إلى مجموعة فتيات وفتيان وتدعوني لموافاتهم، نظرت إليهم مليا، فرفع بعضهم يده في حماس مشيرا إلي، “إلى الهدى ائتنا”، سألتها عما جعل طائرها يقع علي، فقالت بان مظهري يدل على أني متفتحة، مثلها ومثل شلتها، وبأنها أشفقت علي وهي تراني وحيدة بلا أنيس ولا جليس، ولا صديق أو خليل، ابتسمت في خبث “يعني خفتي علي من الطوفان وانتم راكبين مثنى مثنى في سفينة النجاة؟”، ضحكت وهي تتعجب من خفة دمي، “من ناحية خفيف فهو خفيف ..لكن هل تعلمين أني لا أصافح الأولاد ولا اختلط معهم؟” لو أشفقت علي وخايفة علي، تعالي مع صديقاتك ونجلس جلسة بنات، هبت واقفة وقالت لي: “هي الجلسة تحلا من غير شباب؟”، وصارت تسرد علي شعارات أكل الدهر عليها وشرب، الصداقة كنز غالي، والطلاب والطالبات مجرد إخوة، صداقتهم صداقة متعقلة، ، وبان الحب أجمل شيء في الدنيا..

“من الأخير ختي..” الصداقة كنز غالي ولكن لا أرى لماذا علي وضع البنزين قرب النار وانتظر صداقة محترمة، وأخوة صادقة، والحب في نظري، يأتي بعد الزواج والعشرة، بعد مواقف وتضحيات، ومن في تلك الشلة كان صالحا للزواج، أو سيعول عليه من اجل فتح بيت، وكلهم ما بين متهرب من الحصص، آخرته بياع سردين، ولا خضار في ناصية السويقة، وما بين متعلم للدخان والشرب، آخرته مدمن مخدرات.. أما كرهي للمصافحة، فلان لدي حس ملكية فردية، حس جد عال، كل طرف من جسدي هو ملكي، ولا أحب أن أشارك فتيات الهوى بأي صفة مشتركة، وإذا كان لمس الكل زنا، فلمس البعض هو شيء من الزنا، وتلك كانت قناعتي رغم صغر سني..

كنت أرفض النصائح المباشرة، ومواعظ بقصص مختلقة، وصور مفبركة، أو أن أقف أمام شيخ طريقة أو جماعة، فأغيب عقلي، وأسكت فهمي، لا أناقش ولا أعترض، كما كنت أرفض أن أنزل درجة إلى الهاوية، لأني أعلم علم اليقين بأن التنازل الأول يجر إلى تنازلات، وبأن الهاوية ظلمات، من السهل السقوط فيها، لكن من الصعب الخروج منها..

إلى أن..

في أول سنة جامعة، تعرفت إلى كتاب “صلوا كما رأيتموني أصلي“، أثارتني عدد صفحاته، كنت أحب الكتب ذات الصفحات الكثيرة، كان أقرب ما يكون للتحقيق، شيء يجعلك تعمل الفكر، وتمعن النظر، استدلال منطقي، وأسلوب خلاب مشرقي، كان الكتاب ملكا لإحدى زميلاتي، كنا نستذكر سويا، رفعت عيني فرأيته وسط حاجياتها المتناثرة، ولا أعرف ما الذي جعلني أتمسك به، أهي الروايات البوليسية التي فتحت عيني عليها، أم قصص الألغاز التي كنت أهيم بها منذ نعومة أظافري، “خلي الكتاب ما غادي يطير.. وقراي ليك ما تعاودي للدكتور غدا”، كانت تلك عادتي كلما اقترب اختبار، أقرأ لي كم رواية بوليسية على خيال علمي، أثناء الدراسة كنت قد انتقلت لمدينة أكادير، يعني كنت قد تركت قصصي، لذلك تمسكت بالكتاب تمسك الأعمى في الظلمة..

بعد ذلك بأشهر، كانت بعض زميلاتي الحركيات تزورني لنراجع معا للاختبار، وقد أحضرت معها شريطا لإبراهيم الدويش، مازلت أذكره، كانت تستمع وكلما أنست مني غفلة حثتني على الاستماع، فجأة تداخلت الأصوات وانقطع صوت الدويش، ليأتي صوت لرجل مسن، هااادئ النبرات، تنبع الطيبة من كل حرف، من كل كلمة، كان أشبه ما يكون بالطبيب النفسي، كانت ستسحب الشريط، لكني طلبت منها إبقاءه، سألتني إن كنت أعرف من هذا الشيخ، فقلت لها ببساطة “هذا الألباني..”.. لا أعرف لم قلت لها ذلك، ولا لم ربطت صاحب الكتاب بالصوت الذي في الشريط.. لكني كنت واثقة.

دخلت الشبكة العنكبوتية، وبحثت عن ذلك “الألباني”، حملت كتبه، وصوتياته، كانت سلسلة من 700 شريط، تسمى “سلسلة الهدى والنور”، عرفت كل شيء عنه، وهذا شيء كنت قد تعودت فعله كلما أعجبت بمغني(ة) أو ممثل(ة)، كنت أنبش وغالبا ما كنت أصادف “حنشا”، لكن في بحثي في حياة “الألباني”، وجدت أشياء جميلة، تعزز فيك حب الانتماء لهذا الدين، تقوي شخصيتك، وتهون المصاعب: أناس أسلموا ويعرفون بأن إسلامهم فيه خطر على حياتهم، دعوة لله وامتهان لإصلاح الساعات، حِلم على المخالف، أسئلة لو طرحتها على فقيه الجامع “اللي جنبنا”، لأقام علي الحد، كان أجمل شيء أني عرفت أنه لا يسجل في استوديوهات، ولا يحاضر في قنوات، وكان يعيش من كسب يده.. ذكرني بالعلماء والتابعين الذين كنا نستظهر سيرتهم على مسامع أساتذة التربية الإسلامية، واللغة العربية، “أسماء وأعلام”..

الألباني.. تسبب لي بعشق ما يسمى بالعقيدة والتوحيد، فكانت أمتع لحظات حياتي، حينما كنت أستمع للشروحات العلمية لكتب التوحيد، والرسائل المبينة للعقيدة، شروحات ابن باز، رغم أني وجدت صعوبة في فهم كلماته في الأول، وشروحات ابن عثيمين، الذي كنت أحاول التركيز مع شرحه، وكلما فاجأ أحد الطلبة الغافلين بسؤال، كنت أحس أنه يوجهه إلي، محاضرات صالح الفوزان، الرجل الذي يعلمك الثقة في النفس أولا، الشيخ النجمي، وحيد أبويه، الشيخ محمد أمان الجامي، الرجل الذي سافر من إثيوبيا إلى السعودية راجلا، الطيب الهادئ، الذي كنت أغلي وأنا أسمع تبجح بعض السائلين فيرد عليهم بحلم، ولو كنت مكانه لتسببت بتورم عين أحدهم لأسبوع..

بعد ذلك كان يلزمني البحث عن أبطال، يعوضون حبي لارنولد شوازنجر، جاكي شان، توم كروز، روبير دو نيرو…الخ، فوجدت “إحسان إلهي ظهير” الذي عمل تحقيقات عن بعض الفرق المنتسبة للإسلام ولا سيما فرق الروافض، فكان أن هدد بالقتل، لكنه أصر على ما كنت أسميها مغامرة، “جهاد القلم”، ليقتل رحمه الله بوضع باقة زهور تفجرت لتزهق أرواح عشرات الحاضرين وتمزق جسد الدكتور “إحسان” الذي تحامل ليتدخل له الشيخ ابن عثيمين، فينقل للسعودية، ثم يتوفى بها ليدفن قرب الصحابة، الذين نذر حياته للدفاع عنهم..

ووجدت مقبل بن هادي الوادعي.. هذا البواب الذي سيستنفر دولة نووية بأكملها، وقد بدأ مشروعه ببناء مسجد صغير بمساعدة من رجال قبيلته في صعدة، فيتوسع المسجد، ويقبل الطلاب من كل الدول، وتتفرع دور تدريس القرآن، ويتخرج الجهابذة، وحينما يرفض مقبل إحدى تبرعات القاعدة، ويصر على قبول ما يوسع به المسجد بدل الأسلحة، يتعرض لمحاولة قتل، بوضع عبوة ناسفة..

ووجدت تقي الدين الهلالي المغربي.. الرجل الذي يجول العالم بحثا وعطاء، فيشهد له الأجنبي قبل المسلم بحسن الأخلاق ورسوخ العلم، وقوة المعتقد..

وعرفت “ابن باديس” الجزائري، الرجل المناضل، الطيب حتى في تعامله مع غير المسلمين، الذي جعل الفرنسيين قبل الجزائريين يحترمونه ويجلونه..

وقرأت عن تاريخ المغرب، فأعجبت بأبطاله، وأحببت رموزه ومناضليه، كان الأمر مجرد مراجعة لما كنت أقرأه في كتب التاريخ المقررة في الدراسة النظامية، فقد كنت أعشق تلك النصوص ذات اللون الأصفر..

عرفت من هو الإمام مالك، وقرأت موطأه واستمعت لشروح موطئه، كما عرفت من هو الإمام الأشعري.. وصرت فخورة بما درسته أثناء الابتدائي والإعدادي والثانوي، فكل ذلك كان لا يفرق كثيرا عما اكتشفته في بطون كتب العلماء..

نعم هو كتاب.. جعلني أبحث..

هو شريط مجهول جعلني أطوف العالم، ثم أرجع للأصل، بعدما سمعت الأجانب يشهدون لعلماء بلدي.. بالأفضلية والمصداقية.

لي الشرف أن أكون على مذهب مالك، وعلى عقيدة الأشعري.. في آخر حياته (ابتسامة).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M