نحو سلام عالمي يقي شر الحروب والفتن

18 أغسطس 2015 21:57
نحو سلام عالمي يقي شر الحروب والفتن

نحو سلام عالمي يقي شر الحروب والفتن

رضوان العابدي

هوية بريس – الثلاثاء 18 غشت 2015

تميزت المدرسة الإصلاحية المعاصرة بدعوتها إلى سلام عالمي خال من الحروب المدمرة للأوطان والأفراد سواء حدثت بين المسلمين أنفسهم أم بين المسلمين وغيرهم، لأن بسبب هاته الحروب تسفك الدماء وتنتهك الأعراض وييتم الأطفال وتشرد الأسر، وهو ما يتنافى مع القيم الإسلامية والكونية، يقول رشيد رضا: “إن الإسلام قد جاء بدعوة جميع البشر إلى ترك الشقاق والعداوات الجنسية والدخول في السلم كافة، ليكونوا أمة واحدة، ويتآخوا في هذا الإصلاح، فلا يتعصب أحد لجنس على جنس، كما ثبت في آيات وأحاديث كثيرةّ”1.

فالإسلام جاء بدعوة ربانية عالمية تجمع الناس بدل أن تفرقهم، وتنزع العداوة والبغضاء عنهم لتغرس بدلها الألفة والتآخي، ليعشوا في أمان وسلام دائم امتثالا لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)2، يقول علال الفاسي معلقا على هذه الآية: “ذلك هو الإعلان القرآني بوجود سلم عالمي تندمج فيه الإنسانية كافة وذلك باتفاق على تحريم الحروب والتضامن في دفع المعتدين والجائعين والتعاون على منع العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي إلى الحرب بين الناس”3.

ولتحقيق السلم العالمي كما -يرى علال- يجب العمل على القطع مع جميع الأسباب سواء الاقتصادية منها والاجتماعية المنشئة للحروب والقتال بين الدول والجماعات، في حين يرى رشيد رضا ضرورة اتباع قواعد الإسلام المتمثلة في قصر الحرب على جهاد الدفع دون جهاد الطلب، وتقديم السلم على القتال والعمل بالعدل في المعاهدات الدولية ليكون هناك سلاما وصلحا بين الناس، يقول رحمه الله: “إن دين الإسلام هو وحده دين السلام، وأن شرور الحروب وطغيانها وتأريثها للعداوات بين البشر لا يمكن درؤها إلا باتباع قواعده في قصر الحرب على الدفاع ومنع الاعتداء، وإيثار السلم على القتال، والصلح على الخصام، ومراعاة الحق والعدل في المعاهدات”4.

وسواء تم العمل بقواعد الإسلام التي في مقدمتها  حصر الحروب في الدفاع ومنع الاعتداء فقط أم تم العمل على منع العوامل التي تنشأ الحروب، فيبقى أن المدرسة الإصلاحية المعاصرة “تؤمن بثقافة عالمية ربانية إنسانية أخلاقية، تدعو إلى الحب لا الكراهية، وإلى التسامح لا التعصب، وإلى الرفق لا العنف، وإلى الحوار لا الصراع، وإلى الحرية لا الإكراه، وإلى التنوع لا الإقصاء، وإلى السلام لا الحرب، وإلى الرحمة لا النقمة”5.

هاته ميزة دعوة المدرسة الإصلاحية المعاصرة فهي دعوة مبنية على السلم والحوار، وما أحوجنا في هذه الأيام إلى هذه  الثقافة بدل ثقافة العنف والاقتتال التي يعيشها المسلمون فيما بينهم من جهة ومع غير المسلمين من جهة أخرى، كما يحدث في ليبيا وسوريا والعراق… فكم من دماء سالت، وكم من أسر هجرت، وكم من أطفال شردت، والسبب غياب ثقافة الحوار والتسامح التي يدعو إليها رواد المدرسة الإصلاحية المعاصرة في كتابتهم، كرشيد رضا والطاهر بن عاشور وعلال الفاسي وغيرهم.

ولو تم الرجوع إلى كتب هؤلاء الأعلام بالقراءة والتدريس والتطبيق لاتسع صدر المسلمين بعضهم لبعض ولانقلبت الكراهية حبا والتعصب تسامحا والعنف رفقا والصراع حوارا والحرب سلاما.

المصادر والمراجع

1- القرآن الكريم برواية حفص

2- مجلة المنار لرشيد رضا

3- كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها لعلال الفاسي دار الغرب الإسلامي ط: 5 سنة: 1993

4- كتاب دراسة في فقه مقاصد الشريعة للدكتور يوسف القرضاوي دار الشروق ط: 2 سنة: 2007

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- مجلة المنار ج:12 ص:900.

2- سورة البقرة الآية:208.

3- مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها لعلال الفاسي ص:231-232.

4- مجلة المنار ج:33 ص:100.

5- دراسة في فقه مقاصد الشريعة ليوسف القرضاوي ص:152.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M