تحليل.. الشيعة المغاربة في محاولة للخروج من عزلتهم، هل ينجحون؟

05 سبتمبر 2015 03:02
تحليل.. الشيعة المغاربة في محاولة للخروج من عزلتهم، هل ينجحون؟

تحليل.. الشيعة المغاربة في محاولة للخروج من عزلتهم، هل ينجحون؟

عبد الله أفتات

هوية بريس – السبت 05 شتنبر 2015

يبدو أن الحزب الاشتراكي الموحد لا زال يزعج قوى التحكم في المغرب، القوى التي تريد إعاقة كل ولوج سلس إلى الحياة السياسية من طرف قوى التغيير الجدري، وأصحاب المواقف المعتبرة من سلوك السلطة الحاكمة، رغم أن بنية هذا الحزب اليساري التنظيمية تبقى متواضعة بالمقارنة مع تنظيمات معارضة أخرى.

فقد تعرض رفاق نبيلة منيب في المدة الأخيرة لقصف إعلامي غريب، أراد النيل من حماسه وسمعة مناضليه، آخره ما صرح به وزير الشباب والرياضة الأسبق منصف بالخياط المنتمي لحزب يوصف بالإداري، حيث وصف الحزب الاشتراكي الموحد بالمتطرف، وهو موقف لا يحتاج معه المرء لمجهود فائق لدحضه، فهذا الحزب من الغلو والتشدد والتطرف أبعد، وهو من الاعتدال والمواقف الوسطية أقرب، تشهد له مواقفه ووثائقه وتصريحات قادته.

لكن تبقى المعالجة الإعلامية الأخيرة لقضية “التشيع” في المغرب، ومحاولة إبراز على أن هناك تمدد واختراق داخل الحزب مستغلين تصالح الحزب مع حرية المعتقد والتمذهب حسب المواثيق الدولية، عضدتها تصريحات غير واضحة وملتوية لرمز من تيار الشيعة، تبقى أبرز محاولة للنيل من الحزب الاشتراكي الموحد بالنظر إلى أن مسألة العقيدة تبقى عند المغاربة خط أحمر، وازدادت هذه الهجمة بعد تأكيد الحزب اليساري مشاركته في الانتخابات، رغم أنها مشاركة تبدو شكلية، لكن هناك من يتبرم منها، ويعتبرها قد تكون مزعجة، خاصة لما تتيحه من استثمار للساحة رغم التضييق، في التعبير عن المواقف وفضح الفاسدين، وتشريح أساليب الدولة في محاصرة قوى التغيير السلمي بشكل ناعم وهادئ وقانوني .

في تقديري المتواضع، وبغض النظر عن الجهة التي تلعب على هذا الوتر الحساس، فإن الشيعة المغاربة ومع التصريحات غير الواضحة لرموزهم، فإن خطوة الدخول إلى المعترك السياسي المغربي عبر بوابة الحزب الاشتراكي الموحد اليساري، ـرغم أنه اتضح في ما بعد أنها غير صحيحةـ أملتها أساسا نقاط متعددة لم تكن في حسبان هؤلاء.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عدد الشيعة المغاربة تضاعف عددهم عكس ما هو سائد عند بعض المراقبين الذين يجملونهم في بضع مئات، رغم أنهم يعرفون انحسارا تنظيميا فظيعا بسبب مواقف إيران من الثورات العربية، سواء في سوريا أو اليمن أو مصر.. وبسبب أيضا تخلي حزب الله اللبناني عن معركته التي يدعيها مع الكيان الصهيوني، وانصرافه للقتال إلى جانب بشار الأسد الذي يقتل شعبه بالبراميل الكيماوية ومختلف الأسلحة الفتاكة، فقط لأنه طالب بالديمقراطية والتعددية والحرية.

الشيعة المغاربة حاولوا في البداية طرق أبواب الحركات الإسلامية المغربية (حركة التوحيد والإصلاح، الحركة من أجل الأمة، العدل والإحسان، البديل الحضاري) لكنهم تفاجؤوا بالمواقف الصارمة التي عبر عنها قادة الحركات الإسلامية المغربية بدون استثناء، وهو ما يفسر الحملة التي يقودها هؤلاء من حين لآخر ضد بعض الإسلاميين المغاربة، الذين وجدوها فرصة للتأكيد على رفض المذهب الشيعي بالمغرب وتمدده، خاصة وأن التجارب الماثلة أمامنا حسب العديد من المنتسبين للحركات الإسلامية الوطنية، في معظم البلاد الإسلامية أثبتت أن الشيعة في مجملهم يكون ولاءهم للمذهب وللآيات العظمى وللمرجعيات الكبرى ولإيران التي تريد إعادة الأمجاد على حساب العالم الإسلامي السني، عوض ولاءهم للوطن ومصالحه، وحسب تلك التحاليل دائما فإن الشيعة المغاربة بمختلف تلاوينهم لهم نفس المواقف إلا استثناءات جزئية، مما يجري في كل بؤر التوتر والاصطدام الحاصل بين السنة والشيعة في كل البلاد الإسلامية.

وإذا كان المغرب لحد الآن في منأى عن هذا الصراع على الأقل على الساحة العلنية، فإن هناك من لا يريد للمغرب أن يصل إلى هذا في المستقبل، خاصة وأن التيار الشيعي لا زال مصرا على استفزاز الآخر من خلال العديد من المواقف كالاستمرار في سبّ الصحابة بل وتكفيرهم، واعتبار زواج المتعة زواجا مقبولا يتم من خلالها الوصول واستقطاب الشباب.. حيث عبأت لهذا الغرض العشرات من القنوات الفضائية تنتمي لمختلف البلدات العربية والإسلامية بدعم مالي كبير من جمهورية الشيعة بإيران ، ضاربة بعرض الحائط كل ما اتفق عليه في إطار ما أطلق عليه بتقريب المذاهب .

وفي هذا السياق عمل التيار الشيعي المغربي بكل تمفصلاته للعمل على الخروج من العزلة التي يعيشها داخل المغرب من خلال مجموعة من الآليات تتوزع ما بين الإعلامي والقانوني والتواصلي .

على المستوى الإعلامي، فقد تم إنشاء موقع إلكتروني يتواصل من خلاله شيعة البلد مع المغاربة وطلائعهم، حيث يعرفون بتيارهم ومواقفهم وبعض وثائقهم ورموزهم .

وعلى المستوى القانوني، وهي الخطوة الأهم، حيث أسسوا بذكاء مركزا للدراسات عبر وضع الملف لدى المحكمة التجارية وليس عبر قانون الحريات التابع لوزارة الداخلية، وإن كان الأمر في المحصلة هو تغاضي غير معلن للسلطات المغربية على هذه الخطوة القانونية -فنحن نعلم أن عين السلطة لا تنام حتى ولو حاولت أن تغير طرق العمل- قبل أن ينشؤوا من داخل هذا المركز في الأيام القليلة الماضية مرصدا حقوقيا حيث من المنتظر أن يخرج مظلمتهم إلى العلن .

أما على المستوى التواصلي، فحسب المعطيات التي بحوزتنا فإنهم تواصلوا مع العديد من التنظيمات والتيارات.. الحقوقية والسياسية المغربية، وهي محاولة أيضا للخروج من عزلتهم خاصة بعدما “صدتهم” كل التنظيمات الإسلامية المغربية المعتبرة .

الخلاصة في تقديري، أنه سيصعب على التيار الشيعي بالمغرب بمختلف تمظهراته الخروج من عزلته التي قد تتعمق رغم محاولاته التواصل مع مكونات مجتمعية اليسارية خاصة، وستتعمق أكثر مع المكونات الإسلامية (الحركات الإسلامية المعتبرة، التيار السلفي..) وذلك لاعتبارين اثنين :

ـ معاكسة الشيعة بمختلف الدول العربية والإسلامية لطموح الشعوب (السنية في عمومها) التواقة للحرية والديمقراطية (مصر، تونس،..) بل وحمل السلاح لمواجهة الثورات السلمية (انقلاب الحوثي باليمن وحزب الله اللبناني بسوريا..)، مما سيؤثر سلبا على التيار الشيعي هنا بالمغرب، وهذا ما يفسر انحساره وتراجعه، بعد توسع وتمدد كان باديا لكل مراقب متفحص خلال فترة ما قبل ربيع الأمة .

ـ الثاني يتعلق بتشبث التيار الشيعي في المغرب وغيره، بالنيل من رموز الأمة السنية (الصحابة، البخاري، نساء الرسول صلى الله عليه وسلم، والضرب في أحاديث الرسول..)، وإذا كان في المغرب تمارس ما يسمى عندهم بالتقية على هذا المستوى، فإن القنوات التلفزيونية -تقديراتي حددتها في أزيد من 88 قناة فضائية شيعية لحد الآن ومعظمها تمولها خزينة دولة الشيعة إيران- (وأيضا الصحف الورقية، المواقع الإلكترونية، القنوات الإذاعية..) بباقي الأقطار العربية والإسلامية، فإنها تصبح وتمسي على سبّ الصحابة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم، لذلك لا بد من أن يؤدي هذا الهجوم الشيعي على مبادرات وسلوك شيعة المغرب، خاصة وأن عددا منهم يطلق عنان لسانه ضد المكون السني دون حواجز ولا اعتبار داخل اللقاءات الخاصة، بل إن سبّ الصحابة، وزواج المتعة من مقومات الاستقطاب لدى هؤلاء .

بقي فقط الإشارة إلى أن حظوظ الشيعة المغاربة في فك عزلتهم داخل أرض الوطن، تتعلق بقدرتهم على “اختراق” جزء من الإعلام، وجزء أيضا من التنظيمات الحقوقية، أما ما عدا ذلك ففي تقديري فالأمر صعب للأسباب الآنفة.

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M